أضواء على أحداث "غريبة".. ترحيل بالقوة إلى إيطاليا!
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
لجأ الإيطاليون إلى ترحيل الليبيين إلى جنوب جزيرة صقلية وما جاورها بهدف تفريغ الأرض من سكانها وإجهاض حركة المقاومة العنيفة ضد غزوهم الذي بدأ خريف عام 1911.
إقرأ المزيدالقوات الإيطالية في ليبيا كتنت منيت بهزيمة ساحقة في 29 أبريل عام 1915، حسرت وجودهم في مدن ساحلية معدودة، وكانت تلك المعركة الشهيرة الأكبر منذ معركة "الهاني - شارع الشط" التي جرت بداية الغزو الإيطالي لليبيا في أكتوبر عام 2011.
الباحثة الإيطالي فرانشيسكا دي باسكوالي تشير في دراسة نشرت في 11 يونيو 2018 إلى أن السبب الرئيس وراء عمليات الترحيل الجماعي "هو محاولة تطهير الأراضي التي كانت مسرحا للثورات وطرد أكبر عدد ممكن من الناس. حدث هذا في بداية الاحتلال الاستعماري، بعد ثورة شرع الشط عام 1911، وفي عام 1915، بعد معركة القرضابية، خلال (الثورة العربية الكبرى)، التي أجبرت الإيطاليين على التراجع إلى عدد قليل من البؤر الاستيطانية الساحلية.
تسرد الباحثة الإيطالية أحداث عمليات الترحيل القسري لليبيين إلى الجنوب الإيطالي واصفة غياها بالغريبة، مشيرة إلى أنه "في 23 أكتوبر 1911 ، بعد عشرين يوما فقط من نزول القوات الإيطالية إلى طرابلس، فاجأت ثورة ضخمة الجنود الاستعماريين في واحة شارع الشط، خارج المدينة مباشرة. جاء الإيطاليون إلى ليبيا على يقين من النصر السهل، مقتنعين بأن السكان الأصليين سينتفضون ضد الأتراك".
تفريغ ليبيا من سكانها:
الإيطاليون أدركوا إثر ذلك فجأة خطاهم في تقييم مشروعهم الاستعماري في ليبيا، فأسرع جيوفاني جيوليتي، رئيس الوزراء الإيطالي حينها إلى الأمر بالترحيل الفوري إلى إيطاليا لجميع "مثيري الشغب المعتقلين".
هذا الإجراء الذي بدا "وكأنه إجراء استثنائي مرتبط بخطورة الوضع، أصبح بداية فترة دائمة من عمليات الترحيل والنقل لليبيين إلى إيطاليا، والتي استمرت حتى نهاية الاحتلال الاستعماري الإيطالي لليبيا في عام 1943".
فرانشيسكا لفتت إلى أن إيطاليا مارست الأسلوب ذاته في إريتريا وفي إثيوبيا في مناسبتين أثناء الحقبة الاستعمارية، إلا أنه "من حيث عدد الأشخاص المعنيين وطول مدته، كان نقل الليبيين إلى إيطاليا أهم ترحيل للرعايا الاستعماريين في التاريخ الاستعماري الإيطالي".
الأسلوب ذاته أيضا كانت مارسته فرنسا في الجزائر، إلا أنها كانت ترحل سكان بعض مستعمراتها إلى مستعمرات أخرى، فيما جرى نقل بعض الجزائريين إلى جنوب فرنسا في القرن التسع عشر، بحسب الباحثة الإيطالية.
تقسم فرانشيسكا دي باسكوالي الفئات التي طالها الترحيل القسري الاستعماري على جنوب إيطاليا إلى "ثلاث فئات تقريبا: الترحيل الجماعي بعد الهزائم العسكرية الخطيرة للجيش الإيطالي؛ الترحيل الفردي للمعارضين السياسيين أو المعارضين المحتملين؛ ونقل المدانين المحتجزين بالفعل في السجون الاستعمارية".
هذه الدراسة تلفت إلى أنه نتيجة لعدم "وجود قوائم بالأشخاص الذين غادروا ليبيا، وحقيقة أن عددا غير محدد من الأشخاص لقوا حتفهم أثناء الترحيل، يجعل من الصعب تقدير العدد الدقيق للمبعدين الليبيين في إيطاليا خلال الحقبة الاستعمارية. وفقا لمركز دراسات الجهاد الليبي (ضد الغزو الإيطالي)، قامت السلطات الإيطالية بترحيل ما بين 5000-6000 ليبي إلى إيطاليا، فيما يقدر الباحث ماريو ميسوري عدد المرحلين إلى إيطاليا بـ 4000 شخص بين عامي 1911 و1918".
