عربي21:
2024-06-17@12:36:19 GMT

إسرائيل والغرب.. والساعة الخامسة والعشرون

تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT

يقول لنا التاريخ إن أقوى ما يؤكد أي تجربة في الدنيا هو أن تحاول نفيها، لأنك إذا حاولت نفيها وصمدتْ فأنت قد أثبتها.. وهذا هو بعينه ما حدث ولا زال يحدث في بؤرة النار والأنوار، غزة.. التي أقامت الدنيا والناس، وأعادت للإنسانية كلها أحد أروع أوصافها (الحرية والكرامة)، وسيزداد التأكيد تأكيدا وسيزداد الإثبات إثباتا.

.

وسنسمع من سيقول لنا وللدنيا: يبدو أن عدونا المر والقاسي يسيطر على الوضع على نحو أفضل بكثير، يحيى السنوار يتحكم بالأمور بطريقة أكثر موثوقية وأمان، ونحن نتبعه دون خيار، إنه يعقوب بيري (80 سنة)، نائب رئيس الشاباك السابق.. كما ذكرت لنا جريدة معاريف الأسبوع الماضي. ويضيف: "يبدو أن التركيبة الحالية لقيادتنا تواجه صعوبة وبالتالي فقد حان الوقت لاستبدالها..".

* * *

استبدال القيادة مطلب استراتيجي في قلب الدولاب الإسرائيلي كله، لكن أحد تجليات "طوفان الأقصى" أنها كشفت أشياء كثيرة للغاية، وهامة للغاية، وكادت تتحول إلى حقائق راسخة لا تُناقَش ولا تُسأل.

أحد تجليات "طوفان الأقصى" أنها كشفت أشياء كثيرة للغاية، وهامة للغاية، وكادت تتحول إلى حقائق راسخة لا تُناقَش ولا تُسأل. فقد بات واضحا مثلا وبكل تأكيد أن هناك مصالح أخرى وأفكارا أخرى وروابط أخرى بين "الصهيونية العالمية والغرب الإمبريالي"، ولا تتصل بقصة "الدولة يهودية" بل ولا تتصل باليهود أنفسهم (الدين والعِرق).. إنما تتصل في أوضح صورة لها بتاريخ الصراع بين الشرق والغرب
فقد بات واضحا مثلا وبكل تأكيد أن هناك مصالح أخرى وأفكارا أخرى وروابط أخرى بين "الصهيونية العالمية والغرب الإمبريالي"، ولا تتصل بقصة "الدولة يهودية" بل ولا تتصل باليهود أنفسهم (الدين والعِرق).. إنما تتصل في أوضح صورة لها بتاريخ الصراع بين الشرق والغرب، تتصل به في أعمق أعماق معانيه وأوثق مرجعياته التاريخية والفكرية.

* * *

وسيكون علينا لزاما ودائما، أن نتذكر أياما شبيهة بهذه الأيام التي انطلقت فيها "طوفان الأقصى"، إنها أيام عماد الدين زنكي (ت: 1146م)، صاحب الصيحة الأولى ضد الحروب الصليبية (أو حرب الفرنجة كما يريد لنا العلامة د. عبد الوهاب المسيري تسميتها".

فبعد أن كان الصليبيون يتربعون في أربع إمارات (الرها/ انطاكية/ والقدس/طرابلس) لمدة 46 سنة! وكادوا خلالها أن يتحولوا إلى "قدر محتوم" وبدا للجميع أن هذا القدر لا بد من معايشته والإقرار به، بل والترحيب به!.. سيأتي عماد الدين ويستعيد إمارة الرها 1144م.. لكنه سيُقتل فورا بعدها!

* * *

ذهب شهيدا.. لكن البذرة كانت قد أنبتت واستوت على عودها، وسيأتي بعده نور الدين زنكي (ت: 1174م) ليقول لمن حوله بصوت استراتيجي صادح: لا يمكن خوض هذه الحرب وطرد الصهاينة -عفوا الصليبيين- إلا بتوحيد مصر والشام.

