عربي21:
2025-05-10@22:09:58 GMT

حول متغيرات موقف تركيا من حماس وغزة

تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT

للمرة الأولى منذ بدء العدوان على غزة، جمع لقاء علني ورسمي بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول، وبدعوة رسمية من الأخير. يستمد اللقاء أهميته أولا من علانيته، إذ حصل على الأغلب لقاء -أو أكثر- بين الرجلين دون إعلان رسمي عنه في وقته، كما يستمدها من سياقه المرتبط أساسا بمستجدات الموقف التركي من العدوان "الإسرائيلي" على غزة ومن التصريحات التي سبقته وتلته من الجانبين.



الحديث عن الزيارة أتى على لسان أردوغان نفسه ثم وزير خارجيته هاكان فيدان الذي اجتمع مع قيادة حماس في الدوحة، حيث قدّم واجب العزاء لهنية باستشهاد ثلاثة من أبنائه وأربعة من أحفاده، إضافة لتداول مستجدات العدوان. كما كان الرئيس التركي، بين يدي إعلانه عن الزيارة/الاستضافة، وصف حماس مجددا بأنها حركة مقاومة وليست منظمة إرهابية، وشبهها بالقوى الوطنية التركية التي خاضت حرب الاستقلال في الربع الأول من القرن الماضي، وهو توصيف لاقى استحسانا شديدا من حاضنة حزب العدالة والتنمية وداعمي القضية الفلسطينية ومقاومتها واستاء منه حزب الشعب الجمهوري المعارض بشكل لافت وعلني.

كما أن الزيارة أتت بعد قرار الحكومة التركية تقييد تصدير 54 منتجا لدولة الاحتلال في التاسع من نيسان/ أبريل الجاري "حتى تعلن إسرائيل وقفا فوريا لإطلاق النار بغزة وتسمح بتقديم مساعدات كافية ومتواصلة للفلسطينيين".

خطاب جديد لأردوغان وحزب العدالة والتنمية بخصوص حماس (التشبيه بالقوى الوطنية لحرب الاستقلال التركي)، وقرار مستجد بخصوص التجارة مع الاحتلال، ولقاء رسمي وعلني أول منذ بدء الحرب
في حينه، رُبط هذا القرار برفض دولة الاحتلال السماح لتركيا بالمشاركة في إنزال المساعدات ومواد الإغاثة لغزة من الجو مثل دول أخرى، لا سيما وأن فيدان أشار لهذا الأمر، إلا أن صدور القرار بعد مدة من الرفض يشير لديناميات مختلفة ومشتركة بين القرار والزيارة/ الاستضافة.

بيد أنه من المهم أولا الإشارة إلى أن القرار شمل "تقييد" التصدير لا "وقفه" وبعض البضائع لا كلها، وأنه تسبب بجدل إضافي في تركيا وخارجها، إذ أثبت أنه كان دائما من الممكن للحكومة التدخل في موضوع التجارة مع الاحتلال رغم أن معظمها يتعلق بالقطاع الخاص، على عكس السردية التي روجها كتّاب ونشطاء مقربون من الحزب، وبالتالي فقد كان قرارا متأخرا مع عدم إنكار إيجابيته.

كما أن نائب رئيس حزب العدالة والتنمية ووزير الاقتصاد الأسبق، نهاد زيبكجي، دعا في تصريحات له قبل أيام لإعادة النظر في القرار واعتماد "عملية فلترة أكثر حساسية" للتجارة مع دولة الاحتلال، مدافعا عن "أقسام في التجارة لا تضر أحدا" مع "إسرائيل" التي "تجمعنا معها اتفاقية تجارة حرة"، ما أوحى باحتمال العودة عن القرار أو تعديله.

وعليه، نكون أمام خطاب جديد لأردوغان وحزب العدالة والتنمية بخصوص حماس (التشبيه بالقوى الوطنية لحرب الاستقلال التركي)، وقرار مستجد بخصوص التجارة مع الاحتلال، ولقاء رسمي وعلني أول منذ بدء الحرب (كان هناك اتصالات هاتفية على الأقل).

بالعودة لنقاش أسباب هذه التحولات ودوافعها الرئيسة، لا يبدو -مجددا- أن الرفض "الإسرائيلي" لمشاركة أنقرة في إلقاء المساعدات من الجو سبب كاف لتفسير كل ما سبق، ما يدعو للبحث عن أسباب ودوافع أخرى أكثر تأثيرا.

المتغير الأول المنطقي هو نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة في تركيا التي تراجع فيها العدالة والتنمية أمام الشعب الجمهوري للمرة الأولى، واعترف أردوغان نفسه أن موقف حزبه وحكومته من العدوان "الإسرائيلي" على غزة كان أحد أسبابه، حيث قال إنهم "فعلوا كل ما بوسعهم من أجل غزة، إلا أنهم فشلوا في إقناع البعض بذلك"، مشيرا لاستغلال بعض الأحزاب المنافسة لذلك.

مما يدعم هذه الفرضية أن الخطوات المذكورة، وخصوصا القرار المتعلق بالتجارة مع الاحتلال، كانت ممكنة قبل اليوم وعلى مدى شهور العدوان على غزة إلا أنها لم تبصر النور إلا بعد الانتخابات المحلية، رغم أن شيئا جوهريا في الحرب على غزة لم يتغير مؤخرا.

العامل الثاني هو ولا شك صمود شعب غزة ومقاومتها رغم كل جرائم الحرب التي اقترفها الاحتلال والدعم الدولي الذي حصل وما زال يحصل عليه ولا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية. اليوم، يتزايد الحديث إقليميا ودوليا عن فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه من العدوان على القطاع ويزداد زخم الاحتجاجات عليه وعلى الحكومات الغربية الداعمة له وكذلك الدعوات لوقف العدوان وإدخال المساعدات، بل والدعوات لوقف الحرب من داخل دولة الاحتلال نفسها.

كما أنه لا ينبغي إغفال متغيرات إقليمية ودولية على جانب كبير من الأهمية والتأثير في السياق. في مقدمة ذلك ارتفاع حدة نبرة الإدارة الأمريكية تجاه حكومة نتنياهو بخصوص خططه لعملية برية في رفح، مما قد يكون شجع الحكومة التركية على مواقف أكثر حدة منها، إذ أن أحد تخوفات الأخيرة أن تؤدي مواقفها من العدوان لتوتير العلاقات مع واشنطن والرئيس على وشك زيارة البيت الأبيض.

كما أن التوتر الأخير بين إيران ودولة الاحتلال، بما يشمل إنعاش احتمالات توسع الحرب في المنطقة، يبدو ماثلا أمام صانع القرار التركي ودافعا له للعب أدوار أكثر مركزية، لا سيما إذا ما وضعنا في الحسبان حالة التنافس الضمنية بين أنقرة وطهران في الملف الفلسطيني مؤخرا.

وأخيرا، أتت المتغيرات الأخيرة في ظل إشاعات تدّعي بحث حركة حماس عن مقر بديل للدوحة، بدعوى أن الأخيرة تتعرض لضغوط أمريكية غير مسبوقة لدفع حماس للقبول بوقف إطلاق النار بشروط مجحفة أقرب لإعلان الاستسلام. وقد دفع ذلك البعض لوضع الزيارة في إطار حديث حماس مع أردوغان لتكون إسطنبول مقرا بديلا للحركة.

