لجريدة عمان:
2025-07-28@20:46:41 GMT

ماذا جنت فرنسا بعد عشرين سنة من منع الحجاب؟

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

في مطلع الألفية، قررت أن ألتزم بالنسوية، فانضممت إلى جماعة نسوية، واقتنعت بأنني عثرت على منظمة من شأنها أن تدافع عن حقوق كل النساء على قدم المساواة. في ذلك الوقت، استعر جدال وطني، إذ كانت فرنسا باسم اللائكية -أي العلمانية في نسختها الفرنسية- تشكِّك في حق التلميذات المسلمات في ارتداء أغطية الرأس في مدارس الدولة العلمانية.

وفي مارس 2004، بعد شهور من الجدال، صوّت البرلمان الفرنسي لصالح حظر الحجاب في المدارس بتجريم «الرموز أو الملابس التي تبين بوضوح انتماء التلميذ الديني».

إذ ذاك أدركت أن القرار كان يحظى بشعبية في الدوائر النسوية، ومن ذلك الجماعة التي كنت أنتمي إليها وكانت غالبيتها من البيضاوات. فقد رأى الكثير من النسويات البيضاوات أن مهمتهن هي المساعدة في تحرير النساء والفتيات المسلمات من نمط معين من النظام الأبوي المرتبط بالإسلام بصفة خاصة. تركت المجموعة. فلو كانت النساء المسلمات يعانين نوعا معينا من القهر الأبوي، وأنهن بلا قدرة أو إرادة حرة في ما يتعلق بارتداء الحجاب -وذلك ما لا أراه أنا- فكيف يكون عونًا لهن أن نستبعدهن من المدارس ونحرمهن فرصة نيل المعرفة القادرة على تحريرهن؟

بالنسبة لي، بدا الانشغال بالحجاب طريقة متعالية لتمييز جماعة غير بيضاء بالأساس من الإناث وكأنهن غير خاضعات لأثر الأشكال الأبوية نفسها التي تخضع لآثارها النساء الأخريات. كنت أرى أننا يجب أن نصغي لما تريده النساء والفتيات أنفسهن قبل أن نفسر تجربتهن عبر العدسة الثقافية المهيمنة.

كان قانون عام 1905 الذي أرسى مبدأ اللائكية للمرة الأولى في فرنسا يتعلق بضمان الحرية. فهو الذي أسَّس الفصل بين الكنيسة والدولة، وحرية ممارسة الدين للمواطنين الفرنسيين، واحترام جميع المواطنين أمام القانون، بغض النظر عن العقيدة. فقد فرضت العلمانية الحياد على الدولة الفرنسية وعلى المؤسسات العامة، لكنها لم تشترط الحياد الشخصي على المواطنين.

لكن سنة 2004 كانت تحولا مهما في فهم مبدأ العلمانية، بمطالبة مستعملي مدارس الدولة بأن يكونوا محايدين في ما يتعلق بالدين، أو على الأقل أن يكتموا أمر اعتقادهم. كان التعليم هو الخدمة العامة الوحيدة التي خضعت لقانون 2004.

في سياق ما بعد الحادي عشر من سبتمبر وصعود رهاب الإسلام، دخلت فكرة ضرورة إخضاع المسلمين للسيطرة في متن الرأي العام الفرنسي والإعلام والطبقة السياسية. كان يجب على المؤسسات التعليمية العامة أن تحمي تلاميذها، بغض النظر عن الطريقة التي يرون تقديم أنفسهم بها. لكن مبدأ اللائكية كان قد تطور حتى بات يحتوي على مطالبة الأفراد بجعل معتقدهم مسألة خاصة تماما.

وفي حين أن قانون 2004 ظهر في إطار جعله يبدو حظرًا لكل الرموز الدينية «الواضحة»، ومنها الصلبان المسيحية الضخمة، فإنه عمليا كان يستهدف التعبيرات عن الإسلام. وبذلك فقد فتح على مدار السنوات العشرين الماضية الباب للسعي إلى رهاب الإسلام بلا هوادة، وتجسد ذلك في التركيز على مظهر النساء والفتيات المسلمات.