وهو ما سيحدث بعد عام واحد (1145م) ويدخل دمشق، وباقي القصة أشهر من أن يُعرّف، وسنسمع فيها أسماء أسد الدين شركوه وصلاح الدين ومصرنا الحبيبة.. ثم ماذا؟ ثم حطين والقدس (4 تموز/ يوليو 1187م).

* * *

على أي حال، وبغض النظر عن مفارقة قرون الثمانية التي قفزنا بها بين تواريخ الزمن.. إلا أن خط الزمن هو نفسه، والعدو هو نفسه، والسبب هو نفسه، والمدهش أنه ستكون الخيبة هي نفسها..

* * *
إسرائيل بالفعل والقول، خسرت الحرب استراتيجيا، بكل الحمولة الكاملة لمعنى الاستراتيجية: حرب وسياسة واقتصاد ومستقبل.. وفي وسط كل هذا الخسران الشامل.. سنسمع من يتحدث عن أن المشكلة ليست في كل هذا الذي يحدث! إنما الإشكالية الحقيقية هي اليوم التالي للحرب في غزة
إسرائيل بالفعل والقول، خسرت الحرب استراتيجيا، بكل الحمولة الكاملة لمعنى الاستراتيجية: حرب وسياسة واقتصاد ومستقبل.. وفي وسط كل هذا الخسران الشامل.. سنسمع من يتحدث عن أن المشكلة ليست في كل هذا الذي يحدث! إنما الإشكالية الحقيقية هي اليوم التالي للحرب في غزة!

* * *

هل هم جادون فعلا في كلامهم؟ أم لديهم ما يخفونه ولا يريدون التصريح به علنا؟ وهم بالفعل قد ألمحوا اليه كثيرا:

لن نسمح لحماس بالنصر، هزيمة إسرائيل معناها عدم قدرتها على الاستمرار في المنطقة، لن يمكننا البقاء في الشرق الأوسط بعد الآن، إذا لم تنتصر إسرائيل.. الخ..

وكلها عبارات كما نرى، من ذات الوزن التاريخي الثقيل، لأن من يسمعها لا يملك إلا السؤال والبحث عن أصل الحكاية، وسيدرك بعدها أن غزة ما هي إلا "أيقونة" فقط لشيء آخر.

* * *

تقول الحكاية التي وراءها ألف حكاية وحكاية أن "الحزام الصهيوني/ الغربي" الذي يطوق "الشرق الإسلامي" من بدايات القرن الـ19، هو الآن في الساعة الخامسة والعشرين.. "الحزام الصهيوني" المحكم على المنطقة والذي سيبدأ -إن شاء الله- في التفكك والخلخلة.. هو بعينه الذي يلتف حول خاصرة الغرب كله..

مفكروهم وعقلاؤهم هناك يقولون ذلك من سنين، ولكن كان لا بد من "صيحة" عالية، وقد كانت.. وما مشاهد الهلع في الدوائر العليا، والعنف القاسي في التعامل مع المظاهرات التي نراها في عيون حواضر الغرب وعواصمه وجامعاته، إلا أكبر دليل على أنه بالفعل كذلك (حزام محكم)، وعلى أنه بالفعل بدأ في التفكك والتخلخل..

ما مشاهد الهلع في الدوائر العليا، والعنف القاسي في التعامل مع المظاهرات التي نراها في عيون حواضر الغرب وعواصمه وجامعاته، إلا أكبر دليل على أنه بالفعل كذلك (حزام محكم)، وعلى أنه بالفعل بدأ في التفكك والتخلخل
* * *

المفكر الكبير عباس محمود العقاد (ت: 1964م) رحمه الله كان من أوائل من حذر وأنذر، وقال لنا كل شيء في كتابه المشهور سنة 1956م عن "الصهيونية العالمية"..  وكالعادة دائما وفي أوقات الخطر سيكون الأزهر الشريف وشيخه الطيب هناك، وسيصدر الكتاب هدية مع أحد أعداد مجلات الأزهر.

