الأسبوع:
2025-06-24@13:27:36 GMT

كيفية معالجة الفتور في العبادة بعد انقضاء رمضان

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

كيفية معالجة الفتور في العبادة بعد انقضاء رمضان

معالجة الفتور بعد رمضان.. بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، وعباداته، يخشى الكثير من ضعف العزيمة والفتور والكسل في أداء العبادات من صلاة وصيام وصدقات ودعاء وقيام، بعدما كانوا في قمة نشاطهم خلال الشهر الكريم.

لذلك يجب على المسلم أن ينتبه أن عبادة الله سبحانه وتعالى، والمنافسة في الطاعة والجد في القيام بما يرضيه الله، لا يتوقف على شهر من شهور السنة أو أيام معدودة، فإن انقضى شهر رمضان الكريم، فإن العبادة لا تنقضي، وعمل المسلم لا ينتهي إلا بمفارقة روحه بدنه، وقال الله سبحانه وتعالى لرسولنا الكريم، «واعبد ربك حتى يأتيك اليقين»، واليقين هو الموت، فالمسلم مطالب بالمداومة على طاعة الله، والاستمرار في عبادته إلى أن يتوفاه الله.

أسباب الفتور بعد رمضان

- تحول رمضان في نظر الكثير من إطار العبادة إلى إطار العادة، فكثير من الناس لا ينظر إلى رمضان إلا على أنه شهر تمارس فيه عادات معينة، ينبغي ألا يخالف الناس في أدائها.

- نجد البعض مثلا يصوم رمضان في حين أنه لا يصلي وربما صلى التراويح من غير أن يقوم بالفريضة، ما يؤكد أن هؤلاء لم يتعبدوا في رمضان إلا بمنطق العادة لا العبادة، لذا ما أن ينقضي الشهر الكريم حتى يعود كل شخص إلا ما هو عليه.

- يشعر المسلم حتى ولو كان عاصيًا، من أجواء إيمانية في هذا الشهر المبارك، نتيجة ما ميزه الله به من تصفيد الشياطين، وإقبال النفوس على الطاعة، وفتح أبواب الجنان، وغلق أبواب النيران، كل هذه الأجواء تساعد المسلم على التقرب إلى ربه، والبعد عن المعاصي والسيئات، فإذا انتهى رمضان، واختفت تلك الأجواء، عاد العاصي إلى معصيته، واللاهي إلى لهوه.

الدعاء

- ما يتسرب إلى النفوس الضعيفة من ملل وفتور بعد الحماس والنشاط، ولعل المتابع يلحظ ذلك في تناقص المصلين في التراويح في آخر الشهر خلافاً لبدايته، فالعبادة وإن كان لها أثر عظيم في طمأنينة النفس وسكونها، إلا أنها تحتاج إلى مجاهدة ومغالبة للنفس وأهوائها، لأن النفس مطبوعة على حب الدَّعَة والقعود والإخلاد إلى العاجلة، والغفلة عن الآجلة.

- المسلم عادة ما يتحمس في هذا الشهر الكريم، ويتحول إلى كائن رمضاني، صائم بالنهار وقائم بالليل، يضبط شهواته، ويكظم غيظه، ومسارع للخيرات والصدقات، ويلتزم بجميع النوافل، ولكن ما إن ينتهي شهر رمضان لا يداوم البعض على حاله ويعودون إلى حياتهم الطبيعية وما فيها من مخالفات ومعاص.

علاج ظاهرة الفتور

ولعلاج هذه الظاهرة ينبغي تعريف المسلم بعبوديته لربه، وأن هذه العبودية عبودية دائمة غير مقيدة بزمان ولا بمكان، وعمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله، فقال الحسن البصري رحمة الله عليه: «إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت، ثم قرأ قوله عز وجل: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)».

عبادات ما بعد شهر رمضان

- صيام ستة أيام من شوال: ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال، "من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر".

- صيام ثلاثة أيام من كل شهر: حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله»، وعن أبو هريرة رضي الله عنه: «أوصاني خليلي بثلاث.. وذكر ثلاثة أيام من كل شهر».

قراءة القرآن

- صيام الإثنين والخميس: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الإثنين والخميس»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم».

- صيام يوم عرفة: ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية».

