جرائم الحرب وتصدير الأسلحة للاحتلال
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
في المؤتمر الصحافي الذي عقده وزيرا الخارجية الأمريكي والبريطاني في واشنطن، وجه مراسل قناة أي. تي. في. البريطانية إلى أنتوني بلينكن سؤالا ماضيا كحد النصل. قال له: بعد مقتل أفراد طاقم "المطبخ المركزي العالمي" السبعة، أعربتَ عن استنكارك الشديد. كانت عباراتك قوية بليغة. لكن أين كان موقف الاستنكار هذا عندما كانت القوات الإسرائيلية تقتل المئات من عمال الإغاثة والصحافيين الفلسطينيين، حتى ممن كانوا يرفعون الأعلام البيضاء؟
هنا وقفت سيارة الشيخ بلينكن في العقبة، فارتجل جوابا سفسطائيا باهتا.
الحرب في غزة لم تعد حربا على الإرهاب أو للدفاع عن إسرائيل وإنما يبدو أنها حرب على الإنسانية
يبدو أن الحرب في غزة لم تعد حربا على الإرهاب أو للدفاع عن إسرائيل وإنما يبدو أنها حرب على الإنسانية ذاتها وإذا كان مراسل أي. تي. في قد ألقى سؤالا ملغّما سوف يذكره المؤرخون عندما يكتبون عن سيرة بلينكن السياسية الشاحبة، فإن مؤسس منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الخيرية خوزي أندرس قد فعل أكثر من ذلك بكثير عندما ظهر على شاشة شبكة أي. بي. سي. التلفزيونية الأمريكية.
قال لا فض فوه: "يبدو أن الحرب في غزة لم تعد حربا على الإرهاب أو للدفاع عن إسرائيل وإنما يبدو أنها حرب على الإنسانية ذاتها" عبارات بسيطة واضحة من الأكيد أن معظم سكان القرية الكونية يشهدون بصحتها بفعل ما هم عليه شهود، يوميا، من عربدة إجرامية جنونية لا تزال مستمرة على مدى أكثر من نصف عام، لكنها مع ذلك عبارات من شبه الأكيد أن الإعلام التلفزيوني الأمريكي لم يسمع مثلها من قبل.
إنها عبارات ثورية بمقاييس البث التلفزيوني الأمريكي وراديكالية بمقاييس الثقافة السياسية الأمريكية (ثقافة الجمهور العام والنخبة على حد سواء). ذلك أنه قد يحدث أن تصيب الإعلامَ التلفزيوني الأمريكي نوبة شجاعة في بعض الحالات المتعلقة بالسياسة الأمريكية، خصوصا على المستوى المحلي المتعلق بشؤون الولايات والمدن والبلدات، لكن لم يحدث أبدا أن تصادفت أو تشابكت نوبة الشجاعة النادرة هذه مع واقعة أو مسألة تهم إسرائيل.
ورغم أن هامش الحرية لدى الصحافة المكتوبة أوسع، خصوصا في كبريات الصحف، فإن الشجاعة مثلما تقول العبارة العامية، تحضر وتغيب.
تحضر لماما وتغيب أعواما. لأن الموقف الإعلامي الأمريكي من إسرائيل لا يزال أسير عادات التهيّب والتوقير القريب من التقديس. ولهذا فإنها سابقة إعلامية فعلا أن تقدم قناة أمريكية على استضافة شخص يتهم إسرائيل بشن حرب على الإنسانية، ثم ألاّ يتراكض مسؤولو القناة إلى حذف عبارات الاتهام هذه من الحوار بعد تسجيله، أو ألاّ يقرروا بعد أخذ ورد أن عدم بث الحوار أصلا هو الأنسب والأسلم.
بل الذي حدث أن الشبكة الأمريكية قررت إبقاء هذه العبارات القادحة في الذات الإسرائيلية المقدسة، ومضت إلى حد رفع فيديو الحوار المسجل على يوتيوب تحت عنوان: الحرب في غزة حرب على الإنسانية.
والحق أن الذي لفت نظري، قبل أيام من اكتشافي مفاجأة هذا الحوار التلفزيوني، هو مقال الرأي الذي نشره خوزي أندرس نفسه في جريدة النيويورك تايمز. مقال ينبئك منذ فقرته الافتتاحية أن صاحبه كاتب قدير خبير بكيمياء اللفظ. في البداية تساءلت هل يكون الرجل كاتبا، ثم لما علمت أنه في الأصل طباخ إسباني ناجح بارع في فن الطبخ، رجح عندي أن الذي كتب المقال أو حرره ملحق إعلامي في المطبخ المركزي العالمي أو صحافي من المتعاونين أو المتضامنين مع المنظمة الخيرية.
وهذا أمر مألوف في كثير من المنظمات، حيث يكون من مهام قسم الإعلام تحرير الخطب أو مقالات الرأي التي تنشر في الجرائد.
