يمانيون:
2025-05-29@04:07:17 GMT

سيناريو الشرق الجديد

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

سيناريو الشرق الجديد

عبدالرحمن مراد

منذ بداية الألفية بدأت فكرة الشرق الجديد، واشتغلت عليها الإدارة الامريكية، وكان شمعون بريز قد كتب كتابا بعنون “الشرق الأوسط الجديد “، وتضمن الكتاب خارطة جديدة يحلم مؤلفهبنظام إقليمي، يقوم على أسس قومية، وثقافية، وبخطط اقتصادية طموحة، وفيه يرى ضرورة طمس تاريخ الشعوب العربية، وشمعون بريز من قادة الصهيونية الذين كانت لهم أدوار في الإبادة العرقية للشعب الفلسطيني، وقد اشتغلت الدبلوماسية الامريكية على فكرة الكتاب الذي صدر عام 1994م، واشتغلت كل الدوائر الثقافية والاعلامية على الترويج لأفكاره الى مطلع الألفية، حيث تحولت أفكار الكتاب الى خطوات اجرائية، وموجهات بالغة الأهمية في السياسة الخارجية الامريكية، ولعل الذاكرة تختزن علائق من الخطاب الاعلامي حول الشرق الجديد، ومن اللاعبين في هذا المضمار الأكثر بروزا وزيرة الخارجية السمراء السابقة كونداليزا رايس، استمر هذا الاشتغال على فكرة الشرق الجديد الى عام 2006م – وقد سبق لي أن كتبت مرارا وتكرارا حول الموضوع – حين اصطدمت الادارة الامريكية بحرب تموز في لبنان عام 2006م إذ جاءت عكس المتوقع، فسارعوا الى استبدال فكرة الشرق الجديد بفكرة الخلافة الاسلامية، واتخذوا من استراتيجية مؤسسة راند لعام 2007م في الاشتغال على فكرة دعم فكرة اسلام معتدل، فكانت تركيا هي الخيار الأمثل للفكرة بحكم المسار التاريخي العالق في التاريخ الاسلامي القديم والحديث.

حدث تحول عميق في تركيا بعد عام 2007م في كل البنى الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وأضحت تركيا رقما كبيرا ساهم الاعلام في الترويج لمواقفها الاسلامية – وقتئذ – من القضية الفلسطينية حتى تجد لها مكانا في الوجدان الاسلامي العام، ثم حدثت اضطرابات ما سموه بالربيع العربي، والهدف منها – أي الاضطرابات – كان الاخلال بالنظام العام والطبيعي وشيوع الفوضى، واضطراب الحياة وتبدلها في المجتمعات العربية، تمهيدا في اعادة البناء والتقسيم على أسس طائفية وثقافية وعرقية، فتعثر من مشروعهم ما تعثر، ونجح ما نجح منه، ونشطت حركة تطويع الانظمة العربية من خلال التلويح بفكرة الربيع الذي اجتاح بعض الدول، فخضع الكثير خوفا من فقدان العروش، فسارعوا الى التطبيع، أو الرضى به ضمنا دون الاعلان عنه كما هو الحال عند السعودية، ولذلك فشل العرب في توحيد موقف من حرب الابادة في غزة، وفشلوا حتى في عقد قمة عربية لمناقشة ما يدور في المنطقة كما كانوا يفعلون سابقا، وكأن الامر لا يعنيهم رغم أهميته ومساسه بمصالح الكثير من الدول مثل مصر، والاردن، وسوريا، ولبنان، وغير أولئك ممن يكون المساس بهم ثانويا أي غير مباشر.

تمضي “إسرائيل” اليوم ومن ورائها أمريكا وبريطانيا والدول دائمة العضوية بمجلس الامن الى تنفيذ فكرة الشرق الجديد، وتنفيذ الخطط الاقتصادية، ومنها الخطط المتعلقة بحركة التجارة العالمية، والسيطرة على مساراتها، وهم ماضون في تحقيق الحلم القديم الذي نشأ بعد تأميم قناة السويس في عام 1956م والمتمثل في انشاء قناة ابن غوريون التي تعمل على تسهيل الحركة بين البحرين الاحمر والابيض المتوسط في مسارين دون توقف أو اعاقة حركة منسابة وسهلة لا يمكن لقناة السويس توفيرها بسبب الجغرافيا، والمشروع كبير ويدر دخلا قوميا كبيرا جدا وفق خططه ودراساته المتوفرة.

