لجريدة عمان:
2025-05-22@07:21:26 GMT

مذكّراتُ قارئ

تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT

أَدين بالوفاء والإكْبار لواضعي نصوصٍ للقراءة في الكتب المدرسيّة في الأدب العربيّ والأدب الفرنسيّ مختارةٍ، منتقاةٍ من عُيُون الأدب العالمي، الذي يُرغِّب الطالب الصغير، ويبعث فيه الشغف للبحث عن أصل النصّ المُقتَطَع ليُكمل ما بدأه في حصّة اللّغة العربيّة أو حصّة اللّغة الفرنسيّة. أدين بالوفاء لتلك اللّجان التي كانت في وزارة التربية والتعليم تبحث عن نصوصٍ تُحقّق الأهداف أوّلا في التربية وصناعة جيل واثق الخطْو متوازن الميل النفسي، وثانيا في تحقيق المقاصد التعليميّة غير المباشرة، إذْ تُقوَّم الألسنة ونحسن إجراء اللّغة بشكل سليم قبل أن نعرف نحو اللّغة أو صرفها.

أَدين بالوفاء لمعلّمي المرحلة الابتدائيّة الذين غرسوا بذرة أولى، وأنا أذكر معلّم اللّغة العربيّة في السنة الثانية ابتدائي لا ينطق اللهجة الدارجة ويتكلّم لغة فصيحة غريبة عنّا، وأذكر معلّمة اللّغة الفرنسيّة أمدّ اللّه في أنفاسها وكأنّها لا تعرف حرفًا واحدًا باللّغة العربيّة فلا نقدر حتّى على تخيّلها وهي تتكلّم بغير اللّسان الفرنسي ونحن نتهجّى الحروف الأولى منها.

تلك أرضيّة مدرسيّة أولى صنعت أجيالا قادرة مستطيعة واعية مُدركة قارئة وإنْ توزّعت تخصّصاتهم مذاهب شتّى، كان منهم المهندس والطبيب والفيزيائي والكيميائي وصاحب الأدب، وكلّهم -تقريبا- جُبِلوا على القراءة نتاج مهاد سليم في التعليم، وقتها لم يكن المُعلّمون يعرفون مناهج التربية التي أعتقد أنّها أخلّت وأضرّت بالتعليم، ولا يفقهون من أمرِ التعلّميّة وأصولها النظريّة، بل كانوا يعلمون جيدا العلمَ العمليّ، التعليم في أصوله النفعيّة والمنفعيّة، يأتي الطالب الفقير والغنيّ، السعيد والبئيس، النظيف والوسخ، الذكيّ والبسيط، يجمعهم حبّ المعلّم، ونصّ في القراءة يجمع آمالهم تخيّلا أو واقعا. أدين بالوفاء لحصّة لم أنْسها اسم حصّة المطالعة الشهريّة، حيث توفّر المدرسة أعمالا روائيّة أو قصصيّة في نسخ وفيرة، يطّلع عليها كلّ التلاميذ في الفصل إجبارا، ويُلخّصونها ويُسْألون في تفاصيلها، وكانت أغلب القصص من النتاج المحلّي، ممّا مكّن الأدباء المحليين من طباعة أعمالهم في أكثر من طبعة، وما زلنا لحدّ اليوم نذكر أسماء من القصّاصين لا تعني منزلة كُبرى في الأدب العربيّ، ولكنّها تعني الكثير في حنيننا إلى القراءة القصصيّة الأولى، منهم، عروسيّة النالوتي، مصطفى الفارسي، علي الدوعاجي، محمّد العروسي المطوي صاحب الرواية العظيمة «حليمة» وصاحب «التوت المرّ» وغيرها من القصص التي تتبّعناها من وجودها في كتب القراءة الرسميّة.

هذا الذي كتب فأعجب الأطفال واليافعين والكبار، لم يكن في الأصل كاتبا بسيطا عاديّا، فقد أدركتُ من بعد ذلك أنّ محمّد العروسي المطوي هو أستاذ ومؤرّخ عاصر التجربة التعليمية في أواسط القرن العشرين في تونس، واهتم بمجالات متعدّدة، فحقّق كُتبا قراءتُها فقط قادرة على صناعة أديب، منها: «خريدة القصر وجريدة العصر»، تحفة المحبّين والأصحاب»، «أنموذج الزمان في شعراء القيروان»، إضافة إلى ما كتبه من بحوثٍ على شاكلة «الحروب الصليبيّة في المشرق والمغرب»، جلال الدين السيوطي»، «امرؤ القيس»، «أسس التطوّر والتجديد في الإسلام»، «من طرائف التاريخ»، «فضائل إفريقيّة في الآثار والأحاديث الموضوعة»، «سيرة القيروان»، دون أن أغفل عن وعي الرجل بضرورة بناء تعليم نافع ناجع، فكتب في ذلك «التعليم الزيتوني ووسائل إصلاحه» سنة 1953، وكتب كتبا مدرسيّة عديدة، فهو من القائمين على صناعة الكتب الرسميّة الموجّهة إلى الطلبة، وهذا مربط الفرس، فرجلٌ بهذا التكوين المعرفيّ والزاد العلميّ والخبرة الأدبيّة له القُدرة (صُحبة نُخبة لا تقلّ عنه معرفة وتجربةً، وعلى رأسهم كان الأديب العظيم محمود المسعدي) على توفير أرضيّة قرائيّة ناجحة، وهو أمرٌ يعجز عن إتيانه موظّفو التربية اليوم، ولذلك صار العجز عن القراءة في المراحل الابتدائيّة من مشاغل الدول التي ظلّت نامية.

أدين بالوفاء للمكتبات الرخيصة وللكتب الملقاة على قارعة الطريق التي كانت تُباع بسقْطِ المتاع والتي منها صنعتُ مكتبتي الأولى، كُتب صفراء فيها ديوان «سقْط الزند» للمعرّي، ونسخة حجريّة لكتاب الأغاني ولكتاب ألف ليلة، «البلاغة الواضحة» لعلي الجارم، كتب لستندال، فكتور هوجو، «الأيام»، «العبرات»، النظرات»، «دمعة وابتسامة»، وغيرها وفير ممّا أدّعي أنّه ثروتي اليوم، كُتب يبيعها أحيانا بائع يعرفها ويعرف ما فيها في الأسواق الشعبيّة، وأحايين عديدة، لا يعرفها ولا يعرف قيمتها، ويُمكن أن يسلّمك إياها بأيّ سعر تريده، المهمّ أن تأخذها منه.

الأسواق الشعبيّة كان لها دورٌ مهم في تغذية القراءة في جيلي إن استحال شراء الكتاب من المكتبات الفاخرة، بل يُمكن أن تجد في هذه الأسواق دُررا من الكتب لا تجدها في محلاّت البيع الفاخرة. أدين بالوفاء لنُخبة من الصحب سأخصّ منهم واحدا، وهو مصطفى الفارسي القيرواني الذي أراد أن يُضيف صفة القيرواني إلى اسمه وهو طالبٌ في الثانويّة ينشر الشعر والقصص في الصفحات الأدبيّة للملاحق الصحفيّة حتّى يتميّز عن أديبنا الشيخ من جيل الثلاثينيّات من القرن العشرين، الحامل نفس الاسم مصطفى الفارسي صاحب الروائع القصصيّة «المنعرج»، «حركات»، «القنطرة هي الحياة»، سرقت القمر»، هذا الصديق الذي علّمني بناء المكتبة، وتنافسنا في شراء مجموعات من الكتب، منها المكتبة الشعبيّة لتوفيق الحكيم، وكتب تراثيّة، ومجموعات شعريّة، وكنّا نقرأ ما يوازي كتابا كلّ يوم -تنافسا- حتّى نقضّي الليل جدلا ونقاشا. أثرتُ هذا الموضوع اليوم، ليس من باب أنّ ما كان هو الأفضلُ والأمْثلُ ولكن جرّاء سؤال أطرحه على القيّمين على التعليم في البلاد العربيّة، لماذا تركنا التعليم الناجح ودخلنا غمار مناهج في التعليم فاسدة؟ لماذا كلّما طرحنا برنامجا لإصلاح التعليم أفسدناه؟ أليس حريّا بنا أن نترك مناهج التعليم التي قُدّت في فضاءات مختلفة (ولي يقين أنّ الأخصائيين في التربويّات لا يعرفون كيف يصنعون جيلا ولا كيف يُمكن أن يُعلّموا)، وأن نُعوّل على طُرقنا البسيطة، وأعود إلى السؤال الذي ألحّ على طرحه في كلّ مناسبة، كيف يدرسُ الطالبُ اللغة العربيّة من الصفّ الأوّل ابتدائي، بل من المراحل التحضيريّة الأولى، ثمّ يأتي إلى الجامعة لا يعرف كتابة فقرة باللّغة العربيّة. 12 سنة من التعليم اليومي للغته الأمّ، كفيلة بأن تجعل الحائط ينطق بها؟ الخللُ حاصلٌ بالضرورة، في المناهج، في تخيّر النصوص (وقد ذكرتُ ذلك مرارا في عُمان تحديدا، ولا من مجيب)، في المعلم وهو الحلقة المهمّة لتطويع المناهج، المعلم صار آلة، إن لم يتفاعل هو مع ما يُدرّس فلا يُمكن أن ينقل هذا إلى الطالب، ألا يحقّ لنا اليوم أن نُعيد النظر بشكل جدّي في أدوات صناعة جيلٍ قارئ؟ من القصائد التي أحتفظ بها في ذاكرتي، لم تُفارقني من تعليمي الابتدائي قصيدة معروف الرصافي «الأرملة المرضعة»، انظروا إلى لغتها البسيطة، إلى معانيها الإنسانيّة، إلى ممكن التعاطف مع النصّ، وممكن التأثّر به، (لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا/ تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا/ أَثْوَابُهَا رَثَّةٌ والرِّجْلُ حَافِيَةٌ /وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَا/ بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا)، وانظر إلى ما يُدرّسونه اليوم، إمّا نصوصٌ ركيكة، أو نصوصٌ لا يتفاعل معها الطلبة ولا معلّمهم، فبربّكم متى تنهض هذه الأمّة من سُباتها التعليميّ الدبّي؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ی مکن أن

