النوم الجيد وسر الشباب الدائم.. دراسات حديثة تكشف العلاقة
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
الجديد برس:
على مر العصور، اعتبر النوم الجيد مجرد حاجة بيولوجية، لكن العلم الحديث بدأ يكشف عن دوره الحاسم في تحديد جودة حياتنا وتأثيره العميق على صحتنا العقلية والجسدية.
في هذا السياق، تبرز دراسات حديثة لتلقي الضوء على كيفية تأثير النوم، أو نقصه، على إدراكنا لأعمارنا وشعورنا بالشباب. هذه الاكتشافات ليست مجرد تأكيد على أهمية النوم الجيد، بل دعوة لإعادة تقييم عاداتنا اليومية وإعطاء الأولوية لهذا الجزء الحيوي من حياتنا.
لنستكشف معاً كيف يمكن للنوم أن يكون بوابتنا نحو الحفاظ على شبابنا، وزيادة نوعية حياتنا بشكل لم نتخيله من قبل.
في عالم يتسارع بلا هوادة، يغدو البحث عن سر الشباب الدائم أشبه بالمطاردة خلف سراب. لكن، ماذا لو كان السر مختبئاً في طيات الليل، بين أحضان النوم؟ آخر الأبحاث الصادرة عن مجلة “Proceedings of the Royal Society B” تلقي الضوء على علاقة مذهلة بين النوم والشعور بالعمر، مؤكدة أن قلة النوم قد تجعل الفرد يشعر بأنه أكبر بخمس إلى عشر سنوات من عمره الحقيقي.
تشرح ليوني بالتر، باحثة النوم بجامعة ستوكهولم، والعقل المدبر وراء الدراسات، أن النوم يلعب دوراً حاسماً في تحديد كيفية شعور الأشخاص بأعمارهم.
توضح بالتر أن النعاس ليس مجرد حالة مزعجة نمرّ بها خلال اليوم، بل هو إشارة تحذيرية من الجسم تحثنا على أهمية النوم. تضيف أن الشعور بالنشاط والحيوية، والذي يتأثر سلباً بقلة النوم، يساهم بشكل كبير في تعزيز الشعور بالشباب.
الدكتور تشانغ هو يون، أستاذ علم الأعصاب بجامعة سيول الوطنية، والذي لم يشارك في الدراسة، يضيف بُعداً آخر، مؤكداً على أهمية النوم الكافي للحفاظ على “العمر الشبابي” الذي له دور بارز في تعزيز الصحة العقلية والجسدية.
يشير يون إلى أن الشعور بالشباب له فوائد عديدة تم التحقق منها علمياً، بما في ذلك طول العمر، وانخفاض معدلات الإصابة بالخرف والاكتئاب، وتحسن الصحة البدنية والعقلية عموماً.
دراسة حديثة وأهمية النومالدراسات التي أجرتها بالتر وفريقها تنقسم إلى قسمين:
الأول: استطلعت جودة نوم 429 شخصاً، وجدت أن لكل ليلة من قلة النوم كان هناك شعور بالتقدم في العمر بمقدار ربع عام.
أما الدراسة الثانية، والتي كانت أشبه بتجربة تحكم، دعت المشاركين للنوم في المختبر تحت شروط محددة، وكشفت أن الحرمان الشديد من النوم يزيد من الشعور بالشيخوخة بمعدل 4.5 سنوات.
تثير نتائج الدراسات أسئلة مهمة حول إمكانية التعافي السريع من آثار قلة النوم. بالتر تشير إلى أن الأمر قد يكون أسرع مما نتصور، مؤكدة على أهمية النوم الكافي للحصول على تأثيرات ملموسة ودائمة على الشعور بالشباب.
