كاتبة إسرائيلية: نعيش ضغوطا نفسية هائلة بسبب الحرب
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
استغلت كاتبة إسرائيلية حادثة شخصية تعرضت لها مؤخرا تمثلت في سرقة سيارتها من أمام منزلها، للحديث عن الحالة النفسية المتردية التي يعيشها الإسرائيليون وما وصفتها بحالة "اضطراب ما بعد الصدمة الجماعية" التي تسود المجتمع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تلاه من حرب متواصلة في قطاع غزة.
وكتبت نحما دوك في مقالها بصحيفة "يسرائيل هيوم" أن سرقة سيارتها لم تكن الحدث الأهم في القصة، بل ما أثار انتباهها هو انفعالاتها العصبية الزائدة خلال تعاملها مع الشرطة وشركة التأمين والخدمات اللوجستية، وهو ما جعلها تدرك أن "ما نعيشه جميعا هو نتيجة مباشرة لتلك المجزرة وللضغط النفسي المتواصل منذ ذلك اليوم".
وأوضحت أن الحادثة وقعت في ساعات الليل حين لاحظ أحد الجيران غرباء يتجولون داخل سيارتها المتوقفة فاتصل بالشرطة، لتبدأ مطاردة انتهت بضبط السيارة على طريق رقم "1" باتجاه الأراضي الفلسطينية، حيث عُثر داخلها على فتى يبلغ من العمر 15 عاما.
وعلقت الكاتبة بأن هذه هي الطريقة التي تعمل بها عصابات سرقة السيارات "الحراس والمبتدئون والصبي الذي يقود السيارة، حتى إذا تم القبض عليه يخفَف الحكم بسبب صغر سنه".
توتر جماعيلكن الكاتبة شددت على أن الهدف من سرد الحادثة لم يكن التذمر من تفشي سرقة السيارات، بل إلقاء الضوء على ما سمته "التوتر الجماعي الذي يعيشه الجميع"، مشيرة إلى أن "كل واحد منا يحمل داخله قنبلة من التوتر والانفعال ظهرت بشكل غير مسبوق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول".
إعلانوكتبت دوك "أفترض أنه في مرحلة ما سيُجرى فحص شامل لتأثير المجزرة والحرب وضحاياها على نفسية كل منا، العنف في المجتمع الإسرائيلي يزداد بجميع قطاعاته، جرائم القتل تسجل بشكل شبه يومي، ونفاد الصبر يتجلى في كل مكان: في الطرقات وفي الكنيست وفي الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي".
ونقلت عن طبيب صديق قوله بنبرة ساخرة تخفي قلقا حقيقيا إنه بات يوصي بـ"إضافة دواء سيبراليكس (مضاد للاكتئاب والقلق) إلى مياه الشرب العامة".
كذلك، تحدثت الكاتبة عن تغير سلوكها هي شخصيا بعد السرقة، مشيرة إلى أنها فقدت صبرها سريعا خلال التعامل مع جهات مختلفة، وكانت تصرخ على الهاتف بلا وعي.
وقالت "في أيام عادية كنت سأمر على التفاصيل البيروقراطية دون انفعال، لكني اليوم شعرت بأن كل شيء يثير الغضب، حتى تأخر شاحنة القطر عن إيصال السيارة إلى المرآب لأن سائقها نفد منه الديزل أثار فيّ نوبة غضب غير مبررة".
الحرب الأطول في تاريخ إسرائيلوحمّلت دوك المسؤولية للقيادة السياسية، معتبرة أن "من واجبها أن تقدم رؤية تبعث الأمل"، مضيفة أن "القيادة يجب أن تخفف العبء عن الناس، وأن تهتم فعليا بمن يخدمون في الاحتياط بدلا من أن تكرس الامتيازات لمن يرفضون الخدمة ويتهربون من المسؤولية الاجتماعية (تقصد امتناع المتدينين الحريديم عن الخدمة في الجيش)، دون أن يتخلوا عن ملذات الدولة".
