استهداف مخيم النازحين في رفح.. ماذا يقول القانون الدولي؟
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
توالت ردود الفعل المنددة بالغارة التي نفذتها إسرائيل بمخيم للنازحين في رفح، أقصى جنوب قطاع غزة، الأحد، بعد مقتل مدنيين خلالها.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الاثنين، أن حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي في حي تل السلطان في شمال غرب رفح بلغت 45 شخصا على الأقل، وإصابة 249 آخرين.
واتهمت الرئاسة الفلسطينية، الاثنين، إسرائيل، بارتكاب "مجزرة بشعة باستهداف خيام النازحين في رفح بشكل متعمد.
وكانت إسرائيل تعهدت باقتحام رفح، حيث لجأ أكثر من مليون فلسطيني، نما أثار قلقا دوليا من أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة بشكل حاد.
وفي حين اتهم فلسطينيون إسرائيل باستهداف خيام للنازحين في رفح، قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مجمعا تابعا لحماس، وهو هدف مشروع بموجب أحكام القانون الدولي، مشيرا إلى تنفيذ العملية من خلال الذخيرة الدقيقة، وبناء على معلومات استخباراتية مسبقة.
وعاد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، الاثنين، ليؤكد أن التقارير الأولية الواردة تشير إلى اندلاع حريق بعد الغارة، مما أسفر عن مقتل المدنيين. وقال آفي هيمان: "وفقا للتقارير الأولية، هذه تقارير أولية، اندلع حريق بعد الهجوم ويبدو أنه أودى بحياة مدنيين".
ووصف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، الضربة بأنها "حادث مأسوي"، مشيرا إلى أن حكومته "تحقق فيها".
وقال نتانياهو أمام الكنيست: "في رفح، قمنا بإجلاء مليون شخص لا علاقة لهم بما يجري، ورغم قصارى جهدنا وقع حادث مأساوي أمس (الأحد)"، مضيفا "إننا نحقق في القضية وسنتوصل إلى نتائج".
وأفاد الدفاع المدني الفلسطيني بوجود العديد من الجثث "المتفحمة" من جراء حريق طال مخيم النازحين في حي السلطان برفح.
وأوضح مدير إدارة الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني محمد المغير لوكالة فرانس برس "انتهت عمليات الإنقاذ والانتشال مساء.. شاهدنا جثثا متفحمة وأشلاء، حالات بتر للأطراف، هناك أطفال ونساء وكبار في السن مصابون".
وتبرز، بعد الواقعة، تساؤلات عدة تتعلق بما إذا كانت تلك الغارة قد تمت وفق القانون الدولي؟ وهل يبرر وجود مسلحين استهداف منشآت مدنية؟ وهل هي هدف مشروع حتى إن تم تنفيذ العملية من خلال الذخيرة الدقيقة، وبناء على معلومات استخباراتية مسبقة؟
وتؤكد اتفاقات جنيف حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
وتشير المادة 51 من الملحق الأول الإضافي في اتفاقيات جنيف 1977، وفق ما أورده موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "تمتع السكان المدنيين والأشخاص المدنيون بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية".
وتحظر المادة الهجمات العشوائية، وتعتبر هجمات عشوائية "الهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو إصابة بهم أو أضراراً بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطا من هذه الخسائر والأضرار".
والهجوم العشوائي كذلك هو "الهجوم قصفا بالقنابل، أيا كانت الطرق والوسائل، الذي يعالج عددا من الأهداف العسكرية الواضحة التباعد والتميز بعضها عن البعض الآخر والواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية أو منطقة أخرى تضم تركزا من المدنيين أو الأعيان المدنية، على أنها هدف عسكري واحد".
وفي تصريحات لموقع الحرة، اعتبر خبير القانون الدولي الليبي، مجدي الشبعاني، أن ما تقوم به إسرائيل من استخدام العنف في القصف وغيره "جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية".
وأضاف أن "ما قامت به مؤخرا من عمليات لقصف أهداف وأعيان مدنية ومخيمات نازحين في رفح وغيرها، وما خلفه هذا القصف من ضحايا لأطفال ونساء خاصة ومدنيين بالعموم، هو في حقيقته جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، مكتملة الأركان".