في عالم يبحث دوماً عن إكسير الشباب، تقدم هذه الدراسات برهاناً علمياً على أن السر قد يكمن في أبسط العادات اليومية – النوم الجيد. فهو ليس مجرد وسيلة للراحة، بل جسر يربط بيننا وبين شباب دائم، ينعكس ليس فقط في كيف نشعر، بل كيف نعيش.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: على أهمیة النوم النوم الجید
إقرأ أيضاً:
ديك مسافر على جدار للدكتور إبراهيم أبو هشهش: حميمية الشعور الوجودي الأكثر نبلا وإنسانية
الحياة منحة، والروح مهما كان صاحبها إنسانًا أو كائنًا تبقى غالية، فلا ينبغي السطو عليها؛ ولا يمكن تقبّل فعل إزهاقها، بل إن فاعل السطو، سيشعر طيلة عمره بالذنب، وسيجد أن فعل التصالح مع الذات أمرًا صعبًا، حتى ولو من زهقت روحه طيرا، وإن كان الفعل لم يكن مقصودا، كحادثة موت الفراشة والعصفور في القصص.
بهذا الشعور وجدنا أنفسنا متنقلين بين نصّ وآخر، ليتعمق ما بدأنا به، وهو أن نجاة للإنسان تكمن في عدم إيذاء البشر والمخلوقات.
ظلت وجوديّة الطفل حاضرة، تنتقل معه أزمنة وأمكنة، لتكون حياة هذا الإنسان تجليّا إنسانيّا، ليعود بعد عقود إلى ما كان به، لعله يفي بوعد كان قد أضمره، برواية ما كان، مؤكدا أن ما امتد من عمر، إنما كان نموا للبذور التي كان عليها الطفل، وكأن اكتشاف الطفل مبكرا لجدوى الحياة ومعناها، أكانت لحياته أو محيطه، أو ما هو أبعد، لم يتغيّر كثيرا، بل تعمّق وتجذّر في أرض الحياة. لذلك ارتبطت الحياة هنا بالموت، لتعميق المعنيين معا.
ورد الموت منذ النصّ الأول: "لو أن الناس لا يموتون بل يسافرون فقط"، نقرأ: "لم أدرك أن الموت هو ما جعله ثقيلا هكذا، فلم أعرف أن الحياة فقط هي الخفيفة؛ لأنها لا تخضع لقانون الجاذبية الأرضية"، ونصوص أخرى مثل نص: "فتاة صغيرة ذات فساتين ملونة"، و"قاتل متسلل 1"، وموت الفراشة وموت العصفور في "قاتل متسلل 2". و"أولاد صغار وموت كبير"، وبلاغة تصوير الطفل الذي يتجنّب النظرات.
لقد وظف الكاتب موجودات المكان الطبيعية، وما تحمل من دلالات، فظهرت البومة في بعض النصوص، مثل: "فتاة صغيرة ذات فساتين ملونة".
في الأسلوب: يغوص الكاتب هنا لا في طفولته، بل في طفولتنا أيضا، بتوصيف شفّاف للشعور الإنساني النبيل الممتلئ براءة وجمال.
تقود قوة ذاكرة الطفل، خاصة ذلك الطفل الذي تميّز بحساسية، هذا النص السردي-القصصي، في تنوّع نصوصه التي تتراوح ما بين القصة القصيرة، وما بين فصل في رواية.
نصوص قصصية يرويها طفل، متقاربة المكان، والزمان، وإن كان الزمن في آخر الحكايات طال سبعين عاما، كما في نص "النكبة" مع زيارة الرجل السبعيني حيفا.
مجموعة "ديك مسافر على جدار" للدكتور إبراهيم أبو هشهش، التي لم يقدمها الكاتب بجنس أدبي محدد؛ فلم يصفه بمجموعة قصصية، ولا غير ذلك، فهو بالرغم ما يذكرنا به من نصوص أدبية، سميّت بقصص، كما لدى نجيب محفوظ، وبخاصة في "حكايات حارتنا"، و"صباح الورد"، وآخرين مثل سمير الجندي في مجموعته "درج الطابونة" عن القدس، أو ممن كتبوا نصوصا قصصية مرتبطة بالسارد والأماكن، فإن نصوص د. إبراهيم أبو هشهش، هنا تثير فكرنا النقديّ على مستوى الشكل والمضمون؛ فكأننا إزاء حكاية ناظمها الطفل، فكأنها حكايته، وحكاية المكان، من منظور طفل، استعاده إبراهيم أبو هشهش.