إقرأ أيضاً:

إرضاء القارئ العجول.. تأثير في شكل الكتابة وطريقة النشر ونوعية التلقي

طارق عسراوي: الكاتب لا يجب أن يخضع للقارئ -

أمجد ياسين: نفكر بالقارئ المتعدد وبعقلية المكتبة -

سلطان ثاني: النفس القصير مشكلة قرائية وليست كتابية -

محمد الشحري: الكتابة وفق ما يطلبه القارئ ابتذال -

أحمد عبد القادر: وهم القراءة يضغط على دور النشر -

أحمد البلوشي: القارئ النزق صنيعة أدب الترند -

في كتابه «رسائل إلى روائي شاب»، يكتب الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا: «الكاتب الذي يختار ببرود شؤونًا أو موضوعات بطريقة عقلانية معتقدًا أنه يتوصل بهذه الطريقة إلى النجاح بصورة أفضل، هو كاتب غير حقيقي، وسيكون في الغالب -بسبب ذلك- روائيًّا سيئًا حتى لو حقق النجاح: قوائم أكثر الكتب مبيعًا». ويؤكد يوسا أن الكاتب الذي يشعر في أعماقه بأن الكتابة هي أفضل ما حدث له، وما يمكن أن يحدث له، وأنها أفضل طريقة ممكنة للعيش، سيصرف النظر عن النتائج الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية التي يمكن أن يحققها، باعتبار أن الكتابة -في نظره- أكبر بكثير من كل المكافآت الأخرى التي قد ينالها.

وانطلاقًا من هذا القول، نتوقف عند أحد الإشكالات الجوهرية في علاقة الكاتب بالقارئ، خاصة في عصر يتسم بالتشظي الرقمي، والتلقي السريع، والقراءة المتعجلة أو السطحية؛ وهي سمات قد تدفع القارئ إلى الحكم على العمل الأدبي من الصفحة الأولى، أو المطالبة بأن تكون الرواية «سلسة وسريعة وسهلة»، وإلا تركها جانبًا. في هذه السطور، رصدنا مواقف عدد من الكتّاب والقرّاء والناشرين حول هذه المسألة: كيف يتعامل كل منهم مع القارئ العجول/ النزق، ذلك الذي يهجر الكتاب من أول صفحة أو يطالب بنص سريع الهضم؟ وهل يؤثر ذلك في القرارات السردية للكاتب، أو في خيارات النشر والترويج لدى الناشر؟ أما القارئ، فهل يرى في نفسه هذه الصفة؟ وما الذي يدفعه لمواصلة القراءة أو التخلي عن كتاب؟ وهل على الكاتب أن يجاري هذا النمط من التلقي، أم يتمسك بمشروعه الإبداعي، حتى لو خسر شريحة واسعة من القرّاء؟

