عربي21:
2025-06-10@11:20:21 GMT

جرائم الحرب وتصدير الأسلحة للاحتلال

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

في المؤتمر الصحافي الذي عقده وزيرا الخارجية الأمريكي والبريطاني في واشنطن، وجه مراسل قناة أي. تي. في. البريطانية إلى أنتوني بلينكن سؤالا ماضيا كحد النصل. قال له: بعد مقتل أفراد طاقم "المطبخ المركزي العالمي" السبعة، أعربتَ عن استنكارك الشديد. كانت عباراتك قوية بليغة. لكن أين كان موقف الاستنكار هذا عندما كانت القوات الإسرائيلية تقتل المئات من عمال الإغاثة والصحافيين الفلسطينيين، حتى ممن كانوا يرفعون الأعلام البيضاء؟

هنا وقفت سيارة الشيخ بلينكن في العقبة، فارتجل جوابا سفسطائيا باهتا.

طوّح بعيدا لكنه لم يقل شيئا. ذلك أن الحقيقة المعروفة هي أنه استنكر مقتل السبعة استنكارا صادقا ناجزا لأن ستة منهم غربيون، أما مئات القتلى الذين ذكّره بهم الصحافي فكيف لبلينكن ولبايدن أن ينتبها مجرد الانتباه لمقتلهم طالما أنه ليس بينهم غربي واحد! أما الذي زاد جواب بلينكن فداحةَ وضعف أدائه افتضاحا فهو أنه كان بجانب ديفيد كاميرون الفصيح المفوّه الذي غالبا ما تنبجس عبارته دقيقة رشيقة كأنه يقرأ من كتاب.
الحرب في غزة لم تعد حربا على الإرهاب أو للدفاع عن إسرائيل وإنما يبدو أنها حرب على الإنسانية
يبدو أن الحرب في غزة لم تعد حربا على الإرهاب أو للدفاع عن إسرائيل وإنما يبدو أنها حرب على الإنسانية ذاتها وإذا كان مراسل أي. تي. في قد ألقى سؤالا ملغّما سوف يذكره المؤرخون عندما يكتبون عن سيرة بلينكن السياسية الشاحبة، فإن مؤسس منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الخيرية خوزي أندرس قد فعل أكثر من ذلك بكثير عندما ظهر على شاشة شبكة أي. بي. سي. التلفزيونية الأمريكية.

قال لا فض فوه: "يبدو أن الحرب في غزة لم تعد حربا على الإرهاب أو للدفاع عن إسرائيل وإنما يبدو أنها حرب على الإنسانية ذاتها" عبارات بسيطة واضحة من الأكيد أن معظم سكان القرية الكونية يشهدون بصحتها بفعل ما هم عليه شهود، يوميا، من عربدة إجرامية جنونية لا تزال مستمرة على مدى أكثر من نصف عام، لكنها مع ذلك عبارات من شبه الأكيد أن الإعلام التلفزيوني الأمريكي لم يسمع مثلها من قبل.

إنها عبارات ثورية بمقاييس البث التلفزيوني الأمريكي وراديكالية بمقاييس الثقافة السياسية الأمريكية (ثقافة الجمهور العام والنخبة على حد سواء). ذلك أنه قد يحدث أن تصيب الإعلامَ التلفزيوني الأمريكي نوبة شجاعة في بعض الحالات المتعلقة بالسياسة الأمريكية، خصوصا على المستوى المحلي المتعلق بشؤون الولايات والمدن والبلدات، لكن لم يحدث أبدا أن تصادفت أو تشابكت نوبة الشجاعة النادرة هذه مع واقعة أو مسألة تهم إسرائيل.

ورغم أن هامش الحرية لدى الصحافة المكتوبة أوسع، خصوصا في كبريات الصحف، فإن الشجاعة مثلما تقول العبارة العامية، تحضر وتغيب.

تحضر لماما وتغيب أعواما. لأن الموقف الإعلامي الأمريكي من إسرائيل لا يزال أسير عادات التهيّب والتوقير القريب من التقديس. ولهذا فإنها سابقة إعلامية فعلا أن تقدم قناة أمريكية على استضافة شخص يتهم إسرائيل بشن حرب على الإنسانية، ثم ألاّ يتراكض مسؤولو القناة إلى حذف عبارات الاتهام هذه من الحوار بعد تسجيله، أو ألاّ يقرروا بعد أخذ ورد أن عدم بث الحوار أصلا هو الأنسب والأسلم.

بل الذي حدث أن الشبكة الأمريكية قررت إبقاء هذه العبارات القادحة في الذات الإسرائيلية المقدسة، ومضت إلى حد رفع فيديو الحوار المسجل على يوتيوب تحت عنوان: الحرب في غزة حرب على الإنسانية.

والحق أن الذي لفت نظري، قبل أيام من اكتشافي مفاجأة هذا الحوار التلفزيوني، هو مقال الرأي الذي نشره خوزي أندرس نفسه في جريدة النيويورك تايمز. مقال ينبئك منذ فقرته الافتتاحية أن صاحبه كاتب قدير خبير بكيمياء اللفظ. في البداية تساءلت هل يكون الرجل كاتبا، ثم لما علمت أنه في الأصل طباخ إسباني ناجح بارع في فن الطبخ، رجح عندي أن الذي كتب المقال أو حرره ملحق إعلامي في المطبخ المركزي العالمي أو صحافي من المتعاونين أو المتضامنين مع المنظمة الخيرية.

وهذا أمر مألوف في كثير من المنظمات، حيث يكون من مهام قسم الإعلام تحرير الخطب أو مقالات الرأي التي تنشر في الجرائد.

