تواجه المرشحون الرئيسيون في الانتخابات الأوروبية في المناظرة الأولى من السباق، ودار النقاش حول قضايا إشكالية، من بينها الصفقة الخضراء وحرب إسرائيل في غزة والهجرة غير النظامية والذكاء الاصطناعي.

اعلان

هذه المناقشة التي جرت في ماستريخت في هولندا لأكثر من ساعة ونصف ساعة، شهدت تضارباً في الأفكار السياسية وجدلاً نارياً، وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين هدفاً للانتقادات، خصوصاً من عضو البرلمان الأوروبي الدنماركي أندرس فيستيسن، عضو مجموعة "آي دي" (يميني متطرف)، الذي قال إن رئاستها للمفوضية كانت "كارثة".

ووقف على المنصة الطامحون لرئاسة المفوضية الأوروبية بعد انتخابات يونيو: أورسولا فون دير لاين (حزب الشعب الأوروبي)، ونيكولا شميت (حزب الاشتراكيين الأوروبيين)، وماري أغنيس شتراك-تسيمرمان (حزب تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا)، وباس إيكهوت (حزب الخضر الأوروبي)، وأندرس فيستيسن (حزب الهوية والديمقراطية)، ووالتر باير (حزب اليسار الأوروبي)، ومايليس روزبرغ (التحالف الأوروبي الحر)، وفاليريو غيليتشي (الحركة السياسية المسيحية الأوروبية).

انتقاد اليمين المتطرف

أتيحت لجميع المرشحين فرصة الدفاع عن برامجهم، وتناوبوا على المنصة، وقد أجمعوا على مهاجمة الممثل الرئيسي لليمين المتطرف، أندرس فيستيسن.

وفي الجزء الثاني المخصص للسياسة الخارجية والأمنية، ندّد فيستيسن بالأحزاب الرئيسية لاستغلالها الحرب في أوكرانيا لتغيير معاهدات الاتحاد الأوروبي وإلغاء حق النقض.

وعندها رد باس إيكهوت، من حزب الخضر، منتقدًا مجموعة الهوية والديمقراطية (ID) بسبب مزاعم النفوذ الروسي والصيني. وقد تسببت هذه القضايا في استنفار البرلمان الأوروبي وتخضع فعلًا لتحقيقات جنائية في بلجيكا وألمانيا.

"ربما قبل أن تقوم بتعليم الجميع، نظف منزلك الخاص!" قال إيكهوت لفيستيسن، مما أدى إلى تصفيق حاد في القاعة.

وردّت فون دير لاين: "إذا نظرت إلى البرنامج الانتخابي (لحزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب عضو في حزب الهوية)، سترى أنه يردد أكاذيب ودعاية الكرملين. لذا نظف بيتك قبل أن تنتقدنا!".

التوترات حول حرب أوكرانيا وغزة

شهد الجزء الخاص بالسياسة الخارجية جدالًا ساخنًا أيضا، فعندما سُئل والتر باير، من حزب اليسار الأوروبي، عما إذا كان ينبغي على أوكرانيا التخلي عن أجزاء من أراضيها مقابل اتفاق سلام دائم، أدان العدوان الروسي وقال إن الوقت قد حان للتوصل إلى "حل سياسي"، لم يحدده. لكنه حوّل الحديث فجأة بعد ذلك إلى الحرب بين إسرائيل وحماس، وحث الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على إسرائيل كما فعل مع روسيا.

أصرّ مديرو الحوار على مسألة التنازلات الإقليمية، وهو ما تجنبه مرة أخرى بإجابة غامضة حول تحقيق وقف إطلاق النار.

"لا يمكنني أن أفهم كيف يمكن لأي شخص أن يدافع عن فكرة أننا يجب أن نستمر في هذه الحرب حتى متى؟ إلى أن يموت آخر جندي أوكراني؟".

"لقد سئمت من سماع ذلك"، ردت فون دير لاين قائلةً: "لقد سئمت من سماع ذلك"، مستذكرةً رحلتها إلى بوتشا. "إذا كنت تريد إنهاء هذه الحرب، فما على بوتين إلا أن يتوقف عن القتال. ثم تنتهي الحرب!"

ملف الحرب على غزة

وطلبت باير الكلمة مرة أخرى وأعادت الحديث عن الهجوم الإسرائيلي على غزة، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني منذ 7 أكتوبر. وقال: "متى سيفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إسرائيل لوقف الحرب في غزة؟"

ورددت فون دير لاين الخط الرسمي للاتحاد الأوروبي، قائلة إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها "في حدود القانون الإنساني والقانون الدولي"، ودعت إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية والعمل من أجل حل الدولتين.