الباحثة الإيطالية تمضي في تحليل ما جرى بقولها: "بعد ثورة شرع الشط، من أجل وقف مذابح الليبيين على يد الجنود الإيطاليين، والتي كانت مؤشرا واضحا على ضعف الجيش الاستعماري، أمر جيوليتي، رئيس الوزراء، بالترحيل. تمت الاعتقالات بشكل جماعي، ولهذا السبب تم القبض على المتسولين والعمال والفلاحين والمالكين الأثرياء وأصحاب المتاجر على حد سواء. كبار السن من الرجال والنساء والقصر تم نقلهم أيضا إلى المستعمرات العقابية الإيطالية".
بالنسبة للليبيين الذين صدرت أحكام ضدهم، فقد بدأ نقلهم إلى جنوب إيطاليا "بعد عمليات الترحيل الجماعي في عامي 1911-1912. كانت قواعد سجن ليبيا هي ذاتها تلك التي تمت الموافقة عليها في عام 1913، ونصت على أن الليبيين المحكوم عليهم بعقوبات تزيد عن ستة أشهر يجب نقلهم إلى إيطاليا".
أما فترة الحرب العالمية الأولى، فتصفها الدراسة بأنها "الفترة الأكثر كثافة وتعقيدا لترحيل الليبيين إلى إيطاليا. اشتدت الإجراءات القمعية التي قام بها الجيش الإيطالي مع تفاقم ظروف الحصار التي عاشها المستعمرون في ليبيا. زادت عمليات الترحيل إلى إيطاليا بشكل ملحوظ من عام 1914 إلى عام 1918. من عام 1913 إلى عام 1918، تم نقل معظم المدانين إلى صقلية، حيث وصل 2444 أسيرا ليبيا إلى سجونها ومؤسساتها العقابية، واحتجز 5000 أسير في مقاطعة سيراكيوز".
من أسلوب الترحيل إلى سياسة الأرض المحروقة:
في عامي في 1930-1931، أمر نائب الحاكمان الإيطاليان لليبيا، رودولفو غراتسياني، بيترو بادوليو "باحتجاز جميع السكان الرحل وشبه الرحل في برقة، في عشرين معسكر اعتقال في منطقة " بنغازي بشرق ليبيا.
معسكرات الاعتقال تلك كان الهدف منها، "قطع شبكة دعم حركة المقاومة بين السكان. تم إغلاق جميع المعسكرات أخيرا في عام 1934. يقدر العلماء أن عدد السجناء الليبيين في المعسكرات كان يتراوح بين 100.000–120.000 ، وأنه خلال اعتقالهم كان عدد القتلى مرتفعا من 40.000 إلى 48.000".
تبني إيطاليا في تلك الحقبة الفاشية "لـ(سياسة الأرض المحروقة) الوحشية في ليبيا، كان بمثابة نهاية لسياسة الترحيل الجماعي إلى إيطاليا. خلال الحقبة الفاشية، تم احتجاز بضع عشرات فقط من الأعيان الليبيين في إيطاليا".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف عملیات الترحیل إلى إیطالیا فی لیبیا إلى أن فی عام
إقرأ أيضاً:
هل تفكر في الانتقال إلى إيطاليا؟ بلدة في توسكانا ستساعدك على دفع إيجارك وشراء منزلك
رئيس بلدية راديكوندولي خصص هذا العام مبلغ 400.000 يورو في خطوة تهدف إلى جذب سكان جدد إلى البلدة وتشجيعهم على الانتقال والاستقرار فيها.
هل تحلم بـ"la dolce vita"؟ في هذه البلدة التوسكانية على التلال، قد يكون ذلك أقل تكلفة بكثير مما تتصور.
قرية صغيرة في التلال غرب سيينا هي أحدث مجتمع إيطالي يسعى إلى التصدي لظاهرة تراجع السكان.
