معركة الحرس الرئاسي في السودان .. تفاصيل معركة الأيام الثلاثة
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
في حرب أبريل، كان للحرس الرئاسي دورٌ كبيرٌ في زفشال مُخطّط استلام السلطة بضربة خاطفة.
بحسب معلومات تحصّلت عليها من مصادر مطلعة، وضع الحرس الرئاسي خُطة للدفاع عن مقر إقامة البرهان، لأنها في تماس مباشر مع قوات الدعم السریع بحي المطار.
ملخص الخطة ھو امتصاص الموجة الأولى لهجوم قوات الدعم السريع وتثبيطها وإدارة معركة لمدة ١٢ ساعة كوحدة منفصلة حتى تصل التعزیزات كان على المستوى الأعلى.
في خواتيم شھر رمضان العام الماضي، كان هنالك تزايدٌ مستمرٌ في أعداد قوات الدعم السریع بمواقع حي المطار، برج الدعم غرب القيادة العامة وموقع مدفعیة الدعم جوار قاعدة الخرطوم الجویة، والقصر الجمهوري ومقر المطار الوطني بشارع المطار، وكذلك انفتحت قوات الدعم في مواقع جدیدة على شارع النیل.. الأجواء كانت مشحونة بالتوتُّر في تلك الأیام نتیجة لتحركات الدعم في مروي وغیرھا، وضع قائد الحرس الجمهوري اللواء نادر محمد بابكر المشهور باللواء المنصوري، كل قوة الحرس في حالة استعداد ١٠٠٪.
فط يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣م، عند الساعة التاسعة صباحاً، دخل قائد ثاني الحرس الرئاسي العقید الركن خالد علي، على اللواء المنصوري وأخبره بأن ھنالك اشتباكاً في المدینة الریاضیة، وأنّ قوات الدعم بحي المطار ھجمت على أفراد الجيش بخدمة البوابة التي توجد بجوارهم، وقال له المنصوري: “الناس تشتغل حسب الخطة”.
تحرّك اللواء المنصوري على تیم الحمایة القریبة الموجود جوار سكن البرهان، أثناء سيره بدأت حِدّة الاشتباكات وازدادت مع الخدمات التي تحرس البوّابات الجنوبیة، وصل المنصوري إلى بیت القائد العام عبد الفتاح البرهان وتحرّك معه إلى موقع داخل مقر قیادة الحرس، وقبل ذلك قام فریق حراسة كباشي بإخلائه إلى مقر الحرس الرئاسي.
اندفعت القوات الخاصة التابعة للدعم السریع من مقر المؤتمر الوطني، وكذلك قوة من مقر ھیئة العملیات وانضمت للمعركة.. تمكنت قوات الدعم من احتلال مباني جهاز الأمن، وصعد القناصة علیها، وتمكنت الدعم السريع من كسر الجدران بواسطة بوكلن، استخدم التمرد صواریخ الكورنیت لتدمیر الدبابات، كل محاولات التمرد لكسر الدفاع باءت بالفشل، عدد القوات التي هاجمت كان كبیراً جداً وكان يقدّر بـ٢٠٠ عربة مسلحة، صمدت قوات الحرس الرئاسي وفریق القوات الخاصة صموداً أسطورياً في وجه ھجمات الدعم السريع.
أول الشهداء كان أحد ضباط المدرعات، حیث تم تدمیر الدبابة وهو بداخلها بالكورنيت.
مباني جهاز الأمن، شكّلت عقبة كبیرة، حيث احتل التمرد قممها بالقناصة والرشاشات، حاولوا الاقتحام من عبرھا عدة مرات ولكنهم فشلوا بسبب صمود الحرس الرئاسي الأسطوري.
تمكّنت الدبابات الموجودة بالقیادة العامة في الاتجاه الغربي من تدمیر برج رئاسة الدعم السريع، لأنّه كان مصدر نیران قناصتهم.. استمرّ القتال حتى العصر، عقب ذلك، بدأت ضربات جوية على محيط البرج الذي كان يمثل مقراً للقيادة والسيطرة وبه منظومة التشويش والتجسس الخاصة بالدعم السريع.
ثم وصلت قوة من المهام الخاصّة لتعزيز الحرس الرئاسي بقيادة العقید السریو.
في الیوم الثاني، كان الهجوم أشرس على بیت الضیافة والقیادة العامة، وتمكّن التمرد من الدخول إلى مطار الخرطوم بالاتجاه الجنوبي ووصل حتى برج القوات البریة بعد أن استشهد اللواء عردیب قائد قوات الاستطلاع، التي كانت تدافع عن الاتجاه الشرقي للقیادة، انفصلت قوة من قوات الحرس ومعها دبابة من بیت الضیافة لمساعدة القوات ببرج القوات البریة، حيث حقّقت ھذه القوة عملیة التفاف ناجحة على قوات التمرد التي كانت قد وصلت برج البریة وأجبرتها على التراجع، ظلت جثث الشهداء وجثث التمرد بأرض المعركة حتى ثالث یوم إلى أن تمكنوا من دفن الجثث.
فریق القوات الخاصة بالحرس الرئاسي كان له دورٌ كبیرٌ جداً في حسم المعركة من خلال القیام بواجبات القنص والاقتحام المباشر، وھم یتبعون للقوات الخاصة وملحقون بالحرس الرئاسي.. قوات المهام الخاصة التي وصلت عصر الیوم الأول كان لها دورٌ كبیرٌ جداً أیضاً.
