في أعقاب ارتفاع التضخم الذي شهدناه في السنوات الأخيرة، يشهد المشهد الاقتصادي في الولايات المتحدة تحولا زلزاليا، وهو تحول يتسم بتصاعد الأسعار وتضاؤل القوة الشرائية للملايين من الأمريكيين.

على الرغم من تأكيدات إدارة بايدن باتخاذ إجراءات سريعة وتنفيذ سياسات فعالة، فإن الواقع على الأرض يرسم صورة قاتمة للضائقة الاقتصادية وعدم اليقين….

من ممرات محلات البقالة إلى فواتير الطاقة الشهرية، تستمر تكاليف المعيشة في الارتفاع، مما يترك الأسر تكافح لتغطية نفقاتها ويلقي بظلال من الشك على قدرة الحكومة على معالجة هذه القضية الملحة بشكل فعال.

بعد أن كان مصدر قلق يمكن التحكم فيه، خرج التضخم عن نطاق السيطرة منذ جائحة كوفيد-19، ليصل إلى مستويات لم نشهدها منذ عقود. ..


بلغ متوسط التضخم السنوي في الولايات المتحدة أكثر من 5% منذ عام 2021، وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار المستهلك مرة أخرى، حيث قفزت بنسبة 3.5% خلال أثني عشر شهرا المنتهية في مارس الماضي، كما تشير أحدث أرقام مؤشر أسعار المستهلك.
وأصبحت الضروريات الأساسية مثل الغذاء والمأوى بعيدة عن متناول الكثيرين على نحو متزايد، مما أدى إلى تفاقم الصعوبات المالية واتساع الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون!!

ولعل تأثير التضخم يتجلى بشكل أكثر حدة في أسعار محلات البقالة، مع ارتفاع تكلفة المواد الغذائية الأساسية إلى عنان السماء، الأمر الذي يفرض ضغطاً هائلاً على ميزانيات الأسر.

تجد العائلات في جميع أنحاء البلاد نفسها تكافح مع الواقع القاسي المتمثل في الاختيار بين وضع الطعام على الطاولة والوفاء بالالتزامات المالية الأخرى، وقد أثر ارتفاع تكلفة الغذاء بشكل غير متناسب على الأسر ذات الدخل المنخفض، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي ودفع السكان الضعفاء إلى مزيد من الفقر.

لكن عبء التضخم يمتد إلى ما هو أبعد من متجر البقالة…..

كما ارتفعت تكلفة الطاقة، من البنزين إلى الكهرباء، مما زاد من الضغط على الميزانيات المنهكة بالفعل وتفاقم الضغوط المالية على الأسر، ومع ارتفاع أسعار الغاز وارتفاع فواتير الخدمات العامة، أصبحت قدرة الأسر العاملة والأفراد على تغطية نفقاتهم محفوفة بالمخاطر على نحو متزايد، فقد أصبح التنقل إلى العمل باهظ التكلفة، في حين أصبحت تدفئة وتبريد المنازل ترفاً لم يعد الكثيرون قادرين على تحمل تكاليفه.

وعلى الرغم من التأكيدات على الحكم الفعال والالتزام بمعالجة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، فإن استجابة إدارة بايدن لأزمة التضخم كانت غير كافية على الإطلاق.

وعلى الرغم من وعود الحملات الانتخابية بمعالجة التضخم بشكل مباشر وتقديم الإغاثة للأمريكيين المتعثرين، فقد فشل البيت الأبيض في تنفيذ تدابير فعالة لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة، وبدلاً من سياسات تهدف إلى كبح جماح التضخم وتخفيف العبء المالي على الأسر، تبنى البيت الأبيض مبادرات إنفاق متهورة لم تؤد إلا إلى تفاقم المشكلة.

ولم تساهم أجندة إعادة البناء بشكل أفضل، التي توصف بأنها حل للمشاكل الاقتصادية التي تواجهها واشنطن، إلا في زيادة الضغوط التضخمية، وزيادة الإنفاق الحكومي بسرعة وزيادة التوقعات التضخمية، وفي حين تعد باستثمارات تشتد الحاجة إليها في البنية التحتية المتداعية في البلاد، فإن الحزمة الضخمة تأتي بتكلفة باهظة لدافعي الضرائب.

وبدلاً من معالجة الاحتياجات الفورية للأمريكيين، أعطت الإدارة الأولوية للأجندات الحزبية على الحلول العملية، تاركة الملايين يعانون من العواقب.

علاوة على ذلك، لم تسفر السياسات النقدية التي انتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي إلا عن تفاقم المشكلة، حيث أدت السياسة النقدية المتساهلة إلى تغذية الضغوط التضخمية وتآكل القوة الشرائية للمواطنين، وبالرغم من تحذيرات الاقتصاديين وصناع السياسات، ظل بنك الاحتياطي الفيدرالي ثابتا على التزامه بالحفاظ على السياسات التيسيرية، الأمر الذي أدى إلى زيادة المخاوف التضخمية وتقويض الثقة في الاقتصاد.

فالحلم الأميركي، الذي كان ذات يوم منارة للأمل والفرص، أصبح الآن مهدداً بالواقع القاسي المتمثل في التضخم…

أصبح حلم ملكية المنزل والاستقرار المالي بعيد المنال بشكل متزايد بالنسبة للمهنيين الشباب الذين يسعون جاهدين لصياغة مستقبل لأنفسهم ولأسرهم، إن ارتفاع تكاليف المعيشة، الذي اتسم بارتفاع أسعار الإيجارات وركود الأجور، ترك الكثيرين يكافحون في اقتصاد يبدو أنه مُكدس ضدهم!!!

ومن الواضح أن "التضخم" برز باعتباره قضية محددة يمكن أن تشكل نتيجة انتخابات هذا العام، ووفقا لآخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال في الولايات المتأرجحة، يعتقد 74 % من المشاركين أن التضخم تحرك في الاتجاه الخاطئ خلال العام الماضي، ويتردد صدى هذا الشعور في جميع أنحاء البلاد، حيث تكافح العائلات مع الضغط المستمر على ميزانياتها…

وتتساءل عما إذا كان قادتها المنتخبون يفهمون حقًا التحديات التي يواجهونها؟؟

لقد أصبح التضخم أكثر من مجرد قضية سياسية؛ إنه تهديد ملموس لتطلعات وسبل عيش الملايين.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

الإحصاء: انخفاض معدل التضخم الشهري 0.8% لشهر مايو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اليوم، عن انه بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية (221.8) نقطة لشهر مايو 2024، مسجلاً بذلك انخفاضاً قدره (-0.8%) عن شهر ابريل 2024.

واوضح الجهاز انه ترجع أهم أسباب هذا الانخفاض إلى انخفاض أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (-2.5%)، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة  (-4.6%)، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (-0.7%)، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة (-3.9%)، مجموعة الزيوت والدهون بنسبة (-3.0%)، مجموعة الخضروات بنسبة (-8.7%)، مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة (-0.6%)، مجموعة منتجات غذائية أخرى بنسبة (-1.7%)، مجموعة الاثاث والتجهيزات والسجاد واغطية الارضيات الأخرى بنسبة (0.2%).

هذا بالرغم من ارتفاع أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة (12.4%)، مجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة (0.8%)، مجموعة الاقمشة بنسبة (1.7%)، مجموعة الملابس الجاهزة بنسبة (1.7%)، مجموعة الاحذية بنسبة (1.7%)، مجموعة الايجار الفعلي للمسكن بنسبة (0.8%)، مجموعة الدخان بنسبة (0.3%)، مجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة (0.6%).
كما سجل معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية (27.4%) لشهر مايو 2024 مقابل (33.7%) لنفس الشهـر من العام السابق.
 واشار الجهاز الي معدل التضخم الشهــرى لشهــر مايو 2024 مقارنة بشهـر ابريل 2024، حيث سجل قسم الطعام والمشروبات انخفاضاً قدره (-3.1%) وتأتى التغييرات نتيجة: انخفاض أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة(-2.5%)، انخفاض أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة (-4.6%)، انخفاض أسعار مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (-0.7%)، انخفاض أسعار مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة (-3.9%)، انخفاض أسعار مجموعة الزيوت والدهون بنسبة (-3.0%)، انخفاض أسعار مجموعة الخضروات بنسبة  (-8.7%)، انخفاض أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة (-0.6%)، انخفاض أسعار مجموعة منتجات غذائية أخرى بنسبة (-1.7%)، 
وبالرغم من ارتفاع أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة (12.4%)، ارتفاع أسعار مجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة (0.8%) ارتفاع أسعار مجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة (4.4%).

مقالات مشابهة

  • أسعار صرف الدولار الأمريكي فى التعاملات المسائية
  • أسعار صرف الدولار في منتصف تعاملات اليوم
  • الذهب يتراجع بانتظار قرار الفيدرالي وبيانات التضخم الأمريكية
  • انخفاض أسعار الذهب وسط ترقب بيانات التضخم واجتماع الاحتياطي الأمريكي
  • تراجع أسعار النفط مع انتظار بيانات التضخم الأمريكي
  • على أساس سنوي.. ما نسبة ارتفاع أسعار الأغذية في مصر؟
  • مصر تكشف نسبة ارتفاع أسعار الأغذية على أساس سنوي
  • مصر تكشف نسبة ارتفاع الأسعار على أساس سنوي
  • الإحصاء: انخفاض معدل التضخم الشهري 0.8% لشهر مايو
  • ارتفاع أسعار أضاحي العيد يدفع أهالي عدن إلى “أضاحي أبو ريش”