كما انتقدت بشدة غياب الشفافية والوضوح في إدارة الحرب، وتساءلت "أين القيادة التي تُظهر لنا أن هذه الحرب ضرورية؟ بعد أيام نكمل عامين منذ المجزرة وخط الضحايا يزداد، والإحساس العام هو أنه لا توجد يد توجه الأمور، ولا أحد يعرف إلى أين نمضي".
وذكرت دوك أن الحرب الجارية الآن في غزة أصبحت "الأطول في تاريخ الدولة"، مشيرة إلى أنها تجاوزت حتى حرب الاستقلال رغم تفوق إسرائيل العسكري اليوم مقارنة بما كانت عليه في عام 1948.
إعلانلكنها قالت إن "الضغط العسكري الذي تجدد مؤخرا لم ينجح في دفع حماس إلى الإفراج عن المحتجزين، مما يثبت أن كل التصريحات الرسمية بأن الضغط سيغير المعادلة تنهار أمام الواقع يوما بعد يوم".
وختمت بالتحذير من أن المجتمع الإسرائيلي يدفع "ثمنا باهظا لحرب بلا أفق تدار من قبل قيادة منشغلة ببقائها السياسي، في وقت يحتاج فيه الناس إلى خطاب أمل، لا إلى تكرار الشعارات الفارغة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كاتبة أمريكية: هكذا يبدو الاستبداد في عهد ترامب الثاني
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفية ميشيل غولدبرغ تناولت فيه قرارات ترامب الأخيرة وتأثيراتها على المشهد السياسي في الولايات المتحدة.
وقالت الكاتبة، إنها منذ انتخاب دونالد ترامب مجددا، خشيت سيناريو واحدا أكثر من أي سيناريو آخر: أن يستدعي الجيش لمواجهة المحتجين على عمليات الترحيل الجماعي التي ينفذها، مما يضع أمريكا على طريق الأحكام العرفية. مع ذلك، "حتى في أكثر الكوابيس التي تخيلتها، ظننت أنه سيحتاج إلى ذريعة لنشر القوات في شوارع مدينة أمريكية وضد رغبات رئيس بلديتها وحاكمها، أكثر من الاحتجاجات الصغيرة نسبيا التي اندلعت في لوس أنجلوس الأسبوع الماضي".
وأضافت أنه في بيئة ما بعد الواقع، اتضح أن الرئيس لم يكن بحاجة إلى انتظار أزمة لشن حملة قمع استبدادية. بل إنه يستطيع ببساطة اختلاق واحدة.
وتابعت غولدبرغ، أنه صحيح أن بعض المحتجين على مداهمات إدارة الهجرة والجمارك في لوس أنجلس اتسموا بالعنف؛ ففي يوم الأحد، أُلقي القبض على رجل بتهمة إلقاء زجاجة مولوتوف على ضابط شرطة، واتهم آخر بقيادة دراجة نارية ودهس صفا من رجال الشرطة. وإنه يجب إدانة مثل هذا العنف لأنه غير أخلاقي ولأنه يؤدي إلى نتائج عكسية بشكل كبير؛ فكل حرق لـ Waymo [محطة التاكسي ذاتية القيادة] أو تحطيم واجهة متجر هو هدية عينية للإدارة.
كما أكدت الكاتبة أن فكرة احتياج ترامب إلى نشر جنود في شوارع المدينة لأن أعمال الشغب كانت تخرج عن نطاق السيطرة هي محض خيال.
وجاء في بيان صادر عن إدارة شرطة لوس أنجلس مساء السبت: "اليوم، ظلت المظاهرات في جميع أنحاء مدينة لوس أنجلس سلمية، ونحن نشيد بكل أولئك الذين مارسوا حقوقهم التي يكفلها لهم التعديل الأول بمسؤولية". وكان ذلك في نفس اليوم الذي تجاوز فيه ترامب حاكم ولاية جافين نيوسوم وجعل الحرس الوطني في كاليفورنيا فدراليا، بموجب قانون نادر الاستخدام يهدف إلى التعامل مع "التمرد أو خطر التمرد ضد سلطة حكومة الولايات المتحدة".
