معرض الشرق الأوسط للطاقة ينطلق غداً بنسخته الأكبر على الإطلاق ليستكشف أبرز آفاق أمن واستدامة الطاقة
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
كشف معرض الشرق الأوسط للطاقة، أكبر مؤتمر ومعرض متخصص في الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، عن انطلاق دورته التاسعة والأربعين غداً مع أكبر برنامج للتبادل المعرفي في تاريخه على الإطلاق، إلى جانب أجندة مركّزة تتمحور حول استكشاف آفاق تحقيق أمن واستدامة الطاقة.
وتُقام الفعالية تحت رعاية كريمة من وزارة الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتستمر لغاية 18 أبريل الجاري، وتشغل 14 قاعة عرض تمتد على مساحة تصل إلى 28,500 متر مربع في مركز دبي التجاري العالمي.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال عزان محمد، مدير معارض الطاقة في شركة إنفورما ماركتس، الجهة المسؤولة عن تنظيم المعرض: “سيتناول المعرض مستقبل القطاع بما يُعانيه من ارتفاع في الطلب وحاجة إلى التحول إلى الحلول المستدامة وتلبية الاحتياجات الملحة لأمن الطاقة.
وستطرح الجهات العارضة والمتحدثون الخبراء باقة واسعة من الحلول الرائدة القائمة على التكنولوجيا والكفيلة بإعادة رسم ملامح القطاع في مختلف جوانبه، بما يشمل الطاقة المتجددة، وحلول النقل والتوزيع، والحلول الذكية، واستهلاك الطاقة وإدارتها، والمولدات الاحتياطية، والطاقة الحرجة”.
وتُقدم الفعالية برنامجها المعرفي الأكثر شمولاً على الإطلاق بمشاركة ما يزيد عن 250 متحدثاً يُقدمون ما في جعبتهم من خبرات في ثلاثة مؤتمرات استراتيجية رفيعة المستوى، وهي قمة القيادة، والندوات التقنية، ومؤتمر إنترسولار آند إيس الشرق الأوسط. وتجمع الفعالية أهم القادة والمبتكرين والرواد على مستوى القطاع لطرح تحليلاتهم الدقيقة حول تحول الطاقة، ودراسات الحالة لحلول الطاقة الواقعية، والتحديات الملحة في مجالات الاستدامة والأمن السيبراني، الكفيلة بإثراء عملية التحول السريع للقطاع.
وتستقطب قمة القيادة رفيعة المستوى أهم صنّاع القرار من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للبحث في مستقبل قطاع الطاقة والمرافق تحت شعار: “استكشاف سُبل دفع عملية التحول في قطاع الطاقة”. كما يتطرق المجتمعون إلى مخاطر وتحديات تمويل مشاريع الكهرباء؛ وآفاق تطوير المباني المستدامة وأهداف الحياد المناخي ودور الذكاء الاصطناعي؛ وتحديث شبكات الكهرباء الرئيسية والتحديات في شبكة الكهرباء الرئيسية في مصر وفرص قطاع الكهرباء في أفريقيا؛ ورسم ملامح البيئة التنظيمية الجديدة؛ والتكامل المتجدد للمدن الذكية؛ والبنية التحتية للنقل الذكي؛ وإمكانات المنطقة في مجال الهيدروجين الأخضر.
وتستضيف الجلسة الافتتاحية العامة للقمة مجموعة من أبرز خبراء الطاقة رفيعي المستوى، بمن فيهم الدكتور المهندس سنجار طعمة من وزارة الكهرباء السورية، وعبد الرحيم الحافظي من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في المغرب، والمهندس محمد الطعاني من الهيئة العربية للطاقة المتجددة.
ويتناول الدكتور فراس العسلي، مدير مركز الطاقة المتجددة والأستاذ المساعد في قسم الهندسة الكهربائية في الجامعة الأردنية الهاشمية، وأحدث أبرز المتحدثين المشاركين في الفعالية، موضوع “تحليل مرونة شبكات الكهرباء الذكية في ظلّ التهديدات السيبرانية والمادية”، ليؤكد على سعي الجامعة الدؤوب لبناء الشراكات والعلاقات التعاونية خلال مشاركتها في الفعالية.
وفي هذا السياق، قال العسلي: “ينصب تركيزنا على تشجيع العلاقات التعاونية مع الجهات المحلية والعالمية لتعزيز مرونة شبكات الكهرباء الذكية وأمنها السيبراني، لا سيما في الشرق الأوسط. كما نسعى إلى التفاعل مع قادة القطاع ومزودي الخدمات التقنية والمؤسسات البحثية من أجل تبادل المعارف ورفع سوية التقنيات المبتكرة والعمل يداً بيد لمواجهة التحديات الفريدة التي يواجهها مشهد الطاقة في المنطقة”.
وأضاف العسلي: “يُمكن لهذه العلاقات أنّ تُسهم بشكل كبير في تعزيز منظومة الطاقة الإجمالية من خلال دعم جهود البحث والتطوير وتنفيذ التدابير الديناميكية للأمن السيبراني والتشجيع على اعتماد الممارسات المستدامة. ونهدف إلى تسخير هذه الشراكات للنهوض بالبنية التحتية للطاقة في المنطقة، وتسريع تكامل مصادر الطاقة المتجددة، والمساهمة في مستقبل أكثر أمناً وكفاءةً واستدامة للطاقة”.
ويقدم معرض الشرق الأوسط للطاقة هذا العام أيضاً جلسات إحاطة لمجلس الإدارة تجمع بين الجهات المعنية العالمية الرئيسية والمستثمرين والموردين من قطاع الطاقة، كجزء من برنامج المشترين العالميين لكبار الشخصيات. وتهدف الجلسات إلى تسليط الضوء على مواضيع متعددة تشمل أثر سوق المركبات الكهربائية، وإزالة الكربون من الأصول الكهرباء الناضجة، وأمن الطاقة، وتشغيل الشبكات الصغيرة والتحكم فيها، تطوير مشهد ريادة الأعمال في قطاع المرافق في دول مجلس التعاون الخليجي، وإدارة المخاطر في قطاع الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط.
وتحظى قمة القيادة بدعم كُلٍّ من الفنار وريكونكت إنرجي (الجهات الراعية الذهبية)، وجنرال إلكتريك فيرنوفا ومصرف الإمارات للتنمية وسيان كونود (الجهات الراعية الفضية). وبدورها، ستكون أوراكل للطاقة والمياه الجهة الراعية لقمة القيادة في مجال التحول الرقمي. ومن جانب آخر، يتلقى مؤتمر إنترسولار آند إيس الشرق الأوسط الدعم من الجهات الراعية الفضية، ديكرا وأبر إنرجي وكلينرجي.
وفي ضوء الإقبال الشديد على التسجيل في الفعالية، يتوقع المنظمون تجاوز دورة عام 2024 للأرقام القياسية المسجلة لقيمة الطلبات المسجلة في موقع الفعالية خلال الدورة السابقة عند أكثر من 1.86 مليار دولار أمريكي.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
هل ينجح تخفيف عبء الشرق الأوسط في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟
تضع إستراتيجية الأمن القومي الأميركية لعام 2025 إطارا لسردية تخص الشرق الأوسط مفادها: التخفيف الناجح للتهديدات، والتي بدورها تسمح بإعادة التركيز على نطاق أوسع للقوة الأميركية وأولوياتها عالميا.
تتمثل الأطروحة الأساسية للإستراتيجية الوطنية للسلامة والأمن لعام 2025 في أن الشرق الأوسط قد تغير جذريا، وانتقل من مصدر قلق طويل الأمد ونزاع وكارثة محتملة إلى مشهد يتميز بشكل متزايد بفرص "الشراكة والصداقة والاستثمار".
هذا الاستقرار المتصور يمكن الولايات المتحدة من "إعطاء الأولوية أخيرا للمصالح الأميركية" في مناطق أخرى، مختتمة بذلك حقبة هيمنت فيها منطقة الشرق الأوسط على السياسة الخارجية الأميركية، سواء في التخطيط طويل الأمد، أو في التنفيذ اليومي.
الشرق الأوسط: من "مصدر إزعاج" إلى فرصة اقتصاديةتؤكد إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن الضرورات الإستراتيجية التقليدية التي تستلزم مشاركة الولايات المتحدة المكثفة في الشرق الأوسط تتراجع تاريخيا.
حظيت المنطقة بالأولوية نظرا لدورها الحيوي باعتبارها أهم مورد للطاقة في العالم ومسرحا رئيسيا للمنافسة بين القوى العظمى. وتؤكد الوثيقة أن هذه الديناميكيات لم تعد قائمة: فقد تنوعت إمدادات الطاقة الأميركية بشكل كبير، وعادت إلى الظهور كمصدر صافٍ للطاقة.
ونتيجة لذلك، فإن السبب التاريخي الذي دفع الولايات المتحدة إلى التركيز المكثف على أمن الطاقة آخذ في التراجع مع إطلاق العنان لإنتاج الطاقة الأميركي، وإلغاء أو تخفيف سياسات الطاقة التقييدية.
في حين تعترف الإستراتيجية بأن الصراعات لا تزال تمثل "الديناميكية الأكثر إثارة للقلق" في المنطقة، فإنها تقلل من شدة هذا الخطر. وتشير الوثيقة على وجه التحديد إلى الإنجازات الدبلوماسية والعسكرية المنسوبة إلى إدارة الرئيس ترامب من قبيل:
التخفيف من حدة التوتر مع إيران: إيران، التي تم تحديدها سابقا باعتبارها القوة الرئيسية المزعزعة للاستقرار في المنطقة، توصف الآن بأنها "ضعيفة للغاية"؛ بسبب الضربات الإسرائيلية وحرب الأيام الـ12 في يونيو/حزيران 2025، والتي أدت- وفق الوثيقة- إلى تدهور برنامجها النووي بشكل كبير. حل النزاعات: شهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على الرغم من كونه "شائكا"، تقدما نحو سلام أكثر استدامة بعد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذي تفاوض عليه الرئيس، علاوة على ذلك، تم إضعاف الداعمين الرئيسيين لحماس أو ابتعدوا عنها. التعاون الإقليمي: يظهر شركاء الشرق الأوسط التزاما بمكافحة التطرف، وهو الاتجاه الذي تنوي الولايات المتحدة مواصلة تشجيعه. إعلانوبدلا من أن يكون الشرق الأوسط استنزافا عسكريا مستمرا، تنظر إليه الإستراتيجية كمركز عالمي ناشئ، ومن المتوقع له أن يصبح مصدرا ووجهة متزايدة للاستثمار الدولي، لا سيما في قطاعات تتجاوز النفط والغاز، مثل الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي وتقنيات الدفاع.
علاوة على ذلك، ينظر إلى شركاء الشرق الأوسط على أنهم متعاونون ذوو قيمة في تعزيز المصالح الاقتصادية الأميركية، بما في ذلك تأمين سلاسل التوريد، وتعزيز الفرص في مناطق أخرى، وخاصة في أفريقيا.
الهدف الإستراتيجي الشامل للأمن القومي الأميركي في المنطقة أصبح الآن أكثر بساطة: منع أي قوة معادية من السيطرة على الشرق الأوسط، وإمداداته من النفط والغاز، ونقاط الاختناق الحيوية، مع تجنب "الحروب الأبدية" بشكل حاسم.
ومن خلال التفاوض على السلام والتطبيع، حققت الولايات المتحدة الوضوح الإستراتيجي اللازم "لإعطاء الأولوية أخيرا للمصالح الأميركية" في مناطق حيوية أخرى.
ترى إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن مهمة تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط يمكن إنجازها إلى حد كبير من خلال؛ إعادة التنظيم الإستراتيجي
الشرق الأوسط بين إستراتيجيتي 2017 و2025لقد شهد التقييم الإستراتيجي للشرق الأوسط تطورا ملحوظا بين إستراتيجية الأمن القومي لعام 2017، وتلك التي خصصت للولاية الثانية لترامب، على الرغم من أن الوثيقتين ترتكزان على فلسفة "أميركا أولا".
قدمت إستراتيجية الأمن القومي الصادرة في ديسمبر/كانون الأول 2017 نظرة قاتمة، للشرق الأوسط ووصفته بأنه يعاني من مشاكل مترابطة تتمثل في "التوسع الإيراني، وانهيار الدولة، والأيديولوجية الجهادية، والركود الاجتماعي والاقتصادي، والتنافسات الإقليمية".
كانت التهديدات الأساسية مستمرة، وتتطلب اهتماما دائما. وصفت إيران بأنها "الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب في العالم"، إذ تطور صواريخ باليستية، وتشكل تهديدا نوويا محتملا. كان الإرهابيون (تنظيم الدولة والقاعدة) يزدهرون، ويستغلون عدم الاستقرار، ويسعون إلى تهديد العالم.
كانت الأهداف الرئيسية في 2017 هي حرمان إيران من جميع مسارات امتلاك السلاح النووي، وتحييد نفوذها "الخبيث"، وضمان عدم هيمنة أي قوة معادية للولايات المتحدة على المنطقة.
نصت الإستراتيجية وقتها صراحة على ضرورة الاحتفاظ "بالوجود العسكري الأميركي الضروري في المنطقة لحماية الولايات المتحدة وحلفائها من الهجمات الإرهابية والحفاظ على توازن قوى إقليمي ملائم".
كان التقدير في 2017 أن الفرص ناشئة، وركزت على تحفيز التعاون الاقتصادي والسياسي والاعتراف بأن الدول وجدت مصالح مشتركة مع إسرائيل في مواجهة التهديدات المشتركة.
تتبنى إستراتيجية الأمن القومي لـ 2025 نبرة النجاح الواثق، حيث تزعم أن الظروف التي بررت الالتزام الأميركي المطول قد تم حلها أو احتواؤها إلى حد كبير: تم تخفيف حدة التهديدات الرئيسية بشكل ملحوظ. إيران "ضعيفة للغاية"، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتقدم نحو "سلام أكثر ديمومة". لقد تم الآن التقليل من مشكلة الصراع باعتبارها أقل مما تشير إليه العناوين الرئيسية.
ويتحول الهدف من الإدارة المكثفة للتهديدات إلى تنمية الاستثمار والشراكة. يتركز الأمر بشكل أقل في الحفاظ العسكري على توازن القوى وأكثر على تمكين الشركاء المحليين من إدارة شؤونهم. الهدف الأساسي هو تحويل الأعباء وإعطاء الأولوية للمناطق العالمية الأخرى.
إعلانوينتقل الالتزام من الوجود العسكري الضروري إلى وجود انتقائي يعتمد على المصالح الأساسية. وينصب التركيز على تسريع توسيع نطاق اتفاقيات "أبراهام" وتشجيع الإصلاح من خلال الشراكة، بدلا من فرض نماذج الحكم الغربية.
تبرز الفرص حيث تتحول المنطقة في الوثيقة كوجهة للشراكة والاستثمار، مدفوعة بإيمانها بأن شركاء الشرق الأوسط ملتزمون بالفعل بمكافحة التطرف.
في جوهرها، ترى إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن مهمة تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط يمكن إنجازها إلى حد كبير من خلال؛ إعادة التنظيم الإستراتيجي (على سبيل المثال، اتفاقيات التطبيع)، وتغيير ديناميكيات الطاقة العالمية (وضع الولايات المتحدة كمصدر للطاقة)، وبالتالي السماح بتحويل الموارد الإستراتيجية إلى مسارح ذات أولوية عالية، مثل احتواء الصين.
وتعزو الإستراتيجية هذا التحول المحوري إلى البراعة الدبلوماسية للرئيس، ترامب وتمسكه بالمبادئ التي تعطي الأولوية للنتائج الملموسة.
تشيد الوثيقة بالرئيس ترامب لتحقيقه "سلاما غير مسبوق" في صراعات متعددة على مستوى العالم، بما في ذلك اتفاقيات التطبيع التاريخية. إن هذه "الدبلوماسية غير التقليدية" والاستفادة من القوة الاقتصادية والعسكرية الأميركية هي أساس الاستقرار المعلن. إن القدرة على توحيد العالم العربي في السعي إلى التطبيع في شرم الشيخ تم ذكرها صراحة باعتبارها العامل الذي يمكن الولايات المتحدة من التركيز على أولويات أخرى.
إن المبدأ الأساسي الذي حددته إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 للعلاقات الناجحة مع الشرق الأوسط يتضمن قبول المنطقة وقادتها ودولها "كما هي". ترفض الإستراتيجية الفشل الملحوظ في محاولة إجبار الدول -وخاصة دول الخليج- على التخلي عن تقاليدها وأشكال الحكم التاريخية. يمهد هذا القبول البراغماتي الطريق لتعاون أعمق بشأن المصالح المشتركة، مثل مكافحة التطرف وتعزيز العلاقات الاقتصادية.
تؤكد الإستراتيجية على هدف توسيع نطاق اتفاقيات "أبراهام" لتشمل المزيد من الدول في المنطقة والعالم الإسلامي الأوسع. يرتبط هذا النجاح الدبلوماسي ارتباطا مباشرا بالرؤية الاقتصادية، حيث يصبح الشرق الأوسط مصدرا للاستثمار الدولي، مما يعزز الفرص في القطاعات الرئيسية مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات الدفاع.
