"المقهى العلمي" يسلط الضوء على جهود تحقيق الحياد الصفري
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
مسقط- الرؤية
استضافت الجلسة الأولى من الموسم الحادي عشر لـ"المقهى العلمي"، الدكتورة مريم بنت محمد البوسعيدية، رئيس البرنامج الوطني للحياد الصفري بهيئة البيئة، والمهندسة سارة بنت زاهر العفانية، مدير تخطيط المزارع بشركة تنمية نخيل عمان، للحديث جهود سلطنة عُمان في تحقيق الحياد الصفري الكربوني.
وينظم حلسات "المقهى العملي" مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية "موارد" التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وبرعاية "الموج مسقط".
وقالت قالت الدكتورة مريم البوسعيدية إن سلطنة عمان اعتمدت عام 2050 لتحقيق الحياد الصفري، واتخذت العديد من الإجراءات ومنها التطوير السريع لتقنيات الطاقة النظيفة والمبادرات الخضراء واستثمارات الهيدروجين الأخضر وتوسيع المساحات الخضراء والحفاظ على المحميات الطبيعية لمكافحة تغير المناخ.
وحول استعدادات سلطنة عُمان للاقتصاد الأخضر والتسارع في الاقتصاد، أوضحت رئيس البرنامج الوطني للحياد الصفري: "قمنا بإشراك مختلف المؤسسات وكافة الشرائح، وخرجنا في مختبر إدارة الكربون بـ49 مبادرة جميعها تهدف إلى الاستجابة للتحديات القادمة، ولتخفيض انبعاثات الكربون، وهناك بعض الأمثلة مثل استزراع مليون شجرة ومبادرات النقل الأخضر (استخدام السيارات الكهربائية)، إضافة إلى مشاريع بحثية أخرى".
من جانبها، أوضحت المهندسة سارة بنت زاهر العفانية أن شركة تنمية نخيل عمان تحرص على تعزيز جهود الوصول إلى الحياد الصفري الكربوني، حيث يتم تخصيص واستحداث قطاعات جديدة في الشركة لتحقيق هذه الأهداف، مضيفة: "توجه الشركة في مبادرة امتصاص الانبعاثات يتجلى في تبني مشاريع اقتصادية مرتبطة بالأمن الغذائي، وزراعة محاصيل زراعية تساهم في تأمين الغذاء، والحفاظ على البيئة".
وأشارت مدير تخطيط المزارع بشركة تنمية نخيل، إلى أن الشركة وضعت نصب أعينها استزراع الغابات لامتصاص الكربون وتحقيق الغطاء النباتي، مبينة: "نجحنا في زراعة 30 ألف شجرة ليمون عماني لتوفير 38% من إنتاج سلطنة عُمان، كما عملت الشركة على استغلال المياه المصاحبة للنفط في مناطق الامتياز (منطقة ريما بولاية الجازر بمحافظة الوسطى) لزراعة 150 ألف شجرة الجوجوبا، وهي عبارة عن نبتة زيتية يستخدم زيتها في صناعات الدواء ومستحضرات التجميل.
وتابعت قائلة: "أما في مجال البحث والتطوير فقد عملت الشركة مع جامعة أريزونا الأمريكية لدراسة استغلال الصخور وتفتيتها لنشرها حول الغطاء النباتي لامتصاص الكربون، وشركة تنمية نخيل عمان تقوم بتقييم الموارد قبل نشر الغطاء النباتي".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تدوير النفايات في سلطنة عمان.. ثقافة المواطن أم غياب البنية؟
د. داود البلوشي
في مقال نُشر مؤخرًا بجريدة "عمان"، طُرحت مسألة تدوير النفايات المنزلية كقضية مجتمعية، ودُفعت المسؤولية بشكل مباشر إلى المواطن تحت عنوان "نقص الوعي المجتمعي"، في حين غُيّبت بذكاء إشكالية جوهرية، وهي تأخُّر البنية التحتية البيئية والخدماتية الداعمة لهذا السلوك الحضاري.