وأوضحت أنه بالرغم من نشر آلاف من قوات الحرس الوطني بالفعل في المدينة يوم الاثنين، قالت الإدارة إنها سترسل أيضا 700 من مشاة البحرية، ويبدو أن شرطة لوس أنجلس لا تريد وجود مشاة البحرية هناك.
وفي بيان، قال رئيس الشرطة، جيم ماكدونيل: "إن وصول القوات العسكرية الفيدرالية إلى لوس أنجلس - في غياب تنسيق واضح، يمثل تحديا لوجستيا وعمليا كبيرا لنا نحن المسؤولين عن حماية هذه المدينة". لكن بالنسبة لترامب، لم تكن حماية المدينة هي الهدف أبدا.
وقالت إنه من المهم أن نفهم أنه بالنسبة لهذه الإدارة، لا يشترط أن تكون الاحتجاجات عنيفة لتعتبر انتفاضة غير شرعية. وتشير المذكرة الرئاسية التي تستدعي الحرس الوطني إلى كل من أعمال العنف وأي احتجاجات "تعيق" إنفاذ القانون.
وأشارت غولدبرغ إلى أن هذا التعريف يبدو أنه يشمل المظاهرات السلمية حول موقع مداهمات دائرة الهجرة والجمارك، ففي أيار/ مايو، على سبيل المثال، اقتحم عملاء فدراليون مسلحون مطعمين إيطاليين شهيرين في سان دييغو بحثا عن عمال غير موثقين؛ وقاموا بتقييد أيدي الموظفين واعتقلوا أربعة أشخاص.
وأثناء قيامهم بذلك، تجمع حشد غاضب في الخارج، وهم يهتفون "عار" ومنعوا العملاء من المغادرة لفترة من الوقت. وبموجب أمر ترامب، يمكن للجيش استهداف هؤلاء الأشخاص باعتبارهم متمردين، وفق الكاتبة.
وبينت الكاتبة أن الإدارة، في نهاية المطاف، لديها كل الأسباب لترهيب من قد يشاركون في العصيان المدني. الاحتجاجات العنيفة تخدم مصالحها، أما الاحتجاجات السلمية فتهدد الرواية السخيفة التي تحاول فرضها على أمريكا. انظروا فقط إلى المدى الذي ستصل إليه لإسكات ديفيد هويرتا، رئيس الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات في كاليفورنيا.
وفي الأسبوع الماضي، أُلقي القبض على هويرتا بعد جلوسه على الرصيف وسده بوابة أثناء احتجاجه على مداهمة لدائرة الهجرة في موقع عمل في لوس أنجلس. وأثناء عملية اعتقاله، طُرح أرضا، مما أدى إلى دخوله المستشفى. يوم الاثنين، وجهت إليه وزارة العدل تهمة "التآمر لعرقلة ضابط"، وهي جناية تصل عقوبتها القصوى إلى السجن ست سنوات.
وقالت: "إن ترامب دعا أيضا، يوم الاثنين، إلى اعتقال نيوسوم. لو شاهدتم كل هذا في أي بلد آخر، إرسال جنود لقمع المعارضة، واعتقال قادة نقابيين، وتهديد سياسيين معارضين - لَأدركتم بوضوح أن الاستبداد قد وصل. السؤال الآن هو: هل يمكن حث الأمريكيين الكارهين للاستبداد على الرد؟".
وأشارت الكاتبة إلى أن كثيرين تكهنوا بأن المواجهة في لوس أنجلس ستصبّ في مصلحة ترامب، مما يسمح له بالتظاهر بأنه بطل القانون والنظام، وهو من أخضع العصابات الإجرامية. وعلقت قائلة إنه ربما يكونون محقين. فترامب ديماغوجي بارع، موهوب في خلق مشاهد الصراع التي يتوق إليها أنصاره. نعلم الآن أن الدكتور فيل كان موجودا على الأرض مع إدارة الهجرة والجمارك خلال المداهمات التي أشعلت اضطرابات لوس أنجلس، مصورا حلقة خاصة في وقت الذروة. بدا أن الإدارة تُريد مشهدا مثيرا.