متطلبات السوق

وصدق المشروع الإبداعي

يرى الكاتب الفلسطيني طارق عسراوي أن القارئ النزق لا يستحق الخضوع، بل يعتبر أن «نزقه» مجرد أداة من أدوات ضغط السوق، وهو ما لا يعني الكثير له ككاتب. ويقول: أول ما يتبادر إلى ذهني حين أفكر بهذا الأمر بأنني حقا لا ألقي بالا للقارئ، والحقيقة أنَّ بي عنادا ما لعدم الخضوع له، رغم إدراكي أن نزق القارئ هو إحدى أدوات ضغط السوق، وأكثرها استحقاقا، ولكن التجربة تثبت دوما أن الخضوع لنزق القارئ ورغباته يطيح بالضرورة ببقاء الكاتب وديمومة عمله.

ويُضيف عسراوي، مستشهدا بتجربة الشاعر الفلسطيني محمود درويش: أعرف أن درويش أدار ظهره لرغبات القارئ واستمر في سياق مشروعه حتى خضع له القارئ، وبهذا بقيت أعماله حاضرة رغم مرور الزمن.

ويختم: الخضوع لهذا النزق يعني أننا سنقرأ أعمالا متشابهة كثيرة بأسماء مختلفة، وسوف يختفي التنوّع، وسيبدو المشهد تراجيديا حين يقوم الكاتب بما يقوم به الذكاء الصناعي.

من جانبه، يرى الكاتب العُماني محمد الشحري أن التحديات التي يواجهها الكاتب في زمن الصورة والذكاء الاصطناعي لا تبرر له الانصياع للنزق القرائي. ويقول: لا أفكر في القارئ لأنني لا أخاطب شريحة معينة من الناس، بل أفكر في الفكرة وكيفية صياغتها وصيانتها، أُعاينها كما يُعاين الجوهرجي جواهره.

ويؤكد أن الكتابة هي خطاب إعلان رأي لا وسيلة نيل إعجاب: الكتابة وفق ما يطلبه القارئ، أيا كان مستوى القارئ، فهي ابتذال، ومحاولة يائسة وبائسة من الكاتب الباحث عن جمع الإعجاب وليس عن خلق وتكوين الأفكار. لكنه في الوقت ذاته لا يُعفي الكاتب من مسؤولياته الفنية، إذ يقول: على الكاتب ألا يتنكر لأدوات السرد ومهارات رواية الأحداث، فالتشويق عمود الحكاية، وأداة مهمة لجذب القارئ إلى إنهاء المادة المقروءة.

الناشر بين مطرقة

السوق وسندان الجودة

من جهة النشر، يرسم أحمد عبدالقادر، المسؤول عن مشاركة دار المتوسط في معرض مسقط الدولي للكتاب، صورة مركّبة للمشهد، ويقر بأن الناشر في النهاية مؤسسة تعتمد على المبيعات.

ويقول: الناشر قد يضطر لنشر عمل يلاقي قبولا لسبب ما، حتى يغطي بعض المصاريف، وهنا يكمن دور القارئ في هذه المسألة.

ويصف القارئ المعاصر بـ«العجول» أحيانا، بل ويذهب إلى وصف ما يحدث بـ«وهم القراءة»: القارئ نفسه الآن (ليس عموما) قارئ عجول، يريد أن يقرأ لسبب ما؛ للنشر في مواقع التواصل أو للمباهاة، وهذا بالإمكان تسميته وهم القراءة.

ويحذر من أن بعض دور النشر تماشت مع هذه النزعة: دور النشر الحديثة تماشت بشكل مفرط في توجيه القارئ للكتب الركيكة من خلال تبنّي بعض المشاهير لإصدارات متنوعة.

لكنه في المقابل يرى بصيص أمل: بعض دور النشر تحافظ على القرّاء النوعيين، وولاؤهم للأعمال الفكرية الحقيقية هو ما سينافس الغثاء المنتشر.

يرى الناشر أمجد ياسين أن الساحة الأدبية لا تخلو من ظاهرة (القارئ النزق أو العجول)، وقال: على ما يبدو أنها في ازدياد الآن، ربما لكثرة الإصدارات على مختلف تنوعاتها، فضلا عن تأثير الأمور الحياتية والاجتماعية والسياسية في منطقتنا على مزاجية القارئ، واتجاه بوصلة القراءة إلى مؤلفات تُعنى بكتب التنمية البشرية المؤلفة أو المترجمة على حساب الأدب الكلاسيكي.