كتب: عبد الرؤوف طه
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الحرس الرئاسی الدعم السریع قوات الدعم
إقرأ أيضاً:
???? حين ضاق الخناق .. هل قرر العالم أخيرًا التخلص من مليشيا الدعم السريع؟
قراءة مختلفة للمتغيرات الدولية… منذ اندلاع الحرب في السودان، كان الموقف الدولي في بداياته مرتبكًا، تتنازعه مصالح متضاربة وحسابات ضيقة. لكن يبدو أن الزمن كفيل بكشف الحقائق مهما طال الإنكار. واليوم، وبعد أكثر من عامين من المعاناة، بدأ المجتمع الدولي يغيّر لهجته، وربما حتى بوصلته.
فبيان وزارة الخارجية الأمريكية الأخير، واجتماع نائب الوزير كريستوفر لاندو مع سفراء الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، السعودية، والإمارات)، يعكسان تحولاً لافتًا في طريقة مقاربة الأزمة: لم يعد الحديث عن وقف القتال فقط، بل عن معالجة جذرية، وأن لم يعلن عن تفاصيلها لكن يبدو أنها ستبدأ من تحمّل مليشيا الدعم السريع مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وتفكيك الأزمة عبر إخراجها من المشهد بأقل الأضرار الممكنة.
الدعم السريع.. من ورقة ضغط إلى عبء ثقيل
كانت بعض العواصم في بداية الحرب تنظر إلى الدعم السريع كـ”أمر واقع”، يمكن احتواؤه أو توظيفه لمصالح سياسية ضيقة. لكن ما ارتكبته هذه المليشيا من فظائع — من نهب واغتصاب وتجنيد أطفال، إلى ترويع المدنيين واحتلال المدن وتخريبها — جعل أي محاولة لتبرير وجودها عبئًا لا يُحتمل أخلاقيًا وسياسيًا.
اليوم، تتعامل العديد من الدول مع هذه المليشيا كـ”ورقة محروقة”، لم يعد بالإمكان الدفاع عنها. التفاوض المقترح لا يهدف إلى إعادة تأهيل الدعم السريع، بل إلى إخراجه من المسرح السياسي، تحت عباءة “الحل السلمي”.
الجيش السوداني.. صمود بدّد الأوهام
التحول الدولي لم يكن منحة مجانية، بل ثمرة لصمود أسطوري لقواتنا المسلحة وقواتنا النظامية. فقد راهن البعض على انهيار الجيش، لكنه صمد، وقاتل، واستعاد زمام المبادرة في محاور عدة، رغم الظروف الصعبة.
وفي ظهره، وقف الشعب السوداني بكل ما يملك من صبر وكرامة. صمد في وجه الترويع، ورفض الخضوع، وعرّى المليشيا أمام العالم. حتى بعض القوى السياسية، رغم تباين المواقف، كان لها دور في فضح الانحيازات الدولية والتدويل غير النزيه.
التفاوض القادم: لا تنازل عن الثوابت
والآن، مع ازدياد الحديث عن تسوية سياسية، فإن الجيش وحكومة السودان لا يذهبان إلى الطاولة من موقع ضعف، بل من موقع الطرف الذي صمد ورفض أن ينكسر. ومن هنا، فإن أي مفاوضات جادة يجب أن تُبنى على الثوابت الوطنية، وأهمها:
1. تفكيك الدعم السريع كليًا، دون قيد أو شرط.
2. تقديم قادة المليشيا للعدالة على الجرائم التي ارتكبوها.
3. رفض أي مساواة بين الجيش والمليشيا في أي صيغة سياسية أو انتقالية.
4. الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية والأمنية، واحتكارها المشروع لاستخدام القوة.
5. رفض أي وصاية خارجية، وتمسك كامل بسيادة القرار الوطني.
من يتحمّل فاتورة الإعمار؟
لا يمكن تجاهل الدور غير المعلن لبعض الدول في دعم الأزمة، وخاصة الإمارات التي أصبحت في خانة المساهم في تعقيد الموقف. واليوم، وقد بدأت هذه الدول تراجع مواقفها، فإن من الطبيعي أن نطالبها بالمشاركة الفاعلة في إعادة الإعمار، لا نكايةً، بل من منطلق المسؤولية السياسية والأخلاقية.
مؤتمر دولي، أو صندوق دعم تشارك فيه الدول الفاعلة، قد يشكّل بداية صحيحة لمصالحة قائمة على الاحترام المتبادل، لا على الإملاءات.
ختامًا: لا مكان للمليشيات في سودان الغد
ربما تغيّر الموقف الدولي، وربما نشهد محاولات لإنتاج تسوية جديدة، لكن الثابت أن الجيش والشعب كانا خط الدفاع الأول عن الوطن. وكل محاولة لحل الأزمة لا تعترف بهذه الحقيقة، ولا تستند إلى دماء الشهداء ومعاناة النازحين وصمود الجنود، ستكون مجرد وهم سياسي جديد.
السودان اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يحسم المجتمع الدولي أمره ويضع حدًا لوجود المليشيا، أو يستمر في إدارة الأزمة إلى أن تنفجر بشكل أوسع. لكن الأكيد أن الجيش الذي لم ينكسر، لن يفرّط في نصرة ولا في كرامة شعبه.
السودان ليس أرضًا سائبة، بل وطن عريق، مليء بالخيرات، لكنه يعرف كيف يدافع عن نفسه. ومن لا يحسن قراءة تضاريسه، ستلتهمه أشواكه قبل أن يلتقط أنفاسه.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٥ يونيو ٢٠٢٥م
نشر بموقع صحيفة المحقق الإلكترونية