اليوم “إسرائيل” – ومن خلفها امريكا وبريطانيا – تقوم بالتمهيد للفكرة من خلال حرب الابادة والتهجير والتصفية العرقية لسكان قطاع غزة، والعالم يضغط على مصر والأردن في استقبال المهجرين في صحراء سيناء المصرية، والضفة الغربية الاردنية، والضغط العسكري على أشده في رفح حتى يضيق الناس أو يموتوا جوعا على أسوار الحدود في رفح.

قبول مصر لفكرة مشروع “رأس الحكمة” سيكون هو العامل الضاغط مستقبلا وربما حاضرا فالاقتصاد المصري تتداعى أركانه اليوم، وقد ساهم المبلغ المودع في البنوك المصرية الخاص بمشروع رأس الحكمة في تراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، ومثل ذلك تخدير موضعي آني يعود ألمه متى حادت مصر عن المسار، ويخف متى خضعت للمصالح الصهيونية والامريكية، وفي ظني أن مصر سوف تقبل بتسكين سكان غزة في صحراء سينا خضوعا للضغط الاقتصادي القاهر الذي يساهم فيه المال العربي بقدر وافر، وبذلك تكون “إسرائيل” قد وصلت الى مشارف الحلم في الشرق الجديد، وربما في تحقيق كيان “إسرائيل” الكبرى التي تمتد من النيل – ملتقى النهرين – الى الفرات.

كل الذي مضى من تاريخ العرب الحديث منذ تفردت أمريكا بحكم العالم عام 1990م كان عبارة عن مقدمات بدأت نتائجها اليوم تبرز على سطح الواقع، ومواجهة هذا المشروع يحتاج بعدا معرفيا متفاعلا مع العلوم الحديثة حتى نكون عنصرا فاعلا في خارطة وجود العالم المعاصر، ومالم نتسلح بالمعرفة وبفكرة المقاومة لفرض الوجود وبمشروع حضاري بديل وقادر على التفاعل وصناعة الحيوات فأننا نذهب الى الفناء المؤجل، ومن نافلة القول أننا نحتاج الى حركة فكرية وثقافية تعيد ترتيب النسق الحضاري الاسلامي، ليكون المشروع الاسلامي هو الخيار الأمثل في اعادة ترتيب الحيوات المعاصرة وفق أسس وقيم انسانية واسلامية قال التاريخ القديم بقدرتها وحيويتها وفاعليتها في التأثير والصناعة.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

كوريا الشمالية تعتبر القبة الذهبية الأميركية سيناريو حرب نووية

كوريا الشمالية تعتبر القبة الذهبية الأميركية سيناريو حرب نووية

مقالات مشابهة

  • توضيح حول تنفيذ تدريب مشترك للجيش المصري مع إسرائيل في دولة عربية
  • رئيس الوزراء يرد على «فكرة» انهيار السوق العقاري وحدوث فقاعة عقارية
  • نتنياهو: إسرائيل تغير وجه الشرق الأوسط وتعزز مكانتها كقوة إقليمية
  • كوريا الشمالية تعتبر القبة الذهبية الأميركية سيناريو حرب نووية
  • لماذا أطاح ترامب بنصير إسرائيل داخل مجلس الأمن القومي؟
  • ياسمين صبري الوجه الجديد لعلامة تجارية عالمية في الشرق الأوسط
  • ‏المدعية العامة في إسرائيل تعتبر تعيين نتنياهو لرئيس جهاز الشاباك الجديد "غير قانوني"
  • ترامب يرفض فكرة أن تكون الحرب خيار بوتين ونتنياهو الوحيد
  • نعيم قاسم مخاطباً ترامب: تحرّر من إسرائيل من أجل مصلحة أمريكا في الشرق الأوسط
  • صحيفة: إسرائيل ترفض المقترح الجديد لتبادل الأسرى