وأضاف: عُموما نحن كدار نشر نفكر بالقارئ المتعدد، وبمعنى أوضح نحن نفكر بعقلية المكتبة التي يجب أن تتوفر فيها كل الأجناس الأدبية مع المحافظة على طبيعة دار النشر واهتماماتها التي أُنشئت من أجلها، لذلك قد يغلب صنف أدبي على غيره حسب اهتمامات القائمين على الدار، وبالتالي لا نقف كثيرا عند نوعية محددة مثل القارئ النزق، الذي يصعب إرضاؤه؛ لأنه يبحث ربما عن شيء خاص جدا، ولا يُتعب نفسه بالبحث في طيات الكتاب عنه، هو يبحث عن ضالته ويريدها مباشرة وكأنها مكتوبة له، وأحيانا كثيرة يشتكي من عدد صفحات الكتاب، لماذا هي كثيرة أو قليلة.. أو أن هذا الكتاب لا يوفر المعلومة كاملة عن الموضوع الذي يريده.. وكأنه يبحث عن عذر، لتجد نفسك لا تستطيع مجاراته.. لا أُخفيكم سرا أن الكثير منهم قد يشير إلى أن موضوعات مهمة مطلوب توفيرها للقارئ عبر التأليف أو الترجمة.. يبقى في النهاية هو قارئ له الحق في ما يبحث عنه أو ما يقوله.

القراءة كزمن وتراكم

أما من جهة القرّاء، فيصف سلطان ثاني تجربته مع القراءة على أنها «وسيلة تفكير لا وسيلة إقناع».

ويرى أن صعوبة النص ليست عيبا، بل احتمال لاكتشاف شيء مخفي. ويقول: «حين يصعب عليّ كتاب ما، أظن أن فيه شيئا مخفيا لا بد من اكتشافه». ويُرجع سلطان ظاهرة «النزق القرائي» إلى نمط الحياة الراهن، وأن ما يعانيه الكثير من القراء هو النفس القصير، وهذا النفس القصير نتاج تطبيع قوي مع الاستهلاك المفرط والمتع اللحظية.

ويشدد على أن القراءة الواعية عمل تراكمي، وأن: «القارئ حين يقرأ كتابا ما، فهو يقرؤه بكل خبراته وقراءاته السابقة، ويحتاج إلى تقاطعات ذهنية بينه وبين النص.

أما أحمد بن محمد البلوشي، فيرى أن القارئ النزق ليس نتاجا فرديا بل ثقافي، أفرزته موجات «كتّاب الترند» على وسائل التواصل الاجتماعي. يقول: وجود القارئ النزق هو نتاج كتّاب السوشيال ميديا وكتّاب الترند، الذين يستهدفون هؤلاء النوعية من القرّاء بلغة سريعة وسهلة الهضم». ويُقابل هذا النوع بـ«القارئ الصبور»، الذي يمنح الكاتب أكثر من فرصة: «القارئ الصبور وصاحب التجربة القرائية الطويلة يعرف ما يقرأ، وقد يقرأ العمل أكثر من مرة لمنحه فرصة أخرى».

ويختم البلوشي باعتبار أن الكاتب هو من يحدد جمهوره: فالجيد يبقى دائما على مر السنين، وأما ما دون ذلك فيُنسى ولا يُعد له قيمة مع الوقت.

مقالات مشابهة

  • محافظة القاهرة: لا توجد أي خسائر للهزة الأرضية التي وقعت اليوم
  • وزير التعليم العالي ومحافظ حلب يناقشان واقع التعليم العالي في المحافظة ‏وسبُل مواجهة التحديات التي تعترضه ‏
  • إرضاء القارئ العجول.. تأثير في شكل الكتابة وطريقة النشر ونوعية التلقي
  • التربية تصدر نتائج المرحلة الثانية من تصفيات تحدي القراءة العربي على مستوى المحافظات
  • وزير «التعليم العالي»: جامعة الخليج العربي صرح أكاديمي مشترك يجسد التعاون بين دول الخليج
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • مؤسس المنتدى العربي للاقتصاد الرقمي: الذكاء الاصطناعي سيغير مستقبل التعليم في مصر
  • اليوم العالمي للنحل..أعظم الملقحات التي تطعم العالم
  • قارئ الأفكار باسم عدلي يكشف أسرار موهبته: بدأت في عمر 9 سنوات
  • هل تعتقد أن دماغك مقسّم.. قراءة الكتب تكشف الحقيقة!