وسألها إيكهوت عما إذا كان اجتياح رفح، الذي وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذه، سيكون "الخط الأحمر" النهائي بالنسبة لها، لكنها قالت: "أنا لا أرسم خطوطًا حمراء أبدًا، ولكنني أعتقد أنه سيكون من غير المقبول أن يجتاح نتنياهو رفح".

ما الذي تخفيه الرسائل النصيّة التي تبادلتها أورسولا فون ديرلاين مع رئيس شركة فايزر؟أورسولا فون دير لايين إلى كييف هذا الأسبوعالاتحاد الأوروبي يدين تشريع البرلمان العراقي قانونًا يجرم "المثلية الجنسية" القوميون المحافظون

 عندما سئلت فون ديرلاين عن إمكان العمل مع التشكيلات اليمينية المتشددة، مثل مجموعة "إي سي آر" (القوميون المحافظون) التي تضم في صفوفها حزب "ريكونكيت" بزعامة الفرنسي إريك زمور، وحزب "فوكس" الإسباني، قالت إن "ذلك سيعتمد على تكوين البرلمان".

وأثار هذا الردّ "ذهول" اللوكسمبورغي نيكولا شميت، المفوّض الأوروبي الحالي للتوظيف والحقوق الاجتماعيّة، والذي رشّحه حزب الاشتراكيين الأوروبيين لرئاسة المفوضية. وقال شميت "لا يمكننا تجزئة القيم والحقوق حسب الترتيبات السياسية، فإما أن تتعامل مع اليمين المتطرف، لأنك بحاجة إليهم، أو أن تقول بوضوح أنه لا يوجد اتفاق ممكن لأنهم لا يحترمون الحقوق الأساسية (التي) ناضلت مفوضيتنا من أجلها".

قيود على تيك توك

 وسئلت فون ديرلاين أيضاً عن القانون الذي تم سنه في الولايات المتحدة، ويفرض على منصة تيك توك قطع كل الصلات مع الصين إذا كانت لا تريد أن يتم حظرها. ولم تستبعد رئيسة المفوضية الأوروبية فرض قيود مماثلة على المنصة في الاتحاد الأوروبي.

وشددت على أن "المفوضية كانت أول مؤسسة في العالم تحظر تطبيق تيك توك على أجهزتنا الهاتفية، ونحن نعلم جيدًا الخطر الذي يمثله تيك توك، وقد بذلنا الكثير من أجل تنظيمه". وتخضع المنصة فعلًا لتحقيقين في الاتحاد الأوروبي.

اعلانمن الفائز؟

كان الفائزان الواضحان في هذه الليلة هما أورسولا فون دير لاين، التي استخدمت بلاغتها ورصانتها للرد على اتهامات اليمين واليسار، وباس إيكهوت، الذي أثبت أنه مقاتل ومقنع بحججه المضادة اللاذعة.

على النقيض من ذلك، تعرض أندرس فيستيسن لسيل من الانتقادات بسبب إشاراته المتكررة إلى الدنمارك، بلده الأم، مما دفع إيكهوت إلى الإشارة إلى أن "هذا نقاش أوروبي".

أما ماري-أغنيس شتراك-تسيمرمان، فقد فشلت في أدائها الذي بدا مكتوبًا بشكل متصلب جعلها تبدو تائهة، وفي إحدى المراحل، هاجمت المجر بسبب "إيقافها كل شيء في البرلمان الأوروبي"، في حين أن حق النقض لا يمارس في الواقع إلا في مجلس الاتحاد الأوروبي، حيث تجتمع الدول الأعضاء.

