عربي21:
2025-05-13@05:39:33 GMT

استهداف الأبناء والتفاوض على أشلاء الأطفال

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

في عام 1972 سأل صحفي يتحدث الإنجليزية الكاتب والسياسي الراحل غسان كنفاني لماذا لا توقفون القتال ضد إسرائيل؟ أجابه نوقفه من أجل ماذا ونحن من يتعرض للاعتداء والانتهاك؟ فرد الصحفي على الأقل توقفون ماكينة القتل. رد كنفاني: "هذا بالنسبة لك، أما بالنسبة لنا فإن الكرامة والاحترام والحقوق الإنسانية لها قيمة الحياة نفسها".

وهو منطق ظل سائدا لدى العرب والمسلمين لعقود طويلة.

فأسوأ ما فعلته الحياة المعاصرة أنه استبعدت المصطلحات الأخلاقية من السياسة ومن ثم من سياق تقييم الأحداث. ولهذا لن نجد مرادفات في التحليل السياسي أو نشرات الأخبار مثل النذالة والخسة وانعدام الأدب والتربية. ويأتي كل هذا تحت مظلة واهية وقاعدة يراد فرضها على الجميع وهي أنه لا أخلاق في السياسة. وقد انتقلت هذه القاعدة من مجرد توصيف للنظرة الغربية للسياسة والحروب إلى ممارسة شخصية وقبول في الوعي العام العربي والمسلم بل وانتقلت للتعاملات الشخصية والتجارية لدى البعض. وفي هذا الإطار يأتي اغتيال إسرائيل لأبناء وأحفاد إسماعيل هنية قبل أيام وتقييمه والتعامل معه.

إن ما حدث للقيادي إسماعيل هنية يتشابه إلى حد بعيد ما حصل للزميل البطل وائل الدحدوح من استهداف أبنائه وحفيده. الخسة ذاتها والغدر نفسه بعيدا عن مسألة حماية الصحفيين.كان التقييم الغربي للحدث يدور في فلك الخطأ الاستراتيجي وتأثير المصالح والمكاسب والخسائر. أما التقييم العربي والإسلامي فكان لا يزال محتفظا ببقية باقية من القيم الأخلاقية، وإن بقيت في إطار المكسب الشخصي الغيبي لهنية في رزق الشهادة ورباطة الجأش والاحتساب عند الله تعالى. ولم تتسع دائرة النقد والرفض لما حدث باعتباره خسة ونذالة وانعدام مرؤة. والحديث هنا ليس عن فعل القتل في حد ذاته وخاصة استهداف الأطفال الذي تفننت فيه إسرائيل بكل وضاعة؛ ولكن الحديث عن مسألة تتجاوز هذا الجرم إلى مستوى آخر وهو السير في مسار تفاوضي بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في إطار الحرب، وعند التعثر البحث عن جثة أبناء وأطفال للطرف الآخر في قيادة المقاومة لقلب المعادلة. والأمر هنا يتعدى أية مكاسب أو خسائر استراتيجية تلحق بهذا الطرف أو ذاك ويبقى في إطار الفعل المنتقَد أو العار بغض النظر عن موازيين القوة ومن كسب ومن خسر من الحادث.

إن ما حدث للقيادي إسماعيل هنية يتشابه إلى حد بعيد ما حصل للزميل البطل وائل الدحدوح من استهداف أبنائه وحفيده. الخسة ذاتها والغدر نفسه بعيدا عن مسألة حماية الصحفيين. فأن تنشأ الحروب بين البشر هذا أمر متكرر منذ بدء الخليقة وتمترس كل فريق حول حججه وذرائعه هو ديدن هذه الحروب، أما الخسة والنذالة والغدر فأمر مختلف سواء تم في سياق حرب أو سلم. وهذا ميراث عربي أصيل حافظ عليه الإسلام وتممه في إطار إتمام مكارم الأخلاق. وهو ميراث حضاري نفيس لا ينبغي التفريط فيه مهما كانت الضغوط.

لقد حلت معايير المصالح الاستراتيجية محل المعايير الأخلاقية في السياسة والحروب الحديثة. وأصبح الهدف القريب والضربة الحاسمة والمنفعة المادية الواضحة هي معيار الصواب والخطأ والحق والباطل. وكان أستاذنا الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ينتقد بشدة هذه المعيارية الحديثة التي ترى في قبول الهزيمة والمنفعية نظرة واقعية من دون أية مرجعية إنسانية أو أخلاقية من أجل حجة التكيف مع الواقع.

