هيومن رايتس: ألغام الحوثيين تحصد الأرواح وتدمّر سبل العيش في اليمن
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
قالت "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، إن الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي وآخرون في اليمن تستمر في قتل المدنيين وتتسبب لهم بإصابات خطيرة في المناطق التي توقفت فيها الأعمال العدائية النشطة وتمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم. القانون اليمني و"معاهدة حظر الألغام لعام 1997"، يحظران أي استخدام للألغام الأرضية المضادة للأفراد مهما كانت الظروف.
وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "استهزأت جماعة الحوثي لسنوات بحظر الألغام الأرضية، والمدنيون اليمنيون يدفعون الثمن بما أن هذه الأسلحة تقتل وتجرح دون تمييز. هناك حاجة ملحة إلى تسريع إزالة الألغام الأرضية لإنقاذ الأرواح وتفادي المعاناة غير الضرورية وضمان أن يتمكن الناس من الوصول بأمان إلى منازلهم وسبل عيشهم".
وأضافت "كان للألغام الأرضية غير المزالة أثر كارثي على سكان قرية الشقب التي تقع في مديرية صبر الموادم في الجبال المحيطة بمدينة تعز. يقول عاقل القرية إن من أصل بضعة آلاف من السكان -- لا يوجد إحصاء رسمي منذ 2004 -- قتلت الألغام ستة أشخاص وجرحت 28، خلال السنوات التي تلت مباشرة حصار تعز والمناطق المحيطة في 2015".
وبحسب تقرير المنظمة فإن باحثي هيومن رايتس ووتش زاروا الشقب في أبريل/نيسان 2024، وقابلوا سبعة من السكان، من ضمنهم أربعة ناجين من الألغام الأرضية، وشخصان فقدا أقارب لهما بسبب الألغام الأرضية، وعاقل قرية الشقب. الناجون الأربعة لديهم جميعا إعاقة دائمة بسبب إصاباتهم. جميع الذين قابلهم الباحثون نزحوا من منازلهم إلى قرية مجاورة.
وأكدت المنظمة مقابلتها مسؤولين في وكالتين وطنيتين تنسقان إزالة الألغام، "المركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام" و"المركز اليمني لتنسيق إزالة الألغام"، وعضوا في "اللجنة الوطنية اليمنية لحقوق الإنسان" وثّق استخدام الألغام الأرضية في المنطقة.
وبحسب التقرير تقع قرية الشقب في وادٍ بين قمتين جبليتين، تسيطر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على إحداهما (قمة مزعل)، بينما تسيطر قوات الحوثي المسلحة على الثانية (قمة الصالحين)، الخصمان في النزاع اليمني منذ 2014. رغم أن القرية تقع على خط جبهة، توقف معظم القتال الفعلي في الشقب منذ سنوات عدة إلا أن بعض القناصين لا يزالون في المنطقة ويطلقون النار بشكل متقطع على المدنيين، ويقتلونهم في بعض الأحيان. مؤخرا في 23 مارس/آذار، قال السكان إن قناصا من الحوثيين أطلق النار على طفل أثناء عودته من المدرسة وأصابه إصابة خطرة.
وذكرت أن معظم سكان الشقب، أغلبهم مزارعون أو رعيان، نزحوا من أرضهم في بدايات النزاع. بحسب عاقل قرية الشقب، نزحت أكثر من 527 عائلة. مع تراجع الأعمال القتالية النشطة في السنوات القليلة الماضية، قُتل العديد من السكان الذين حاولوا العودة إلى منازلهم للاهتمام بأرض زراعية، أو رعي ماشيتهم، أو أُصيبوا بجروح خطيرة بسبب الألغام المضادة للأفراد، وقُتلت ماشيتهم أيضا. العديد من المصابين لديهم إعاقة دائمة.
وقال العديد من السكان، إن قوات الحوثي بدأت منذ 2018 تتسلل إلى أراضيهم ليلا لزرع الألغام في منازلهم ومزارعهم وحولها. بحسب منظمات إزالة الألغام، تعتبر قرية الشقب ملوثة بعدد كبير من الألغام المضادة للأفراد.
وقال أحد الذين قابلناهم إنه نزح من منزله في 2016 بسبب القتال. في أغسطس/آب 2022، مع انخفاض حدة القتال، عاد إلى منزله لأخذ بعض القمح الذي كان قد خزّنه هناك. داس على ما وصفه بزجاجة صفراء أمام باب المنزل وانفجرت الزجاجة. خسر هيثم بعض أصابعه جراء الانفجار، وأُصيب بجروح بالغة في رِجله وأجزاء أخرى من جسده وعينيه، وصار لديه إعاقة دائمة وندبات.
صعّبت الألغام أيضا على سكان القرية تأمين الطعام والحفاظ على دخلهم. بحسب "برنامج الأغذية العالمي"، حتى فبراير/شباط 2024، كان 64% من سكان محافظة تعز دون طعام كاف، وتعز هي إحدى أربع محافظات في اليمن تواجه انعدام أمن غذائي "عالي الخطورة ومتدهور".
تتابع هيومن رايتس ووتش سياسات اليمن وممارساته بخصوص الألغام المضادة للأفراد منذ 1999، ووثقت بعمق العديد من حالات استخدام الحوثيين للألغام المضادة للأفراد في تعز ومحافظات أخرى، بما في ذلك في 2015، 2016، 2017، و2019. أبلغت السلطات الحوثية هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان 2017 بأنها تعتبر المعاهدة ملزِمة. بالإضافة إلى الحظر الذي تفرضه معاهدة حظر الألغام، قد يُلاحق الأفراد المسؤولون عن استخدام أسلحة محظورة أو تنفيذ هجمات عشوائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
أفادت مبادرة "مرصد الألغام البرية" التابعة لـ"الحملة الدولية لحظر الألغام البرية" بأن 582 شخصا على الأقل قُتلوا أو أُصيبوا بجروح بسبب ألغام أرضية أو المتفجرات من مخلفات الحرب في اليمن في 2022، بعد أن كان العدد 528 في 2021.
وطبقا للتقرير فإن موقع الشقب على الخطوط الأمامية يشكل تحديا أمنيا لمنظمات إزالة الألغام، بسبب نشاط القناصين المتقطع. غير أن هيومن رايتس ووتش تكلمت أيضا مع أشخاص من مناطق لم تعُد على الخطوط الأمامية لا يزالون نازحين بسبب وجود الألغام الأرضية.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحاجة ملحة إلى دعم دولي أقوى لتجهيز موظفي إزالة الألغام ومساعدتهم على مسح المنطقة بشكل منهجي وإزالة الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب في اليمن. يتعين على الحكومة اليمنية والحوثيين، سلطة الأمر الواقع في أجزاء كبيرة من اليمن، والوكالات الدولية أن تقدم التعويض والمساعدة والدعم المناسبين، وفرص العمل إلى المصابين، وعائلات المصابين والقتلى، بالإضافة إلى غيرهم من ضحايا الألغام الأرضية في اليمن. ينبغي أن يشمل الدعم الرعاية الطبية، بما في ذلك الجراحة الترميمية والدعم النفسي، والأطراف الصناعية وغيرها من الأجهزة المساعِدة عند الاقتضاء، وإعادة التأهيل المستمر إذا لزم الأمر.
قالت جعفرنيا: "لن ينتهي الأثر الكارثي للألغام الأرضية في اليمن إن لم تحصل تعبئة كبيرة لإزالة هذه الأسلحة وتدميرها. يواجه الناس في اليمن مستويات كارثية من الجوع ويحتاجون بشدة إلى الوصول إلى أراضيهم الزراعية والمراعي الضرورية، لكن هذه الأراضي هي غالبا ملوثة بالألغام".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن هيومن رايتس ووتش الشقب الغام الحوثي هیومن رایتس ووتش المضادة للأفراد الألغام الأرضیة إزالة الألغام من السکان العدید من فی الیمن
إقرأ أيضاً:
كيف يسبب تغير المناخ زيادة تشكل الحفر الأرضية الغائرة؟
يسلط تواتر ظهور "الحفر البالوعية" في أنحاء متعددة من العالم الضوء على المخاطر الجيولوجية المتصاعدة في المناطق الزراعية وحتى السكنية، حيث تشير الدراسات إلى أن التغير المناخي أدى إلى زيادة وتيرة حدوث الحفر الأرضية من خلال تكثيف الأحداث الجوية "المتطرفة".
وتشير دراسة جديدة نشرت في مجلة "ساينس" إلى أن الزيادة العالمية في حدوث الحفر البالوعية كانت غالبا مدفوعة بالبنية التحتية القديمة وسوء استخدام الأراضي والتربة، وتغير المناخ بشكل متزايد.
اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3تشقق الأرض تحت طهران بسبب تغير المناخ يقلق الإيرانيينlist 2 of 3شاهد.. انهيار أرضي هائل في الهند يوقف حركة المرورlist 3 of 3ارتفاع عدد ضحايا الانهيارات الأرضية جنوبي إثيوبياend of listوتعرف الحفر البالوعية أو الغائرة بكونها منخفضات في الأرض تتشكل نتيجة تآكل التربة بفعل الماء، ويحدث هذا طبيعيا عندما يتسرب ماء الأمطار عبر التربة مما يؤدي إلى ذوبان الصخور الأساسية. كما قد يكون ناتجًا عن تسرب أنابيب المياه الجوفية، وعمليات التكسير الهيدروليكي لإنتاج الوقود الأحفوري، وأنشطة التعدين.
وتتطور الحفر الطبيعية نتيجة تفاعلات معقدة بين الصخور الكارستية القابلة للذوبان (مثل الحجر الجيري أو الجبس) والعمليات الهيدرولوجية. وقد تزيد الأنشطة البشرية من قابلية البيئة الطبيعية لتكوين الحفر التي تشكل مخاطر على حياة الإنسان والبنية التحتية والنظم البيئية.
وأشار هونغ يانغ أستاذ العلوم البيئية بجامعة ريدينغ البريطانية إلى احتمالية ظهور الحفر الغائرة أكبر في المناطق ذات "التضاريس الكارستية" أي المناطق التي تتكون من صخور أساسية قابلة للذوبان مثل الحجر الجيري أو طبقات الملح أو الجبس والتي يمكن أن تذوب بفعل المياه الجوفية. وقد نشر مؤخرًا بحثًا حول التخفيف من مخاطر الحفر الغائرة التي تفاقمت بسبب تغير المناخ .
وتشير الدراسة إلى أن الصين تتضمن 600 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الكارستية معرضة لخطر كبير جراء انهيارات الحفر البالوعية. وفي إيران، يؤثر الهبوط الواسع النطاق على ما يقرب من 56 ألف كيلومتر مربع، أي 3.5% من أراضي البلاد، مما يؤدي إلى العديد من الحفر البالوعية، ويشكل مخاطر بيئية خطيرة.
إعلانأما في الولايات المتحدة، فهناك حوالي 20% من الأراضي معرضة للخطر، حيث تشهد ولايات فلوريدا وتكساس وألباما وميزوري وكنتاكي وتينيسي وبنسلفانيا أكبر الأضرار، كما توجد مناطق أخرى معرضة للخطر شمال إنجلترا، ومنطقة لاتسيو في إيطاليا، وقونيا في تركيا، وشبه جزيرة يوكاتان في المكسيك.
ويشير الدراسة كذلك إلى أن "الجفاف يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية، مما يُزيل الدعم الجوفي للأرض. وعندما تتبعه عواصف شديدة أو أمطار غزيرة باتت أصبحت أكثر شيوعا بسبب تغير المناخ، فإن الوزن المفاجئ للماء وتشبعه قد يُسبب انهيار الأرض الضعيفة".
ويعد سهل قونيا سلة غذاء تركيا منطقة كارستية معرضة لظهور الثقوب الأرضية الغائرة، حيث يؤدي الجفاف المتزايد إلى ظهور المزيد من الحفر في المناطق المأهولة بالسكان.
وقبل عام 2000 كان الباحثون في المنطقة يسجلون حفرة واحدة كل بضع سنوات، وفق فتح الله أريك الأستاذ بجامعة قونيا التقنية والذي يرأس مركز أبحاث الحفر بالجامعة. وعام 2024 وحده، وثّقوا وجود 42 حفرة.
وأصبحت الحفر الأرضية الغائرة تظهر بشكل متكرر في سهل قونيا في تركيا السنوات الأخيرة، حيث انخفضت مستويات المياه الجوفية بمقدار 60 مترا على الأقل مقارنة بعام 1970، ولا يمكن العثور على المياه الجوفية في بعض المناطق القريبة من حواف الحوض رغم حفر آبار أعمق من 300 متر.
وتشير الدراسة إلى أن الجفاف المرتبط بتغير المناخ يؤدي إلى انخفاض مستويات المياه الجوفية، لأن هطول الأمطار لا يُجدد مصادر المياه، ولكن يتم ضخ كميات كبيرة منها، مما يُفاقم خطر تكوّن الحفر. وفي المناطق المأهولة بالسكان، تكون المباني أكثر عرضة للانهيار.
وعادة ما يكون الأمر أكثر خطورة في المدن الكبرى بسبب تلوث الهواء والمياه التي تصبح أكثر حمضية، وتفتت الصخور التي تساهم في تماسك الأرض بشكل أسرع.
ولرصد الانهيارات الأرضية وتكون الفجوات الجوفية العميقة، يعتمد الخبراء غالبا على تقنيات مثل الاستشعار عن بُعد عبر الأقمار الصناعية والرادار الأرضي لتحديد مواقع الحفر قبل انهيارها، وكذلك مراقبة مستويات المياه الجوفية وإجراء مسوحات جيوتقنية قبل البناء في المنطقة.
وإذا تم العثور على فراغ أو تجويف تحت الأرض، يتم ملؤه بالإسمنت أو الجص أو التربة التي تتمتع بخصائص المُثبّت الطبيعي، أو ضغط التربة الرخوة، وذلك اعتمادًا على طبيعة الأرض وتركيبة الصخور والنشاط التكتوني.
أما إستراتيجيات الوقاية، فتشمل تنظيم الاستخدام المُفرط للمياه الجوفية، واستخدام تقنيات ري أكثر كفاءة، والتحكم في صرف المياه وإصلاح التسربات، وتطبيق قوانين بناء صارمة في الأراضي التي يفترض أنها رخوة.