لقد جاءت التوجيهات السامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- واضحةً وصريحةً في مسألة تطوير المحافظات، إذ اعتبر جلالتُه تنميةَ المحافظات والمدن المستدامة من أولويات الرؤية المستقبلية لعُمان، وركيزةً استراتيجية لتحقيق تنميةٍ شاملةٍ ومستدامةٍ اقتصاديًّا واجتماعيًّا، بما يعزّز قدرةَ المحافظات على إدارة مواردها واستغلالها بكفاءة.
وقد أكّد جلالةُ السُّلطان -أعزّهُ اللهُ- في خطابهِ بمناسبةِ الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023، قائلًا: إنّ الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسّسنا قواعده من خلال إصدار نظام المحافظات، وقانون المجالس البلديّة، استكمالًا لتنفيذ رؤيتنا للإدارة المحليّة القائمة على اللامركزية، سواءً في التّخطيط أو التنفيذ، ولتمكين المجتمع المحلي من إدارة شؤونه والإسهام في بناء وطنه.
من غير العدل تحميل المواطن عبءَ التقصير في غياب الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. إذ لا تزال معظم الحارات والمجمّعات السكنية في السلطنة، حتى اليوم، تعاني من مشكلات مزمنة في جمع النفايات. فالحاوياتُ بعيدةٌ ومهترئة، والمخلفاتُ تتكدّس لأيام، والانبعاثات تنشر الأمراض والروائح، كيف نطلب من المواطن فرز نفاياته منزليًّا، في الوقت الذي لا تُوفَّر له حاوية مناسبة أو نظام واضح للتجميع؟
ما لا يجب تجاهله أنّ المواطن العُماني ليس غريبًا عن فكرة الفرز، كثيرٌ من المواطنين يفرزون الورق والكارتون والمعادن والزجاج دون توجيهٍ رسمي، فقط بدافعٍ أخلاقي. العُمانيون، بطبعهم، يحبون بيئتهم ونظافة مدنهم. المشكلةُ ليست في الوعي، بل في البنيةِ التي تأخرت عن اللحاق بهذا الوعي، وفي غياب أدواتِ الدعم والتشجيع.
منطقةٌ مثل سيح المالح، التابعة لشركة تنمية نفط عُمان، تُعدُّ نموذجًا مُشرقًا لما يمكن أن يكون عليه التخطيطُ البيئي السليم: حاويات ملوّنة للفرز، نظام جمعٍ متكامل، بنية طرق تخدم النقل البيئي، وسكان يتجاوبون مع النظام بسهولة. لماذا لا يتم تعميم هذا النموذج؟ ولماذا لا يكون حجرَ أساس في خطة وطنية تُطلقها هيئة البيئة بالشراكة مع المحافظات؟
للوصول إلى نظام متكامل ومستدام، لماذا لا يُؤسَّس كيان وطني جديد، شركة مساهمة عامة بيئية وخدمية، تُعنى بجمع النفايات وتدويرها، وتطوير مياه الصرف، والحدائق، والإنارة، والخدمات العامة، ويُسمح للمواطنين بالمساهمةِ فيها مباشرة؟ رسومُ الخدمات التي يدفعها المواطن اليوم لشركة "بيئة" يمكن تحويلها إلى رأسمالٍ تشغيلي لتلك الشركة الجديدة، في نموذجِ شراكةٍ فعليٍّ بين المواطن والدولة.
لا يمكن أن نطلب من المواطن ما لم تفعله الدولة. لا يجوز لومُ الناس على سلوكياتٍ لم تُعزَّز بخدمات مناسبة، ولا تحميلُ الوعي المجتمعي ما هو في الأصل مسؤوليةٌ حكوميةٌ وتشريعيةٌ وتنظيمية.
الخطوةُ الأولى لتدوير النفايات في عُمان ليست في نشرات التوعية، بل في خدمةٍ محترمة، وتشريعٍ مُلزِم، وحاويات مخصصة، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.