هكذا بدأ المقال: "في أسوأ الظروف التي يمكن أن تتخيلها – في أعقاب الأعاصير، والزلازل، وانفجارات القنابل وطلقات النيران – يُشعّ من الإنسانية خيرُ ما فيها وأفضل. ليس مرة أو مرتين بل تكرارا وعلى الدوام".

وفي ثنايا المقال، ضمن درر كثيرة مشابهة، أن: "الغذاء حق إنساني بإطلاق. (في منظمتنا) لا نسأل بأي ديانة تَدِين، بل نسأل كم وجبة تحتاج؟".

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة الدعم الأمريكي جرائم الاحتلال العدوان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب على الإنسانیة الحرب فی غزة یبدو أن

إقرأ أيضاً:

تحذير إسرائيلي من عواقب استمرار ارتكاب جرائم الحرب ضد الفلسطينيين

ما زالت الانتقادات اللاذعة التي وجهها الجنرال الاسرائيلي يائير غولان مؤخرا بشأن ارتكاب الجيش لجرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة، وتتسبب بصورة متعمدة بإلحاق الأضرار بهم، تثير مرة أخرى سؤالا قديما عن وزن القيم والمعايير الأخلاقية في السياسة الخارجية والأمنية للاحتلال، خاصة في أوقات الحرب.

السفير والدبلوماسي مايكل هراري أكد أن "هذه الانتهاكات، وبعيدا عن جوانبها غير الأخلاقية والقيمية، فإنها تتعارض مع المصالح الإسرائيلية، ومن شأنها الإضرار بالفوائد التي تعود على الدولة، لأن السياسة النفعية البحتة، التي تسعى لخدمة مصالح حيوية من الدرجة الأولى، لا يجوز لها أن تتخلى عن المعايير والقيم والمعتقدات من قبل إسرائيل، ووقّعت عليها، ولا أن "تلقيها في البحر".

وأضاف في مقال نشره موقع زمان إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "ذلك يعود لعدة أسباب رئيسية: أهمها أن إسرائيل ليست "لاعباً حراً" على الساحة الدولية، فهي صغيرة، وتعتمد إلى حد كبير، وربما بشكل حاسم، على دعم القوة العظمى، وهي الولايات المتحدة، وهي على النقيض من القوى العظمى، تتأثر إلى حدّ كبير بالتحركات المتخذة ضدها في الساحات المتعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة، ووكالاتها المختلفة، خاصة مجلس الأمن)، والاتحاد الأوروبي، وغيرها".



وأشار أن "هذا يتطلب من دولة إسرائيل أن تزن قدرتها على التعامل مع موازين القوى بهذه الساحات، والأضرار التي تلحق بها بسبب سياستها ضد الفلسطينيين، إذا انحرفت كثيراً عن قواعد اللعبة المقبولة في الساحة الدولية، لأنه لا تستطيع دولة صغيرة أن تتحمل ما تستطيع القوى العظمى أن تفعله مثل الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وحتى الدول الأوروبية الكبرى، وهذه مسألة مؤلمة بالنسبة للإسرائيليين، لكنها حقيقية".

واستدرك بالقول إنه "صحيح أن الولايات المتحدة في عهد إدارة دونالد ترامب تنتهج سياسة مختلفة عن الإدارة السابقة، ويبدو أنها تمنح تل أبيب حبلًا طويلًا الآن، لكن كما ذكرنا، فهي قوة عظمى قادرة على تحمل تكاليف القيام بذلك، بل وإجراء تغيير حادّ إذا أرادت ذلك، مع العلم أن إسرائيل وقّعت على اتفاقيات سلام مهمة لأمنها ومصالحها الحيوية مع اثنتين من جيرانها: مصر والأردن، وهذه الاتفاقيات هي ترتيبات تحمي حياة المدنيين بشكل أفضل من كل دفاعات الدولة وقوات من أي نوع".

وأكد أن "تخلي إسرائيل عن المعايير والقيم الأخلاقية، وهذا يشمل بالتأكيد إيذاء المدنيين الفلسطينيين، وحرمانهم من الضروريات الأساسية والمساعدات الإنسانية، قد يعود عليه بأضرار كبيرة، لا يستطيع تحمّل تبعاتها، وعلى مختلف الأصعدة".

مقالات مشابهة

  • تحذير إسرائيلي من عواقب استمرار ارتكاب جرائم الحرب ضد الفلسطينيين
  • خبراء قانونيون: الاحتلال ارتكب أفظع جرائم الحرب في قطاع غزة
  • خبراء قانونيون: الاحتلال إرتكب أفظع جرائم الحرب في قطاع غزة
  • إسرائيل تنفّذ هجمات بحرية وجوية على ميناء الحديدة في تصعيد خطير مع الحوثيين
  • ناشطون يطالبون أعضاء الكونغرس الأميركي بدعم قانون يحظر نقل الأسلحة إلى “إسرائيل”
  • الكشف عن إرسال بريطانيا 1000 حاوية ذخيرة إلى “إسرائيل” خلال العدوان على غزة
  • عضوة الحزب الجمهوري الأمريكي: الفوضى في كاليفورنيا قد تمتد لباقي الولايات الأمريكية
  • حملة إسرائيلية دعائية مدفوعة لتبرير جرائم الإبادة في قطاع غزة
  • طرح أفكار جديدة لتعديل المقترح الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في غزة
  • أسعد أبو شريعة.. من هو القائد المقاوم الذي اغتالته إسرائيل في غزة؟