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية عالم صيني كان أول من نشر تسلسل فيروس كوفيد-19 يحتج بعد طرده من مختبره احتجاجات مناهضة للسياسات الاقتصادية في الأرجنتين "جو الجزار.. أسلافك يتبرأون منك".. هكذا خاطبت نائبة أوروبية من إيرلندا الرئيس الأمريكي لدعمه إسرائيل مناظرة انتخابية أورسولا فون دير لايين رئيس الاتحاد الأوروبي أوروبا اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. العدل الدولية تحسم دعوى نيكاراغوا ضد ألمانيا بقضية تسليح إبادة غزة: لا نستطيع فرض تدابير مؤقتة يعرض الآن Next مباشر. الحرب على غزة| 10 آلاف جثة تحت الأنقاض في غزة وحماس تجهز ردّها على مقترح الهدنة يعرض الآن Next أعضاء بالكونغرس الأمريكي "يحذرون" المحكمة الجنائية الدولية من توجيه اتهامات لمسؤولين إسرائيليين يعرض الآن Next الاحتجاجات تتصاعد ضد الحرب في غزة.. عشرات الطلبة يتحصنون في قاعة هاملتون بجامعة كولومبيا يعرض الآن Next تعرف على قائمة الطعام في أكبر مطعم على وجه الأرض ستحتضنه باريس خلال الألعاب الأولمبية اعلانالاكثر قراءة "عار عليكم".. مظاهرة داعمة لغزة أمام حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض الذي حضره بايدن طلاب السوربون يقيمون اعتصاماً مفتوحاً تضامناً مع غزة ويغلقون أبواب الجامعة الفرنسية العريقة قلق في إسرائيل من مذكرات اعتقال قد تصدرها المحكمة الجنائية الدولية في حق سياسيين إسرائيليين حرب غزة: قصف مستمر وتهديدات متبادلة بإسقاط الحكومة بين غانتس وسموتريتش بسبب المقترح المصري الآلاف يحتجون في جورجيا ضد "القانون الروسي" المثير للجدل

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة حركة حماس إسرائيل فرنسا غزة فلسطين بنيامين نتنياهو احتجاجات روسيا طوفان الأقصى Themes My EuropeالعالمBusinessالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةسفرثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: العربية قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس فرنسا غزة العربية قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس فرنسا غزة مناظرة انتخابية رئيس الاتحاد الأوروبي أوروبا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة حركة حماس إسرائيل فرنسا غزة فلسطين بنيامين نتنياهو احتجاجات روسيا طوفان الأقصى السياسة الأوروبية العربية الاتحاد الأوروبی أورسولا فون دیر فون دیر لاین یعرض الآن Next فون دیرلاین تیک توک من أجل فی غزة

إقرأ أيضاً:

الحرب المفروضة على إيران.. نقلة إستراتيجية في مواجهة إسرائيل

استفاق الإيرانيون صباح 13 يونيو/حزيران 2025 على صدمة غير مسبوقة في تاريخ بلادهم الحديث: إسرائيل تشن هجوما عسكريا مباشرا على الأراضي الإيرانية، وتنجح في اغتيال عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين.

لم يكن الهجوم خاطفا فحسب، بل امتد إلى عمليات تخريب داخلية، ومحاولات تأليب الشارع الإيراني على النظام. ومع ذلك، فإن إيران -التي لم تخض حربا شاملة منذ انتهاء حربها مع العراق عام 1988- لم تستسلم للصورة الأولية للضربة، بل تحوّلت سريعا من حالة دفاعية إلى مرحلة جديدة من الردع الإستراتيجي، فرضت فيها قواعد جديدة للمواجهة مع إسرائيل، غيّرت بدورها موازين القوى في المنطقة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام" تبحث الصحافة الاستقصائية والبحث العلميlist 2 of 2من الانقلاب إلى إلغاء الأحزاب.. السياسة في أفريقيا إلى أين؟end of list

ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "كيف أحدثت الحرب المفروضة على إيران نقلة إستراتيجية أمام إسرائيل؟" للباحث حسن أحمديان، حاول فيها الوقوف عند تحديات الحرب، والخيارات التي واجهت طهران، والاحتمالات المستقبلية بعد وضع الحرب أوزارها.

صدمة البداية وتعدد الأبعاد

الهجوم الإسرائيلي لم يكن عسكريا تقليديا فحسب؛ فإلى جانب الصواريخ والطائرات المسيّرة التي استهدفت منشآت حيوية في إيران، تم تنفيذ عمليات تخريب عبر مسيّرات تم تجميعها محليا، وفتح جبهات داخلية بمساعدة جماعات معارضة مثل "مجاهدي خلق". حاولت تل أبيب إحداث فوضى شاملة داخل إيران على أمل تقويض النظام من الداخل.

لكن ما لم تحسبه إسرائيل جيدا هو استعادة طهران، وبسرعة لافتة، زمام القيادة والسيطرة. جاء الرد الأولي مساء اليوم نفسه بإطلاق صواريخ دقيقة استهدفت تل أبيب وحيفا، في عملية أطلق عليها "الوعد الصادق 3″. بذلك، خرجت إيران من حالة الصدمة إلى توازن تكتيكي أولي، ثم إلى إعادة تشكيل إستراتيجيتها بالكامل.