وبينت أنه مع ذلك، فإن الرأي العام ليس ثابتا، ولذلك من المهم لكل من لديه منبر - سياسيون، ومحاربون قدامى، وقادة ثقافيون ودينيون - أن يدينوا تجاوزات الإدارة الاستبدادية. ويروج مسؤولون في الإدارة، مثل ستيفن ميلر، لفكرة أن لوس أنجلس "أرض محتلة"، كما يتضح من الأعلام الأجنبية التي يحملها بعض المتظاهرين.
وقالت إن على الأمريكيين الذين ما زالوا يأملون في الديمقراطية أن يرددوا، بأعلى صوت وبقدر استطاعتهم، أن هذه كذبة غبية ومهينة لتبرير استيلاء ديكتاتوري على السلطة. ربما يتبين أن الحقيقة لا تستطيع التغلب على الدعاية اليمينية، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أننا ضللنا الطريق بالفعل.
وأردفت غولدبرغ، أنه في عام 2020، عندما ذهب ترامب إلى كنيسة القديس يوحنا لالتقاط صورة بعد أن أطلق ضباط شرطة الحدائق الأمريكية والخدمة السرية الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، أُدين على نطاق واسع من قِبل الزعماء الدينيين وضباط عسكريين سابقين رفيعي المستوى، مما أجبر الإدارة على اتخاذ موقف دفاعي.
كما أظهر استطلاع للرأي أُجري بعد ذلك بقليل أن ثلثي الأمريكيين يحملونه مسؤولية زيادة التوترات العرقية. لذلك ليس من المسلم به أن الفوضى تصب في مصلحة ترامب، خاصة عندما يكون من الواضح أنه هو من يحرض عليها. ولكن يجب أن تكون هناك أصوات قوية تواجه أكاذيبه الصريحة.
وأوضحت أنه بالرغم من أن أمريكا انحرفت نحو اليمين منذ ولاية ترامب الأولى، ويمكنه الآن الإفلات من العقاب على انتهاكاته التي كانت ستثير غضبا جماهيريا آنذاك، فإن كثيرا من الديمقراطيين، الذين تضرروا بشدة من ردود الفعل العنيفة ضد حركة "حياة السود مهمة" والهجرة غير الشرعية واسعة النطاق، يفضلون عدم خوض معركة بشأن الفوضى في لوس أنجلس.
وذكرت مجلة بوليتيكو: "لشهور، سعى الديمقراطيون، الذين تأثروا بسياسات هذه القضية، إلى تجاهل حروب الرئيس دونالد ترامب على الهجرة - مركزين بدلا من ذلك على الاقتصاد أو التعريفات الجمركية أو في حالة الترحيل، مخاوف الإجراءات القانونية الواجبة".
كما أكدت الكاتبة، أنه لا مجال لتجاهل رئيس ينشر الجيش في مدينة أمريكية بناء على أكاذيب سخيفة حول غزو أجنبي. في الواقع، من الصعب التفكير في علامة أوضح على طريق الديكتاتورية، مشيرة إلى أنه يوم السبت القادم، في عيد ميلاد ترامب، يخطط لعرض عسكري ضخم في واشنطن، ظاهريا للاحتفال بالذكرى السنوية الـ 250 لتأسيس الجيش.
والتقطت صور للدبابات وهي في طريقها إلى المدينة، ونصب لنكولن التذكاري يقف في الخلفية بشكل مأساوي، كصورة من فيلم كابوسي من أفلام هوليوود.
وختمت غولدبرغ قائلة، إنه في ذلك اليوم، ستنظم مظاهرات في جميع أنحاء البلاد تحت شعار "لا ملوك". مبينة أنها تأمل بشدة أن تؤجج محاولة ترامب قمع الاحتجاجات تلك المظاهرات. قد يخاف من يريدون العيش في بلد حر، لكن لا ينبغي أن يجبُنوا.