قبل الحرب على غزة كانت مجرد المطالبة بمقاطعة من أي نوع لإسرائيل أو المستوطنات في الضفة، مخالفة يعاقب عليها القانون الأميركي في أكثر من 27 ولاية.
لكن تحت وقع شلالات الدم، وغضب الطلاب من مشاركة جامعاتهم في تمويل المذابح، واعتصاماتهم، وخيامهم ومظاهراتهم، وافقت جامعات عدة، على رأسها «هارفارد»، صاحبة أكبر وقف استثماري أكاديمي في العالم، يبلغ 50 مليار دولار، على إلغاء العقوبات عن الطلاب المتهمين بارتكاب مخالفات، وإعطاء منح لفلسطينيين، وفتح مركز للدراسات الفلسطينية.
وافقت جامعات عدة، على مناقشة موضوع الاستثمارات مع طلابها المحتجين، بينها «نورث ويسترن»، و«روتجرز»، أما جامعة «براون» فكانت السبّاقة بالموافقة على إجراء تصويت على سحب الاستثمارات. غير أن «هارفارد» هي تحديداً التي أثارت غضب مناصري إسرائيل وقلقهم، رغم أن ما وعدت به طلابها، مجرد تنازل جزئي وشفاهي، من السهل تمييعه. ومع ذلك فالحملات مستشيطة، لأنها زبدة الزبدة من ناحية، ثم لأن حجم استثماراتها يفوق ميزانيات أكثر من 100 دولة في العالم.
أما جامعة كولومبيا، قائدة الاحتجاجات، بإدارة الدكتورة نعمت شفيق، فلا خوف عليها، إلا أن «مدرسة الاتحاد اللاهوتية» التابعة لها قررت منفردة أن تدعم سحب الاستثمارات من «الشركات التي تستفيد بشكل كبير من الحرب في فلسطين»، وهو ما يجعل مناصري إسرائيل، يتوجسون من أن تكرّ السبحة في الكليات الأخرى، وتفلت كولومبيا من أيديهم.
هؤلاء يشنون حملات تجمع بين التخويف والوعيد. يرعبون الناس من القادم بعد أن تنازلت جامعات لـ«معاداة السامية» وخضعت لأصوات «الكراهية». وثمة ترويج لفكرة أن الاستثمارات لصالح إسرائيل جرى تضخيمها، وهي لا تمثل سوى واحد في المائة. علماً بأن جامعة واحدة فقط، حسب طلابها، توظِّف 6 مليارات دولار في صناعة طائرات حربية وأجهزة مراقبة وتتبُّع تُستخدم في اضطهاد وقتل فلسطينيين. ومن ضمن الاستراتيجيات للجم المحتجين تهديد الطلاب بأن سحب الاستثمارات يعني أرباحاً أقل ورفعاً للأقساط التي سيتحملون فارق تكاليفها من جيوبهم. علماً بأن هناك مَن يؤكد أن الفائض يذهب إلى مصروفات أنانية، وتضخيم للإدارة وموظفيها ومعاشاتهم.
نفوذ كبير للوبي الصهيوني في الجامعات، وضغط قاسٍ على الطلاب، مما يجعل مقارنة ما يحدث اليوم، بالاحتجاجات الجامعية لإنهاء حرب فيتنام، أو محاربة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، غير عادلة. وقتها سحبت 155 جامعة استثماراتها، وكان ثمة خجل واضح من دعم العنصرية، مما جعل الحكومة ترضخ رسمياً للمطالب عام 1986.
لكنَّ العلاقة بين أميركا التي تضم أكبر جالية يهودية في العالم، وإسرائيل التي يعيش فيها نصف مليون شخص يحمل الجنسية الأميركية، يجعل كل طلب بالفصل بين مصالح الطرفين، عُرضة لهجوم لوبيات شرسة، برؤوس متعددة.
رغم ذلك، تحقق في وقت قياسي، ما لا يمكن التغاضي عنه، ومن الصعب العودة إلى الوراء، لأن الأعين فُتحت على تجاوزات معيبة. الكرة تتدحرج مع تراكم الأسئلة: هل يُعقل أن الطلاب هم من يطالبون إدارتهم بالتزام الإنسانية والقيم بدل أن يحدث العكس؟ وكيف لمؤسسات رائدة، في البحث عن الحقيقة والدفاع عنها، تضم أشهر جامعات الحقوق والفكر، تخون ما تعلّمه لطلابها، وتموِّل بأموالهم أبشع جرائم العصر، وأفظع الحروب؟ هل يحق لجامعة، بذريعة البحث عن الربح أن تستثمر مداخيلها في شركات تصنِّع الأسلحة الفتاكة، وقنابل تقتل مدنيين، وطائرات تقصف البيوت والمدارس؟ وكيف لإسرائيل التي دمَّرت 80 في المائة من مدارس وجامعات غزة، أن تنفّذ جرائمها بأموال طلاب الجامعات الأميركية؟
«رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة»، وما حققه طلاب أميركا مجرد بداية متواضعة لحلحلة رباط عمره عقود شبيه بالزواج السرِّي بين جامعات النخبة الأميركية وإسرائيل، نعرف بعضه ونجهل أغلبه. ولولا شلالات الدم المراق في غزة، والأبحاث المضنية التي يقوم بها الطلاب، لما عرفنا بعضاً من خيوط تلك الخريطة المعقدة التي يتشابك فيها السياسي بالمالي بغطاء أكاديمي موقّر، وتحركها الأصابع الخفية للوبي الصهيوني.
(الشرق الأوسط)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة جامعات امريكا غزة الاحتلال جامعات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة المنصورة يستقبل إدارة مركز خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة
استقبل الدكتور شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، صباح اليوم الاثنين، إدارةَ مركز خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة، ومنسق الدكتور رئيس الجامعة لشؤون ذوي الهمم، بحضور الدكتور محمد عطية البيومي، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب؛ وذلك عقب صدور قرارات التعيين
وحضر اللقاءَ كلٌّ من: الدكتورة نانيس البلتاجي، مدير المركز، والدكتور إبراهيم أبو زيد، نائب مدير المركز، والباحثة سهيلة محمد متولي، منسق أ.د رئيس الجامعة لشؤون الأشخاص ذوي الهمم.
وأكّد الدكتور شريف خاطر، خلال اللقاء، حرصَ الجامعة على تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بدعم وتمكين الأشخاص ذوي الهمم، في إطار تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن الجامعة تتبنى سياسةً تعليميةً دامجةً وعادلةً، تتيح فرصًا متكافئة لجميع الطلاب دون تمييز.
وأشار رئيس الجامعة إلى أن دعمَ وتمكينَ الأشخاص ذوي الهمم ليس مجردَ التزامٍ إداري، بل هو واجبٌ وطنيٌّ وإنسانيٌّ، يعكس إيمانَ الجامعة بأن التنوعَ مصدرُ قوة، وأن دمجَ الطلاب في الحياة الجامعية يُعَدُّ رافدًا من روافد التميز المؤسسي.
كما وجَّه إدارةَ المركز بتكثيف الفعاليات والأنشطة الطلابية، وتعزيز التعاون بين المركز والكليات المختلفة لتوسيع نطاق الخدمات، وتوثيق جميع الأنشطة والنماذج الطلابية الملهمة.
وأكَّد الدكتور شريف خاطر أن من الأولويات الأساسية للمركز خلال المرحلة المقبلة ضرورةَ إشراك الطلاب ذوي الهمم في تصميم البرامج والخدمات التي تلبي احتياجاتهم؛ بما يتوافق مع المعايير الوطنية والدولية في هذا المجال، ويعزز فرصَ اندماجهم ومشاركتهم الفاعلة.
كما كلَّف رئيس الجامعة الباحثةَ سهيلة محمد متولي بتولي مهام المتابعة والتنسيق في هذا الإطار؛ لضمان تيسير تنفيذ الخطط وتحقيق أهداف الجامعة في إدارة هذا الملف، تماشيًا مع رؤية الجامعة القائمة على إشراك الطلاب والباحثين ذوي الهمم، وتمكينهم من أداء أدوار فاعلة في المجتمع الجامعي، بما يُسهم في دعم اندماجهم الكامل.
من جانبه، أعرب الدكتور محمد عطية البيومي عن سعادته بهذا اللقاء، مشيدًا بالجهود المبذولة في الجامعة لضمان بيئةٍ تعليميةٍ دامجةٍ وآمنة لجميع فئات الطلاب، كما وجَّه بضرورة توثيق الأنشطة من خلال منصة "منديس" التي أُطلقت حديثًا، وتفعيل ملف ذوي الهمم في المجلة الصادرة عن قطاع التعليم والطلاب؛ لتحقيق فاعلية البرامج واستدامة الخدمات المقدَّمة.
وعبّرت الدكتورة نانيس البلتاجي عن سعادتها بالثقة التي منحها إياها الأستاذ الدكتور شريف خاطر، رئيس الجامعة، بتولي مهام إدارة مركز خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرةً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد انطلاقةً جديدةً للمركز من خلال خطةٍ متكاملة لتوسيع نطاق الدعم الأكاديمي والنفسي والتأهيلي، بالتعاون مع كليات الجامعة والجهات المختصة.
كما قدّمت الباحثة سهيلة محمد متولي باقةَ وردٍ رمزيةً للأستاذ الدكتور شريف خاطر؛ تعبيرًا عن الامتنان للثقة والدعم، مؤكدةً ثقتها في قدرتها على أداء المهمة، وعزمَها على تمثيل صوت الطلاب من ذوي الإعاقة داخل الجامعة، والعمل على إبراز قدراتهم وتمكينهم في مختلف المجالات.