قال مصدران لرويترز إن مدعين من المحكمة الجنائية الدولية أجروا مقابلات مع عاملين في أكبر مستشفيين في غزة، في أول تأكيد على تحدث محققين من المحكمة إلى مسعفين بشأن وقوع جرائم حرب محتملة في قطاع غزة.

وقال المصدران اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما إن محققي المحكمة حصلوا على شهادات من موظفين عملوا في مستشفى الشفاء، وهو المركز الطبي الرئيسي في مدينة غزة بشمال القطاع، ومن آخرين عملوا في مستشفى ناصر، المركز الطبي الرئيسي في خان يونس بجنوب القطاع.

ورفض المصدران تقديم مزيد من التفاصيل تعللا بمخاوف على سلامة الشهود المحتملين.

وقال أحد المصدرين إن أحداثا وقعت في المستشفيات قد تصبح جزءا من التحقيق الذي تجريه المحكمة التي تنظر في قضايا جنائية ضد أفراد متهمين بارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، فضلا عن الإبادة الجماعية والعدوان.

ورفض مكتب المدعي العام للمحكمة التعليق على مسائل تنفيذية في تحقيقات جارية معللا ذلك بوجوب ضمان سلامة الضحايا والشهود.

وقالت الجنائية الدولية إنها تحقق مع طرفي الصراع في الهجوم الذي شنه مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر على إسرائيل والهجوم الإسرائيلي اللاحق في غزة.

وفي أثناء الصراع، كان المستشفيان الرئيسيان في غزة هدفين محوريين للقوات الإسرائيلية التي حاصرتهما واقتحمتهما واتهمت مقاتلي حماس باستخدامهما لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه حماس والأطقم الطبية.

وفي الأيام القليلة الماضية، طالب مسؤولون فلسطينيون أيضا بإجراء تحقيقات بعد استخراج مئات الجثث من مقابر جماعية في مستشفى ناصر. ولم يحدد المصدران ما إذا كانت هذه المقابر تشكل جزءا من أي تحقيق.

وتنفي إسرائيل تورطها في جرائم حرب، بما في ذلك وقوع مثل هذه الجرائم في مستشفيات غزة أو حولها، وتقول إن جميع أنشطتها العسكرية هناك كان سببها وجود مقاتلي حماس في تلك المناطق.

وتتمتع المستشفيات بالحماية خلال الحروب بموجب معاهدات دولية وهذا قد يجعل الهجمات عليها جرائم حرب لدى الجنائية الدولية، لكن المستشفيات قد تفقد هذه الحماية في بعض الظروف إذا استخدمها مقاتلون بما يضر العدو.

وإسرائيل ليست عضوا في الجنائية الدولية، لكن الأراضي الفلسطينية أصبحت دولة عضوا عام 2015. وتقول المحكمة إن هذا يمنحها ولاية قضائية على تصرفات أي شخص بمن فيهم الجنود الإسرائيليون في الأراضي الفلسطينية، ويمنح المحكمة أيضا ولاية قضائية على الفلسطينيين في أي مكان، بما في ذلك الأراضي الإسرائيلية. ولا تعترف إسرائيل بأي ولاية قضائية للمحكمة على مواطنيها.

وأي قضية جنائية أمام هذه المحكمة ستكون منفصلة عن القضية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية وتتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وهو ما تنفيه إسرائيل. وتنظر العدل الدولية، ومقرها لاهاي أيضا، في الدعاوى القضائية بين الدول، بينما تنظر الجنائية الدولية في القضايا الجنائية ضد الأفراد.

"سابقة خطيرة"

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة إن أي تحرك للجنائية الدولية لن يؤثر على تصرفات إسرائيل لكنه "سيشكل سابقة خطيرة تهدد الجنود والشخصيات العامة".

وكتب على تطبيق تيليغرام يقول "تحت قيادتي، لن تقبل إسرائيل أبدا بأي محاولة من جانب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لتقويض حقها الأساسي في الدفاع عن نفسها".

وهاجم مقاتلو حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، بحسب إحصاءات إسرائيلية. وردت إسرائيل بهجوم تقول السلطات الصحية الفلسطينية إنه تمخض عن مقتل 34 ألف شخص على الأقل، وإن آلاف الجثث الأخرى ربما طمرتها الأنقاض.

وفي إشارة إلى أن تحقيق الجنائية الدولية في هجمات السابع من أكتوبر يمضي قدما، قالت يائيل فياس جفيرسمان، المحامية الموكلة عن بعض الضحايا الإسرائيليين، في فبراير، إن عددا من موكليها قدموا شهاداتهم لمحققي المحكمة مباشرة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجنائیة الدولیة جرائم حرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

بعد نهاية المواجهات بين إسرائيل وإيران.. "حماس" إلى أين؟

 

د. أحمد يوسف **

مع تراجع التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، تعود الأنظار مجددًا إلى قطاع غزة، والسؤال الأبرز الآن: ما مصير حركة حماس؟ وإلى أين تتجه خياراتها في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية؟ فبعد سنوات من السيطرة على القطاع، وتصدّر مشهد المقاومة المسلحة، تقف الحركة أمام منعطف تاريخي قد يفرض عليها مراجعة كبرى لمسارها السياسي والعسكري.

أولًا: خيارات حماس بشأن حكم غزة

منذ عام 2007، تفرض حماس سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، لكن التحديات المتراكمة من حصار خانق، وحروب مدمرة، وضغوط داخلية وإقليمية، تجعل من استمرار هذا الوضع أمرًا مكلفًا.