- يوم عاشوراء: سئل صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء، فقال صلى الله عليه وسلم: «يكفر السنة الماضية».

- صيام شهر محرم: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الحرام».

- صيام شهر شعبان: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل شهراً قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان، وفي لفظ: كان يصومه كله إلا قليلا».

- صيام يوم وإفطار يوم: قال صلى الله عليه وسلم «أفضل الصيام عند الله صوم داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر يوما».

- قيام الليل في كل ليلة: ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل الله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له».

- السنن الرواتب التابعة للفرائض: وهي اثنتا عشرة ركعة أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر، فعن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة».

- سنة الضحى: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي بثلاث.. وذكر منها: وصلاة الضحى»، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله».

- قراءة القرآن: ولئن كان رمضان هو شهر القرآن الذي أنزل فيه، ويكثر فيه المسلمون من قراءته وسماعه، فإن المؤمن لا يهجر كتاب الله تعالى في غير رمضان، بل هو كتابه الأول يتلوه ليلاً ونهارا، سراً و جهاراً، سفراً و حضراً، لا يفارقه أبداً، قال عز وجل: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} (البقرة: 121)، و قال سبحانه: { إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور} (فاطر: 29).

الدعاء

- المداومة على أداء العبادات: ويجب على المسلم الاستمرار والمداومة على أداء العبادات وطاعة الله في كل وقت، فالمسلم لابد أن يحقق المنافسة والمسارعة في الخيرات طوال الوقت، وأثر ذلك بينه القرآن الكريم في قوله تعالي: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، فالذين وفقهم الله تعالى في رمضان بالصلاة والقيام وتلاوة القرآن يجب عليهم الاستمرار على ذلك، ليرتفع رصيدهم الإيماني عند الله عز وجل، الذي قال: (وما كان الله ليضيع إيمانكم).

أفعال يجب الابتعاد عنها بعد رمضان

- البكاء والنواح لوداع رمضان.

- ترك الفرائض.

- ارتكاب المعاصي.

- هجر القرآن بعد رمضان.

- تأخير الصلاة عن وقتها.

- قطع الأرحام وإهمالهم.

الابتعاد عن الذنوب والمعاصي

من جانبها، أوضحت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، أنّ المؤمن عليه بتقوى الله- عز وجل- فكلما ابتعد عن الذنوب والتقصير في حقِّ الله كلما يسَّر الله له النشاط والقرب منه، يقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4]، وكذلك عدم التسويف والتأخير وعدم انتظار الغد لفعل ما تريده من خير، فالتسويف من عمل الشيطان، فإذا أردت إصلاح هذا الأمر فلتكن البداية من يومك هذا دون تأخير.

الدعاء النبوي لعلاج الكسل والفتور

وأشارت إلى أن المسلم عليه بدعاء النبي لعلاج الفتور والكسل في الصلاة، فعن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ» أخرجه البخاري في صحيحه.

هل الفتور في الطاعة بعد رمضان نقص؟

وأجاب الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو كبار هيئة العلماء، هل الفتور في الطاعة بعد رمضان نقص؟، قائلًا إن الفتور ليس نقصًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما اشتكى له الصحابة من هذا الحال فقال «لِكُلِّ عملٍ شِرَّةٌ، ولِكُلِّ شرَّةٍ فَترةٌ.. »، والشرة هي أعلى منحى، أي تملك الإنسان حال وأصبح يسمع القرآن بطريقة معينة، فكل علو له فترة أي يفتر، وما سمى الإنسان إلا لنسيانه، لافتًا إلى أن طبيعة الإنسان انه نساي، ولذلك قال (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).

وأضاف: «فالفتور في الطاعة ليس نقصًا فهو أمر طبيعي، والإنسان في نزول وطلوع في الطاعة والعبادة كل مدة، ولكن ليس النزول معناه أن تترك الصلاة أو الصيام ولكن النزول معناه أن لا تصلى بعض السنن بعد الفرائض، أو أن يقل استحضارك وخشوعك في الصلاة، كمن يتوب ويقع في الذنب بعد فترة فلا حرج وعليه أن يتوب مرة أخرى، قائلًا «أوعى تيأس أو تترك نفسك للشر أو للمعصية ولو أذنبت للمرة الألف توب واستغفر ربك».