فُرضت الحرب على إيران بأبعاد ثلاثة تخللها سوء تقديرات إسرائيلية أسهمت في تدارك إيران الوضع:

البعد العسكري: باستهداف القيادات والمنظومات والأهداف العسكرية ومنظومة القيادة والسيطرة داخل إيران وهو ما استمر دون انقطاع رغم تراجع الإنجازات الإسرائيلية مع مضي الأيام الأولی من الحرب، وانتقال إيران من خانة رد الفعل إلی الفعل. البعد التخريبي: باستخدام سلاح خفيف ومسيّرات استهدفت شخصيات عسكرية ونووية ومضادات جوية، واستمرت في إشغال منظومات الدفاع الجوي في الأيام التالية. واستطاعت طهران تحييد الكثير من تلك القدرات طيلة الأسبوع الأول من الحرب. بعد محاولة إسقاط النظام: کان الأمل في إثارة بلبلة في الشارع الإيراني وتحريكه لمواجهة النظام وضرب التماسك الاجتماعي، إلا أن التماسك الداخلي والالتفاف حول العَلَم بدا واضحا منذ اليوم الأول وازداد مع استمرار الحرب. إعلان من "ضبط النفس" إلى "التناسب الإستراتيجي"

على مدى سنوات، اتبعت إيران سياسة "ضبط النفس" في مواجهاتها مع إسرائيل حتى في ظل ضربات موجعة طالت مصالحها وحلفاءها في المنطقة. لكن العدوان الإسرائيلي في يونيو/حزيران 2025 أجبر طهران على التخلي عن هذا النهج، والانتقال إلى ما وصفه الخبراء بـ"التناسب الإستراتيجي"، أي الرد بالمثل على الضربات من حيث الأهمية والتأثير الإستراتيجي.

استهدفت الصواريخ الإيرانية في الأيام التالية منشآت حساسة في إسرائيل، بما في ذلك مصفاة حيفا ومواقع استخباراتية تابعة للموساد، إضافة إلى مراكز أبحاث متقدمة مثل معهد وايزمان. وكان هذا التحول يعني أن إيران لم تعد تضع سقفا لتصعيدها، بل تركت لتل أبيب وواشنطن مسؤولية تحديد حجم المواجهة، مع احتفاظ طهران بحق الرد الكامل.

رد أميركي محسوب ورسالة سياسية

في 22 يونيو/حزيران الماضي، دخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة بشن ضربة محدودة استهدفت 3 مواقع نووية إيرانية. ورغم التهويل الإعلامي المصاحب للهجوم، فإن ما كُشف عنه لاحقا أن الضربة كانت منسقة مسبقا، وأُبلغت طهران بها، مما أتاح إخلاء المواقع وتقليل الأضرار.

فهمت طهران الرسالة: لا رغبة أميركية في حرب شاملة. وظهر ذلك جليا في ردها، الذي لم يستهدف القواعد الأميركية في المنطقة مباشرة، بل نفّذت هجوما صاروخيا جديدا ضد أهداف إسرائيلية، واستخدمت صاروخ "كاسر خيبر" البعيد المدى لتوجيه ضربة رمزية إلى حيفا.

بهذه المعادلة، أصبح واضحا أن المواجهة محصورة إسرائيليا إيرانيا، وأن واشنطن لن تنجر إلى معركة شاملة رغم دعمها السياسي والعسكري لتل أبيب.

أدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن واشنطن لن تحارب عنه، وأنه أمام خيارين:

الاستمرار في ضرب طهران وتلقي ردودها المتناسبة مع ضرباته. التراجع دون تحقيق أهداف حربه وقبول وقف إطلاق نار مع عدوه اللدود.

ومساء رد طهران العسكري على واشنطن واتضاح التموضع الأميركي، قررت الحكومة المصغرة لنتنياهو قبول وقف لإطلاق النار. وظهرت الموازنة الجديدة بين إيران وإسرائيل القائمة علی موازنة التهديد.

حديث المكاسب

كانت الصورة السائدة عن إيران في الدول الغربية والمنطقة قبل بدء الحرب الإسرائيلية توحي بضعف إيران وحلفائها. تغيرت تلك الصورة نتيجة 3 تطورات:

أولا: انتقلت طهران من "ضبط النفس" إلی "التناسب الإستراتيجي"، مما ترك رسم حدود المواجهة لإسرائيل والولايات المتحدة. وكانت الضربات الإيرانية تنتقي الأهداف المتناسبة مع تلك التي تستهدفها إسرائيل في إيران. تلك معادلة لم تكن قائمة قبل الحرب وفرض موازنة تهديد أجبرت إسرائيل علی القبول بوقف إطلاق النار دون تحقيق أهدافها المرجوة، وبموقف إستراتيجي أمام إيران أدنی مما كانت عليه قبل بدئها الحرب.

