فيما تؤكد دراسات حديثة أهمية القراءة المنتظمة في تقوية الدماغ والوقاية من التدهور المعرفي، يفنّد علماء من معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” نظرية تقسيم الدماغ إلى نصف “إبداعي” وآخر “منطقي”، معتبرين أن الإنسان يفكر باستخدام دماغه بالكامل، لا عبر نصف مهيمن على الآخر.

قراءة الكتب تحفّز الدماغ وتقلّل خطر الخرف.

. دراسة تسلط الضوء على فوائد معرفية وعاطفية

كشفت الدكتورة سفيتلانا كولوبوفا، أخصائية علم النفس العصبي، أن قراءة الكتب تُعد من الأنشطة الإدراكية المعقدة التي تساهم في تعزيز وظائف الدماغ وتقليل خطر الإصابة بالخرف، إلى جانب تحسين الذكاء العاطفي.

وفي تصريحات نقلها موقع gazeta.ru، أوضحت كولوبوفا أن عملية القراءة تُفعّل العديد من القدرات المعرفية، من بينها الذاكرة العاملة والانتباه والخيال، مشيرة إلى أن تفاعل القارئ مع الشخصيات الروائية وتعاطفه معها يساعد على تطوير الذكاء العاطفي.

وأضافت أن الامتناع عن القراءة بانتظام يؤدي إلى ضعف الشبكات العصبية المرتبطة بهذه الوظائف، مما ينعكس سلبًا على ما يعرف بالاحتياطي المعرفي، وهو قدرة الدماغ على التكيف مع التغيرات الناتجة عن التقدم في السن أو الإصابة بأضرار عصبية.

وأشارت الأخصائية إلى أن القراءة تحفز أيضًا تكوين اتصالات عصبية جديدة في الفصوص الأمامية للدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن المنطق والتخطيط. وبدون هذا التحفيز المستمر، يعاني الإنسان من تراجع في المفردات، وبطء في معالجة الجمل المعقدة، وتدهور في القدرة على التعبير.

وفي السياق نفسه، أظهرت دراسات سابقة أجراها علماء في معهد ماكس بلانك للعلوم المعرفية والدماغية أن القراءة تنشط مناطق متعددة في الدماغ، بما في ذلك تلك المرتبطة بالحركة والسمع ومعالجة المعلومات، مما يؤكد أن القراءة ليست نشاطًا ذهنيًا بسيطًا، بل عملية عصبية شاملة.

دراسة حديثة: لا وجود لنصف دماغ “إبداعي” وآخر “منطقي”

بدّد علماء من معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” (MIT) نظرية شائعة لطالما انتشرت في الثقافة العامة، مفادها أن الدماغ البشري ينقسم وظيفيًا إلى نصف أيسر “منطقي” ونصف أيمن “إبداعي”، مؤكدين أن هذا التصور لا يستند إلى أي أساس علمي.

وأوضح البروفيسور إيرل ميلر، أحد المشاركين في الدراسة المنشورة في مجلة Neuropsychologia، أن الدماغ يعمل كوحدة متكاملة، قائلاً: “الحديث عن هيمنة نصف دماغ على الآخر مجرد خرافة، فالإنسان يفكر باستخدام دماغه بأكمله”.

وأشار الفريق البحثي إلى أن ما يُعرف بالتقسيم الوظيفي بين نصفي الدماغ يرتبط في الواقع بـمعالجة المعلومات البصرية، وليس بالمنطق أو الإبداع كما هو شائع. فكل نصف كروي من الدماغ يعالج الجانب المعاكس من مجال الرؤية: النصف الأيسر يعالج المجال البصري الأيمن، والعكس صحيح.

وبحسب ميلر، فإن هذا النمط من المعالجة غير المتماثلة يساعد على منع ظهور “بقع عمياء” في الرؤية، ويُحسّن كفاءة إدراك المعلومات البصرية. وقد بيّن الباحثون أن هذا التقسيم يبقى قائماً حتى على مستوى القشرة الجبهية الأمامية، وهي المنطقة المرتبطة بالتفكير المعقد واتخاذ القرار.

وأكدت الدراسة أن نشاط موجات غاما الدماغية، التي ترتبط بالإدراك والمعالجة العصبية، يزداد في النصف الكروي المخصص لمعالجة الجهة المقابلة من مجال الرؤية، مما يعزز فكرة أن الانقسام في معالجة الإشارات البصرية يستمر حتى في مناطق التفكير العليا.

كما لفت الباحثون إلى أن الدماغ يمتلك آلية سريعة لتبادل المعلومات بين نصفيه، تسمح بمتابعة الأجسام المتحركة عبر مجال الرؤية، في عملية تشبه نقل الإشارة بين أبراج الاتصالات، ما يضمن إدراكًا بصريًا مستمرًا ومتكاملاً.

وتدعم هذه النتائج أيضًا ما يُعرف بـ”الميزة الثنائية” في الإدراك البصري، وهي ظاهرة تشير إلى أن البشر والحيوانات يتذكرون الأجسام بشكل أفضل عند توزيعها على جانبي مجال الرؤية. غير أن هذه الميزة تبقى محدودة، إذ لا يستطيع الدماغ سوى تتبع جسم واحد فقط في كل نصف بصري في الوقت نفسه.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أمراض الدماغ أهمية القراءة الجلطة الدماغية الدماغ الدماغ البشري وظائف الدماغ مجال الرؤیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

في يوم حقوق الإنسان.. رسائل حب وإنسانية تتصدر ندوة دار الكتب

نظمت دار الكتب والوثائق القومية، برئاسة الأستاذ الدكتور أسامة طلعت، في إطار اهتمام وزارة الثقافة بنشر الوعي المجتمعي وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، فعالية ثقافية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

أقيمت الندوة التثقيفية بقاعة الأمم المتحدة بدار الكتب تحت عنوان "الإنسان أولًا.. نحو عالم أكثر عدلًا وإنصافًا"، بقاعة علي مبارك

بدأت الندوة فعالياتها بالسلام الجمهوري، ثم قامت الأستاذة حنان نور مدير قاعة الأمم المتحدة بالترحيب بالحضور، مؤكدة دور دار الكتب في نشر الوعي الإنساني، وتعزيز القيم التي تكرس مبدأ كرامة الإنسان وتعايشه مع الآخر، كما عرضت فيديو توضيحي عن الاحتفالية أعده فريق قاعة الأمم المتحدة احتفالًا باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وجدير بالذكر تخلل فقرات الندوة مشاركات الأطفال الموهوبين، حيث قدموا فقرات شعرية عكست جمال الرسالة الإنسانية للندوة، وهم: أدهم الجمال، وعبد الله محمد، فريدة محمود عطية، يوسف محمود عطية، نورين وياسين، وقد لاقت مشاركاتهم ترحيبًا كبيرًا من الحضور.

استهل الدكتور عبد الحميد يحيى، أستاذ الإدارة والتنمية البشرية – جامعة حلوان، الندوة بكلمة أوضح فيها أن حقوق الإنسان ليست مفهومًا قانونيًا جامدًا، وإنما هي منظومة قيمية تبدأ من داخل الإنسان وتمتد إلى المجتمع كله.

وتحدث عن أهمية تنمية الوعي الذاتي، ودور المؤسسات التعليمية والثقافية في تشكيل سلوك الفرد ليكون قادرًا على ممارسة حقوقه باحترام ومسؤولية، وأكد أن المجتمعات لا تتقدم إلا حين يعي الإنسان دوره وحقوقه وواجباته، لافتًا إلى أن التنمية البشرية الحقيقية تقوم على احترام الإنسان لذاته أولًا، ثم احترامه للآخر المختلف في الدين أو الثقافة أو الاتجاه.

ثم تحدث الأستاذ وحيد الأسيوطي، رئيس مؤسسة مصر العربية لحقوق الإنسان، مؤكدًا أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة أو التنازل، لأنها حقوق أصيلة يولد بها الإنسان.

وأشار إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – منذ صدوره في 10 ديسمبر 1948 – وضع إطارًا موحدًا لتلك الحقوق عبر العالم، وأن الدولة المصرية قطعت شوطًا مهمًا في مجالات الحماية الاجتماعية، وتمكين الفئات الأولى بالرعاية، وتعزيز الحريات المدنية.

