وقفتنا هذا الأسبوع، عن موضوع أحزننى كثيرًا أخطرنى به أحد الأصدقاء، وقد صدمنى هول ما رأيت من قيام أحد المسئولين، والعاملين المنفذين بإزالة عدد من الأشجار المزهرة باللون الأحمر الجميل التى تزهر مع بداية فصل الربيع، بحجة وضع كابل كهربى، ولم تكن هى تلك السقطة وحدها بل تم حفر، وإزالة سفلتة الرصيف المرصوف برصف الإنترلوك على رصيف كورنيش النيل، والتى تم تركيبها من شهور قليلة، أمام أحد الأندية التى يتم إنشاؤها حديثًا أمام عمارات مدينة الإخاء للجيش، والشرطة بمنطقة طرة، و"كوزيكا" التابعة لحى طرة بدائرة قسم المعادى، والتى يقابلها الناحية الأخرى من شط نهر النيل مدينة طموه التابعة لمحافظة الجيزة، هذا المسئول مهما كانت مبرراته لا تقبل أبدًا بسبب تركيب كابل كهربى أن تتم إزالة أشجار مزهرة جميلة ورائعة هى رئة للمواطن المطحون أصلاً وخاصة أنى أظن أنه كانت هناك بدائل لا تضطره لفعل ذلك، وأيضًا توضح غياب التنسيق والدراسة والترتيب والخطة، حتى لا يتم هدم وحفر لطوب الإنترلوك، الذى تم تركيبه من شهور قليلة وكان يمكن تفادى ذلك من خلال وضع خطط خمسية وقصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل يتم بها تفادى التركيب، ثم الحفر، ثم التركيب مما يضيع على الدولة ملايين الجنيهات، التى تتحدث بالمليارات الآن مدفوعة ضرائب من جيوب الشعب، بل لم يكتف المسئول بذلك بل حضر أحد العاملين بمنشار كهربى، وقام بتقطيع خشب الأشجار التى تم اجتثاثها فهل الموضوع مقصود بقى هكذا؟ لا بد أن تكون الدولة لها صاحب يدافع عنها، وعما يحدث من تقصير يؤدى إلى مثل هذه النتائج، ولا بد من محاسبة هذا المسئول المتسبب لتلك السقطات التى تضيع ملايين الجنيهات وكأن تلك الأموال ليس لها صاحب، ده غير تدمير البيئة والانتقاص من جمالها والإضرار بصحة الناس، والناس مش ناقصة صراحة يعنى، من خلال إزالة أشجار مزهرة مفيدة للصحة ومريحة للعين تجعل من ينظر إليها، أو يمر بجوارها بسيارته مرتاح البال والنفس.
يا سادة، بصراحة أنا أصبحت لا أقبل أعداء البيئة مهما كانت مبرراتهم، ولا بد من وقفة جادة، وصارمة مع مثل هؤلاء، ولا بد من نشر ثقافة وضع الخطط، والاستراتيجيات القصيرة، والمتوسطة والطويلة الأجل وثقافة التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة حتى لا نرى مثل تلك الأخطاء التى أراها كارثية على البيئة، وعلى المواطن وتضيع معها مواطن الصحة والجمال وأموال الدولة التى تتحصل عليها من جيوب المواطنين فى شكل ضرائب.
إلى هنا انتهت وقفتنا لهذا الأسبوع أدعو الله أن أكون بها من المقبولين، وإلى وقفة أخرى الأسبوع القادم إذا أحيانا الله، وأحياكم إن شاء الله.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مقالات
إقرأ أيضاً:
الميراث.. "قصة حزينة"
فجرت قضية سرقة المربية ذائعة الصيت فى مجال التعليم الدكتورة نوال الدجوي، أزمة مجتمعية بالغة التعقيد يكون فيها الميراث اللاعب الرئيسي فى المشهد بشكل عام، ورأينا كيف كان مفجرا لأزمات واتهامات وقضايا ومحاكم بين عائلات بالكامل، يستوي فى ذلك العائلات الثرية مع من هم أقل حظا فى الوفرة المالية، فالخلاف يمكن أن يحدث بين الورثة على شقة أو قطعة أرض صغيرة أو مبلغ بسيط من المال.
