تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الخميس على تخصيص يوم عالمي لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية في سربرنيتسا في البوسنة والهرسك، وهي مبادرة تعارضها صربيا بشدة، متهمة الغرب بإثارة التوترات في منطقة البلقان.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش عبر إنستغرام إنه سيذهب إلى نيويورك للقتال بكل قوته ومن صميم قلبه من أجل مستقبل البلاد، في حين وعد وزير خارجيته ماركو ديوريتش بحماية شعبه من "وصم طويل الأمد".

وقرعت أجراس الكنائس في صربيا احتجاجا على مشروع القرار، حيث دعا البطريرك الأرثوذكسي الصربي في بيان جميع الكنائس إلى قرع الأجراس ودعوة المؤمنين للصلاة والهدوء والتضامن المتبادل.

ماذا حدث في سربرنيتسا؟

في 11 يوليو/تموز 1995 -أي قبل أشهر من نهاية الصراع الأهلي الذي دام 3 سنوات في البوسنة- سيطرت قوات صرب البوسنة بقيادة راتكو ملاديتش على مدينة سربرنيتسا.

وأصدر رادوفان كاراديتش أمرا بإجلاء جميع المدنيين، بمن في ذلك النساء والأطفال والمسنون، في حين تم احتجاز جميع الرجال في سن القتال.

وخلال الأيام التالية قُتل أكثر من 8 آلاف رجل وفتى مسلم بشكل منهجي على يد قوات صرب البوسنة، ودفنت جثثهم في مقابر جماعية.

وفيما بعد قامت القوات الصربية بنقل العديد من الجثث وإعادة دفنها في مقابر أخرى في محاولة لإخفاء الأدلة.

ويحكي الناجون قصصا مروعة عن حالات القتل والتعذيب والاغتصاب التي تعرضوا لها على يد قوات صرب البوسنة.

وبناء على هذه الأحداث وجهت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة اتهامات إلى كاراديتش وملاديتش بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وحتى الآن تم التعرف على 7 آلاف من ضحايا المذبحة ودفنهم، 6750 في مقبرة بوتوكاري و250 في مقابر أخرى بمنطقة سربرنيتسا.

وما زال نحو 1200 شخص في عداد المفقودين، وفقا لمعهد الأشخاص المفقودين في البوسنة والهرسك.

وتعد تلك الفترة هي الأسوأ في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث وصفتها المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة ومحكمة العدل الدولية بأنها إبادة جماعية.

المشروع الألماني الرواندي

ووصف مؤيدو مشروع القرار -الذي أعدته ألمانيا ورواندا والمطروح للتصويت اليوم- المذبحة بأنها "حقيقة" لا تقبل الجدل.

ويهدف النص إلى جعل 11 يوليو/تموز اليوم العالمي لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية التي ارتكبت في سربرنيتسا عام 1995.

ورغم رفض العديد من القادة السياسيين والدينيين الصرب هذا التوصيف بشدة فإن النص يدين أي إنكار لتاريخية الإبادة الجماعية في سربرنيتسا، ويمجد الأشخاص الذين يدينون ارتكاب مثل هذه الجرائم.

وأشادت ألمانيا ورواندا بالمشروع الذي وصف بأنه "ضروري ويأتي في الوقت المناسب"، مؤكدتين أنه يعتبر "فرصة حاسمة لتحقيق التوحد وتكريم ذكرى الضحايا".

وفي استجابة لطلب من مونتينيغرو أضافت ألمانيا ورواندا جملة تنص على أن مسؤولية بعض الأفراد لا يمكن أن تعزى إلى مجموعة عرقية أو دينية بأكملها، ومع ذلك لم تقتنع صربيا وحلفاؤها بتلك التعديلات.

وقد حذر القائم بالأعمال الصربي لدى الأمم المتحدة ساسا مارت من "العواقب غير المتوقعة" التي قد تنجم عن هذا القرار على "عملية المصالحة الهشة" والاستقرار في منطقة البلقان.

وعبرت روسيا عن انتقادها النص، معتبرة إياه "استفزازيا" ومهددا للسلام والأمن في البوسنة والمنطقة بشكل عام.

وفي تصريحاته، أكد السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن الغرب يتهم الصرب بشكل زائف وينكر دور أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) في القصف الذي استهدف يوغسلافيا سابقا.

ومن ناحية أخرى، أعرب الزعيم السياسي لصرب البوسنة ميلوراد دوديك عن رأيه في تصنيف الإبادة الجماعية في سربرنيتسا بأنها "زائفة"، واحتج ضد مشروع القرار الذي تظاهر ضده آلاف الأشخاص في بانيا لوكا في أبريل/نيسان الماضي.

وفي ظل هذا التوتر أطلق الاتحاد الأوروبي تحذيرا من أن كل من يحاول التشكيك في وقوع الإبادة الجماعية في سربرنيتسا "ليس له مكان في أوروبا".

أهالي ضحايا المذبحة

من جانبهم، يطمح أهالي ضحايا المذبحة في قبول الصرب "الحقيقة" كخطوة أساسية نحو تحقيق السلام.