وأوضح أن أهل الله يقولون إن من شروط تمام التوبة نسيان الذنب واستعظامه ورد الحقوق لأصحابها والنية والعزم على ألا أعود لمثلها أبدًا.

اقرأ أيضاً«الأزهر للفتوى»: لا تستسلم للكسل والفتور بعد رمضان.. والاستقامة على طاعة الله من أفضل الأعمال

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: رمضان العبادة الفتور في العبادة الفتور في رمضان ماذا بعد رمضان الفتور النبی صلى الله علیه وسلم قال فی الطاعة شهر رمضان بعد رمضان عز وجل الله ل ل الله

إقرأ أيضاً:

لماذا نحتفل بالسنة الهجرية في في شهر المحرم؟ اعرف آراء العلماء

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول: هل حقًّا أن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في ربيع الأول؟ ولو كانت كذلك، فلماذا نحتفل ببداية السَّنَة الهجرية ويوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر المحرم؟

حكم التهنئة برأس السنة الهجرية الجديدة .. دار الإفتاء تجيبدعاء رأس السنة الهجرية.. ردد أفضل الأدعية في لعام 1447 هـلماذا نحتفل بالسنة الهجرية في في شهر المحرم؟

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الهجرة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، استحقت أن تكون بداية للتقويم الإسلامي لما مثلته من معانٍ سامية ورفيعة؛ إذ كانت دليلًا جليًّا على تمسك المؤمنين بدينهم؛ حيث هاجروا إلى المدينة تاركين وطنهم وأهلهم وبيوتهم وأموالهم، لا يرغبون في شيء إلا في العيش مسلمين لله تعالى، ولذلك مدحهم سبحانه وأشاد بهم.

واستشهدت دار الإفتاء بقول الله تعالى: ﴿لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلًا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنًا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ﴾[الحشر: 8]، كما أنها كانت البداية الحقيقية لإقامة بنيان الدولة، ووضع أحكامها التشريعية التي صارت أساسًا لإنشاء النظم المجتمعية، وضبط العلاقات الإنسانية والدولية، وإقرارًا لمبدأ التعايش والتعددية.

ويعرف تاريخ كلِّ شيء بأنه غايته ووقته الذي ينتهي، وأما عرفًا: فهو توقيت الفعل بالزمان ليعرف ما بين قدر ابتدائه وأي غاية فرضت له، وقيل: هو عبارة عن يوم ينسب إليه ما يأتي بعده، وقيل: عبارة عن مدة معلومة تعد من أول زمن مفروض؛ لتعرف الأوقات المحددة، فلا غنى عن التاريخ في جميع الأحوال الدنيوية والأخروية. (انظر: فيض القدير للمناوي 1/ 101، ط. المكتبة التجارية الكبرى).

وقد كانت العرب أولَ الأمرِ تؤرخ بعام الفيل، وهو عام مولده صلى الله عليه وسلم، ولم يزل التاريخ كذلك في عهد سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، إلى أن وَلِي عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، فجمع الصحابة واتفقوا رضي الله عنهم على الهجرة بداية للتقويم الإسلامي.

وقد بوَّب البخاري في صحيحه لذلك بقوله: "باب التاريخ ومتى أرخوا التاريخ"، وأورد فيه قول سهل بن سعد رضي الله عنه: "ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة".

قال ابن كثير (4/ 511): "وقال أبو داود الطيالسي: عن قرة بن خالد السدوسي، عن محمد بن سيرين، قال: قام رجل إلى عمر فقال: أَرِّخوا. فقال: ما أَرِّخوا؟ فقال: شيء تفعله الأعاجم؛ يكتبون: في شهر كذا من سنة كذا. فقال عمر: حَسَنٌ فأَرِّخوا. فقالوا: من أي السنين نبدأ؟ فقالوا: من مبعثه. وقالوا: من وفاته. ثم أجمعوا على الهجرة، ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟ فقالوا: رمضان. ثم قالوا: المُحَرَّم؛ فهو منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام. فاجتمعوا على المُحَرَّم" اهـ.

هجرة الرسول

ومن المعلوم أن دخول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان في شهر ربيع الأول، وإنما كان العزمُ على الهجرة والاستعداد لها في شهر المُحَرَّم بعد الفراغ من موسم الحج الذي وقعت فيه بيعة الأنصار؛ ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟ قالوا: رمضان، ثم قالوا: المُحَرَّم، فهو مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِنْ حَجِّهِمْ، وهو شهر حرام فاجتمعوا على المُحَرَّم.

