كاتب أمريكي يكشف تأثير قرار بايدن بتقييد الأسلحة لـتل أبيب
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
أثار قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتعليق وقيد منح الاحتلال الإسرائيلي قنابل أمريكية، تساؤلات عدة عن مستقبل العلاقات الإسرائيلية– الأمريكية، رغم رد رئيس الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أنه لا يهتم بهذا القرار وسوف يمضى قدما في العملية العسكرية في رفح، إلا أن المؤشرات تؤكد أن القرار وضع حكومة نتنياهو في ورطة غير معلنة.
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقال رأي، للمعلق، جدعون رتشمان. قال فيه إن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنها الاعتماد على نفسها، حيث ويعرف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو هذا، ولذلك قد يكون القرار الأمريكي بتقييد السلاح إلى الاحتلال الإسرائيلي نقطة تحول في العلاقات بين البلدين.
وبدأ رتشمان مقالته بعبارة "وحتى أنت يا جو"، وذلك في تذكير بما قاله جوليوس قيصر لبروتوس "وحتى أنت بروتوس" مردفا: "فعلى مدى الأشهر الماضية تجاهل بنيامين نتنياهو النقد الدولي لإسرائيل، حيث كان يشعر بالأمان لاعتقاده أن أمريكا منحته دعما ثابتا، فلو كان خلفك البيت الأبيض، فمن يهتم بجنوب أفريقيا أو بطلاب جامعة كولومبيا؟".
ومع ذلك "فحتى إدارة بايدن لديها حدودها، وأدى تصميم نتنياهو على شن هجوم شامل على رفح لاتخاذ الولايات المتحدة قرار تعليق بعض مساعداتها العسكرية إلى الاحتلال الإسرائيلي، فيما ورد نتنياهو على قرار الولايات المتحدة بتحد وتبجح. على ما يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي ماضي في هجومها على رفح مستخدمة ترسانتها العسكرية الضخمة.
ويقول رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، إنه لا توجد قوة خارجية، قادرة على منع بلده من الدفاع عن نفسها وبالطريقة التي تناسبها، مؤكدا أن "الاحتلال سيقف وحيدا لو استدعت الحاجة".
لكن الحقيقة كما يقول رتشمان أن الكثير من المستوطنين شعروا بالصدمة من قرار بايدن، ووصفه مؤسس صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" ديفيد هوروفيتش بأنه "إعلان مدمر"، وكان وصفه للوضع صارخا: "خسرت إسرائيل التي تخلى عنها المجتمع الدولي الدعم العام والذي لا يتوقف والحماية الكاملة من حليفها الضروري".
قرار بايدن، يثير أسئلة خطيرة حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية وكذا خيارات حكومة نتنياهو، وهناك الكثيرون في المؤسسة الأمنية في الاحتلال يدعمون فتح جبهة ثانية مع حزب الله في لبنان، لكن الولايات المتحدة عبرت عن معارضتها الواضحة للفكرة، ويعلق رتشمان أن نتنياهو ربما افترض في السابق أن الولايات المتحدة ستقف دائما وراء الاحتلال الإسرائيلي وتقدم لها الدعم العسكري الضروري.
لكن قرار بايدن في رفح يعطي صورة أن هذا افتراض ليس صحيحا، فالولايات المتحدة ستواصل مد الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة الدفاعية مثل معترضات الصواريخ، إلا أن إمدادها بقنابل المدفعية لعمليات هجومية لم يعد مضمونا.
ومن الواضح أن نتنياهو خائف من توجيه اتهامات له ولبعض زملائه من المحكمة الجنائية الدولية، حيث يريد الاحتلال الإسرائيلي من الولايات المتحدة العمل من خلف الستار والضغط على الجنائية الدولية، ودعما خطابيا من الولايات المتحدة ضد الاتهامات الواسعة بشأن ارتكاب جرائم حرب أو حتى إبادة في غزة.
وباعتراف بايدن، في مقابلة تلفزيونية، بأن القنابل الأمريكية قتلت مدنيين في غزة، فقد تحركت الولايات المتحدة باتجاه المصادقة على فكرة أن تكتيكات الاحتلال ذهبت أبعد من قتال في حرب مشروعة، ووجد تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية أن الاحتلال الإسرائيلي ربما استخدمت السلاح الأمريكية بطريقة خرقت فيها القانون الدولي الإنساني.
ويقول رتشمان: "خلف الأضواء، كان استخدام الاحتلال الإسرائيل للقنابل الثقيلة مصدر توتر ولشهور في داخل المؤسسة الأمنية الأمريكية، وأخبرني في العام الماضي ديمقراطيا بارزا عن رعبه من أن إسرائيل في ملاحقتها لقائد عسكري واحد في حماس أسقطت قنبلة قوية على مخيم لاجئين وقتلت العشرات، ودفع منظور حدوث هذا مرة أخرى وبشكل متكرر في الهجوم على حماس في رفح البيت الأبيض للتحرك".
كذلك، يعلّق الكاتب، بأن بعض نقاد بايدن يتهمونه بأنه مدفوع بالسياسة وليس مظاهر القلق الإنساني، فلا شك أنه في ظل الانتخابات الرئاسية، لا يمكنه خسارة أصوات الشباب التقدميين الغاضبين على ما يجري في غزة، ولكن نتنياهو هو مدفوع أيضا بالسياسة ويلعب بها أيضا. فمن أجل البقاء في السلطة، يحتاج الزعيم الإسرائيلي للحفاظ على اليمين المتطرف إلى جانبه، وأفراد هذا المعسكر هم من الأكثر الأصوات الداعية للهجوم على غزة.
ويقول الكاتب، إنه بعيدا عن السياسة والمخاوف الإنسانية، فهناك خلاف استراتيجي أساسي بين حكومة نتنياهو والبيت الأبيض، فمنذ البداية وازنت إدارة بايدن ما بين تعاطفها مع الاحتلال الإسرائيلي والتزامها الحقيقي بأمنها بشكوك عميقة حول أساليبها واستراتيجيتها.
حكومة الاحتلال الإسرائيلي تبنّت على ما يبدو موقفا عسكريا من الفلسطينيين، وقالت إن عليها القضاء على حماس واستعادة الردع وأن القوة هي الطريق نحو الأمن، وبخلاف هذا، اعتقدت إدارة بايدن أن مستقبل الاحتلال الإسرائيلي لا يتم تأمينه بدون المشاركة بإنشاء دولة فلسطينية.
وتعرف الولايات المتحدة من تجربتها المرة في أفغانستان، أنها لا تستطيع هزيمة منظمة مثل حماس أو طالبان من خلال قتل قادتها وقواتها الراجلة، فبدون حل سياسي مستدام، فهناك إمكانية موجودة لاستعادة المنظمة قوتها وانضمام جنود جدد لها، وبالتأكيد، فمن المحتمل أن يؤدي القتل الجماعي للمدنيين إلى موجة تجنيد جديدة وجيل جديد من مقاتلي حماس، وعليه فـ "مواجهة الواقع يحتاج إلى تحول عميق في تفكير نتنياهو ومعظم الرأي العام لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وهذا التغير أصبح أقل احتمالا بعد صدمة ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. وربما كانت هناك حاجة لصدمة خارجية مثل قرار البيت الأبيض بخصوص الأسلحة وإجبار الإسرائيليين على الخروج من الإستراتيجية الوحشية والمدمرة للذات التي تبنوها في غزة. ولو ساعد قرار بايدن لبدء هذه العملية، فربما استطاع إنقاذ شيء من الرعب الحالي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن الاحتلال رفح غزة امريكا غزة الاحتلال بايدن رفح صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة قرار بایدن فی غزة
إقرأ أيضاً:
ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
نيويورك: إسلام الشافعي
في خطوة تعيد رسم خريطة تنظيم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا بعنوان «ضمان إطار وطني للسياسة الخاصة بالذكاء الاصطناعي»، يهدف إلى ترسيخ هيمنة واشنطن في هذا القطاع عبر تقليص سلطة الولايات في سنّ قوانينها المنفردة. يأتي الأمر استكمالًا لمسار بدأه ترامب في يناير 2025 بالأمر التنفيذي 14179 «إزالة العوائق أمام قيادة أمريكا في الذكاء الاصطناعي»، الذي ألغى عددًا من سياسات الإدارة السابقة واعتبر أنها تعرقل صناعة الذكاء الاصطناعي وتكبّل الابتكار.
يقدّم الأمر التنفيذي الجديد رؤية واضحة: الولايات المتحدة تخوض سباقًا عالميًا على الريادة في الذكاء الاصطناعي، وأي «ترقيع تنظيمي» على مستوى الولايات من شأنه إضعاف الشركات الأميركية في مواجهة منافسيها الدوليين. الإدارة ترى أن تعدد القوانين بين ٥٠ ولاية يخلق عبئًا تنظيميًا معقدًا، خاصة على الشركات الناشئة، ويحوّل الامتثال القانوني إلى متاهة مكلفة تهدد الاستثمارات التي تقول الإدارة إنها بلغت تريليونات الدولارات في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة.
يلفت الأمر التنفيذي النظر بشكل خاص إلى تشريعات بعض الولايات، وعلى رأسها قانون في كولورادو يستهدف «التمييز الخوارزمي» في أنظمة الذكاء الاصطناعي. ترامب يهاجم هذا النوع من القوانين بوصفه محاولة لفرض «انحياز أيديولوجي» على النماذج، بل يذهب إلى القول إن متطلبات تجنّب «الأثر التفاضلي» على الفئات المحمية قد تجبر الأنظمة على تقديم نتائج خاطئة أو غير دقيقة من أجل استيفاء الاعتبارات القانونية.
لتنفيذ هذه الرؤية، يكلّف الأمر التنفيذي وزارة العدل بإنشاء «فريق تقاضٍ للذكاء الاصطناعي» تكون مهمته الوحيدة الطعن في قوانين الولايات التي تتعارض مع السياسة الفدرالية الجديدة، سواء بحجة انتهاك سلطة الحكومة الاتحادية في تنظيم التجارة بين الولايات، أو بحجة تعارضها مع اللوائح الفدرالية القائمة، أو أي أسباب قانونية أخرى تراها الوزارة مناسبة. بالتوازي، يطلب من وزارة التجارة إعداد تقييم شامل لقوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات، مع تحديد تلك التي تُلزم النماذج بتعديل مخرجاتها الصحيحة أو تجبر المطورين على إفصاحات يُحتمل أن تصطدم بالتعديل الأول للدستور الأمريكي وحماية حرية التعبير.
أحد أكثر بنود الأمر إثارة للجدل هو ربطه بين موقف الولايات التشريعي من الذكاء الاصطناعي وبين إمكانية حصولها على تمويل اتحادي في مجالات حيوية، مثل برنامج «الإنصاف في النطاق العريض وإتاحته ونشره» (BEAD) المخصص لتوسيع الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة. فالأمر التنفيذي يفتح الباب أمام حرمان الولايات ذات القوانين «المُرهِقة» من بعض التمويل غير المخصص للبنية التحتية المباشرة، بذريعة أن البيئة التنظيمية المجزأة تهدد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الشبكات فائقة السرعة وتعطّل هدف تحقيق اتصال شامل للمواطنين.
ويمضي الأمر أبعد من ذلك، إذ يدعو هيئات فدرالية مثل لجنة الاتصالات الفدرالية ولجنة التجارة الفدرالية إلى بحث وضع معايير وطنية ملزمة للإبلاغ والإفصاح عن نماذج الذكاء الاصطناعي، تكون لها الأسبقية على القوانين المتعارضة في الولايات، وإلى توضيح متى تُعتبر قوانين الولايات التي تفرض تعديل المخرجات «الحقيقية» للنماذج نوعًا من الإلزام بالسلوك المضلِّل المحظور بموجب قانون التجارة الفيدرالي.
في الخلفية، تلوّح الإدارة أيضًا بمسار تشريعي طويل الأمد؛ إذ يوجّه الأمر المستشار الخاص بالذكاء الاصطناعي والتشفير، ومستشار الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، لإعداد مشروع قانون يضع إطارًا فدراليًا موحدًا للذكاء الاصطناعي يَسمو على قوانين الولايات المتعارضة مع هذه السياسة، مع استثناءات تتعلق بحماية الأطفال، والبنية التحتية للحوسبة، واستخدام الحكومات المحلية للذكاء الاصطناعي.
بهذا، لا يقتصر الأمر التنفيذي على كونه وثيقة تنظيمية تقنية، بل يتحول إلى محطة جديدة في الصراع بين الحكومة الفدرالية والولايات حول من يملك الكلمة العليا في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي في أميركا، بين من يرى أن التساهل التنظيمي شرطٌ للحاق بالسباق العالمي، ومن يخشى أن يتحول ذلك إلى فراغ رقابي يترك الحقوق المدنية والبيانات الحساسة دون حماية كافية.
و بينما تصف إدارة ترامب هذه الخطوة بأنها ضرورية لحماية الابتكار الأميركي وتفادي “فسيفساء تنظيمية” تعطل الاستثمار، ترى حكومات ولايات ومجموعات حقوقية أن الأمر التنفيذي يضعف طبقة الحماية المحلية التي فُرضت استجابة لمخاوف حقيقية تتعلق بالتمييز الخوارزمي والخصوصية، ما يفتح جولة جديدة من الجدل القانوني والسياسي حول من يملك حق رسم قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
حذّرت حكومات عدد من الولايات من أن الأمر التنفيذي يعتدي على سلطاتها الدستورية في تنظيم شؤون مواطنيها، خصوصًا في مجالات حماية الخصوصية والتمييز في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد مسؤولون في هذه الولايات أن القوانين المحلية لا تستهدف عرقلة الابتكار، بل وضع حدّ لاستخدامات قد تضر بالحقوق المدنية أو تعزز التحيّز ضد مجموعات بعينها.
ومن جانبها، سارعت المجموعات الحقوقية إلى انتقاد القرار، معتبرة أنه يمنح الشركات التكنولوجية حرية واسعة على حساب آليات المساءلة والشفافية، ويُضعف قدرة الضحايا المحتملين على مواجهة الأضرار الناجمة عن أنظمة خوارزمية متحيزة أو غير شفافة.
وترى هذه المنظمات أن ربط التمويل الفيدرالي بمواقف الولايات التشريعية قد يتحوّل إلى أداة ضغط سياسي تُستخدم لثني المشرّعين المحليين عن سنّ قوانين لحماية المستهلكين.