ثانيا: بإظهار إيران القوة والدقة في استهدافاتها للأهداف المنتقاة في إسرائيل، تراجع خطاب وسياسة واشنطن في معاداة طهران ومطالبتها بالاستسلام غير المشروط. وبنأي ترامب الولايات المتحدة عن الحرب بين الجانبين إلا بشكل غير مباشر، اتضح أن علی إسرائيل تحمل أعباء المواجهة بمفردها والأمل بتغيير موازنة التهديد مع إيران أو القبول بوقف إطلاق نار.

إعلان

ثالثا: ومع تحقيق توازن التهديد ونأي واشنطن بنفسها، بدت طهران أكثر ميلا لجرّ إسرائيل لحرب استنزاف مؤلمة بدت واضحة في ضرباتها الأخيرة علی حيفا وتل أبيب وبئر السبع بصواريخ أقل عددا وأكثر فتكا.

إيرانيا، لم تكن الحرب في هذه المرحلة خيارا لو لم تُجبَر طهران علی خوضها. أتت الحرب علی إيران بالكثير من الأثقال؛ فقد خسرت عددا مهما من قادتها العسكريين وعلمائها النوويين، كما راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين. كما خسرت طهران جزءًا مهما من قدراتها الدفاعية إثر استهدافات إسرائيلية أو عمليات تخريب داخلية.

رغم التكاليف الباهظة التي دفعتها إيران، فإن الحرب جلبت لها مكاسب إستراتيجية مهمة يمكن تلخيصها في التالي:

تعزيز الردع الهجومي: أظهرت طهران دقة وقدرة صاروخية عالية، أجبرت إسرائيل على التراجع، وقبول وقف إطلاق النار بشروط لم تكن في مصلحتها. تحسين الوضع التفاوضي النووي: فشلت الضربات في إيقاف البرنامج النووي الإيراني، مما يمنح طهران أوراق قوة إضافية على طاولة التفاوض مع القوى الغربية. توحيد الصف الداخلي: ظهر الالتفاف الشعبي حول القيادة بوضوح، مما يمنح النظام دعما سياسيا نادرا أمام أي تسويات مستقبلية. اكتساب خبرة قتالية جديدة: خاضت إيران معركة ذات طابع تكنولوجي معقّد ضد خصم عالي التسليح، مما وفر لها خبرة عسكرية نوعية. الصمود الإستراتيجي: رغم كل الخسائر، لم تنهَر منظومات القوة الأساسية في إيران: الصواريخ، والبرنامج النووي، وشبكة الردع الإقليمية. ما بعد الحرب.. الطريق السياسي

المرحلة القادمة ستكون حاسمة لإيران. فهي مطالبة بترجمة المكاسب العسكرية إلى إنجازات سياسية، سواء في مفاوضات الملف النووي، أو في تعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية. بالمقابل، من المرجح أن تحاول إسرائيل عرقلة هذه الخطوات عبر الدبلوماسية، أو من خلال خروقات محتملة لوقف إطلاق النار، مما سيُبقي احتمالات التصعيد قائمة.

في هذا السياق، تبدو إستراتيجية "التناسب الإستراتيجي" التي أرستها طهران باقية كأداة ردع جديدة، تضع حدودا واضحة لأي عدوان عليها، وتُعيد رسم العلاقة مع إسرائيل، ليس فقط في ميدان المعركة، بل على مستوى معادلات الأمن الإقليمي برمته.

مقالات مشابهة

  • فاينانشيال تايمز: الاتحاد الأوروبي يُخزّن معادن أساسية لمواجهة خطر الحرب
  • الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات ضد إسرائيل بسبب عملياتها العسكرية في غزة
  • مصادر: مجتبى خامنئي أبرز المرشحين لخلافة والده.. وتصويت داخلي يعزز فرص خلافته
  • كالكاليست: الحرب دمّرت فرص العمل في شمال إسرائيل
  • فزغلياد: لماذا تَجدد الحربِ بين إسرائيل وإيران لا مفر منه؟
  • هل بدأت المرحلة الأخطر بين إسرائيل وإيران؟
  • زيلينسكي: لا أحد يستطيع إيقاف انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي
  • الحرب المفروضة على إيران.. نقلة إستراتيجية في مواجهة إسرائيل
  • مختص بالشؤون الإيرانية: الحرب مع إسرائيل لم تنتهِ وطهران ستستخدم أسلحة جديدة
  • إسرائيل: جادون في التوصل إلى اتفاق مع حماس لوقف الحرب وإعادة المحتجزين