فهل تختار الحركة الحفاظ على سيطرتها المنفردة، أم تتجه نحو شراكة وطنية تُعيد الاعتبار للمرجعية الفلسطينية الموحدة؟

ثانيًا: المقاومة والميل نحو السياسة

بعد سنوات من العمل العسكري، تظهر دعوات داخلية وخارجية تطالب حماس بتحول تدريجي نحو العمل السياسي، ضمن مشروع وطني جامع. خيار المقاومة لم يُلغَ، لكنه لم يعد وحده كافيًا في ظل متطلبات إدارة الحكم، وإعادة إعمار القطاع، والبحث عن اعتراف سياسي إقليمي ودولي. وقد يكون الوقت قد حان لأن تعيد الحركة صياغة خطابها لتوازن بين المقاومة والبراغماتية السياسية.

ثالثًا: الانسحاب الإسرائيلي.. جزئي أم شامل؟

في ضوء الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل، تظهر سيناريوهات تتحدث عن انسحاب جزئي أو كامل من غزة، ليس على طريقة "فك الارتباط" فقط، بل ضمن اتفاق سياسي يضمن التهدئة طويلة الأمد. وهنا يبرز دور حماس في رسم شكل المرحلة التالية: هل ستدخل في تفاهمات هدنة أم في ترتيبات حكم جديدة؟

رابعًا: إشراف عربي ودولي ومشاريع إعادة الإعمار

مع تصاعد الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب، تطرح أطراف إقليمية ودولية فكرة إشراف عربي-دولي على القطاع، لإعادة الإعمار وتوفير ضمانات الاستقرار، وهو ما قد يفتح الباب أمام نموذج جديد في إدارة القطاع، شبيه بتجارب دول ما بعد النزاع. غير أن نجاح هذه الفكرة مرهون بوجود طرف فلسطيني مُوحّد يحظى بشرعية وطنية وشعبية.

خامسًا: حكومة تكنوقراط انتقالية ومرجعية وطنية موحّدة

من السيناريوهات المطروحة تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية، تتولى إدارة الشأن العام في غزة، بإجماع وطني، وبالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية شرعية ووطنية. هذه الخطوة قد تفتح الباب لمرحلة جديدة من التفاهم الداخلي، وتساهم في تخفيف الحصار وتسهيل جهود الإعمار.

سادسًا: نحو شراكة وطنية عادلة

تدرك كافة القوى الفلسطينية أن الانقسام أضعف المشروع الوطني وأضر بالقضية الفلسطينية. لذلك، فإن أفضل شكل للشراكة الوطنية يجب أن يُبنى على قواسم استراتيجية، وليس مجرد تفاهمات إجرائية. المطلوب هو مشروع وطني مشترك يعيد بناء منظمة التحرير، ويضمن تمثيل الجميع ضمن رؤية موحدة.

سابعًا: خطاب سياسي جديد تحت عباءة منظمة التحرير

لكي تكون لحماس ولغيرها من الفصائل دور فاعل في النظام السياسي الفلسطيني، لا بد من خطاب سياسي موحد، يتكئ على الشرعية التاريخية والدولية التي تمثلها منظمة التحرير. وهو خطاب يُراعي ثوابت القضية، لكنه في ذات الوقت مقبول عربيًا ويحظى بدعم دولي، ويُشكّل مظلة للعمل السياسي والمقاومة الشعبية والدبلوماسية.

ختامًا.. حماس أمام مفترق طرق، وأيًّا كانت الخيارات، فإن اللحظة الراهنة تفرض مراجعة شاملة، ما بعد المواجهة الإيرانية الإسرائيلية ليس كما قبلها، والمنطقة تدخل مرحلة إعادة تشكيل قواعد اللعبة، وعلى حماس أن تختار: إما العزلة أو الشراكة، إما الاستمرار في إدارة أزمات القطاع، أو المساهمة في صناعة مستقبل وطني جامع.

والفرصة لا تزال قائمة، ولكنها لن تنتظر طويلًا!

** المستشار السابق لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية

مقالات مشابهة

  • عاجل | حماس: جرائم الاحتلال ومستوطنيه وآخرها في كفر مالك تستدعي تشكيل لجان حماية رسمية وشعبية للتصدي لها
  • بعد نهاية المواجهات بين إسرائيل وإيران.. "حماس" إلى أين؟
  • شهادات للجزيرة نت تكشف استخدام إسرائيل للمساعدات فخا للإسقاط الأمني في غزة
  • الإغاثة الطبية بـ غزة: المؤسسات الدولية لا يمكنها فرض خطتها لتوزيع المساعدات
  • المحكمة الجنائية تحقق في انتهاكات فاغنر بمنطقة الساحل
  • “حماس”: جيش الاحتلال يقتل أكثر من 50 فلسطينيا من المجوعين بغزة
  • بلجيكا: نشطاء يغلقون مقرّيْ شركتين لاتّهامهما بالتواطؤ مع إسرائيل في "جرائم حرب" بغزة
  • رويترز: رئيس الوزراء القطري حصل على مواقفة إيران على وقف الحرب مع إسرائيل
  • رويترز: طهران وافقت على وقف إطلاق النار مع إسرائيل بوساطة قطرية
  • أكدت ارتفاع ضحايا نقاط المساعدات إلى 3920 شهيدا وجريحا.. “حماس” تشدد على الملاحقة الدولية لقادة الاحتلال الصهيوني