كما روى الحافظ البيهقي عن أبي البَدَّاح بن عاصم بن عدي، عن أبيه، قال: ((قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، فأقام بالمدينة عشر سنين)).

وما ذُكر هو مذهب الجمهور، ولم يخالف سوى ابن حزم رحمه الله؛ فمذهبه أن أول السنين الهجرية شهر ربيع الأول الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرًا، ولكن لم يتابَع عليه؛ إذ الجمهور على أن أول التاريخ من محرم تلك السَّنَة.

وقد حاول العلماء طلب مناسبة اختيار المُحَرَّم لبداية التاريخ، فذكروا حرمته وفضله؛ قال الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" (4/ 306، ط. مكتبة السُّنَّة): لكونه شهر الله، وفيه يُكسى البيت، ويُضرب الوَرِق، وفيه يوم تاب فيه قوم فتيب عليهم" اهـ.

وقيل: لأن فيه اجتماعًا للأشهر الحرم في السَّنَة الواحدة؛ قال أبو هلال العسكري في "الأوائل" (ص151، ط. دار البشائر- طنطا): "أراد بذلك اجتماع الأشهر الحرم في سنة واحدة" اهـ.

وقيل: لكونه وقت انصراف الناس وصدَرهم إلى بلادهم؛ "قالوا: قدم المدينة في ربيع الأول؛ لأنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام". (انظر: التوشيح، للسيوطي، 6/ 2474، ط. مكتبة الرشد).

أما فيما يتعلَّق باحتفالنا بالسَّنَة الهجرية في شهر المُحَرَّم من كلِّ عام، فهو احتفال بما مثَّلته من معانٍ سامية ورفيعة، كالرغبة في العيش بسلامٍ، وهجران كل قبيح إلى كلِّ صحيح، وذلك بمجاهدة النفْس وتزكيتها، وهو أمر مُرغَّب فيه شرعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا هجرةَ بعد الفتح، ولكنْ جهادٌ ونية)) رواه الشيخان.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (المهاجرُ من هجَر ما نهى الله عنْه) رواه البخاري.

وفي الاحتفال بهذا الموسم المبارك امتثال للأمر القرآني بتذكر أيام الله تعالى، وما فيها من نعمٍ وعبرٍ وآيات؛ قال تعالى: ﴿وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ﴾ [إبراهيم: 5].

وكذلك هو وسيلة لتذكر نصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في الهجرة على مشركي مكة، بأن يسر له أمر الانتقال إلى المدينة والدعوة إلى الله فيها وحفظه من إيذاء المشركين، وانتقل بذلك من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، مما كان سببًا لنصرة الإسلام وسيادته؛ قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ﴾ [التوبة: 40]، والوسائل لها حكم المقاصد.

وبناءً على ما سبق نقول: إن هجرته صلى الله عليه وسلم كانت في ربيع الأول، وكان العزم عليها والاستعداد لها في شهر المحرم، ولهذا كانت بداية العام به، وكذا الاحتفال بها يكون في شهر المحرم، فيكون الاحتفال بها بمعنى الهجرة لا بخصوص يومها.

طباعة شارك السنة الهجرية شهر المحرم دار الإفتاء هجرة الرسول ربيع الأول التاريخ الهجري رأس السنة الهجرية

مقالات مشابهة

  • حقيقة الإلحاح في الدعاء يكون بترديده 3 مرات فقط
  • حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم).. الإفتاء تجيب
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • كيف أحقق الخشوع في الصلاة؟ 5 خطوات تنهي على الوسواس
  • لماذا نحتفل بالسنة الهجرية في في شهر المحرم؟ اعرف آراء العلماء
  • ما علاج الكسل في العبادة؟.. الإفتاء تجيب
  • هل قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة؟.. الإفتاء تجيب
  • من هم الملائكة السيّاحين .. وماذا يفعلون؟
  • متى ينتهى وقت صلاة الضحى؟.. اعرف وقتها وفضلها وعدد ركعاتها
  • دعاء الاستفتاح في الصلاة.. اعرف ما ورد عنه في السنة النبوية