ثمة الكثير مما يمكن أن يقال في تفصيل هذه النقطة ونقاشها، لكن بالمقدار الذي تسمح به مساحة هذا المقال يمكن القول إن فكرة استبدال إسطنبول بالدوحة ليست منطقية ولا مرجحة، فلا قطر ستطرد حماس ولا إسطنبول بعيدة عن الأخيرة، إذ تتردد إليها بعض قياداتها بشكل علني بين الحين والآخر، السؤال الأهم، ختاما، حول ما بعد زيارة هنية لتركيا هو آفاق الموقف التركي بخصوص العدوان "الإسرائيلي" على غزة والخطوات التي يمكن للحكومة التركية اتخاذها في هذا الإطار، وهي عديدة وتقع في إطار الممكن الذي لن يجلب لها مشاكل مع الإدارة الأمريكية أو غيرهابل إن "إسرائيل" تدعي وجود مكاتب لها على الأراضي التركية كانت ضمن اشتراطاتها لاستعادة العلاقات الدبلوماسية مع تركيا (وهو ما لم يحصل)، كما أنه من غير المنطقي أن تذهب حماس للقاء رسمي وعلني مع أردوغان بهذه الطريقة لطلب بديل عن الدوحة.

المرجح أن تكون تركيا فعّلت دورها كإسناد للموقف القطري وليس منافسته أو سحب البساط من تحته، لا سيما وأن الضغوط الأمريكية حقيقية وخصوصا من بعض أعضاء الكونغرس. كما أن أنقرة تحاول منذ بداية العدوان أن يكون لها دور في الوساطة، وهو ما رفضته حكومة نتنياهو ولا نعتقد أنه حصل تغير ملموس على هذا الصعيد مؤخرا.

السؤال الأهم، ختاما، حول ما بعد زيارة هنية لتركيا هو آفاق الموقف التركي بخصوص العدوان "الإسرائيلي" على غزة والخطوات التي يمكن للحكومة التركية اتخاذها في هذا الإطار، وهي عديدة وتقع في إطار الممكن الذي لن يجلب لها مشاكل مع الإدارة الأمريكية أو غيرها.

تصريحات الوزير الأسبق زيبجكي تلقي بظلال من الشك، لكن ثمة من يرى بأن درس الانتخابات المحلية كان قاسيا وما زال حاضرا ما يدفع للرغبة بخطوات حقيقية هذه المرة، كما أن المتغيرات الإقليمية والدولية تساعد على ذلك، فهل نرى خطوات عملية إضافية من أنقرة تجاه غزة وحماس؟

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس أردوغان الإسرائيلي الفلسطينية تركيا إسرائيل تركيا فلسطين حماس أردوغان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التجارة مع الاحتلال العدالة والتنمیة من العدوان لا سیما على غزة کما أن

إقرأ أيضاً:

الدويري: أبواب الجحيم تؤكد فعالية كتائب حماس الـ4 في رفح

قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن سلسلة عمليات "أبواب الجحيم" التي أعلنت عنها كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- تدحض مزاعم الاحتلال بتفكيك كتائب الحركة الـ4 في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

ووفق حديث الدويري للجزيرة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة آخرين تحدثوا مرارا عن تدمير كتائب حماس الـ4 في رفح، لكن الواقع يؤكد أنها لا تزال فاعلة ومؤثرة.

وأشار الخبير العسكري إلى أن جيش الاحتلال بدأ فيما سمّاه "تطهير منطقة جنوب محور موراغ الفاصل بين مدينتي رفح وخان يونس جنوبا من أجل تهجير سكان غزة إليها تنفيذا لقرار المستوى السياسي".

وبناء على ذلك، فإن "تطهير المنطقة" يتطلب الدخول إليها، وهو ما حدث بالفعل، ليتفاجأ جيش الاحتلال -حسب الخبير العسكري- بسلسلة عمليات نوعية ضد قواته وآلياته.

وبعد مرور عام على معارك رفح، قال الدويري إن فصائل المقاومة نجحت في إعادة ترميم قدراتها القتالية، وحولت مقاربتها العسكرية إلى "حرب عصابات" اعتمادا على عمليات القنص واستهداف بالصواريخ وتفجير العبوات ونصب الكمائن.