راديكوندولي، وهي بلدة من العصور الوسطى تبعد نحو ساعة واحدة جنوب فلورنسا، تعرض حزمة من الحوافز للمستأجرين والمشترين على حد سواء على أمل جذب سكان جدد على المدى الطويل، مع الإشارة إلى أنها ليست ضمن مبادرة المنازل ذات اليورو الواحد.
إطلالات من قمم التلال ونبيذ توسكاناقد يكون عدد سكان راديكوندولي قليلا، لكنها غنية بسحرها الآسر.
أُسِّست قبل أكثر من ألف عام، ولا تزال راديكوندولي تحتفظ بطابعها الوسيط، بطرق مرصوفة بالحجارة، وأسقف من القرميد، وبقايا من الأسوار الدفاعية القديمة.
ترتفع البلدة فوق حقول سيينا وتطل على الأراضي الزراعية والغابات وبساتين الزيتون. ورغم أنها تبعد نحو ساعة واحدة بالسيارة عن فلورنسا ومدينة سيينا، فإنها محاطة بقلاع قديمة ومصانع نبيذ، ما يعدك بكأس "Chianti" قبل النوم من منزلك الإيطالي الجديد.
بحسب CNN Travel، خصص رئيس البلدية المحلي فرانشيسكو غوارغواليني هذا العام أكثر من 400.000 يورو لاستقطاب سكان جدد، مقدما كل شيء من منح لشراء المنازل إلى دعم لمستخدمي الطاقة الخضراء والطلاب.
ولتوسيع جاذبيتها، ستغطي راديكوندولي أيضا نصف الإيجار خلال العامين الأولين للقادمين الجدد الذين يتقدمون حتى ديسمبر 2025 وينتقلون للسكن مطلع 2026. وللاستفادة، يتعين على مشتري العقارات الالتزام بالبقاء لمدة لا تقل عن عشرة أعوام. أما المستأجرون فيجب أن يمكثوا لمدة أربعة أعوام على الأقل.
منذ إطلاق الحوافز في 2023، استقبلت البلدة نحو 60 مقيما جديدا، وهو دفعة لمدينة انخفض عدد سكانها من 3.000 إلى 966 فقط خلال القرن الماضي. ويُترك حاليا نحو 100 من منازلها البالغ عددها قرابة 450 منزلا شاغرا.
لكن على خلاف بلدات تطرح منازل متداعية مقابل يورو واحد، تؤكد راديكوندولي أن عقاراتها تحتفظ بقيمة سوقية حقيقية. كثير منها مأهول أو مُعتنى به بالفعل، لذا لا يبدأ القادمون الجدد بمشروعات ترميم كبيرة، كما قال غوارغواليني لشبكة CNN.
كيف تحاول بلدات أخرى إنعاش المجتمعات المحليةبحسب أحدث تقرير لاتحاد ملكية المباني الوطني في إيطاليا، يوجد في البلاد نحو ثمانية ملايين ونصف المليون منزل غير مستخدم، بما يشمل المساكن الثانية والمنازل بلا خدمات والعقارات غير المدرجة لأغراض ضريبية.
راديكوندولي واحدة من بلدات إيطالية عديدة تطلق حوافز لجذب سكان جدد للانتقال إلى بعض تلك المنازل وغيرها.
في توسكانا، عرضت السلطات الإقليمية بين 10.000 و30.000 يورو للراغبين في شراء منازل في قرى يقل سكانها عن 5.000 نسمة. وفي صقلية، تواصل بلدات مثل سامبوكا وموسوميلّي طرح منازل غير مستخدمة بأسعار رمزية، على أن يلزم المشترون بتجديد العقارات ضمن إطار زمني محدد.
كما ظهرت مبادرات مماثلة في أجزاء من سردينيا وجبال الأبينيني وفي مناطق أخرى أيضا.
يقول كثير ممن يتقدمون لهذه البرامج إن القرار غالبا ما يعود إلى الكلفة. فمع ارتفاع أسعار العقارات في مدن العالم، يصبح حلم التملك أحيانا بعيد المنال. ويشير آخرون إلى عامل المساحة أو فرصة بناء منزل الأحلام بأيديهم في موقع جميل.
بالنسبة لأي شخص يوازن بين الانتقال إلى ريف إيطاليا، سواء بسبب الكلفة أو بحثا عن توازن أفضل في الحياة، تقدّم راديكوندولي طريقة جذابة وواقعية لتحقيق ذلك.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة