المستثمر الأجنبي.. بين المغانم والمغارم
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
عمير العشيت
alashity4849@gmail.com
تُمثِّل الاستثمارات الأجنبية هي إحدى أهم المغانم الأساسية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية لأي دولة في العالم، والمحفِّز القوي للنمو وزيادة الناتج المحلي، ومساهما فاعلا في الدخل الوطني، ولقد لعب الاستثمار دورًا بارزًا في الدول النامية في ثمانينيات القرن الفائت، وهي الفترة الحقيقية لتصاعد الاقتصاد العالمي في النمو وجذب الاستثمار؛ فقد استطاعتْ هذه الدول استقطاب العديد من كبار المستثمرين الأجانب، فتحوَّلت خلال فترة زمنية وجيزة إلى دول اقتصادية منافسة للدول الصناعية، واحتلَّتْ مواقع دولية مهمة، وأصبحت مؤثرة في واقع سياسات اتخاذ القرارات العالمية، بل حتى إنها بدأت تقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية للدول الفقيرة الأخرى.
أمَّا مفهوم الاستثمار الأجنبي عند المشرِّع العُماني، فقد حدَّده المرسوم السلطاني رقم 50/2019 بإصدار قانون استثمار رأس المال الأجنبي في المادة (1)، والتي نصت عليه في البند (ز) على ما يلي: "أيُّ نشاط اقتصادي يُقيمه المستثمر الأجنبي بمفردة أو بمشاركة أجنبي آخر أو عماني في السلطنة".
وبدأت سلطنة عُمان فتح نوافذ الاستثمار الأجنبي الفعلي في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، مع أن مرحلة التوقيت جاءت متأخرة إلى حدٍّ ما، نظرا لاستحواذ دول المنطقة كأغلب المستثمرين الفاعلين فضلا عن تحفُّظ بعض القوانين في مجالات الاستثمار في ذلك الوقت، وفي عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وبنظرته الثاقبة، فقد ركَّز جلالته على قطاع الاستثمار كبديل آخر للنفط، استنادا لسياسات تنوع مصادر الدخل، وتماشيا مع السياسات الاقتصادية العالمية؛ حيث منحت حكومة السلطنة في السنوات الأخيرة الماضية مزيدًا من الصلاحيات والامتيازات والإعفاءات وإزالة بعض القيود عن المستثمرين، مما أسهم في تعزيز الاقتصاد العماني، ورفع نسبة الناتج المحلي، وتراجع العجز الفعلي للميزانية العامة للدولة. ولأهمية هذا القطاع في السلطنة، فقد أضافت حكومتنا الرشيدة مصطلح ترويج الاستثمار إلى مُسمَّى وزارة التجارة والصناعة. وفي آخر الاحصائيات الأولية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فقد بينت أنَّ حجم التدفقات في الاستثمار الأجنبي المباشر سجَّل نموا بلغ 57.5 بالمائة حتى نهاية العام 2023، وهذا مُؤشر جيد للاقتصاد العماني، ويعتبر من مغانم الاستثمارات الأجنبية في السلطنة.
أمَّا مغارم الاستثمار الأجنبي، فتتمحور في احتمال تزايد عدد المستثمرين غير الجادين في هذا المجال؛ أي الذين يلجأون لأساليب غير جيدة لتحقيق أهدافهم وحصولهم على تراخيص مستثمر، وقد يتحولون إلى عبء على الاقتصاد الوطني والمجتمع، وقد تكون مشاريعهم وهمية، مُستغلين الحوافز التي قدَّمتها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار؛ من خلال البرامج المسجلة في مكاتب الخدمات الإلكترونية، وأيضا المُستفيدين من فترة تمديد إنشاء المشروع الذي من المُمكن إطالته لفترات زمنية تزيد عن سنة، دون اتخاذ أي إجراءات قانونية حيالهم؛ وبالتالي أصبح العامل البسيط -كفني المركبات أو خادمة المنزل- بين ليلة وضحاها يحصل على بطاقة مستثمر تجاري بمنتهى السهولة، من خلال استخراج التراخيص من مكاتب الطباعة وتخليص المعاملات، ونتيجة لذلك فإنَّ الأعداد تتزايد شيئًا فشيئًا، وكل غاية هذا العامل أو العاملة فك الارتباط الذي بينه وبين صاحب العمل، بحيث تكون له حرية ممارسة الأنشطة التي من المحتمل أن تكون غير قانونية أو لا أخلاقية، ناهيك عن استغلال بعض المستثمرين باستدراج بعض المواطنين للمشاركة في مشاريع وهمية، أو الدخول في شركة غارقة في الديون دون معرفة المواطن.
هناك أيضًا مغارم أخرى لهذه الفئة تتعلق بمعاناة حقيقية من قبل بعض المواطنين الذين تضرَّرت أنشطتهم التجارية، وما خلفه ذلك من تحديات أمام عدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورجال ورواد الأعمال، وأيضا الباحثين عن عمل، الذين وصلوا مرحلة متأخرة من العمر وهم ما زالوا في إطار البحث عن عمل، وليست لهم رواتب شهرية تكفل لهم العيش الكريم، ولتغطية هذا النقص حاولوا ممارسة أنشطة تجارية بسيطة توفِّر لهم ولأسرهم لقمة العيش، لكنهم الآن يواجهون أعداد من العمالة الوافدة يمارسون أعمالهم كمستثمرين، وصاروا منافسين شرسين لهم؛ مما اضطر البعض منهم لإغلاق أنشطتهم، وأصبحوا بلا وظائف، ونظرًا لذلك فإننا نُناشد الحكومة الرشيدة النظر بعين الاعتبار للباحثين عن عمل ومنحهم رواتب شهرية من صندوق المنفعة الاجتماعية، لمواكبة متطلبات الحياة وغلاء المعيشة التي طالت الصغير والكبير، ولم تفرِّق بين غني وفقير.
والشاهد هنا أنَّ الكثير من الدول الجاذبة للاستثمار تشترط توظيف كافة المواطنين في المشاريع الاستثمارية كشرط مبدئي؛ فالهدف من قانون الاستثمار تنويع مصادر الدخل وتوظيف المواطنين وتشجيع عجلة النمو في التنمية الشاملة. لذا؛ فالمصلحة العامة تقتضي مراجعة مثل هذه القوانين والقرارات، والتحقُّق من مدى جدية المستثمر الحقيقي في مجالات الاستثمار، وأيضا سحب تراخيص المستثمرين غير الجادين.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصناعة: الموافقة على تخصيص 83 وحدة صناعية لصغار المستثمرين ورواد الأعمال
أعلنت وزارة الصناعة ممثلة فى الهيئة العامة للتنمية الصناعية عن نتائج الطرح الالكتروني للوحدات الصناعية الشاغرة بالمجمعات الصناعية بـ 10 محافظات من خلال “منصة مصر الصناعية الرقمية”، وذلك ضمن جهود الدولة لدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز سلاسل الإمداد المحلية ودعم التنمية الصناعية المتوازنة جغرافيًا، خاصة في الصعيد.
يأتي ذلك في إطار جهود الدولة لدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التنمية الصناعية في مختلف المحافظات، خاصة في صعيد مصر.
تم الطرح في المجمعات الصناعية المقامة في كل من بياض العرب ببني سويف ومجمع عرب العوامر بأسيوط ومجمع هو بقنا و غرب جرجا بسوهاج ومجمع المطاهرة بالمنيا والبغدادى بالاقصر ومجمع الجنينة والشباك بأسوان والمجمع المعدنى بالفيوم فضلا عن مجمع الغردقة بالبحر الاحمر ، ومجمع مرغم 2 بالإسكندرية.
وتراوحت مساحات الوحدات المطروحة بين ١٤٤ م٢ و ٧٩٢ م٢ للوحدة ولمجموعة من الأنشطة المتنوعة التى شملت صناعات هندسية وغذائية وقوى وغزل ونسيج ومفروشات وملابس جاهز وكيماوية ومواد بناء وصناعات معدنية ودوائية وجلود.
وأشارت الوزارة الى ان اعلان النتائج جاء عقب انتهاء الهيئة من دراسات مستفيضة لكافة الطلبات التى تم تقديمها من المستثمرين، ومن خلال إداراتها الفنية المتنوعة، فور إغلاق باب التقدم، حيث تم الإعلان عن تلقي الهيئة العامة للتنمية الصناعية 289 طلبا على الوحدات المطروحة وتمت الموافقة على 83 طلبا، بعد دراسة وتقييم كافة الطلبات الواردة وفقاً لاجراءات الفحص والمفاضلة لاستيفائها كافة اشتراطات ومعايير الجدية المطلوبة وبما يتماشى مع أولويات إستراتيجية وزارة الصناعة، لضمان وصول الوحدات المطروحة للمستثمرين الجادين وتحقيق الاستغلال الأمثل لاصول الدولة .
وجاء هذا الطرح في اطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو توطين الصناعة ودعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخلق بيئة متكاملة للاستثمار وتوجيه مؤشر التنمية الصناعية لصعيد مصر على وجه الخصوص، حيث أعلن المهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل في مطلع شهر مايو الجاري عن طرح ٣٣٢ وحدة صناعية شاغرة كاملة التجهيزات والمرافق داخل المجمعات الصناعية بـ ١٠ محافظات وذلك عبر بوابة مصر الصناعية الرقمية ، بهدف تعميق التصنيع المحلي وتشجيعا لصغار المستثمرين الجادين على البدء الفورى في مشروعاتهم الصناعية .
ووفق ما أعلنته الهيئة فإن الاقبال الكبير على الطرح يرجع إلى التيسيرات غير المسبوقة التى تم إقرارها ومنها طرح الوحدات بنظام التمليك وبتسهيلات تمويلية، كما ان مجمع الجنينة والشباك بمركز نصر النوبة بمحافظة اسوان تم طرحه بنظامي التمليك والايجار وتم تخصيصه لرواد الاعمال من اهالي نصر النوابة ، لدعم الاستثمار والتنمية المستدامة بالمحافظة، وحفاظا على الصناعات التراثية والحرفية التى تتميز بها نصر النوبة.
كما يتمكن الحاجزون لوحدات هذا الطرح وعلى غرار الطروحات السابقة الاستفادة من الحصول على تمويل منخفض الفائدة لتملك الوحدات ، وكذا الاستفادة من تسهيلات تمويلية لتوفير الماكينات وخطوط ومستلزمات الإنتاج، . كما أن هناك تيسيرات إجرائية كبيرة في استخراج التراخيص الصناعية للوحدات. كما تم منح الاولوية في التخصيص لطلبات التوسع للمشروعات القائمة داخل المجمع ذاته وأثبتت الجدية وكذلك اولوية نسبية بالنسبة للمستثمرين الذين سيقومون بالسداد الفورى لثمن الوحدة .
ويمكن للمتقدمين معرفة نتائج الطرح وموقف طلباتهم بخطوات بسيطة من خلال الدخول على موقع المنصة www.madein.eg. كما تم اخطار المستثمرين عن طريق إرسال رسائل نصية قصيرة (SMS) ورسائل بالبريد الإلكتروني لإفادتهم بنتيجة الوحدات المخصصة لهم. على ان يتوجه المستثمرون الفائزون للمقر الرئيسي للهيئة العامة للتنمية الصناعية لاستكمال الإجراءات وتسليم اصل المستندات التي تم رفعها الكترونيا على المنصة لتتمكن الهيئة من تجهيز محاضر الاستلام والعقود لتسليم المستثمرين وحداتهم.
وتحرص الوزارة من خلال الطرح الالكتروني من خلال قناة موحدة وهي منصة مصر الصناعية الرقمية على تحقيق الشفافية التامة و العدالة والانجاز الفورى للبت في الطلبات الواردة من خلال سرعة آليات المفاضلة والتخصيص، تقديرا لأهمية وقت المستثمر.