وأواخر أغسطس/آب الماضي، زعم وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت (أقيل لاحقا) أن الجيش الإسرائيلي "قضى على لواء رفح" التابع للقسام، وذلك بعد عملية برية بدأت في المدينة الحدودية مع مصر في السادس من مايو/أيار 2024.

إعلان

وحسب الخبير العسكري، فإن المرحلة الحالية من العمليات العسكرية مختلفة عن نظيرتها السابقة خاصة بعد التهديد الإسرائيلي باحتلال كامل لقطاع غزة.

وأعرب عن قناعته بأن الخسائر التي تقع في صفوف المقاومة "أقل بصورة كبيرة مقارنة مع خسائر أكبر لديها في حال دخلت في مواجهة مفتوحة".

وبشأن وقوع وحدة "يهلوم" من سلاح الهندسة القتالية في كمائن متتالية للمقاومة الفلسطينية، أكد الدويري أن هذه الوحدة تعد وحدة النخبة المتخصصة في جيش الاحتلال للتعامل مع الأنفاق وتفجير وتفخيخ المنازل.

وأضاف الخبير العسكري أن هذه الوحدة "نظامية تقاتل منذ 18 شهرا، وبالتالي فإن درجة الإعياء تدفع بجنودها إلى المغامرة والمغامرة تقود إلى الوقوع في الخطأ".

واليوم الخميس، أعلنت القسام أن مقاتليها استهدفوا قوة هندسية إسرائيلية قوامها 12 جنديا داخل أحد المنازل بحي التنور شرقي رفح بقذيفتين مضادتين للأفراد والدروع، مما أدى لانفجار كبير داخل المنزل ووقوع أفراد القوة بين قتيل وجريح.

وقالت القسام إن مقاتليها رصدوا هبوط الطيران المروحي للإخلاء، مؤكدة أن العملية تأتي ضمن سلسلة عمليات "أبواب الجحيم".

وتحت إطار "أبواب الجحيم"، أعلنت كتائب القسام أيضا استهداف قوة إسرائيلية راجلة قوامها 7 جنود بعبوة شديدة الانفجار في محيط أحد مساجد حي التنور شرقي رفح، مؤكدة رصد مقاتليها "تناثر أشلاء عدد من جنود الاحتلال في المكان".

وكذلك، أشارت القسام إلى خوض مقاتليها "اشتباكات ضارية ومن مسافة الصفر" مع جنود وآليات الاحتلال في منطقة التوغل بحي الجنينة شرقي رفح.

وأمس الأربعاء، بثت كتائب القسام مقطع فيديو يوثق كمينا مركبا ضد قوات الاحتلال في حي الجنينة شرقي رفح، وظهر خلاله أحد القادة الميدانيين يعلن فيه بدء سلسلة عمليات "أبواب الجحيم" في كل أزقة ومنازل رفح بأمر قيادة القسام.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الأمن النيابية تطالب الحكومة وائتلاف إدارة الدولة لمواجهة الاحتلال التركي
  • نائب: ضعف السوداني وراء الاحتلال التركي للعراق
  • إيكونوميست: الحرب في غزة يجب ألا تستمر وعلى ترامب الضغط على نتنياهو
  • الاحتلال يعلن اغتيال القائد في حماس نور البيتاوي
  • بين التشكيك والوفاء: الأردن وغزة… حكاية لا يكتبها الزيف
  • حماس: الخطة الأميركية ليست بعيدة عن التصور الإسرائيلي لعسكرة المساعدات
  • ناطق حكومة التغيير يوضح جانبا من الإنجازات والجهود التي بذلت في التصدي للعدوان الأمريكي
  • الدويري: أبواب الجحيم تؤكد فعالية كتائب حماس الـ4 في رفح
  • تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها
  • موقف تركيا تجاه التوتر بين الهند وباكستان