وعبرت كادا هوتيتش -التي فقدت ابنها وزوجها وشقيقيها في المجزرة- عن ضرورة قبول الحقيقة من قبل قادة الصرب الذين أوقعوا شعبهم في موقف الإنكار، مؤكدة أن هذه الخطوة أساسية لتحقيق السلام واستئناف الحياة بشكل طبيعي.

وأكد دينيس بيسيروفيتش العضو البوسني المسلم في الرئاسة الجماعية للبوسنة أهمية هذا القرار في نشر الحقيقة والوعي بشأن الإبادة الجماعية التي تعرض لها البوسنيون.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1995 انتهت الحرب في البوسنة والهرسك بتوقيع اتفاقيات دايتون التي جاءت نتيجة الضغط الدولي المكثف.

وتنص هذه الاتفاقيات على تقسيم البوسنة إلى كيانين، وهما جمهورية صرب البوسنة واتحاد البوسنة المسلم-الكرواتي، ويتمتع كل منهما بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي، في حين تظل مؤسساتهما المركزية ضعيفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الإبادة الجماعیة فی سربرنیتسا صرب البوسنة فی البوسنة

إقرأ أيضاً:

د. مزمل أبو القاسم: مذبحة ود النورة.. وعار التبرير!

* إذا أقدم مجرمٌ على قتل مواطنٍ بريء يسكن بالقرب من أحد أقسام الشرطة، وأخفقت الشرطة في ضبط القاتل فإن المُلام عند هواة (ومحترفي) تبرير القتل هو الشرطة، لا القاتل المجرم!

* وإذا تعرّض منزل قريب من أحد أقسام الشرطة إلى السطو، وفشلت الجهات الأمنية في ضبط السارق فهي الملامة عندهم، لا المعتدي الأثيم.

* بمثل ذلك القول اللئيم، يبرر الدكتور علاء الدين نُقد؛ المتحدث الرسمي باسم (تقدم) مذبحة قرية ود النورة، التي أزهقت فيها مليشيات الدعم السريع الإرهابية أكثر من مائتي نفس زكية لمدنيين عُزَّل وقرويين مسالمين بدمٍ باردٍ، قصفاً بالمدافع ورمياً بمضادات الطيران، لا لشيء إلا لأن بعضهم رفضوا استباحة المجرمين للقرية، وحاولوا حماية أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، بحقٍ جوَّزته لهم كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.

* يندفع المبرراتي الفاشل، (حليف الجنجويد المجاهر بدعمهم، المجتهد في تبرئتهم من جرائمهم المنكرة) في دفاعه المفضوح عنهم، بقوله: (ود النورة دي أي نعم مأساة كبيرة، لكن أيضاً السبب فيها الجيش، والتجييش والتحشيد والمقاومة الشعبية، في تلاتة فيديوهات واضحة جداً جداً، تقوم فيها الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بتزويد المواطنين بالسلاح، ويضعونهم أمام الآلة العسكرية للدعم السريع)!

* إذا صحّ زعمه، وصدقنا أن الكيزان أحضروا السلاح ووزعوه على المواطنين، وصدقنا كذلك أنهم حرصوا على توثيق فعلهم بالفيديو ونشروه على الملأ، فسنسأله: هل سيبرر ذلك الفعل قتل غير المسلحين من أهل ود النورة.. وهل كان الأطفال الذين قتلتهم المليشيات (وتعدادهم 35) من بين حملة السلاح في القرية المنكوبة؟

* وهل كانت النساء اللواتي مزق الرصاص والمدافع أجسادهن الطاهرة من بين المسلحين والمستنفرين في ود النورة؟

* فعلت هذه المليشيات المثل، بل تفوقت على نفسها في الإجرام والوحشية عندما قتلت أكثر من 15 ألفاً من أبناء قبيلة المساليت في الجنينة وأردمتا وبعض نواحي ولاية غرب دارفور في بدايات الحرب، فهل كان أولئك الضحايا من المستنفرين؟

* هل كانوا يحملون سلاحاً وزعه عليهم الكيزان؟
* بعد الجنينة قتل المرتزقة آلاف المواطنين في ولاية الخرطوم، وهجروا الملايين من سكانها، واقتحموا المنازل وطرودا أهلها منها ونهبوها وسكنوها، وحدث ذلك منذ اليوم الأول للحرب في أحياء وسط الخرطوم والخرطوم 2 والعمارات والصفا وبري، فهل كان أولئك من المستنفرين؟
* وهل كان فيهم حملة للسلاح؟

* اجتاحت مليشيات الدعم السريع الإرهابية مئات القرى في ولاية الجزيرة، وقتلت واغتصبت وسلبت ونهبت وهجّرت وبغت وأذنبت، وكانت غالبية تلك القرى خاليةً من أي مستنفرين، ومنزوعة السلاح ولا يوجد بها جندي واحد من الجيش، ومع ذلك تعرض أهلها إلى أبشع تنكيل، فكيف سيفسّر فلنقاي الجنجويد كل تلك الجرائم البشعة؟