المصادر الدائمة للتقلبات الإقليميةإن التوجهات المتفائلة بشأن الاستقرار وإعادة التوجيه في إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 تتناقض مع السياسات المتجذرة في نهج ترامب المعاملاتي والتعقيدات الجيوسياسية الأساسية.
إن السياسة الخارجية لترامب التي تعلي من مبدأ "أميركا أولا"، والتي تتميز باعتمادها على الصفقات الثنائية والإكراه الاقتصادي، تعمل على تسريع عدم الاستقرار بدلا من التخفيف منه.
فهي تعطي الأولوية للمكاسب الاقتصادية الفورية والقابلة للقياس على التحالفات الإستراتيجية طويلة الأجل والاتفاقيات الدولية. إن هذا التركيز على المعاملات الفورية، مثل الصفقات العسكرية والاستثمارية واسعة النطاق، يهدد بتقويض التحالفات التقليدية والاستقرار الذي تم السعي لبنائه على مدى عقود من الزمن.
نهج ترامب تجاه الشرق الأوسط لا يملك إستراتيجية متماسكة أو شاملة، بل هو عبارة عن مجموعة من الأولويات المتضاربة في كثير من الأحيان. الهدف هو دعم صراعات الهيمنة الإقليمية الإسرائيلية العلنية بشكل مباشر بهدف توسيع التطبيع ليشمل الجهات الفاعلة الرئيسية مثل المملكة العربية السعودية.
إن الشروط اللازمة للتطبيع الموسع -مثل إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة- تقابل بمقاومة شديدة من جانب الحكومة الإسرائيلية، التي تعتمد على ائتلاف يميني متطرف، مما يضع أهداف ترامب في معارضة واضحة للواقع على الأرض.
إعلانوعلى الرغم من إعلان إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن إيران "ضعيفة للغاية"، وأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتقدم نحو السلام، فإن التقلبات الأساسية لا تزال مستمرة.
لا تزال إيران تملك كثيرا من المقدرات في مواجهة أعدائها، كما أن سياسة الدعم العدواني للعمل العسكري الإسرائيلي، وخاصة في غزة، والضفة، وسوريا، ولبنان، تؤدي إلى رد فعل إقليمي عنيف وتعبئة الجماعات المسلحة في المنطقة وخارجها.
يرى المراقبون أن استمرار الدعم الأميركي القوي لإسرائيل، بغض النظر عن المعايير الدولية، يخلق مناخا "يعزز الرواية القائلة إن الولايات المتحدة هي التهديد الحقيقي"، مما يحفز جماعات مثل القاعدة، ويضفي شرعية على الحفاظ على السلاح لجماعات مثل حزب الله، والمقاومة الفلسطينية.
إن استمرار الدعم الأميركي للتوجهات التوسعية للكيان الصهيوني، أو على أقل تقدير عدم منعها، كتلك التي تشجع على التهجير القسري أو ضم الأراضي، يسهم في "الاضطرابات الاجتماعية وانهيار بعض الدول في الشرق الأوسط".
علاوة على ذلك، فإن المشهد الجيوسياسي المعقد، الذي يتميز بالهيمنة العسكرية الإسرائيلية الواضحة، والصراعات المستمرة (اليمن، سوريا، السودان)، والمنافسة المستمرة بين القوى الإقليمية، يضمن أن يظل الشرق الأوسط ساحة "للصراع المستمر واحتمال زعزعة الاستقرار بشكل أكبر".
إن فشل نهج ترامب في تقديم حل سياسي واضح وطويل الأمد -وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي يختزلها إلى "مجرد قضية إنسانية"- يعني أن الجذور الرئيسية للصراع تظل دون حل، وهو ما يتناقض مع الفرضية الأساسية لإستراتيجية الأمن القومي 2025.
باختصار، في حين أن إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 تضع الشرق الأوسط في إطار التحول الناجح إلى حالة من الفرص الاقتصادية والسياسية، مما يسمح للولايات المتحدة "بإعطاء الأولوية أخيرا للمصالح الأميركية" في أماكن أخرى، تشير الوقائع على الأرض إلى أن سياسات ترامب القائمة على مبدأ "أميركا أولا" قد خلقت بيئة هشة وغير مستقرة.
هذه البيئة معرضة بشدة لتجدد الصراعات والتقلبات بسبب القضايا الجوهرية غير المحسومة، وعدم الاستقرار المتأصل الناتج عن إعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية المباشرة على حساب الاستقرار الدبلوماسي الإقليمي المستدام.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline