أحمد ياسر يكتب: التضخم يواجه أسطورة الحلم الأمريكي
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
في أعقاب ارتفاع التضخم الذي شهدناه في السنوات الأخيرة، يشهد المشهد الاقتصادي في الولايات المتحدة تحولا زلزاليا، وهو تحول يتسم بتصاعد الأسعار وتضاؤل القوة الشرائية للملايين من الأمريكيين.
على الرغم من تأكيدات إدارة بايدن باتخاذ إجراءات سريعة وتنفيذ سياسات فعالة، فإن الواقع على الأرض يرسم صورة قاتمة للضائقة الاقتصادية وعدم اليقين….
من ممرات محلات البقالة إلى فواتير الطاقة الشهرية، تستمر تكاليف المعيشة في الارتفاع، مما يترك الأسر تكافح لتغطية نفقاتها ويلقي بظلال من الشك على قدرة الحكومة على معالجة هذه القضية الملحة بشكل فعال.
بعد أن كان مصدر قلق يمكن التحكم فيه، خرج التضخم عن نطاق السيطرة منذ جائحة كوفيد-19، ليصل إلى مستويات لم نشهدها منذ عقود. ..
بلغ متوسط التضخم السنوي في الولايات المتحدة أكثر من 5% منذ عام 2021، وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار المستهلك مرة أخرى، حيث قفزت بنسبة 3.5% خلال أثني عشر شهرا المنتهية في مارس الماضي، كما تشير أحدث أرقام مؤشر أسعار المستهلك.
وأصبحت الضروريات الأساسية مثل الغذاء والمأوى بعيدة عن متناول الكثيرين على نحو متزايد، مما أدى إلى تفاقم الصعوبات المالية واتساع الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون!!
ولعل تأثير التضخم يتجلى بشكل أكثر حدة في أسعار محلات البقالة، مع ارتفاع تكلفة المواد الغذائية الأساسية إلى عنان السماء، الأمر الذي يفرض ضغطاً هائلاً على ميزانيات الأسر.
تجد العائلات في جميع أنحاء البلاد نفسها تكافح مع الواقع القاسي المتمثل في الاختيار بين وضع الطعام على الطاولة والوفاء بالالتزامات المالية الأخرى، وقد أثر ارتفاع تكلفة الغذاء بشكل غير متناسب على الأسر ذات الدخل المنخفض، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي ودفع السكان الضعفاء إلى مزيد من الفقر.
لكن عبء التضخم يمتد إلى ما هو أبعد من متجر البقالة…..
كما ارتفعت تكلفة الطاقة، من البنزين إلى الكهرباء، مما زاد من الضغط على الميزانيات المنهكة بالفعل وتفاقم الضغوط المالية على الأسر، ومع ارتفاع أسعار الغاز وارتفاع فواتير الخدمات العامة، أصبحت قدرة الأسر العاملة والأفراد على تغطية نفقاتهم محفوفة بالمخاطر على نحو متزايد، فقد أصبح التنقل إلى العمل باهظ التكلفة، في حين أصبحت تدفئة وتبريد المنازل ترفاً لم يعد الكثيرون قادرين على تحمل تكاليفه.
وعلى الرغم من التأكيدات على الحكم الفعال والالتزام بمعالجة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، فإن استجابة إدارة بايدن لأزمة التضخم كانت غير كافية على الإطلاق.
وعلى الرغم من وعود الحملات الانتخابية بمعالجة التضخم بشكل مباشر وتقديم الإغاثة للأمريكيين المتعثرين، فقد فشل البيت الأبيض في تنفيذ تدابير فعالة لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة، وبدلاً من سياسات تهدف إلى كبح جماح التضخم وتخفيف العبء المالي على الأسر، تبنى البيت الأبيض مبادرات إنفاق متهورة لم تؤد إلا إلى تفاقم المشكلة.
ولم تساهم أجندة إعادة البناء بشكل أفضل، التي توصف بأنها حل للمشاكل الاقتصادية التي تواجهها واشنطن، إلا في زيادة الضغوط التضخمية، وزيادة الإنفاق الحكومي بسرعة وزيادة التوقعات التضخمية، وفي حين تعد باستثمارات تشتد الحاجة إليها في البنية التحتية المتداعية في البلاد، فإن الحزمة الضخمة تأتي بتكلفة باهظة لدافعي الضرائب.
وبدلاً من معالجة الاحتياجات الفورية للأمريكيين، أعطت الإدارة الأولوية للأجندات الحزبية على الحلول العملية، تاركة الملايين يعانون من العواقب.
علاوة على ذلك، لم تسفر السياسات النقدية التي انتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي إلا عن تفاقم المشكلة، حيث أدت السياسة النقدية المتساهلة إلى تغذية الضغوط التضخمية وتآكل القوة الشرائية للمواطنين، وبالرغم من تحذيرات الاقتصاديين وصناع السياسات، ظل بنك الاحتياطي الفيدرالي ثابتا على التزامه بالحفاظ على السياسات التيسيرية، الأمر الذي أدى إلى زيادة المخاوف التضخمية وتقويض الثقة في الاقتصاد.
فالحلم الأميركي، الذي كان ذات يوم منارة للأمل والفرص، أصبح الآن مهدداً بالواقع القاسي المتمثل في التضخم…
أصبح حلم ملكية المنزل والاستقرار المالي بعيد المنال بشكل متزايد بالنسبة للمهنيين الشباب الذين يسعون جاهدين لصياغة مستقبل لأنفسهم ولأسرهم، إن ارتفاع تكاليف المعيشة، الذي اتسم بارتفاع أسعار الإيجارات وركود الأجور، ترك الكثيرين يكافحون في اقتصاد يبدو أنه مُكدس ضدهم!!!
ومن الواضح أن "التضخم" برز باعتباره قضية محددة يمكن أن تشكل نتيجة انتخابات هذا العام، ووفقا لآخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال في الولايات المتأرجحة، يعتقد 74 % من المشاركين أن التضخم تحرك في الاتجاه الخاطئ خلال العام الماضي، ويتردد صدى هذا الشعور في جميع أنحاء البلاد، حيث تكافح العائلات مع الضغط المستمر على ميزانياتها…
وتتساءل عما إذا كان قادتها المنتخبون يفهمون حقًا التحديات التي يواجهونها؟؟
لقد أصبح التضخم أكثر من مجرد قضية سياسية؛ إنه تهديد ملموس لتطلعات وسبل عيش الملايين.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (الحواشي…)
قلنا إن الغرب هو المتحف الأعظم للعقل المختلط،
والجيفة لا تنتظر من يشير إليها… الجيفة تعلن عن نفسها.
وأهل العقل المختلط يخاطبون الحواس الخمسة.
أول القرن، الكتابات الأعظم هي (يوليسيز)،
وهي الأعظم لأنها ترسم.
وجيمس جويس ينجح لأنه في جملة واحدة يرسم صوت القطار ورائحة القهوة وصراخ عجوز يتبول وتاريخ داخل كتاب لن يقرأه أحد… ونفس بيكاسو، واللحمة في سوق تنبول،
والألغام التي أغرقت سفن فرنسا في البسفور،
وصبي فورستر الذي يُقتل وهو يقرع الطبل وسط المعركة… و…
وعند أهل الطب وصف يشبه ذلك،
فالأطباء يسوقون العيون إلى الفتاة هذه،
والفتاة هذه التي تنظر إليك بأجفان ثقيلة وخدود متوردة، وشفاه ممتلئة، وبين الشفتين انفراجة صغيرة، كأنها ابتسامة ناقصة… الفتاة هذه التي تبدو مثيرة هي في الحقيقة ـ بالمواصفات هذه ـ هي فتاة تكامل فيها مرض السل.
الجمال في العالم الغربي هو هذا.
والفن الحديث… الخلط، الخلط… هو نسخة أخرى ترسم النفوس.
الأغاني… السينما… و… هي نسخة ترسم العالم الذي هو نوع من القيء.
الكتابات، ما يشتهر منها منذ ربع قرن، هي كتابات أمريكا الجنوبية،
والكتابات هذه تشتهر لأنها تُكتب بالكوريق،
وهي خلط بين: العسكر + السحر + الاضطهاد + الهلوسة + الجنس الذي يصبح نوعًا من الموت… ومن يضاجع فتاة يجد أنه يضاجع جثة ميتة من يومين + … + … + …
وفي السياسة، ما تحمله الأخبار معروف.
ثم حرب على امتداد العالم بين الإسلام والأديان،
والحرب هذه فيها كل عفونات الأرض.
وبعض ما يقولونه عن الكبار الآن أنهم يقولون:
:: هل لاحظتم أن كبار الساسة يظل كل واحد منهم متورد الخدود والعنق؟
قالوا: ما يحدث هو أن الطب يستخرج الآن عصيرًا من الأطفال الذين يولدون حديثًا… (ويشرحون كيف يحدث هذا)، وأن الشيوخ هؤلاء تُجرى معالجتهم بالعصير هذا…
تخريف؟
لا… فالعالم الآن يتجاوز كل ما يعرفه الشيطان…
أما نحن، فالصورة تلك التي نقلتها الكاميرا في حرب رواندا تكفي.
وفي حرب رواندا، الكاميرا تسجل مشهدًا عجيبًا.
وفي المشهد، أحد الهوتو يحمل ساطورًا وحوله آخرون،
وصف من التوتسي يقفون للذبح،
وهم يتقدمون واحدًا واحدًا،
وواحد من هؤلاء، لما كان يمشي ليُذبح، كان يحمل عمامته ـ كأنه سوداني ـ في يده…
والحديث هذا، عن الكتابة والحرب والزمن والجنون والقهوة والرسم والسحر، هو جزء من لوحة الجنون هذه.
كيف ينجو السودان من الجنون هذا؟
عندنا الإسلام والسلاح… الإسلام الذي يجب أن يعرفه العالم…
العالم الذي إن تركناه لم يتركنا…
قاتلوا.
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب