سلطنة عمان تخطو نحو التقدم في تحقيق مستهدفات الاستدامة المالية والاقتصادية
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
- تشجيع إصدارات السندات الخضراء وزيادة دورها في المشروعات الخضراء وصناعات الهيدروجين
- دعم تحول مختلف القطاعات نحو التوافق مع المعايير البيئية والمجتمعية لتسريع الوصول للحياد الصفري الكربوني
انطلاقا مما حققته من مؤشرات إيجابية واستقرار ملموس في الوضعين المالي والاقتصادي، تخطو سلطنة عمان فعليا نحو التقدم في تحقيق مستهدفاتها للاستدامة المالية والاقتصادية، وخلال الفترة الماضية، اكتسبت جهود الاستدامة زخما كبيرا من العديد من المبادرات التي تربط بشكل وثيق ما بين مستهدفات الاستدامة ماليا واقتصاديا، وكان من أهم هذه المبادرات إصدار أول إطار مستدام للتمويل السيادي، وإطلاق البرنامج الوطني للاستدامة المالية.
ومن خلال برنامج " استدامة"، الذي يعد امتدادا لنجاح تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى، ترتبط مستهدفات السياسات المالية وتوجهات التنويع عبر ما يتيحه البرنامج من فتح مجال لدور أوسع للقطاع المالي وبورصة مسقط في تمويل المشروعات الاستراتيجية ومشروعات ريادة الأعمال وتعزيز تواجد الشركات الناشئة في بيئة الأعمال.
ومن جانب آخر، يأتي إصدار أول إطار عمل للتمويل السيادي المستدام كإحدى الأدوات المهمة لتحقيق الاستدامة بمختلف جوانبها المالية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، ويتيح هذا الإطار العديد من وسائل التمويل المستدامة، مع مرونة في تنوع إصدارات أدوات الدين ما بين القروض أو السندات أو الصكوك، وهو ما يمكّن من جذب شريحة من المستثمرين المهتمين بالتمويل المستدام للمشروعات التي تلبي معايير الاهتمام بالبعدين البيئي والاجتماعي.
التنمية المستدامة
ويعد هذا الإطار للتمويل المستدام داعما للعديد من توجهات التنمية المستدامة منها اجتذاب الاستثمارات الجديدة لقطاعات التنويع الاقتصادي، وتوسعة آفاق تمويل صناعات الهيدروجين الأخضر، وتسريع تحقيق مستهدف سلطنة عمان للوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050، إضافة إلى تعزيز التقدم الذي وصلت إليه سلطنة عمان في تنفيذ الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030.
يعد التمويل المستدام هي الخدمات والإصدارات المالية التي تراعي الأبعاد البيئية والمجتمعية، ولذلك فهو ركيزة مهمة لتوازن النمو وتحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية، وتهتم الحكومات بهذا التمويل نظرا لدوره في دعم النمو على أسس مستدامة، كما أصبح التمويل المستدام محورا لاهتمام متزايد من قبل المستثمرين وشركات القطاع الخاص، سعيا منهم لزيادة مساهماتهم المجتمعية وتقديم دور فعّال في جهود العالم لتقليص الانبعاثات الضارة والحد من تغيرات المناخ، ولذلك أصبحت مراعاة البيئة والمسؤولية المجتمعية عوامل تؤخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ قرارات الاستثمار، ويتضمن ذلك قضايا التغيرات المناخية والحد من التلوث والحفاظ على شراكة وعلاقة مثمرة بين شركات القطاع الخاص والمجتمعات المحلية، ووضع مستهدفات وأولويات التنمية ضمن استراتيجيات النمو لشركات القطاع الخاص.
مواكبة التحولات
وضمن أولويات التنمية المستدامة في "رؤية عمان 2040"، فخلال الأعوام الأخيرة، نجحت سلطنة عمان في مواكبة التحولات التي تشهدها أسواق الطاقة الدولية وتسعى لأكبر استفادة من الفرص التي يتيحها هذا التحول، وتوجهت بشكل حثيث نحو تشجيع الصناعات الخضراء واجتذبت بالفعل مشروعات مهمة لصناعات الهيدروجين الأخضر، ويمهد إصدار الإطار السيادي للتمويل لتنظيم وتشجيع إصدارات السندات الخضراء وغيرها من وسائل تمويل المشروعات التي تتوافق مع مستهدفات رؤية عمان المستقبلية نحو التنويع والاستدامة والرفاه الاجتماعي.
وبينما تعد كلفة التحول نحو الاقتصاد الأخضر أحد المحددات المهمة في سرعة أو عرقلة تنفيذ مستهدفات الحياد الصفري، تتكامل عديد من الجهود الحكومية لتسريع هذا الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، ومن بينها الدراسة الاستشارية الجارية حاليا من قبل وزارة الاقتصاد حول العوائد والتكلفة الاقتصادية والفرص الاستثمارية التي يمكن أن يحققها التحول للاقتصاد الأخضر خاصة في قطاعات الطاقة والصناعة والمواصلات وطرق تمويلها، وفرص سلطنة عمان لتعزيز مكانتها الدولية في أسواق الاستثمارات الخضراء.
وفي إطار مستهدفات هذه الدراسة، يمكن أن تلعب السندات الخضراء دورا كبيرا في تمويل المشروعات الخضراء وصناعات الهيدروجين الأخضر، كما تعزز السندات الخضراء بشكل عام من إمكانيات تمويل التحول المستهدف في مختلف القطاعات نحو التوافق مع المعايير البيئة ومستهدفات الوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.
السندات الخضراء
وشهدت إصدارات السندات الخضراء ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الماضية في مختلف أنحاء العالم، والتي تتوجه لتمويل مشروعات مجتمعية وخضراء، وتشير بيانات مؤسسة بلومبرج لأسواق رأس المال إلى أن سوق الإصدارات السنوية الخضراء والمستدامة ارتفعت عالميا إلى 939 مليون دولار خلال عام 2023، بنسبة زيادة 3% مقارنة مع عام 2022، وحسب تقديرات صندوق النقد العربي، تجاوز إجمالي إصدارات السندات الخضراء في المنطقة العربية 6.8 مليار دولار خلال 2023، بزيادة قدرها 40 بالمائة عن عام 2022.
ويعني هذا الإقبال على إصدارات السندات الخضراء وجود فرصة جيدة لسلطنة عمان في اجتذاب حصة جيدة من هذه النوعية المبتكرة من وسائل تمويل النمو المستدام، واستثمار ما أحرزته من استقرار مالي وارتفاع في التصنيف الائتماني وتحسن في بيئة الأعمال في اجتذاب استثمارات نوعية جديدة وتحفيز الاستثمار في المشروعات المتوافقة مع المستهدفات الوطنية البيئية والمجتمعية، خاصة وقد وجدت مبادرة التمويل السيادي المستدام بداية جيدة مع قيام وكالة موديز لخدمات المستثمرين في بداية هذا العام بمنح تقييم بدرجة جودة جيدة جدا لإطار عمل التمويل السيادي المستدام.
وساهم ارتفاع النفط خلال السنوات الماضية وما صاحبه من إجراءات لضبط المالية العامة وتعزيز المركز المالي للدولة في تحول جذري للوضع المالي لسلطنة عمان، حيث قادت التوجيهات السامية السديدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- الوضع المالي للتحسن والاستقرار الملموس والاستفادة من عائدات النفط الإضافية في سرعة سداد الدين العام، كما حققت سلطنة عمان خلال السنوات الثلاثة الماضية تقدما مماثلا في دعم التعافي الاقتصادي ووضع الناتج المحلي على طريق النمو مدعوما بقوة أداء القطاعات غير النفطية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المالیة والاقتصادیة التمویل المستدام سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
67.7 مليون طن إجمالي إنتاج سلطنة عمان من الخامات المعدنية خلال 2024
سجل إجمالي إنتاج سلطنة عمان من الخامات المعدنية حوالي 67.7 مليون طن خلال عام 2024، وبلغت كمية المبيعات 62.5 مليون طن بقيمة 114.3 مليون ريال عماني، مع حجم صادرات نحو 36 مليون طن من الخامات مثل الجبس والحجر الجيري ومواد البناء، وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الشركات المشغلة لمناطق الامتياز في مجال المعادن حتى نهاية عام 2024 بلغ 10 شركات تعمل في 21 منطقة امتياز تعديني تضم خامات متنوعة مثل النحاس، والكروم والدولومايت، والجبس والحجر الجيري والنيكل والكوبالت، وقد شهد العام الجاري توقيع اتفاقيات جديدة مهمة للتعدين والتنقيب، حيث تم خلال الشهر الماضي توقيع اتفاقية امتياز جديدة في محافظة الوسطى لاستخلاص خام الملح، وهي إحدى الصناعات الجديدة المتنامية في سلطنة عمان والتي تعزز القيمة المضافة لقطاع المعادن. وتتجاوز استثمارات المشروع 200 مليون ريال عماني، بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.2 مليون طن سنويًا، كما وقعت وزارة الطاقة والمعادن خلال العام الجاري اتفاقية استخراج الملح البحري في منطقة الامتياز رقم 62 A في محافظة الوسطى وتبلغ مساحتها 46 كيلومترًا مربعًا، ويهدف المشروع إلى استخراج الملح عن طريق تبخير مياه البحر بمعدل إنتاج يبلغ حوالي 4 ملايين طن سنويًّا من الأملاح وبتكلفة استثمارية تقدر بحوالي 29 مليون دولار أمريكي، ويمهد المشروع لإقامة العديد من المشروعات الصناعية ضمن الاتفاقية، وهي مصنع غسيل وتنقية الملح لإنتاج الملح الصناعي، ومصنع غسيل وتنقية الملح لإنتاج الملح الغذائي، ومصنع لإنتاج مركبات المغنيسيوم، ومصنع كبريتات الصوديوم، ومصنع لإنتاج مركبات البروم، ومصنع لإنتاج مركبات الليثيوم. وضمن اتفاقيات الامتياز التعديني المهمة التي تم توقيعها هذا العام، اتفاقية التنقيب والتعدين عن خام النحاس والخامات الأخرى في منطقة الامتياز رقم 22B التي تقع في محافظة شمال الشرقية وتبلغ مساحتها 1448 كيلومترًا مربعًا، وتنضم هذه المشروعات لعدد من المشروعات الاستراتيجية التي تم تشغيلها في قطاع التعدين من أهمها مشروع الغيزين لاستخراج النحاس بكلفة استثمارية تبلغ 43 مليون ريال عماني والذي كان الأول من نوعه لتعدين النحاس في سلطنة عمان ويستهدف استخراج مخزون يقدر بحوالي 6 ملايين طن من خام النحاس وتم بدء الانتاج التجاري خلال العام الماضي، كما تتضمن المشروعات الاستراتيجية مشروع الواشحي لاستخراج النحاس وتطوير منجم النحاس بولاية المضيبي والذي ينتج نحاسًا مركزا بدرجة 24 بالمائة نحاس لكل طن، وتبلغ كميات المخزون حوالي 16 مليون طن، وقد بدأ المشروع في تحقيق أهدافه بتصدير خام النحاس من الموقع خلال عام 2024. وفي إطار التطورات المهمة التي تعزز نمو قطاع التعدين، تم تطبيق نظام المزايدة على مناطق التعدين بهدف جذب استثمارات كبرى للقطاع، وأصدرت وزارة الطاقة والمعادن قرارًا بتأسيس شركة وطنية تحت مسمى «الشركة العُمانية لتجارة المعادن» بهدف تعزيز القيمة المحلية المضافة من الموارد الطبيعية وتنظيم تسويق وتصدير المعادن في سلطنة عُمان، وأسفرت مخرجات المختبر الوطني للمحتوى المحلي عن تحديد 86 فرصة تطويرية تساهم في رفع كفاءة المحتوى المحلي في مختلف القطاعات، وتحفز أنشطة الاقتصاد الوطني، منها 56 فرصة استثمارية في مجالات الطاقة والمعادن، والبناء والتشييد، وخدمات الكهرباء والمياه، والصحة، وقطاعي العسكري والأمني. وتم تحديد هذه الفرص وفق معايير متعددة منها القيمة المضافة والجدوى الاقتصادية التي سوف تحققها هذه القطاعات وارتباطها مع أهداف توطين الوظائف والصناعات والأنشطة الوطنية وفق مستهدفات سياسة المحتوى المحلي.