نحن هنا نتحدث عن الجبال الرواسخ في ثقافة المصريين، فكر الكبار، وصرح الأكابر.

* * *

الحاصل أن الأستاذ العقاد قال لنا كل شيء عن الصهيونية، التي نجحت منذ تأسيسها كحركة سياسية عالمية من القرن الـ19 في السيطرة على كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية وكافة النواحي الأخرى في "الغرب الاستعماري" وشعوبه الغافلة.

* * *

نحن الآن في الساعة الخامسة والعشرين بتوصيف الروائي الروماني الكبير قسطنطين جورجيو (ت: 1992م) ليس فقط بتجريد الوقت والزمن، ولكن بإعلاء الصوت بكل الحقائق التي حاولوا طمسها وإخفاءها عبر الزمن، وسيصح هنا قول الروائي الراحل في هذه الرواية الجميلة "من هامش العالم.. سنرى العالم".

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإسرائيلي الحروب الصليبية الغربي إسرائيل غزة الغرب الحروب الصليبية طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أنه بالفعل کل هذا

إقرأ أيضاً:

شاب يُطلق مبادرة داخل منطقته لتشجيع جيرانه علي القراءة في الإسكندرية

مازلت محافظة الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط، ضمن أبرز المحافظات التي تخرج منها الكثير من المبادرات التي ساهمت بشكل كبير علي المواطنين من حيث التفكير الثقافي و التوعوي و العمل المجتمعي.

وفي أحد الشوارع داخل منطقة أبوقير بشرق المدينة و عند مرورك هناك يلفت نظرك رجل في الأربعينات من عمره يجلس داخل مشروعه الخاص الذي يضم العديد من الكتب المتنوعة في جميع المجالات و الذي يحمل اسم تاكسي بوك و الذي استوحى عنوان هذه المشروع من بدايته الذي استخدم سيارته الأجرة إلي مكتبة متنقلة على كورنيش الإسكندرية، حيث يفترش الكتب والروايات على التاكسي الخاص به، أمام المارة الذين وقفوا باهتمام يتابعون ما يفعله، قبل أن يشرح لهم فكرة مبادرته "تاكسي بوك"، الذي أطلقها للتشجيع على القراءة في المواصلات، بدلًا من ضياع وقت الانتظار في إشارات المرور، والازدحام خلال أوقات الذروة، على تصفح الهاتف أو الأحاديث الجانبية عديمة الفائدة.

يقول محمد عزام صاحب مبادرة تاكسي بوك بالإسكندرية لموقع «الأسبوع» إن مبادرة المكتبة المتنقلة على التاكسي لم تكن وليدة اللحظة، فمُنذ صغره كان يحب القراءة والكتب، حيث بدأت بداخله لافتاً أن بداية فكرة المبادرة طرأت له عندما رأي أن هناك العديد من الأسر تتخلص من الكتب المدرسية القديمة وغيرها من الروايات والقصص من خلال بيعها لاصحاب مهنة جمع من الأشياء القديمة، و رأي أن هذه الكتب يمكن أن يستفاد منها شخص آخر يبحث عنها ويشتريها بأسعار مرتفعة، لذا بدأ في تدشين مبادرته بأن يكون همزة الوصل بين الشخص الذي يريد الاستغناء عن الكتب التي يمتلكها والشخص الآخر الذي يحتاجها.

وأضاف أنه في البداية وبحكم عمله سائق تاكسي كان يحتفظ بمجموعة من الكتب معه في التاكسي ويحرص أن تكون موضوعاتها سلسة، لجذب الفئة التي لا تهوى القراءة، لافتًا إلى انه يعرض على الشخص قراءة كتاب أثناء الرحلة، ثم يفتح الحوار مع زبائنه عن المبادرة وهدفها والغرض منها، لكي يتعرف على الأراء المختلفة لافتا إنه لم يتوقع الترحيب والتشجيع الذي لافتاً فكرة مشروعه على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفعه للاستمرار في هدفه، وتوسيع نشاط عمله من مكتبة متنقلة للكتب، إلى البيع أونلاين والتوصيل إلى المنازل بأسعار رمزية، ومع زيادة الإقبال على المبادرة أنشأ صفحة خاصة بمبادرته لمحبي القراءة، عبر موقع فيسبوك.

