إسطنبول- بدأت بلديات تركية -تقودها المعارضة التي فازت بالانتخابات البلدية الأخيرة على حساب حزب العدالة والتنمية الحاكم- بإزالة اللافتات وقوائم الطعام المخطوطة باللغة العربية من المحال التجارية، بحجة أنها تخالف المعايير التي حددها معهد المعايير التركي.

وأثار القرار جدلا واسعا في الأوساط التركية، مخلفا انقسامات في الآراء بين مؤيدين له اعتبروه تعزيزا للهوية الوطنية، وبين معارضين رأوا فيه تقييدا للتنوع الثقافي واللغوي في البلاد.

وكان رئيس بلدية نيفشهير المنتمي لحزب "الجيد" أول من أعلن عن حملة لإزالة اللافتات العربية من شوارع المدينة في أول قرار عقب تسلمه المنصب، ليلحق به بعدها رؤساء بلديات أخرى مثل مرسين وكلس وأوشاك ويالوفا الذين انتقلوا من العدالة والتنمية لحزب الشعب الجمهوري عقب الانتخابات البلدية في 31 مارس/آذار الماضي.

تغطية لافتات مكتوبة بالعربية في مدينة مرسين التركية (مواقع التواصل) ازدواجية

ومنحت فرق الشرطة أصحاب المتاجر مهلة 30 يوما لإزالة اللافتات العربية، وأوضحت نيتها فرض غرامات قد تصل إلى الإغلاق في حال عدم الالتزام بالتعليمات.

وانتقد المعارضون اقتصار الحملة على اللافتات المكتوبة بالعربية دون غيرها، متهمين رؤساء البلديات بممارسة الازدواجية في تطبيق النظام. وأشاروا إلى اللافتات المكتوبة بالإنجليزية والفرنسية الموجودة بكثرة في جميع مراكز التسوق الكبرى، إلى جانب الإعلانات وقوائم الطعام المكتوبة بالروسية والأوكرانية في مدن مثل أنطاليا وألانيا بهدف جذب السياح.

وبحسب الكاتب التركي فؤاد أوغور، فإن هذا الإجراء قد يكون لدوافع مختلفة، معتبرا أن السبب الرئيسي في عقلية بعض رؤساء البلديات هو "عدم رغبتهم في رؤية حروف القرآن الكريم".

ويرى البعض أن هذه الحملات تندرج تحت باب التجاذب السياسي، بهدف إرضاء فئات معينة في المجتمع تعارض الوجود العربي في تركيا.

وبرأي المحلل السياسي أحمد إبراهيم أوغلو، فإن الحملات التي تستهدف إزالة اللافتات العربية من الشوارع قد تثير تساؤلات حول الدوافع الكامنة وراءها، خاصة وأنها تأتي ضمن أولى القرارات لبعض رؤساء البلديات الجدد الذين لم يكملوا شهرا في مناصبهم.

وأشار أوغلو -في حديث للجزيرة نت- إلى أن ولاية يالوفا التي تُعتبر مقصدا للسياح العرب قد تواجه تداعيات سلبية نتيجة هذه الإجراءات، إذ إن لرئيس البلدية صلاحيات موسعة قد تمكنه من التضييق على النشاط التجاري للمحلات العربية والتأثير على تجربة السياح في المدينة.

????️رئيس بلدية يالوفا محمد غورال المنتمي لحزب الـ "CHP" يتعهّد بإزالة اللافتات العربية في المدينة التي تعدّ إحدى الوجهات المفضّلة للسيّاح العرب.???????? pic.twitter.com/noVSGlbzBz

— TR99 (@TR99media) April 16, 2024

رفض

وأوضح قسم الاتصال في بلدية يلوفا للجزيرة نت أن القرارات الجديدة المتعلقة باللغة المستخدمة في اللافتات والإعلانات تأتي ضمن إطار قانوني يفرض أن تكون نسبة 75% من الكلمات والعبارات المستخدمة باللغة التركية.

وأضاف أن هذه القرارات لا تستهدف المحال التي يملكها السوريون فحسب، بل تعمم على جميع التجار الذين يعرضون لافتات بلغات أخرى غير التركية. وامتنع القسم عن التعليق على ما إذا كانت الحملة تستهدف خصوصا اللافتات المكتوبة بالعربية دون غيرها من اللغات.

في المقابل، أعلن جوكهان زاييك نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري لشؤون البلديات إبلاغه رؤساء البلديات رفض الحزب إزالة اللافتات العربية. وأرجع ذلك إلى وجود ملايين من المواطنين الأتراك الذين تُعد العربية لغتهم الأم، كما أنها لغة القرآن ولها احترامها.

وشهدت تركيا حملات متعددة خلال العام الماضي تستهدف لغة الضاد، أبرزها حملة "حفاظا على اللغة التركية" التي انصب تركيزها بشكل خاص على العربية، والتي جاءت بالتزامن مع حملات شنتها المعارضة ضد اللاجئين السوريين قبيل الانتخابات الرئاسية.

وتأتي هذه الحملات على الرغم من أن البيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء تشير إلى ارتفاع ملحوظ في الدخل السياحي لتركيا خلال العام الماضي، بزيادة قدرها 16.9% مقارنة بعام 2022.

وبلغ بذلك مجموع الدخل السياحي 54 مليارا و315 مليونا و542 ألف دولار، إلى جانب ارتفاع نفقات السياحة إلى 65.3% الفترة نفسها، لتصل إلى 7 مليارات و68 مليونا و900 ألف دولار.

تأثير ملموس

في حين ارتفع عدد السياح الذين زاروا تركيا خلال العام الماضي بنسبة 11.82% مقارنة بسنة 2022، إذ بلغ عددهم 52 مليونا و742 ألفا و526 زائرا، بينما بلغ عدد السياح العرب 4 ملايين و22 ألفا مشكّلين أكثر من 15% من إجمالي السياح في البلاد عام 2023.

وتهدف تركيا لاستقبال 90 مليون سائح عام 2028، ورفع عائدات السياحة إلى 100 مليار دولار. إلا أن محللين يعتقدون أن هذه الحملات الأخيرة سيكون لها تأثير ملموس على السياحة والاقتصاد، نظرا لأن المحال العربية تمثل وجهة للسياح العرب في تركيا، وبالتالي فإن أي تغييرات تطرأ عليها لا يمكن تجاهل تأثيراتها.

من جانبه، أوضح المحلل الاقتصادي محمد أبو عليان، للجزيرة نت، أن ممارسات كـ"الحملات العنصرية" ضد العرب وإزالة اللافتات المكتوبة بالعربية، تدفع السياح العرب للتوجه إلى وجهات سياحية أخرى، مما يؤثر سلبا على المناطق السياحية الرئيسية في تركيا مثل البحر الأسود.

وأكد أن هذا الوضع لا يؤثر فقط على إيرادات السياحة وأعداد الزوار، بل يمتد تأثيره إلى تراجع أعداد المستثمرين العرب في تركيا ودفعهم للبحث عن وجهات استثمارية أخرى.

واستشهد أبو عليان بتراجع مبيعات العقارات في تركيا للعرب، وعدّه مثالا واضحا على الأضرار التي يمكن أن تلحق بالاقتصاد نتيجة لهذه "الموجات العنصرية".

وانخفضت مبيعات العقارات في تركيا للمستثمرين بنسبة 48.1% خلال 2023 مقارنة بـ2022، لتسجل أقل مستوياتها منذ سنة 2018، كما تراجعت حصة المبيعات للأجانب من إجمالي السوق العقارية في تركيا إلى 2.9% عام 2023، مقارنة مع 4.5% العام الذي سبقه.

وتحدث المحلل الاقتصادي عن القوة الشرائية للسائح العربي، ولاسيما الخليجي، مقارنة بباقي السياح، حيث ارتفع إنفاق السعوديين العام الماضي بنسبة 298% مقارنة بالعام 2022، في حين كانت البطاقات الكويتية هي الأعلى إنفاقا بمعدل يصل إلى 1280 دولارا لكل بطاقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات رؤساء البلدیات العام الماضی العربیة من فی ترکیا

إقرأ أيضاً:

تجارية القاهرة: الغرف تتقدم بخطوات عملية لدعم استقرار الأسعار

شارك أيمن العشري، رئيس غرفة القاهرة التجارية، في الاجتماع الموسع الذي ترأسه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، لمتابعة جهود الدولة في ضبط الأسواق وتوفير السلع بأسعار مناسبة، وذلك بحضور عدد من رؤساء الغرف التجارية والصناعية.

وزير التموين يبحث مع رئيس جهاز تنمية المشروعات تطوير منافذ تجارة التجزئةشيمي: الإسكندرية للأدوية"رائدة في تصنيع بنج الأسنان بطاقة 4 ملايين كربولة شهريا

ويأتي هذا الاجتماع في إطار تحركات الدولة المتواصلة لتحقيق استقرار الأسواق، ومواجهة أي زيادات غير مبررة في الأسعار، خاصة في ضوء تحسّن المؤشرات الاقتصادية، وتراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وانخفاض معدلات التضخم.

وأكد العشري خلال الاجتماع أن الغرف التجارية، وفي مقدمتها غرفة القاهرة، ملتزمة بالتعاون الكامل مع الحكومة لتنفيذ رؤية شاملة لضبط الأسعار والتخفيف عن المواطنين، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تقتضي اتخاذ خطوات تنفيذية واضحة على أرض الواقع، تتجاوز حدود التصريحات والمبادرات النظرية..

وأوضح رئيس غرفة القاهرة أن الغرفة تباشر حاليًا تنسيقًا موسعًا مع كبار المنتجين والمصنعين، ولا سيما في قطاع مواد البناء، لخفض أسعار الحديد إلى مستويات عادلة تحقق الحد الأدنى من الربحية، مؤكدًا أنه سيتم الإعلان رسميًا عن قائمة محدثة لأسعار الحديد الصادرة عن مختلف المصانع خلال الأسبوع المقبل، في خطوة تهدف إلى ضبط السوق وتحقيق انفراجة سعرية حقيقية يستفيد منها المواطن.

وأضاف العشري أن الغرفة بصدد إطلاق مبادرات إضافية تشمل سلعًا استراتيجية بالتعاون مع سلاسل التوريد والموردين الكبار، في إطار الأوكازيون الصيفي، الذي يُنتظر انطلاقه رسميًا في 4 أغسطس، بتخفيضات حقيقية تشمل مختلف أنواع السلع وليس الملابس فقط.

وشدد على أن الوقت الحالي يُمثل فرصة حقيقية للقطاع التجاري للقيام بدوره الوطني، مؤكدًا أن استقرار السوق لا يُمكن أن يتحقق إلا من خلال التزام جماعي، يجمع بين الحكومة والقطاع الخاص والغرف التجارية والمستهلكين.

وثمّن العشري جهود الحكومة في تأمين احتياجات المصانع من العملة الصعبة خلال الفترة الماضية، بما ساهم في ضمان تدفق مستلزمات الإنتاج، مؤكدًا أن غرفة القاهرة ستواصل تنسيقها المستمر مع التجار لدعم استقرار السوق، وتعزيز ثقافة التسعير العادل والشفافية كأحد المرتكزات الأساسية لضبط الأسواق.

واختتم العشري تصريحاته بالتأكيد على أن الغرف التجارية لن تتوقف عن أداء دورها الوطني في هذه المرحلة الدقيقة، وستظل شريكًا أساسيًا في كل ما من شأنه تعزيز الاستقرار وتحقيق العدالة السعرية.

طباعة شارك أيمن العشري مصطفى مدبولي العلمين الجديدة

مقالات مشابهة

  • تجارية القاهرة: الغرف تتقدم بخطوات عملية لدعم استقرار الأسعار
  • ابتكار سعودي يتوج بالذهب في جنيف.. لافتات مرورية تضيء لـ 10 ساعات بلا كهرباء
  • النفط يواصل ارتفاعه بدعم من اتفاقات تجارية ومخاوف جيوسياسية
  • ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
  • كيف تسهل موسكو جولات السياح العرب في أرجائها؟.. خدمات جديدة بانتظارهم
  • رئيس تجارية القليوبية: مصر على أعتاب نهضة صناعية غير مسبوقة
  • موجة حارة ثانية تضرب تركيا قادمة من الجزائر وشبه الجزيرة العربية!
  • “مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة
  • السليمانية.. اعتقال 4 أجانب بتهمة سرقة محال بيع الذهب
  • عسير تستقبل السياح بالورود: مشاهد تُجسد أصالة الضيافة بالمملكة .. فيديو