في عام 2023 أضافت حكومة ماكرون حظرا على العباءة (وهي ثوب نسائي طويل الكمين أصله من الشرق الأوسط) في مدارس الدولة، دونما تعريف للعباءة، بما ترك مساحة كبيرة للمدارس كي تتخذ قرارات اعتباطية. والحق أن التفرقة بين الفستان الطويل والعباءة أمر غير ممكن ببساطة. وكثير من الفتيات والنساء المسلمات يسترن أنفسهن بفساتين تباع في متاجر التجزئة العادية. ومن ثم فقد يعد زي معين دينيًّا إن ارتدته فتاة يفترض أنها مسلمة، ويعد محايدًا ومقبولًا إن ارتدته غير مسلمة. فماذا يكون هذا لو أنه ليس تنميطا على أساس عنصري؟

وبعيدا عن المدارس، في عام 2011 أصبح غير قانوني لأي أحد أن يغطي وجهه في مكان عام، وبدا أن ذلك الإجراء يستهدف البراقع الإسلامية. وفي عام 2016 بدأت السلطات المحلية حظر البوركيني في المسابح والشواطئ العامة. وفشلت محاولة لإلغاء هذه القاعدة في المحكمة سنة 2022.

في الوقت نفسه، تم استبعاد الرياضيات المحجبات من الفرق، ومنعن من ممارسة رياضاتهن، بل ومن أولمبياد باريس 2024. ومن المفارقات أنه في حين لن تستطيع الرياضيات الفرنسيات ارتداء الحجاب في بلدهن، فإن قواعد اللجنة الأولمبية الدولية سوف تتيح للنساء من البلاد الأخرى المنافسة وهن محجبات.

والأعمال التجارية الخاصة ليست ملزمة بقواعد العلمانية خلافًا للقطاع العام. ولكن الارتباك بلغ حد أنها تتصرف وكأنها كذلك، مثلما تبين من جدال هذا الأسبوع حول معاملة موظفة مؤقتة ترتدي الحجاب في متجر أحذية في ستراسبورج. لقد أصبحت اللائكية -التي يفترض أنها تحمي الحرية- أداة للتحرش والإذلال والإقصاء.

ويمكن أن نرصد جذور هذه الرعاية للنساء الملونات و«قهرهن» المفترض في الحقبة الاستعمارية الفرنسية. فقد كانت طقوس نزع الحجاب علنا عن الجزائريات المحتلات تتم على يد الجيش في خمسينيات القرن الماضي دعمًا لـ«الاندماج» بل ولـ«الحضارة». فكان كشف وجوه النساء طريقة لتأكيد السيطرة على كل من المستعمرة وأجسام الشعب المستعمر.

وفي حقبة ما بعد «وأنا أيضا» -MeToo-، تستحق الإجراءات التي تنتهك استقلال المرأة جسديا الإدانة القاطعة. يجب أن تكون للنساء حرية اختيار كيفية عرض أجسامهن، سواء رأين تغطيتها أم رأين غير ذلك.

لكن الرغبة في تتبع علامات التدين تعكس تعصبا مع المسلمين يتجاوز استهداف النساء. فاللحى تتعرض للتحدي هي الأخرى. كما تم رفض طلب رجل مسلم الالتحاق بالشرطة بسبب الطابع -tabâa - (أي علامة الجبهة الناجمة عن اعتياد السجود). وفي الآونة الأخيرة، قرر اتحاد كرة القدم الفرنسي عدم السماح للاعبين بالصيام في رمضان.

وإذن فالرسالة الموجهة إلى جميع المسلمين واضحة: اندمجوا أو ابتعدوا عن المجال العام. ولا عجب يذكر في أن عددا متزايدا من المسلمين ينسحبون تمامًا ويختارون مغادرة فرنسا.

فقد استقال ناظر مدرسة ثانوية أخيرا بعد تلقي تهديدات بالقتل عبر الإنترنت عقب مشاجرة مع طالبة طولبت بخلع حجابها. ردت الطالبة -التي يتجاوز عمرها ثمانية عشر عاما- باتهام بالاعتداء الجسدي، فرفض المحققون الاتهام. ثم تدخل رئيس الوزراء جابرييل آتال قائلًا: إن الدولة سوف تقاضي الطالبة بتهمة الاتهام الكاذب الموجه للناظر بإساءة المعاملة.

