محمد الفريدي
أنا وأعوذ بالله من هذه الكلمة، أهتم بقراءة تجارب الدول الناجحة في جميع أنحاء العالم دون استثناء، وكذلك أسلِّط الضوء على أفعال بعض الأشخاص الذين لا يمتلكون المعايير العلمية والرصانة لشغل المناصب المهمة، فبعض الأشخاص يفتقرون إلى التفكير العميق والمهارات اللازمة في إدارة المفاوضات بنجاح، وكذلك عدم القدرة على التحدث بفن مع المراسلين في المقابلات الصحفية والتلفزيونية.
كان عميد دبلوماسية العالم الدبلوماسي السعودي الشهير الأمير سعود الفيصل- رحمه الله- وزير خارجيتنا الذي فقدناه وتلميذه النجيب ورفيق دربه معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير- أمد الله في عمره – مدارس مستقلة لن تكرر في إدارة التفاوض، والتحدث مع الصحافيين والإعلاميين والمراسلين العرب والأجانب، وشهد لهما الجميع.
تعتمد المهارات الناجحة في التفاوض على قدرة المفاوض على المناورة، الهدوء واستخدام الابتسامة في موضعها الصحيح، هذه الصفات سر نجاح معظم الدبلوماسيين في العالم لتحقيق المكاسب بغضّ النظر عن نوعها، والمفاوض المبتسم يحسم الأمور دائما لصالحه وصالح بلاده قبل بدء المفاوضات، ويحصل على أكبر قدر من المكتسبات، إذا استطاع قراءة أفكار المفاوض الآخر، ويجيد مهارات الحديث والاستماع، ويثق في نفسه، وصبوراً ومحترماً في جميع مراحل التفاوض.
يا ليتنا نستنسخ شخصيات دبلوماسية كهاتين الشخصيتين من خلال إنشاء مراكز لتدريب المفاوضين والقناصل تشرف عليها من الألف إلى الياء وزارة الخارجية لوحدها، وتهيئ الأجواء المناسبة التي تحاكي الواقع الدبلوماسي للمتدربين أثناء التدريب، لنحصل في نهاية البرنامج على مفاوضين وقناصل كالإسفنج يمتصون أصعب الأزمات وهم مبتسمون، ويحمون سيادة الوطن من أن تنتهك، ولا يظهرون سياستنا بمظهر الضعف والفشل.
أن تطوير آلية اختيار الكفاءات الدبلوماسية مهم لصناعة المستقبل، ومنع وصول أشخاص غير مؤهلين تأهيلاً جيداً لشغل مناصب دبلوماسية، والقضاء على المحسوبيات والمجاملات الشخصية التي تؤثر على سمعة بلادنا وعلاقاتها الخارجية، والمجازفة بمستقبل الوطن، و كل دبلوماسي يتعامل بفن واحترافية مع الكاميرات والصحافيين والإعلاميين من الأجانب والعرب، ومع شتّى أنواع القضايا الأمنية و الدولية المعقدة، ونستفيد من الدروس المستفادة، ومن تجارب الدول الأخرى، ونتبنى أفضل الممارسات والإستراتيجيات التي أثبتت فعاليتها في تعزيز مصالحنا الوطنية، ونستفيد كذلك من مراكز الدراسات والبحوث غير الحكومية وتوصياتها التي تقوم على الأدلة القوية والتحليلات العميقة والفكر الاستراتيجي والمنطق كبقية الدول الأخرى لنحافظ على علاقاتنا الدولية وصورتنا في الداخل والخارج ناصعة نقية.
الدبلوماسية والسياسة الخارجية عنصران حاسمان في تعزيز العلاقات بين الدول وتحقيق المصالح الوطنية العليا، والأشخاص المكلفون بهذه المهمة يجب أن يكونوا مؤهلين، ومن ذوي الخبرة والكفاءة العالية، لتحمل مثل هذه المسؤوليات الجسيمة، والتعامل بفن مع جميع الأحداث الطارئة.