كما شدد على ضرورة نشر ثقافة احترام الآخر، وأن بناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان يبدأ من الأسرة، مرورًا بالمدرسة، وصولًا إلى الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني.
قدم اللواء دكتور محمد فخر الدين – مدير عام مركز التنمية البشرية، مداخلة تفاعلية ثرية مع الجمهور، تناول فيها العلاقة بين القيم الدينية وحقوق الإنسان، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ لمعاذ بن جبل حول "حق الله على العباد وحق العباد على الله"، موضحًا أن الإسلام وضع أساسًا راسخًا لحقوق الإنسان وكرامة النفس البشرية.

وانتقل للحوار المباشر مع الجمهور من خلال أسئلة حياتية واقعية حول حرية الاختيار، وحقوق الأبناء، والحدود الفاصلة بين التقاليد الاجتماعية والمواثيق الدولية، مؤكدًا أن الوعي هو أساس ممارسة الحقوق دون صدام أو تطرف.

اختُتمت الندوة بكلمة للدكتور مينا رمزي، رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب، الذي أكد أن حقوق الإنسان هي حقوق أساسية غير قابلة للتنازل، وأشار إلى ضرورة النظر إلى قضايا حقوق الإنسان نظرة شاملة غير مجتزأة، مؤكدًا أن تقييم أي قضية من زاوية واحدة يؤدي إلى صورة ناقصة، تمامًا كمن يرى وجهًا من جانب واحد دون رؤية تكوينه الكامل.

واستعرض ما قامت به الدولة المصرية من جهود ملموسة، خاصة في مجال الصحة، مشيرًا إلى مشروع التأمين الصحي الشامل، وجهود القضاء على الفيروسات والأمراض المزمنة التي كانت تؤرق المجتمع لسنوات طويلة، مثل القضاء على فيروس سي نهائيا، بالإضافة إلى الكشف المبكر عن الأورام، والاهتمام بصحة المرأة، والفحوصات الدورية للأطفال في المدارس.

وتحدث باستفاضة عن جهود الدولة المصرية في تعزيز الحق في الصحة، مستعرضًا تجربة شخصية لإنسان مسن استطاع إجراء جراحة دقيقة لتغيير مفصل بعلاج على نفقة الدولة، دون أي تكلفة مالية، معتبرًا ذلك نقلة نوعية في الخدمات الصحية.

وفي ختام كلمته، تناول الدكتور مينا رمزي البعد الإنساني العميق لحقوق الإنسان، موضحًا أن احترام الآخر يبدأ من الحب الإنساني، أيًا كان دينه أو لونه أو جنسه.

وسرد قصة الحكيم الذي قال: أنا لا أخاف الله… لأني أحبه، والحب يطرد الخوف خارجًا"، مبينًا أن هذه الرسالة تمثل جوهر الإنسانية، وأن الحب حين يسود بين البشر تنتهي الصراعات ويزدهر السلام، وختم كلمته متمنيًا أن يكون هذا اليوم العالمي فرصة لتعزيز الرحمة والتقارب والتفاهم بين البشر في كل مكان.

واختتمت الندوة بتوجيه الشكر لجميع المتحدثين والحضور، مؤكدة استمرار دار الكتب في أداء رسالتها التنويرية في دعم قيم العدالة وحقوق الإنسان وبناء وعي مجتمعي مستنير.

مقالات مشابهة

  • في يوم حقوق الإنسان.. رسائل حب وإنسانية تتصدر ندوة دار الكتب
  • أمطار ورياح بهذه المناطق.. الأرصاد تكشف عن طقس الـ6 أيام المقبلة
  • هند الخالدي.. حكاياتها ملهمة للأجيال
  • الحكومة تطرح المطارات المصرية للبيع .. وزارة الطيران تكشف الحقيقة
  • عاطل يدعي تعرضه للتهديد بالشرقية.. الداخلية تكشف الحقيقة
  • يوم الرؤية.. موعد غرة شهر رجب 1447 فلكيًا
  • مصادر تكشف كيف حقق البنتاغون فيما إذا كان هيغسيث قد أضر بالأمن القومي بقضية سيغنال
  • دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة
  • توجيه عاجل من مدبولي بشأن قانون حرية تداول المعلومات
  • الجمعية الخيرية تكشف الحقيقة.. الأمن يضبط مدعي إيقاف سيارة السلع بالمنيا