لو أعدنا ترتيب القصص (سنطلق على النصوص صفة القصص تيسيرا علينا)، فإننا سنجد أنه بعثر فصول حكايته، مثل "قطع الليجو"؛ فبالرغم أن فيها من الغائب أكثر من الحاضر، إلا أنّ لها سحريّة الانتظام في الذهن، وهي تسعى خلال القراءة، لخلق عالم قصصيّ-روائيّ.
فالطفل، يعيش في القرية، حيث تسكن الحياة الاجتماعية والتاريخية في خلفية السرد؛ فتطلّ حقبتا الخمسينيات والستينيات، في الغالب، وتطل الحقب بعد ذلك بشكل محدود. وبذلك رأيناه في البيت مع الأسرة، والمدرسة بطقوسها، في ظل الحياة القروية، كما يروي وفود الطالب الجامعيّ من مصر حيث يتعلم، الذي كان يحضر معه مجلتيّ روز اليوسف وصباح الخير تثيران القرويين للاطلاع.
كما يروي يتصل من حياة القرويين من علاقة مع مدينة الخليل، كذلك يروي ما يحتمل من طريقة عمل المؤسسات الحكومية، وصولا لسرد حياة الناس في ظل الصراع مع الاحتلال الذي سطا على معظم فلسطين عام 1948، دون أن يستغرق فيه، وصولا للهزيمة عام 1967، كذلك معركة السموع عام 1966، ومنها ما يشير إلى ما قبل عام 1948، مثل قصة: "كلب المغازي طلع معهم من البلاد"، وإشارات للاجئين، كذلك بعض الشخصيات التي ظلت عالقة في الذهن مثل "مطر"، وشخصية الذي فشل في الزواج "رعيان النكسة"، حيث ربط الكاتب ذلك بنصين آخرين عن الهزيمة، هما: "رقاص النكسة" و"حمار النكسة الرمادي الصغير"، بإيحاء العجز السياسي العربي والجسدي معا، والذي تمّ بإيحاء ساخر في العناوين، وصولا لرحيل بد الناصر، وما مثّل من دلالات الحلم والأمل.
ولعل "وضع النساء أيديهنّ على خدودهن ويحدقن في الأرض"، كان له أبلغ تأثير عن العجز والرثاء، كما في "رقاص النكسة" صفحة 73.
يصف الراوي من منظور طفل، في شيء من التأثر والتأمل، والذي يكبر مع متابعة القراءة، وصولا لتجليّات النزعة الوجودية، والذي تمّ بطريقة سلسة مدهشة في ثوب بساطتها.
نصوص الكاتب، جعلتنا نمضي في رحلة الطفل في إطار أسرته وأقرانه، والأحداث التي مروا جميعا بها، وبالرغم أن الراوي ناظمها، إلا أننا استطعنا من خلال هذا الإبداع تكوين رواية حقيقية، وإن لم تتوفر فيها الشروط الشكلانية للرواية.
ولعلي أزعم هنا، أن الكاتب أدخلنا في العالم الروائي، لأننا ما أن ننتهي من الكتاب، حتى نجد أنفسنا قد بنينا، أو أعدنا البناء، بما يقترب من حكايته هو وأسرته، بما امتلكت نصوصه من عنصر التحولات من ناحية، ومن متطلبات عناصر الرواية-Novel من جهة أخرى.
إننا أمام قصدية إبداعية من الكاتب، في اختيار تقنية ما يشبه التتابعات السردية، أو كما اصطلح عليها نقديا ب (المتواليات القصصية)، لتقديم عالم روائيّ خفي، وأظنه نجح في ذلك، مضيفا للأدب الفلسطيني (والعربي) نموذجا إبداعيا لهذا اللون السردي، والذي لن ندخل بالطبع في جدلية الاصطلاح، بقدر ما ندخل في المسمى نفسه، كمحتوى سردي، أي المضمون.
