الذكرى 76 لنكبة فلسطين.. التاريخ يعيد نفسه والنتائج مختلفة
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
إنَّ من إفرازات العدوان الوحشي الجاري على قطاع غزة منذ أكثر من سبعة أشهر، أنّه ساهم بشكل متقدم بحسم معركة السرديات بحقيقة أحداث حرب عام 1948، وتفاصيل ما جرى وأدى لنكبة الشعب الفلسطيني وتشريده. فقد حرص طرفا الصراع؛ الإسرائيلي المعتدي والفلسطيني الضحية، طوال ما يقرب من ثمانية عقود على تقديم روايتيهما المتناقضتين للعالم لإثبات عدالة قضيتيهما المختلفتين.
وقد تنوّعت مسارح السجال حول مضامين الحجتين وكشف الحقيقة، على المنصات والمنابر بالمستوى الدولي سواء السياسية منها والدبلوماسية والقانونية أو الأكاديمية والثقافية والإعلامية والفنية والاجتماعية والنقابية، وكل مساحة متاحة للطرفين لطرح حجتيهما لكسب أنصار أو لتسجيل نقاط وتحقيق انتصارات جزئية متفاوتة في حجمها وأثرها، واتسع الصراع بتحزّب مناصرين لكليهما على المستويين: الرسمي والشعبي، وتحوّلوا إلى فاعلين في اتجاهين مضادَّين، بما يمكن أن نَصِفه بتشكُّل معسكرين عالميين تعاظَم فعلهما مع تقادُم السنين وتطوُّر الأحداث.
غياب الإسناد العربيلقد حرص الاحتلال الإسرائيلي على التشبّث برواية أنه ليس مسؤولًا عن وقوع النكبة عام 1948، سواء من ناحية إنكار ارتكاب مجازر ومذابح بحق الشعب الفلسطيني على امتداد خارطة فلسطين، أو من ناحية تحمُّل مسؤولية تهجير الشعب الفلسطيني من مدنه وقراه وبلداته. ويعيد سبب تهجيره بعيدًا عنه إلى عوامل ذاتية وعربية. واستفاد الاحتلال على مدى عقود قليلة، أعقبت نكبة 48، من غياب التوثيق وغياب إعلام جدي وموضوعي في تلك الفترة، وكذلك من تبعثُر الشعب الفلسطيني على الطرف المضاد وضعفه وعدم تماسكه، وغياب الإسناد العربي الذي يُفترض أن يكون داعمًا له في دحض ادعاءات الطرف المعتدي.
نفوذ الاحتلال حول العالم والدعم شبه المطلق من الدول الغربية على جانبي المحيط الأطلسي، وتبني هذا المعسكر رواية الاحتلال والعمل على تموضُعها في العقل والضمير الجمعي الشعبي الغربي، مكّن ذلك أكاذيب هذه الرواية من أن تسود وتعشعش بشكل مطلق لفترة ممتدة طوال خمسينيّات القرن الماضي وستينيّاته، حتى إن صورة الاحتلال في المخيال الغربي كانت أنه هو الضحية أمام طوفان عداء عربي وإرهاب فلسطيني مستحكم.
وقد تجد في بعض الكتب الأكاديمية الجامعية في الدول الغربية أن اللاجئين والمهجّرين هم الإسرائيليون، وأن دولة إسرائيل هي تحت الاحتلال، وحرص الغرب الداعم لدولة الاحتلال على الحيلولة دون حضور الرواية الفلسطينية أو إعطائِها الفرصة لتجابه الطرف الآخر.
الحضور المُعتبر للسردية الفلسطينية في نهاية عقود القرن الماضي وبداية القرن الحالي، بدأ لعوامل عديدة ذاتية وإقليمية ودولية، وكذلك لاستمرار السلوك الإجرامي لدولة الاحتلال الذي واكبه تطور وانفتاح الإعلام. وبالرغم من ذلك، ظلَّ الغالب الأوروبي والرأي العام العالمي بقدرٍ واضحٍ غائبين عن الحقائق المُثبتة وعن تفاصيل النكبة وممارسات الاحتلال فيما بعدها. ومن أهم أسباب ذلك، تماسُك القوى الغربية في دوام دعم دولة الاحتلال وتفوُّقها، والعمل على توظيف الأدوات النافذة لدى الغرب الأوروبي والولايات المتحدة ومن يدور في فلكهما؛ كي تسود رواية دولة الاحتلال أمام العالم.
لكنّ إصرار الشعب الفلسطيني، طوال العقود الماضية، على أن تبقى قضيته حية وبأحرفها الأولى وعدم طمسها وتغييبها وإنهائها، تحقّقَ رغم شراسة الاحتلال وعظم المؤامرة الدولية والتحديات الجسيمة والتضحيات، وساهمت ديمومة القضية والحضور القوي للمطالبة بالحقوق في تحقيق اختراقات بالتدريج في حضور الرواية الفلسطينية في الضمير العالمي.
مشروع إحلاليوالحجج الفلسطينية قائمة على أن مؤامرة دولية وقعت على الشعب الفلسطيني، ونسجت خيوطها بزرع مشروع إحلالي في أرض فلسطين وتغذيته ديمغرافيًا بنقل مهاجرين يهود من مختلف أنحاء العالم وتمكينهم من العيش في فلسطين، وكان ذلك على حساب ارتكاب مجازر ومذابح بحق الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، وتهجير ما يقرب من 900 ألف منه عنوةً وبالقوة، ونتج عنه قيامُ دولة الاحتلال وإعطاؤُها شرعية دولية، وبقاء الشعب الفلسطيني طوال هذه الفترة لاجئًا بأوضاع بائسة ومن دون كيان سياسي ولا دولة بحد أدنى من السيادة.
لقد جاءت الأحداث الجسام منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي وحتى الشهر الجاري مايو/ أيار، وحلول الذكرى 76 للنكبة، وارتكاب دولة الاحتلال جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والقتل الممنهج، لتكشف جرائم الاحتلال بشكل ملموس وعلى مرأى من العالم أجمع وبتوثيق دقيق غير مسبوق. كل ذلك كشف حقيقة ما جرى حين وقعت نكبة 48، وأن الطبيعة الإجرامية المتأصلة لدولة الاحتلال ليست وليدة هذه الأيام.
وما يدور الآن من أحداث هو دليل دامغ على وقوع مجازر دير ياسين والدوايمة ومعها 90 مجزرة على طول خارطة فلسطين التاريخية وعرضها، ارتقى معها ما لا يقل عن 15 ألف شهيد (والرقمان حسب توثيق المؤرخ الدكتور سلمان أبوستة)، هذا رغم عظمه أقل بكثير من جرائم الإبادة الجماعية والتي ترتكب خلال عامَي 2023 و2024، حيث قَتل الاحتلال ما يزيد عن 35 ألف شهيد فلسطيني، يضاف لهم آلاف المفقودين تحت الأنقاض منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حتى حلول الذكرى 76 للنكبة في منتصف شهر مايو/ أيار الجاري، وتم توثيق أكثر من ثلاثة آلاف مجزرة ارتكبت بشكل وحشي ساديّ وبدم بارد. ومع الشهداء هناك ما يقترب من 100 ألف جريح، والأغلبية الساحقة من الضحايا نساء وأطفال.
فأضحت حجج الشعب الفلسطيني عبر التاريخ لا تحتاج أدلّة مع هكذا مشاهد يراها العالم ويعايش تفاصيلها، فتكشفت الحقائق بما لا يدع مجالًا للإنكار. وهذا ما أدَّى إلى انقلاب شعوب العالم على دولة الاحتلال. وقد تجلّت لهم طبيعة الكيان الغاصب وانكشف زيف الأوصاف التي روّجتها آلة الدعاية الغربية دفاعًا عن دولة الاحتلال: (سواء أنها دولة واحة الديمقراطية وشعبها صناع السلام أو أنهم الجانب الحضاري المشرق في الشرق الأوسط).
فما مشهد سفير دولة الاحتلال (اللاحضاري) من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء العاشر من شهر مايو/ أيار الجاري، وهو يمزق ميثاق الأمم المتحدة أمام أعضائها؛ احتجاجًا على التصويت الساحق لصالح توصية تُرفع لمجلس الأمن تدعم الاعتراف بدولة فلسطين، إلا عنجهية وغطرسة فاقدة للاتزان، مما يخلق أجواء استفزاز عالمية على المستويين: الرسمي والشعبي. ويعايش العالم مع هذه المشاهد بشكل معمّق الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني من الاحتلال وداعميه طوال ما يزيد عن مائة سنة خلت.
اتهامات وادعاءاتوفي جانب آخر، فإن كل أشكال العنصرية (قولًا وفعلًا) التي أظهرتها قطاعات عريضة ومختلفة في دولة الاحتلال من سياسيين ورجال دين وأكاديميين وعسكريين وقادة وجنود على حد سواء ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ما يمكن أن يوصف بتجريد الشعب الفلسطيني من إنسانيته، قد كشفت نزعة التفوق العنصرية عند الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يدحض ويرد كل الاتهامات والادعاءات نفسها التي تكيلها دعاية دولة الاحتلال ضد ما يصفونه بممارسات عنصرية من الفلسطينيين والعرب والمسلمين بحق اليهود طوال العقود الماضية.
وكأن التاريخ يعيد نفسه في مشاهد عدة للصراع حول فلسطين، فالغطاء الدولي المنحاز للمعتدي دون الاكتراث للمعايير السياسية والقانونية والإنسانية يتكرر هذه الأيام من الدول نفسها، وعلى أيدي أحفاد اللاعبين السياسيين أنفسهم منذ ثمانية عقود خلت وقبلها.
فحتى كتابة هذه السطور لم تصدر إدانة من الاتحاد الأوروبي للمجازر، رغم أن القتل في الشعب الفلسطيني مستمر على مدار سبعة أشهر، ولم يقترب من اعتبار ما يجري إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًا. وهو مشهد واضحٌ ويقدَّم في فضاء مفتوح للرأي العام العالمي ولشعوب هذه الدول بتفاصيل خيوط المؤامرة التي أنشأت نكبة فلسطين، بل وتقدم معظم هذه الدول مختلف أنواع الدعم لدولة الاحتلال، وفي مقدمتها العسكري، وتحاول تكميم الأفواه المناصرة بشكل واضح، وخير دليل على ذلك مشهد الأكاديمي الطبيب البريطاني من أصل فلسطيني الدكتور غسان أبوستة، وهو يُمنع من دخول ألمانيا، وفرنسا، وهولندا ويُحرم من تقديم شهادته عمّا رآه وعايشه في مستشفيات غزة خلال 45 يومًا قضاها وسط الأحداث الجارية.
حتى على المسرح الدبلوماسي، كان أداء الولايات المتحدة المنحاز بشكل سافر، واستخدام حق النقض "الفيتو" عدة مرات لمنع طلب الوقف الفوري للعدوان رغم مشاهد القتل، رغم استخدام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صلاحياته بتفعيل الفصل السابع في مشهد نادر لطلب التدخل لحماية الشعب الفلسطيني، لكن واشنطن استخدمت "الفيتو" لإجهاض مشروع القرار، وهذا يقدم مقاربة لمشاهد الأمم المتحدة (ومناورات واشنطن على الدول الصغيرة) التي أدت لصدور قرار التقسيم الظالم عام 1947 الذي أفضى لقيام دولة الاحتلال، بشكل سهّل مهمة تمكين دولة الاحتلال في فلسطين وإعطاء غطاء لكل جرائمها.
ولكن، رغم فداحة الأحداث وعِظم الخسائر في جسم الشعب الفلسطيني خلال الأحداث الجارية، فلن يتأتى لدولة الاحتلال وداعميها أن يحصلوا على نتائج كتلك التي ترسخت إثر نكبة 48. فالبيئة الوطنية الفلسطينية والقومية العربية والدولية على المستويين: الشعبي والرسمي لحد ما، قد طرأ عليها تحولات وتطورات مهمة وجوهرية تحول دون أن يتحرك أصحاب مشروع دولة الاحتلال في فضاءات على عدة أصعده، ويضاف لهذا الوضع المنقسم على نفسه وبشكل حاد داخل دولة الاحتلال، حيث لم يستطيعوا إخفاءه أو تأجيله، في حال حرب مستعرة تقودها دولة الاحتلال على عدة أصعده، وفي ساحات مختلفة، وعلى امتداد مساحة الكرة الأرضية.
الإعلام المفتوحفحالة الوعي عند الشعب الفلسطيني بحقيقة المؤامرة ومخطط التهجير، ومعه يأتي التمسّك بالحقوق والعمل على استرجاعها بكل الوسائل التي شرعتها القوانين الدولية، وتماسكه شعبيًا حول خيار مقاومة المحتل، وهذا الحد الأدنى مما كفلته له القوانين كافة، ومعه يأتي وعي الدول العربية بمسلسل التهجير ورفضه، كل ذلك قد أسقط خيار التهجير والترحيل القسري وصعّب مهمته، ولم يعد مشهد الـ 48 سهل المنال.
في الجانب الوطني الفلسطيني أيضًا، تعاظم الفعل الفلسطيني في شتى المجالات، ومع تطوُّر حضور الفلسطينيين حيت كانوا في العالم، كان لذلك الأثر في تصعيب مهمة تحرُّك دولة الاحتلال في إنفاذ مخططاتها.
ولا نغفل ما يمكن اعتباره ضعفًا في المواقف العربية بشكل جمعي وقُطري إلى حدٍّ ما، مع وجود آلة تطبيع مع دولة الاحتلال ما زالت صامدة، وعدم تحرك المجهود الشعبي بما يكافئ حجم التضحيات والكوارث في غزة، إلا أن عوامل عديدة موازية واكبت الصمود الفلسطيني حيدت هذا الأداء على الصعيد العربي وبرزت كعناصر تفوق أمام آلة الحرب الإسرائيلية التي تمعن قتلًا في الشعب الفلسطيني.
ومع الإعلام المفتوح وتكنولوجيا المعلومات وتحوُّل العالم كما يقال (لقرية صغيرة) ومجتمع واحد، انفتح على نفسه، لم تعد أدوات التأثير والتحكم حكرًا على الدول والجهات الرسمية، أو أن يستطيع طرفٌ أن يتحكمَ في تفاصيلِ المشهد العالمي بشكل شاملٍ. ومع تكشُّف الحقائق وتطوُّر الوعي العالمي، تحول هذا إلى فعل مضاد للمخطط التآمري على الشعب الفلسطيني، وتمظهر ذلك بأشكال تضامنية متماسكة وقوية التأثير وضاغطة، كان آخرها احتجاجات الجامعات في أميركا وأوروبا التي لحقت عشرات آلاف المظاهرات التي عمَّت شوارع عواصم ومدن العالم طوال الأشهر الماضية ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهنا تأتي مصداقية مقولة يرددها الباحثون والسياسيون منذ زمن: (لو كان الإعلام المفتوح موجودًا إبان نكبة 48 لكان يمكن ألا تقع).
ولعلّ تحرُّك حركة الاستقطاب العالمي وحصول تبدُّل جوهري في ميزان القوى يصعب مهمة كسر شوكة الشعب الفلسطيني، نضرب مثالًا في أداء أربع دول بدءًا من مواقفها في التصويت بنعم على قرار التقسيم وهي روسيا (الاتحاد السوفياتي سابقًا) وجنوب أفريقيا ونيكاراغوا والبرازيل. وننتقي جنوب أفريقيا التي كانت الحليف الإستراتيجي لدولة الاحتلال؛ صِنوها العنصري آنذاك، لتتحول إلى محارب شرس دفاعًا عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومشهد محكمة لاهاي الإستراتيجي أصبح علامة تاريخية فارقة. وكذا الصين التي امتنعت عن التصويت لقرار التقسيم، وموقفها اليوم في الفضاء العالمي مهم في الكفاح الفلسطيني لاسترجاع الحقوق. وعلى الجانب القريب للقضية تقف بتميُّز إيران وتركيا وقطر، وهناك دول أخرى تبدّلت مواقفها بتفاوت، فيما يمكن أن يفرق في معادلة الشعب الفلسطيني.
إن الأحداث الجارية في فلسطين وخصوصًا العدوان على غزة والبيئة المحيطة بها على الصعيد الفلسطيني والعربي والدولي ومن أهمها الإصرار والوعي الشعبي الفلسطيني.، وكذا الوضع في دولة الاحتلال، ترجّحُ صعوبة تكرار سيناريو نكبة 1948، وأنه رغم الجراح والآلام والخسائر في جسم الشعب الفلسطيني، فإنه بات أقرب لاسترجاع حقوقه وعلى رأسها العودة إلى قراه ومدنه التي جرى تهجيره منها، وهذا كله يأتي في إطار القانون الدولي.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الشعب الفلسطینی لدولة الاحتلال دولة الاحتلال الاحتلال فی ما یمکن نکبة 48
إقرأ أيضاً:
اليمنيون يجددون العهد بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى النصر
الثورة نت/ ماهر الخولاني
انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفضاً لجريمة الإبادة الجماعية والتجويع في غزة، خرج الشعب اليمني بمسيرات مليونية غاضبة ومستنفرة تأكيدا على ثبات موقفه المساند للأشقاء في فلسطين، وتأييده لعمليات القوات المسلحة المستمرة ضد الكيان الصهيوني المجرم.
وفي اليوم اليمني المشهود، احتشدت الجماهير المليونية في ميادين وساحات العزة والكرامة والحرية والجهاد في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات، حاملة رايات النصر والثبات مع غزة، معبرة عن غضبها العارم إزاء الإجرام الصهيوني المتصاعد بحق الأشقاء في فلسطين.
خرجت الحشود اليمنية، لتؤكد للعالم الأصم والأعمى، بأن شعب الإيمان والحكمة لن يترك الشعب الفلسطيني وحده مهما تخاذل المتخاذلون، وتواطأ الخونة والمطبعين، وأنه سيمضي قدماً بعزيمة إيمانية لا تنكسر، لمواجهة تصعيد العدو الصهيوني، ونصرة غزة وفلسطين بكل الوسائل والخيارات مهما بلغت التحديات.
“يا غزة لستم وحدكم، ويا فلسطين معكم كل اليمنيين”، بهذه العبارات رفعت الحشود صوتها عاليا لتسمع العالم موقفها المشرف، والمجسد للهوية الإيمانية اليمنية، والارتباط التاريخي والجهادي مع الشعب والقضية الفلسطينية، مجددة الوفاء والعهد والثبات في جبهة الإسناد لغزة وفلسطين حتى النصر.
كما صدحت الحشود الجماهيرية عزة وشموخاً، معبرة عن صدق الانتماء والوفاء المتجدد لقضية الأمة الأولى فلسطين.
الخروج المهيب في العاصمة والمحافظات، أعلن التأييد والمباركة للعمليات البطولية المتصاعدة التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد الأهداف الحيوية للعدو الصهيوني في عمق الأراضي المحتلة، وما تفرضه من حظر بحري وجوي على المطارات والموانئ الإسرائيلية.
وبكل فخر واعتزاز، أعلنت الحشود دعمها الكامل لكل خيارات القوات المسلحة، والوقوف إلى جانبها في “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، لردع غطرسة العدو الإسرائيلي حتى إيقاف عدوانه على غزة ورفع الحصار عنها.
وجددت الحشود، العهد والولاء لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، والتأكيد على أن الشعب اليمني على أهبة الاستعداد والجهوزية لتنفيذ كل الخيارات الكفيلة بمواجهة تصعيد العدو الصهيوني، وإفشال المؤامرات والمخططات الإجرامية التي تستهدف اليمن ومقدراته، والتصدي لكل الخونة والعملاء.
بهذه المواقف الإيمانية يخوض الشعب اليمني أقدس المعارك وأشرفها دعماً ومساندة للمظلومين في غزة الذين يتعرضون لإبادة جماعية وتجويع من قبل العدو الصهيوني، وجرائم لم يسبق لها مثيل على مر التاريخ.
جسدت الحشود التي تدفقت من كل حدب وصوب نحو ميادين الحرية والإباء، رافعة العلمين اليمني والفلسطيني، قوة حضور ورسوخ فلسطين في وجدان الشعب اليمني، مجددة التأكيد على الاستمرار في النفير العام والتعبئة وتعزيز الجاهزية لمواجهة العدو الصهيوني.
مثلت المسيرات المليونية، لوحة مشرقة لشعب الإيمان والحكمة، الذي وقف بكل قوة إلى جانب المظلومين والمستضعفين في فلسطين والدفاع عن مقدسات وقضايا الأمة، رغم معاناته المستمرة بعد عشر سنوات من العدوان والحصار، إلا أن ذلك لم يمنعه من القيام بواجبه الإيماني والإنساني والأخلاقي تجاه فلسطين، باعتبارها القضية الأولى لكل أحرار الأمة والعالم.
بلا منافس يستمر الشعب اليمني بحضوره المهيب والأكبر، في تصدر الشعوب على مستوى المنطقة والعالم في نصرة ومساندة غزة، والوقوف بصلابة وشجاعة منقطعة النظير في مواجهة العدو الصهيوني.