وإنها لإدانة لمنع الحجاب وللتعصب الأعمى الذي استهله ضد زي المسلمين أن نرى المدارس بعد عشرين سنة لا تزال تجد مشقة في تطبيق القانون. فكثير من المسلمين يرونه إجراء تمييزيا، وكثيرا ما يؤججون توترات تصل إلى أن تستوجب تدخلا حكوميا. وهذا حتى وفقًا لحسابات القانون نفسه فشل ذريع.

الخبر الإيجابي هو أن المسلمين، وخاصة نساءهم، وجدوا في السنوات العشرين الماضية طرقًا للمقاومة، بإقامتهم منظمات من قبيل منظمة لالاب Lallab التي تفند السرديات المتعلقة بالنساء المسلمات، ومنظمة «الأمهات جميعا متساويات» -Mamans Toutes Egales - التي تدعم إشراك الأمهات المحجبات في الحياة المدرسية لأطفالهن، وفريق Les hijabeuses لكرة القدم للنساء المحجبات.

ومن حسن الحظ أن الأجيال الأصغر تنزع إلى رفض الطريقة التي تم تحريف مبدأ اللائكية بها. فلنرجُ أن يتمكنوا من إقامة مستقبل احتوائي يرحب بكل مواطن، مهما كان ما يرى وضعه على رأسه. وفقط حينما يتحقق هذا، ستكون لدينا بالفعل دولة فرنسية أصيلة العلمانية وسيكون لدينا مجتمع حر.

رقية ديالو صحفية فرنسية وكاتبة وسينمائية وناشطة، وكاتبة عمود رأي في جارديان

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

علماء المسلمين: مصر قادرة على قيادة تحالف دولي لإنهاء الحرب ورفع حصار غزة

أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن مصر تمثّل الدولة المحورية الأولى في جهود كسر الحصار عن قطاع غزة، مشددًا على أن القاهرة تمتلك مفاتيح المبادرة لوقف الحرب المستمرة، خاصة إذا قاد الشعب المصري والأزهر الشريف والقيادة السياسية تحالفًا إقليميًا بالتعاون مع تركيا والسعودية وقطر.

وأوضح الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي محمد الصلابي، في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن الاتحاد الفعلي بين الكتلة العربية والإسلامية ـ من إندونيسيا وماليزيا وتركيا وصولًا إلى دول الخليج العربي ودول المغرب العربي ـ كفيل بخلق ضغط سياسي وإنساني دولي حقيقي قادر على فرض وقف لإطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وإنهاء معاناة ملايين المدنيين الفلسطينيين.

وأشار الصلابي إلى أن مصر ليست فقط بوابة جغرافية، بل هي ركيزة سياسية وروحية للعالم الإسلامي، مؤكدًا أن الفرصة التاريخية أمام القاهرة الآن هي في توجيه دفة المبادرة لوضع حد لمعاناة الفلسطينيين، داعيًا في الوقت نفسه الشعب المصري إلى الوقوف بثقله مع القضية الفلسطينية، كما فعل دائمًا في محطات تاريخية مفصلية.

ونوّه الصلابي إلى ضرورة بلورة موقف جماعي واضح لدول الخليج وتركيا وباكستان وقطر والسعودية، داعيًا إياها إلى الانضمام لتحالف صريح يدعم الجهود المصرية لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، مضيفًا: "إذا توحّد صوت العالم الإسلامي، فلن تستطيع أي قوة أن تستمر في الحرب أو أن تفرض حصارًا على أطفال ونساء غزة."

وشدد على أن أي جهد مخلص لوقف الحرب ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني هو موضع ترحيب، سواء كان على المستوى الشعبي أو الرسمي أو من خلال المؤسسات الدينية والإنسانية المستقلة.

وجدّد الصلابي دعوته إلى الأزهر الشريف باعتباره "منارة الاعتدال والقيادة الروحية للعالم الإسلامي"، من أجل أخذ زمام المبادرة وتحريك الضمير العالمي، والعمل مع علماء الأمة لإطلاق تحالفات واسعة تستند إلى شرعية دينية وأخلاقية، وليس فقط سياسية.

وأضاف: "الحل بيد مصر والأزهر والشعب المصري، وإذا توفّر لهم الدعم من الدول الكبرى في العالم الإسلامي، يمكنهم أن يقودوا تكتلًا إقليميًا ودوليًا يُجبر الاحتلال على وقف الحرب فورًا".