هكذا بدأ المقال: "في أسوأ الظروف التي يمكن أن تتخيلها – في أعقاب الأعاصير، والزلازل، وانفجارات القنابل وطلقات النيران – يُشعّ من الإنسانية خيرُ ما فيها وأفضل. ليس مرة أو مرتين بل تكرارا وعلى الدوام".
وفي ثنايا المقال، ضمن درر كثيرة مشابهة، أن: "الغذاء حق إنساني بإطلاق. (في منظمتنا) لا نسأل بأي ديانة تَدِين، بل نسأل كم وجبة تحتاج؟".
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة الدعم الأمريكي جرائم الاحتلال العدوان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب على الإنسانیة الحرب فی غزة یبدو أن
إقرأ أيضاً:
السيسي يناشد الرئيس الأمريكي ترامب لوقف الحرب في غزة
أكد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، في خطاب متلفز وصفه بـ"الرسالة إلى الداخل والخارج"، أن القاهرة تتحرك منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بالتنسيق الكامل مع الشريكين القطري والأمريكي، لتحقيق ثلاثة أهداف مركزية: وقف الحرب، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الأسرى.
وأوضح السيسي أن حديثه يأتي في "توقيت دقيق"، على ضوء ما يتم تداوله مؤخرًا من "كلام كثير"، في إشارة إلى حملات الانتقاد التي طالت الدور المصري في إدارة الملف الإنساني والحدودي مع القطاع.
وأكد أن الموقف المصري لا يزال ثابتًا، ويرتكز على "التمسك بحل الدولتين كمسار وحيد لتسوية القضية الفلسطينية"، محذرًا من أن "أي محاولة للتهجير ستؤدي إلى تفريغ هذا الحل من مضمونه".
السيسي: المساعدات جاهزة
وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة، أشار السيسي إلى أن قطاع غزة يحتاج، في الظروف الطبيعية، ما بين 600 إلى 700 شاحنة مساعدات يوميًا، مؤكدًا أن مصر عملت خلال الأشهر الـ21 الماضية على إدخال أكبر كمية ممكنة من المساعدات، رغم التحديات الميدانية والقيود المفروضة.
وأضاف أن معبر رفح ليس خاضعًا فقط للسيطرة المصرية، بل يتأثر كذلك بالوضع الأمني على الجانب الفلسطيني، ما يستدعي التنسيق مع الجهات المسيطرة في غزة. وكشف السيسي عن أن "لدينا حجمًا ضخمًا جدًا من المساعدات جاهز للدخول"، مشددًا في الوقت ذاته على أن "أخلاقنا وقيمنا لا تسمح بمنعها"، لكن دخولها "يتطلب تنسيقًا من الطرف الآخر داخل القطاع".
وفي معرض حديثه عن المعابر، أوضح السيسي أن هناك خمسة معابر رئيسية تربط غزة بالأراضي الفلسطينية والمصرية، من بينها معبر رفح وكرم أبو سالم من الجانب المصري، في تأكيد على أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق القاهرة، بل تشمل أيضًا الاحتلال الإسرائيلي والطرف المسيطر على غزة.
كما وجّه السيسي في خطابه رسائل سياسية إلى الداخل والخارج، فقال مخاطبًا الشعب المصري: "أوعوا تتصوروا أننا ممكن نكون سلبيين تجاه الأشقاء في فلسطين، رغم صعوبة الموقف"، مضيفًا: "مصر لها دور محترم وشريف ومخلص وأمين لا يتغير ولن يتغير"، في محاولة لطمأنة الرأي العام المصري الذي أبدى انتقادات متزايدة للدور الرسمي المصري في الأزمة، خصوصًا فيما يتعلق بإغلاق معبر رفح أو تأخر المساعدات.
كما وجه السيسي نداءً عامًا إلى المجتمع الدولي، قائلاً: "أدعو كل دول العالم، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وأشقائنا في المنطقة، إلى بذل أقصى جهد لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات".
وخصّ السيسي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بنداء مباشر قال فيه: "من فضلك أبذل كل جهد لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات... أتصور أن الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب".
الخارجية المصرية ترد على الانتقادات
بالتوازي مع خطاب السيسي، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا رسميًا أعربت فيه عن "الاستياء الشديد من محاولات متكررة لتشويه الدور المصري تجاه غزة"، معتبرة أن "القاهرة تقوم بواجبها الإنساني والقومي دون مزايدات"، وأن تحركاتها تهدف إلى "تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني رغم العقبات المتزايدة".
وشدد البيان على أن مصر لن تلتفت إلى "الحملات المغرضة التي تستهدف زعزعة الثقة في دورها"، واصفًا إياها بأنها "تتجاهل الوقائع على الأرض وتضر بالقضية الفلسطينية ذاتها، لا سيما في ظل الظروف الكارثية التي تمر بها غزة".