إن تطوير مهارات المفاوضين والقناصل وحسهم الأمني، يتطلب جهودًا متواصلة واستثمارًا في التدريب والتعليم، وإنشاء مراكز تدريب متخصصة لتطوير مهاراتهم، وتنمية مداركهم في القضايا الدولية والأمنية، والتعامل مع البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية، والتحديات العالمية، والمتغيرات في الظروف الصعبة، وإتاحة الفرصة لمنسوبي السلك الدبلوماسي من ذوي الشغف والاهتمام والقدرة الفائقة على صناعة التغيير الإيجابي في كل وقت وفي كل مرحلة للالتحاق فقط بهذه المراكز المتخصصة.
والاستفادة من معالي الوزير عادل الجبير كمحاضر ومدرب في هذه المراكز بجانب كبار الدبلوماسيين العالميين المحنكين من ذوي الخبرة السياسية الطويلة والحنكة والدهاء الدبلوماسي والسياسي، وكبار الضباط والمحققين في النيابة العامة.
يجب أن تكون لدينا رؤية إستراتيجية طويلة الأمد لتطوير الكفاءات الوطنية في المجال الدبلوماسي السعودي، تشمل توفير فرص العمل، وتعزيز التنافسية، وتشجيع الشباب على الاهتمام بالشؤون الدولية، وبناء الشبكات الواسعة مع الدبلوماسيين والخبراء العالميين، والصحفيين، والإعلاميين الأجانب والعرب.
وأن تكون إجراءات اختيار القناصل والمفاوضين دقيقة ومعقدة، وتتطلب موافقات عديدة، واجتياز برامج تدريبية مكثفة ليعملوا بعدها في سفاراتنا وقنصلياتنا بمهنية عالية واحترافية فائقة في مجال تعزيز التعاون الدولي، وتوفير فرص التفاهم والحوار بيننا وبين دول العالم، والدفاع بكل ثقة عن مصالحنا وسمعتنا أمام وسائل الإعلام المختلفة، وبالأساليب المتعارف عليها إعلاميا ودبلوماسيا وأمنيا.
وأخيراً يجب أن ندرك أن البناء والتطوير المستدام لكفاءتنا الدبلوماسية يستغرق وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، والاستثمار في شبابنا، وتوفير الفرص المناسبة لهم، هو الأسلوب الأمثل، والخطوة المهمة في طريق تعزيز مهاراتهم وتطوير قيادات العمل الدبلوماسي في المستقبل.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
اعتبارا من اليوم.. الاتحاد الأوروبي يطبق نظاما جديدا على حدوده الخارجية
بروكسل – يطلق الاتحاد الأوروبي اليوم الأحد نظاما جديدا للدخول والخروج (إي إي إس) لتسجيل القادمين لأوروبا ومغادريها.
ويحل النظام الجديد محل أختام جوازات السفر التقليدية، حيث يتم تسجيل بصمات الأصابع وصورالوجوه باستخدام مجموعة من الماسحات الضوئية في المطارات والموانئ ومحطات السكك الحديدية بأنحاء القارة.
ويهدف النظام الجديد إلى تسجيل جميع حالات دخول وخروج مواطني الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الذين يسافرون في إقامة قصيرة (90 يوما خلال أي فترة تبلغ 180 يوما)، وهو ما يسمح للسلطات بتتبع حالات تجاوز مدة الإقامة أو رفض الدخول تلقائيا.
والهدف الأساسى من النظام الجديد هو تعزيز أمن الحدود وتقليص عمليات الاحتيال فيما يتعلق بالهوية، وضبط مدى التزام الزوار بالمدة المسموحة للإقامة.
وتقول النائبة الأوروبية، اليمينية أسيتا كانكو، التي أشرفت على المفاوضات باسم البرلمان الأوروبي: “سوف يساعد هذا النظام حرس الحدود في التحقق من أن حامل جواز السفر هو بالفعل صاحبه، وأن الجواز حقيقي وليس مزورا”.
ماذا يحدث بداية من 12 أكتوبر؟بداية من اليوم الأحد، سوف يتعين على المسافرين القادمين من الخارج إلى جميع دول الاتحاد الأوروبي، باستثناء قبرص وأيرلندا، غير المنضمتين لمنطقة شينجن، إبراز جوازات السفر الخاصة بهم، وسوف يتم أخذ بصماتهم وصورهم عند نقاط التفتيش الحدودية.
وهذه المعلومات مطلوبة أيضا منهم لدى الوصول إلى الدول الأعضاء في شينغن، غير المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي، وهي: آيسلندا وليختنشتاين والنرويج وسويسرا، وسوف يتم الاحتفاظ بهذه البيانات لمدة ثلاث سنوات في معظم الحالات.
ويتم تجميع هذا البيانات في أول دخول بعد تطبيق النظام، وسوف تستخدم في الرحلات المستقبلية للتحقق من الهوية عبر قاعدة البيانات، وهي عملية تقول المفوضية الأوروبية إنها تستغرق وقتا أقل.ويسري النظام بشكل تدريجي على مدى ستة شهور، حتى 10 أبريل 2026.
وتبدأ الدول الأوروبية الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا، بإجراء عدد محدود من عمليات الفحص لتفادي الطوابير الطويلة في المطارات.أما الدول الأصغر، مثل إستونيا ولوكسمبورج، فتطبق النظام بالكامل منذ البداية.
وسوف يكون التطبيق تدريجيا في دول أخرى: ففي كرواتيا، على سبيل المثال، ستزداد عملية جمع البيانات البيومترية بمرور الوقت، من أربع ساعات يوميا في البداية، وحتى 12 ساعة يوميا، اعتبارا من شهر ديسمبر المقبل.
وسوف تقوم الشرطة في سلوفينيا بإدخال النظام تدريجيا في نقاط دخول شينغن، والتي تشمل 3 مطارات دولية ونقطتي عبور بحريتين. كما ستؤثر هذه التغييرات على زوار الدول التي تتمتع بالسفر بدون تأشيرة إلى أوروبا، مثل بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة ومعظم دول أمريكا الجنوبية.
وفي الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي، مثل تلك المرشحة للانضمام، ألبانيا ومقدونيا الشمالية، يتعين تحذير المواطنين من ضرورة التعرف على التغييرات لتجنب التأخيرات غير الضرورية.
هل ستكون هناك تأخيرات؟ثمة مخاوف من أن جمع هذه البيانات الجديدة قد يؤدي إلى طوابير طويلة بالمطارات ومحطات القطار. وأوضحت النائبة الأوروبية، البلجيكية، كانكو:”كما هو الحال دائما لدى إدخال أنظمة تكنولوجيا معلومات جديدة مهمة، ربما تحدث بعض العقبات. ولكن، لهذا السبب، يبدأ النظام في موسم السفر المنخفض. كما تم الاتفاق على التطبيق التدريجي لتفادي المشكلات الكبيرة.
وأضافت: “وحال حدوث مشاكل غير متوقعة أو فترات انتظار طويلة، يمكن لحرس الحدود المحليين تعليق استخدام النظام بشكل مؤقت لإدارة الوضع.”وأعربت وزارة الداخلية الفرنسية عن تفاؤلها إزاء النظام الجديد، وقالت إنها تتوقع أن يكون الوضع “طبيعيا، بدون مشاكل ازدحام”.
ومع ذلك، أشارت الوزارة إلى أن التنفيذ الكامل للنظام يشكل “تحديا كبيرا” لفرنسا، التي تعد واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم، حيث استقبلت 100 مليون زائر أجنبي في عام 2024.
ويتوقع أن يكون المسافرون من بريطانيا ضمن الأكثر تأثرا بالنظام الجديد، بالنظر لروابط النقل القوية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ولكن الجهات المشغلة، مثل تلك المسؤولة عن النفق البحري بين فرنسا وإنجلترا، أعربت عن ثقتها في أن الأمور سوف تسير بسلاسة.
المصدر: د ب أ