* كيف سيفسّر المذبحة التي ارتكبها المتمردون وقتلوا فيها أكثر من مائة مواطن في قرية الحُرقة المغاربة، التي تخلو تماماً من المستنفرين.. وكيف سيفسّر اجتياح قرية التكينة التي لم يكن بها حتى مسدس واحد، ولم تشهد أي دعوات للاستنفار، وكيف سيفسّر اجتياح المتمردين لقرية معيجنة وقتل 12 وجرح أكثر من 30 من موطني قرية لم يكن للجيش وجود فيها، ولم يكن بها سلاح ولا استنفار؟

* كيف سيعفي نقُد جناحهم العسكري من المجازر التي ارتكبها في قرى ود حسين الخوالد وأب قوتة والكشامر وود البصير ومريود وتنوب وغريقانة وقرى شبونات والدوحة وتباخة وأبو عدارة وود البلية والفريجاب وأم دوانة وأم عضام وأم جرس وقرى الحلاويين وغيرها من القرى الوادعة المطمئنة المسالمة التي أحالها القتلة إلى جحيم؟

* ومن أين سيأتي هذا الطبيب المُدلِّس لكل هؤلاء الضحايا بمستنفرين وسلاح كيزاني أثيم، كي يبرر به جرائم حلفائه، الذين نافسوا المغول والتتار والقرامطة في الوحشية والبربرية والولع بقتل الأبرياء وسحلهم وإذلالهم ونهب ممتلكاتهم؟

* على درب الطبيب (منزوع الإنسانية)؛ سارت رحاب مبارك، المحامية وعضو المكتب التنفيذي لمحاميي الطوارئ، عندما تكرمت بتخفيض عدد الضحايا إلى 109، ثم رفعته في البيان نفسه إلى 132، مع أن العدد الذي أوردته بنفسها في بيانها شارف على 140، وزعمت أن خمسة عشر من الضحايا ماتوا (غرقاً) لأنهم (سقطوا) في الكنار مع بداية الهجوم وغرقوا (وظهرت جثامينهم في الموية أمس)!! مثلما اجتهدت لتحميل الجيش وزر بعض المقتلة، بادعاء أن خمسة من أطفال ود النورة ماتوا نتيجة قصف جوي نفذه الجيش في اليوم التالي للمذبحة!!
* إذا قبلنا روايتها العجيبة، سنصدق أن الجيش يمتلك قذائف زكية، تنتقي الأطفال وحدهم، وتقتلهم بمعزل عن ذويهم الموجودين بقربهم، وقد استبان دجلها في عبارة: “الدعم السريع هجم على القرية بعد (المعركة)”، ولا ندري عن أي معركة تتحدث، لإن ما وقع في ود النورة كان (مذبحة).. لا (معركة)!

* لم يقصف الجيش قرية ود النورة مطلقاً ولم تكن هناك معركة بين الجيش والمتمردين في ود النورة كما زعمت رحاب، التي لم توضح لنا، هل حوت قرى الخروعة الجديدة والخروعة القديمة وتحاميد القديمة وعراق والقلعة وشكير وود الجترة مستنفرين أيضاً أم تم اقتحامها ونهبها وترويع أهلها وتهجيرهم (مزاج كدة ساي)، بعد أن أثبتت تلك الجرائم المروعة اضطراراً على المتمردين، نتاجاً لهول المجزرة وبشاعة المذبحة التي استعصت على الإنكار وصعُب الصمت عنها، فجاءت إدانتها كما ترون!

* إدانة خجولة وعامرةً بالكذب والتدليس والمراوغة ومحاولات رمي بعض أوزار المجزرة المروعة على الجيش، لتخفيف الجرم وتهوينه ومقاسمته مع جيش لا يتحرجون في إدانته اختلاقاً.. علماً أن (تقدم) نفسها لم تجرؤ على إدانة تلك المجزرة المروعة حتى اللحظة.. فما أعظم الجرم، وما أحقر الصمت.. وما أثقل عار التبرير!!

د. مزمل أبو القاسم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هنية: متمسكون بدور الوسطاء لإنهاء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية
  • حماس: نتنياهو فشل في تحقيق أهدافه رغم عمليات الإبادة الجماعية لشعب فلسطين
  • حكومة غزة: الاحتلال يحرم شعبنا من العيد بمنع إدخال الأضاحي
  • الإعلام الحكومي: منع الاحتلال إدخال الأضاحي للقطاع انتهاك واضح للحقوق الإنسانية
  • أردوغان: النصر للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل
  • "الكنائس العالمي" يحيي ذكرى الإبادة الجماعية السريانية الآرامية
  • مأرب تواصل حشودها المنددة باستمرار الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة
  • توجيه تهمة الإبادة الجماعية لفرنسية استعبدت طفلة إيزيدية
  • د. مزمل أبو القاسم: مذبحة ود النورة.. وعار التبرير!
  • موقع بريطاني: الحرب الإسرائيلية على غزة تعيد إلى الأذهان أهوال الإبادة الجماعية في البوسنة