دلالات سياسية وطنية وقومية:
ظهرت على التوالي في قصص-نصوص: " فنجان شاي من الخزف الصيني بأزهار حمراء صغيرة"، صفحة 67، بما تضمّنت من رفض أبو طلال قائد المخفر شرب الشاي بفناجين مصنوعة بفرنسا التي تحتل الجزائر. ونص "موفق بدر السلطي في سماء مدرستنا" المتحدث عن معركة السموع، ومشهد أمهات الشهداء القادمات من شرق الأردن، كذلك نص "يوم مات عبد الناصر"، ونص "فلتصعد هؤلاء الحطّابات"، المتحدث عن اللاجئات المكافحات، ونص "النكبة" وما عنى من حنين للرجل الثمانيني على جبل الكرمل الذي يرتدي الحطة والعقال.
وقد انسجمت العناوين مع أسلوب المتاوليات النصية ، فجاءت بعضها على شكل عبارة، وهي تشير في جزء منها توحي بعالم الطفولة، ومنها ما هو مكرر كما في قاتل متسلل1 و2. كذلك في "رعيان النكسة" و"رقاص النكسة"، و"حمار النكسة الرمادي الصغير". وهي كما تبدو تشير إلى متواليات متسلسلة.
المآلات: اقترنت مصائر الشخصيات بما اضطرب في المحيط الاجتماعي والوطني والقومي، ما بين مشاعر طفولة بأفكارها الوجودية الملتزمة تجاه تقدير الحياة، وما ينبغي من احتفاء بها، لذلك يمكن تفسير ما ظهر من علاقة بين الموت والهزيمة كمصير ناظم في النص-الكتاب بشكل عام؛ فمع تكرر المضمون صارت العلاقة ظاهرة في النصوص، وهي نفسها التي أثّرت على مشاعر الطفل والفتى والكاتب فيما بعد.
بدأت المآلات تظهر في نص "مدرس كبير وتلامذة صغار"، عما آل له حال أبناء الصف الأول. ثم مآل الصيادين والذي هو الموت، كما في نص "خمس نساء وقط برتقاليّ"، كشعور طفل وشعور أب أيضا، حين كان يكرر بأن للطيور أرواحا، فظلت النبوءة تستمر.
في قصة "موفق بدر السلطي في سماء مدرستنا": تحولت الخراطيش إلى منافض لرماد السجائر. كمصير ساخر.
وأخيرا، لعل أكثر المآلات عمقا هي حال الجندي الذي يتجه من غرب النهر إلى شرقة في ليلة ظلماء بدون ضوء: "ما زال في خيالي يمضي بدراجته زاحفا ببطء على الطريق التي تمتد أمامه إلى ما لا نهاية، متوغلا في العتمة التي لم تفتأ تتمدد وتزداد حلكة". صفحة 79.
أما ما اختتم به على لسان من تغسل الميتات: "لماذا أخاف منهم؟ إنهم غير قادرين على التسبب لك بأي أذى. الأحياء فقط هم المخيفون"، في النص الأول: "لو أن الناس لا يموتون بل يسافرون فقط"، فهو نصّ رمزيّ يدل على أن الإنسان هو مصدر الخوف؛ فهو الخائف وهو الذي يسبب الخوف!
لذلك لنا أن نعود لما افتتحه الكاتب من كلمات أدونيس: "قرية صغيرة هي طفولتك، ومع ذلك لن تقطع تخومها مهما أوغلت بالسفر"، للدلالة على سنوات التكوين في حياة الكاتب، وحياتنا، كما هي عند أدونيس، بما تعني من دلالات التأثير المستمر علينا؛ فكان النص نتاجا لهذا التأثير على د. إبراهيم أبو هشهش منذ عقود ستة أو أكثر.
•صدر الكتاب عن دار الشروق عام 2025، ووقع في 127 صفحة.