إن أهم مكتسبات القضية الفلسطينية رغم الخسائر في الأنفس والممتلكات أنها ضربت وتضرب هذه المبادئ التي يراد لها أن تنتشر بين العرب والمسلمين. ومنها أن يقرر المرء في لحظة مفاصلة أن يخسر استراتيجيا ويكسب أخلاقيا، أو يخسر الناس ويكسب نفسه ومبادئه. وكما قال عنترة بن شداد: لا تسقني ما الحياة بذلة...بل فاسقني بالعز كأس الحنظل.

https://twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية احتلال فلسطين اغتيالات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی إطار

إقرأ أيضاً:

صانعات الأمل وقاعدة التفوق في مسيرة التعليم

بقلم : د. غفران إقبال الشمري ..

لا يمكن الحديث عن نجاح العملية التربوية في العراق دون التوقف عند الجهود الجبارة التي تبذلها الأمهات في تربية وتعليم أبنائهن. فخلف كل طالب ناجح، هناك أم أبت أن تستسلم أمام ضغوط الحياة، وواصلت الليل بالنهار من أجل أن تزرع في قلب طفلها بذرة العلم والأمل. الأمهات العراقيات أثبتن أنهن عماد الأسرة، وركيزة المجتمع، وصانعات للأجيال الواعية القادرة على بناء الوطن.

شهدت الأسابيع الماضية جهوداً استثنائية بذلتها الأمهات، رافقن أبناءهن طوال فترة الامتحانات، لم يكنّ مجرد مراقبات للواجبات المدرسية، بل كنّ معلمات، ومرشدات، ومصدراً لا ينضب من الدعم المعنوي والتحفيز. سهرت الأمهات الليالي، يشرحن الدروس، ويُجدن إيصال المعلومة، ويستثمرن كل طاقاتهن من أجل تمكين أبنائهن من اجتياز هذه المرحلة بنجاح.

الكل يعرف ان الرعاية الأسرية، وخاصة من جانب الأم، لا تقتصر على الأمور الدراسية فحسب، بل تمتد لتشمل بناء الشخصية وتعزيز الثقة بالنفس وغرس القيم الأخلاقية. تلك القيم التي تشكل الحصن الحقيقي للأبناء في مواجهة التحديات، وتمنحهم القدرة على مواصلة التميز والوصول إلى أعلى المراتب في الجامعات العراقية.

مع انتهاء امتحانات الفصل الدراسي للمدارس الابتدائية، تبرز مسؤولية جديدة على عاتق الأمهات والأسر: مواصلة الدعم والمتابعة، وتحفيز الأبناء على المضي قدماً في مسيرتهم التعليمية. فالتفوق الأكاديمي لا يتحقق إلا بتكاتف جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع، ويظل تشجيع الأمهات حجر الأساس في هذه المنظومة.

دعوة مخلصة تُوجَّه اليوم لكل أم عراقية، ولكل أخت، بأن يواصلن مسيرة العطاء دون كلل أو ملل، وأن يضعن نصب أعينهن هدف بناء جيل واعٍ ومتفوق علمياً وأخلاقياً فنجاح الأبناء هو ثمرة صبر الأمهات وتضحياتهن، وهو الطريق الأكيد لبناء عراق قوي ومزدهر.

التاريخ يشهد أن المرأة العراقية، وخاصة الأم، كانت وستظل العنصر الأكثر تأثيراً في صناعة مستقبل الوطن. من هنا، فإن تكريس الجهود لمساندة الأبناء في مراحلهم الدراسية المختلفة، هو استثمار حقيقي في حاضر العراق ومستقبله.

user

مقالات مشابهة

  • أوهام الخطاب السياسي عن الحروب والتفاوض
  • صانعات الأمل وقاعدة التفوق في مسيرة التعليم
  • “غلوبس” العبرية: استهداف مطار “بن غوريون” رسالة واضحة بأن “إسرائيل” ليست آمنة
  • بعد استهداف «الحوثيين» تل أبيب.. إسرائيل تقصف الحديدة
  • الأب ودوره العظيم
  • ما حكم التمييز بين الأبناء في الأموال؟.. الإفتاء: جائز في حالة واحدة
  • تسجيل 32 إصابة مؤكدة.. تفشي مرض الحصبة في عدة مناطق في إسرائيل
  • عذراء حمود وخدش السكينة المتوهمة!
  • هل ستملي دول الخليج على ترامب شكل السياسة الخارجية؟
  • حين يُهمل القلب مسؤولية الروح