لقد نسيت أن أربط حزام السيارة وأنا أسير في حي الحمراء في جدة وكان ربط الحزام لا زال في المنطقة الرمادية. ثم إني في وسط المدينة ولست في خط سريع ، غير أن جندي المرور كان قد تلقى تعليمات مشدّدة بالحزم في شدّ الحزام.
ترجل الجندي من دراجته واستدار إلى جانب باب سيارتي الأمامي وقال لي: (ليش ما ربطت الحزام؟) قلت: (نسيته والله.
لا أعرف هذا المراهق الذي جاء من حيث لا أحتسب. وأشعر بالندم كيف اختفى من المشهد دون أن أتمكن من التعرف إلى ملامح وجهه وأسأله عن اسمه وعنوانه (كان ذلك قبل فشو الجوالات) كي أتمكن من مكافأته بأي نوع من المكافأة. أو حتى أشكره. لكني تعلمت ربط الحزام بلا تلكؤ وعمل المعروف لوجه الله وثالث الدروس استجابة الجندي لرجاء الولد وكان بإمكانه أن يسجنه باعتباره يتدخل فيما لا يعنيه.
لا تفسير لهذه الواقعة سوى أنني خرجت من بيت مبارك هو بيت السيد عبد القادر السقاف، وتذكرت قصة رواها لنا هذا العلامة عن والده الحبيب أحمد. قال: كان والدي قد دعاه رجل من سيون بحضرموت لتناول طعام الغداء، وعندما جلس الضيوف على المائدة سمعوا صائحا يقول: حريق! فقام صاحب البيت مضطرباً. فقال له الحبيب أحمد: اجلس. هل يعقل يا باعوض أن يشتعل حريق في بيتك ونحن ضيوف عندك؟ ذلك ما لا يكون. وفعلاً جلسوا وأكلوا وكأن شيئا لم يكن.
لا أشك أن حكايتي هذه من نفس الوادي الذي جرت فيه قصة الحريق في بيت باعوض. ولا أشك أن فينا ومعنا إلى عصرنا هذا من تسوق الأقدار لهم العطايا من حيث لا يشعرون. لكن لا بد من أن نعي الدروس البديهية: نجدة الملهوف وفعل المعروف والتوكل على الله وصلة الأرحام والقيام بالطاعات في أشهر العام كلها لا في رمضان وحده.
aljifriM@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
عندما يقول النجوم “كفى”.. لماذا ترك 11 من كبار مشاهير السوشال ميديا؟
وسائل التواصل الاجتماعي صارت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا.
لكن هل توقفت لحظة وسألت نفسك: إذا كانت كل هذه المنصَّات فعلاً “اجتماعية”، فلماذا يهرب منها من يفترض أنهم أكثر الناس حاجة لها؟
من كيليان ميرفي إلى دانيال رادكليف، القائمة طويلة، و”أسبابهم مقنعة”.
الخصوصية المفقودة، والضغط النفسي المتصاعد
•رايان غوسلينج وبراد بيت قالاها ببساطة: الخصوصية أهم من اللايكات.
•سكارليت جوهانسون وجينيفر لورنس اختارتا الابتعاد لحماية نفسيهما من القلق، السلبية، وحتى الاختراقات.
وهنا السؤال: إذا كانت المنصَّات التي صنعتهم وأثرتهم أصبحت خطرًا عليهم، فماذا تفعل بنا نحن؟
لعبة المظاهر والتمثيل المستمر
•بنديكت كامبرباتش وأندرو غارفيلد وإيما ستون، رفضوا فكرة الترويج المستمر للذات.
لماذا يجب أن يُقاس الإنسان بصورته؟ أو بلحظة معدّلة عبر فلتر؟
متى أصبحت “الحياة الرقمية” أهم من الحياة الحقيقية؟
كيانو ريفز.. رمز الصمت العميق
كيانو، الذي خسر كثيرًا في حياته، اختار الغياب ليحمي ما تبقى من ذاته.
رفض مشاركة كل لحظة، ليس لأنه لا يستطيع، بل لأنه يريد أن يعيشها بالكامل، لا يشاركها فقط.
رادكليف: “لست قويًا كفاية لأتحمل السلبية.”
هذه ليست نقطة ضعف، بل قمة الوعي.
أن تعرف متى تنسحب لتنجو، هذا وعي نادر في عصر “الترند”.
الرسالة الأعمق: إذا كان هؤلاء النجوم بكل قوتهم وتأثيرهم قرروا الانسحاب، فما الذي نبقى عليه نحن؟
لا، ليس المطلوب أن نحذف كل حساباتنا الليلة.
لكن لنسأل أنفسنا:
•كم من وقتنا يُسرق؟
•كم من صحتنا النفسية تتآكل؟
•كم من صورتنا الحقيقية نُشوّهها لأجل صورة مثالية؟
الانفصال الواعي عن السوشال ميديا ليس ضعفًا، بل خطوة قيادة داخلية.
وربما، علينا جميعًا أن نجرّب الغياب، لنرى من نحن بدون جمهور؟