"ماما نوال"، كما يناديها معلمو وطلاب مدارسها وجامعتها، نسجت خيوط أسطورة فى مجال التعليم، وضربت "دار التربية" المثل فى مستوي التعليم الثانوى بنظاميه البريطاني والأمريكي، وتخرجت فى هذه المدارس أجيال تفوقت فى كل المجالات، فكان الحزم والاتقان والحرص على التميز عنوانا لمسته بنفسي عندما كانت ابنتي طالبة فى هذه المدارس.
"فتنة المال" تلعب دائما بمشاعر ضعاف النفوس، فالحفيد الذى تبين أنه الذى سرق كل المبالغ التى أعلن عنها، والذى قيل إنه أيضا صاحب قضية فى المحاكم، لم تكفِه للأسف كل هذه الأموال التى كان ينعم بها بلا شك فى حياته، فلا أعتقد ولا يعتقد أحد أنه كان محروما من الحياة الرغدة التى تعيشها هذه العائلة الثرية أبا عن جد، ولكنه الطمع الذى يسول للإنسان السير فى طريق لا يراعي فيه حتى كبر السن ولا المقام، ويكون سببا فى أن تلوك الألسن سيرة سيدة ظلت تحافظ على مكانتها وهيبتها حتى قاربت على التسعين عاما من عمرها.
رأينا من قبل الفنان الكبير رشوان توفيق وهو يبكي مرارة الخلافات مع ابنته على الميراث، وانشغل الرأى العام وقتها بهذه القضية التى وصلت إلى أروقة المحاكم، وكذلك قضية أبناء الدكتورة سعاد كفافي مؤسس جامعة مصر وخلافاتهم على الميراث أيضا والاتهامات التى ظلت شهورا طويلة حديث وسائل التواصل الاجتماعي، ومؤخرا تابعنا ما فجرته المذيعة بوسي شلبي ضد أبناء الفنان محمود عبد العزيز، وما وصل إليه الأمر من الدخول فى الاعراض واستباحة سيرة فنان كبير، بدون أى احترام حتى لحرمة الموت.
ماذا حدث للمجتمع؟ ولماذا يقدم ضعاف النفوس على تجاوز كل الثوابت الاخلاقية والاجتماعية؟ ولماذا لا تردعهم صلة الرحم وتوقير الكبير واحترام السيرة؟ الإجابة بالطبع تتعلق بكل التغيرات الاجتماعية التى غزت أواصر المحبة إلا من رحم ربي، والخلخلة فى النفوس التى أغواها الطمع.
الميراث "قصة حزينة" يلعب الجشع فيها وحب الذات دورا رئيسيا، والأمر له شقان الشق الأول هو ما يحدث أثناء حياة كبير العائلة الذى يضنيه نكران الجميل ونهش جسده وهو حي، وما أصعب هذا الشعور، والشق الثاني ما يتعلق بخلافات الورثة بعد وفاته، حيث يجور الأخ الذكر على الأخوات البنات، ويلقي لهم الفتات معتقدا أن المال مال أبيه ولا يجب خروجه لأطراف أخرى، غير مكترث بشرع الله الذى يلزمنا برد الحقوق إلى أصحابها، ولا حتى مكترث بصلة الأخوة ولا كونهم أكلوا ذات يوم على مائدة الطعام نفسها واستظلوا جميعا تحت سقف بيت أبيهم، وكذلك يجور الأعمام على حق أبناء أخيهم المتوفى، ويجور الأخ الذكر أيضا على باقي أخوته الذكور وهكذا.
الميراث والطمع متلازمتان فى مجتمعنا، فلا قوانين رادعة ولا أعراف شافعة، ولا حتى "العيب" مفردة يعرفونها، نسأل الله أن يطبطب على قلب كل من أصابه جرح بسبب "الورث" وأن يرد الحقوق إلى أصحابها.