و أوضح أنه أطلق على المبادرة «تاكسي بوك» وهي مستوحاة من كلمة «الفيسبوك»، بهدف عودة الثقافة والقراءة مرة أخرى للشباب، وتصحيح المفاهيم والمعلومات المغلوطة، بعد أن أصبح الوصول للمعلومات اسهل عن طريق السوشيال ميديا، لذلك نحاول أن نكون سببًا في تفعيل الثقافة مرة أخرى مشيراً أنه عقب ذلك قرر تطوير الفكرة بتحويل التاكسي إلى مكتبة متنقلة، حيث بدأ الوقوف في الميادين المتاحة ويفترش مقدمة السيارة بالكتب المختلفة.

وأكد أن الكثير من البيوت والأسر لديها طالب أو دارس، وعند انتهاء العام الدراسي، يريد الاستغناء عن تلك الكتب، و المبادرة هدفها هنا الحصول على الكتب بشرائها أو بطريق أخرى أكثر إبداعًا وتوعية بأهمية الكتب وهي أن يكون البديل ليس مقابل مادي بل إن أن نعطي الطالب صاحب الكتب إذا كان في سن صغير كتب تلوين وأدوات تعليمية وألعاب تنمية مهارات، أما الشباب فيكون التبادل بالقصص والكتب والروايات التي تنمي عقولهم وتشجعهم على القراءة مضيفاً أنه استمرت المبادرة في التوسع، ومع زيادة عدد الكتب،

وأشار أنه قرر تدشين أول مكتبة ثابتة بمنطقة سيدي بشر، ثم لحقها بفرع آخر بمنطقة طوسون، وأصبح نشاط المبادرة لا يقتصر على البيع والتبادل فقط، بل والاستعارة مشيراً أنه يشارك في جمع ورق الدشت للحفاظ على البيئة، لإعادة تدويره واستخدامه مرة أخرى بسهولة لشركات الورق، آملا أن تنخفض الأسعار مرة أخرى.

واختتم حديث أنه يطمح أن تشمل مبادرته كل محافظات مصر، وألا تقتصر على الإسكندرية فقط، ولكن نقص العمالة ورغبته في انتقاء أشخاص يعملون معه ويأتمنهم على الدخول إلى المنازل سواء للحصول على الكتب وفرزها أو توصيلها، هو أكثر ما يفكر فيه في الفترة الحالية استعدادًا لتوسيع مبادرته.

مقالات مشابهة

  • كييف ستطلب بيانات حول سحب توقيعي العراق والأردن من بيان "قمة السلام"
  • تضمّ لبنان ودولاً عربيّة أخرى.. شاهدوا هذه الصورة لخريطة إسرائيل الكبرى
  • هل تتحول أفريقيا إلى ساحة صراع جديد بين روسيا والغرب؟
  • العراقيون يتراجعون للمرتبة الخامسة في سوق العقارات التركية
  • من أربيل.. تسجيل حالة الوفاة الخامسة بين الحجيج الكورد في مكة
  • المسجد الحرام.. خطبة الأضحى تدعو لنصرة فلسطين وإنقاذ الأقصى
  • لا حياة تساوي أكثر من أخرى.. خبراء أمميون ينددون باستخدام إسرائيل شاحنة مساعدات في تحرير رهائن
  • لماذا تأخّر حسم الجنجويد في الجزيرة؟!
  • شاب يُطلق مبادرة داخل منطقته لتشجيع جيرانه علي القراءة في الإسكندرية
  • علي الحجار يروي تفاصيل أزمة مسرحيته «مجنون ليلى» بالثمانينات.. «اترفد من شغله»