السيسي يناشد ترامب.. والمساعدات تتحرك من مصر

تتزامن تصريحات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مع تصاعد التحركات الدبلوماسية المصرية لاحتواء الكارثة الإنسانية في غزة. فقد وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الاثنين، نداءً عامًا إلى المجتمع الدولي، وخاصة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لحثه على بذل الجهود الكفيلة بوقف الحرب وإنهاء الحصار.

وقال السيسي في خطاب رسمي بثه التلفزيون المصري: "أوجه نداءً خاصًا للرئيس ترامب، لأن تقديري له الشخصي، بإمكانياته، بمكانته، هو القادر على إيقاف الحرب وإنهاء هذه المعاناة."

وأضاف: "نبذل أقصى جهد خلال هذه الفترة الصعبة لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات وإنهاء هذه الأزمة"، مؤكدًا أن مصر لا تمنع المساعدات عن القطاع، لكنها بحاجة إلى التنسيق الكامل مع الجانب الإسرائيلي لتأمين مرور القوافل.

وقد بدأت بالفعل شاحنات مساعدات بالتحرك من مصر نحو قطاع غزة، في وقت أعلنت فيه إسرائيل عن هدن إنسانية مؤقتة وممرات آمنة في بعض مناطق القطاع، رغم استمرار الحرب وغياب اتفاق وقف إطلاق نار شامل، بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة في الدوحة.

في المقابل، شدد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة على أن الحل لا يكمن في مبادرات إنسانية قصيرة، بل في فتح ممرات ثابتة وتدفق طويل الأمد للإمدادات، محذرًا من اقتراب غزة من مجاعة شاملة تهدد حياة أكثر من 100 ألف طفل.




غزة تحت الحصار والمجاعة

وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، حيث تتقاطع المجاعة مع حرب إبادة جماعية، تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم أمريكي، وسط تجاهل صارخ لكل النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية.

وتواصل إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي إغلاق معابر غزة بالكامل أمام المساعدات الإنسانية والطبية، في تصعيد واضح لسياسة التجويع، بينما تحذّر منظمات أممية من خطر موت جماعي وشيك.

وبحسب أحدث إحصائية من وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بلغ عدد الوفيات بسبب المجاعة وسوء التغذية حتى يوم الأحد 133 شهيدًا، بينهم 87 طفلًا. في حين تخطّى العدد الإجمالي لضحايا الحرب، وفقًا للوزارة، 204 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين.

وأكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن المرحلة الراهنة تتطلب تحالفًا حقيقيًا لا بيانات رمزية، مشيرًا إلى أن المبادرة الإسلامية يجب أن تنطلق من الأزهر الشريف والشعب المصري، بدعم صريح من قطر والسعودية وتركيا والدول الكبرى في العالم الإسلامي.

ويختم الدكتور الصلابي بالقول: "إذا التقى صوت الأزهر وضمير الأمة مع الإرادة الشعبية والقرار السياسي، فلن تقف أي قوة أمام إنهاء الحرب وإنقاذ أهل غزة."


مقالات مشابهة

  • هيفاء وهبي ترتدي الحجاب في عزاء زياد الرحباني.. فيديو
  • تجمع العلماء المسلمين: الضغوط الأميركية بلغت حد التهديد
  • علماء المسلمين: مصر قادرة على قيادة تحالف دولي لإنهاء الحرب ورفع حصار غزة
  • مريم الأنصاري بعد خلعها الحجاب: كوني كما تحبين لا كما يريدون .. صورة
  • بعد عشرين ساعة .. الكهرباء تدفع بفرق طوارئ وماكينات ديزل لتشغيل محطات المياه بالجيزة
  • أستروا عليا ... سما المصري تعلن توبتها وترتدي الحجاب
  • قلق المسلمين بعد تخريب مساجد تكساس وكاليفورنيا
  • قلق بين المسلمين بعد أعمال تخريب في مساجد بتكساس وكاليفورنيا
  • سما المصري ترتدي الحجاب و تعلن توبتها
  • محدش ينشر حاجة بجسمي أو شعري.. سما المصري تعلن الاعتزال وارتداء الحجاب