ويشير الشبعاني إلى أن "حجم القوة وغزارة الدمار وضخامته وشراسة الهجوم وحدته وعدد الضحايا ونوعهم يؤكد أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية بشكل واضح، ولا يبرر هذه الأفعال ادعاؤها بتواجد جماعات مسلحة، أو استنادها على معلومات استخباراتية خاطئة، أو أن تفتح تحقيقا بعد ارتكاب الجريمة وحدوث الفاجعة".
واعتبر أن "هذا لا يجعلها تتنصل من مسؤوليتها كدولة ملتزمة بأحكام القانون الدولي الإنساني ومبادئه وأحكامه، أو مسؤولية القادة العسكرين ومن أصدروا الأوامر. وحتى رئاسة الحكومة الإسرائيلية تطالها المسؤولية عن هذه الجريمة".
ويشير مايكل شميت، و هو باحث في الأكاديمية العسكرية الأميركية، ويست بونيت، أستاذ القانون الدولي العام في جامعة ريدينغ، في مقال سابق نشر على موقع الأكاديمية إلى المادة 52 من ملحق جنيف الخاصة بحماية المدنيين في الحروب.
وتقول المادة: "تقصر الهجمات على الأهداف العسكرية فحسب. وتنحصر الأهداف العسكرية فيما يتعلق بالأعيان على تلك التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري، سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة".
ويشير شميت إلى أن بعض الحكومات، ومن بينها إسرائيل تعتبر الهياكل "ذات الاستخدام المزدوج" بأكملها هدفا عسكريا.
ويشير إلى أن ضباطا في الجيش الإسرائيلي، تحدث معهم، أكدوا أنه عندما تحدث مثل هذه المواقف، يحاول الجيش تجنب إلحاق الضرر بمكونات المبنى الذي لا يستخدمه العدو لأغراض عسكرية، من خلال استخدام ذخائر موجهة بدقة. وفي بعض الحالات، يقرر الجيش الإسرائيلي عدم الهجوم على الإطلاق.
ومن خلال عقود من العمل مع القوات المسلحة في جميع أنحاء العالم، يؤكد الباحث أن العديد من الجيوش تتبع نفس النهج.
ويشير شميت إلى حادثة استهداف إسرائيل لمبنى يضم مكاتب لوسائل إعلام في غزة في مايو 2021، الذي أثار أيضا موجة انتقادات بعدما بررت إسرائيل تدميره بأنه كان يضم مطلوبين.
وقال نتانياهو حينها إن المبنى كان "هدفا مشروعا تماما"، مؤكدا أنه يستند في ذلك إلى معلومات استخباراتية.
ويوضح شميت أن وجود خلافات بين القانونيين بشأن ما إذا كان المبنى الذي يحتوي على شقق أو مكاتب تستخدم لأغراض مدنية ويتم تحويلها للاستخدام العسكري ينبغي اعتباره هدفا عسكريا في مجمله أو اعتبار أنه يتألف من كيانات منفصلة.
والرأي الأفضل، وفق الباحث، هو أنه إذا تمكن المهاجم من ضرب ذلك الجانب من المبنى المستخدم لأغراض عسكرية، فيجب أن يأخذ الضرر الذي يلحق بالأجزاء المتبقية في تحليله للأخطار.
وقال إن مجرد وجود أفراد يمكن استهدافهم بشكل قانوني يتواجدون بالصدفة في بناية معينة، مثل متجر أو منشأة غير عسكرية، لا يجعل من المبنى هدفا عسكريا.
وفقط إذا كان هؤلاء الأفراد يستخدمون أو يعتزمون استخدامه لأغراض عسكرية، يصبح هدفا عسكريا، ولكن الضرر الذي يلحق بالمبنى نتيجة الهجوم على هؤلاء الأفراد هو ضرر جانبي يجب أن يتم أخذه في الاعتبار.
ويقول كوبي مايكل، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، الذي شغل منصب نائب لمدير المكتب الفلسطيني في وزارة الشؤون الاستراتيجية، إن إسرائيل لم تستهدف، مساء الأحد، مخيما للنازحين، وإنما مبنى "كان يتواجد فيه إرهابيو حماس واستخدموه كمجمع عسكري، وبالتالي، ووفقا للقانون الدولي، فهو هدف عسكري مشروع"، وفق تصريحاته لموقع الحرة.
وأضاف مايكل أن الجيش الإسرائيلي "اتخذ جميع التدابير الاحترازية لضمان منع وقوع أي أضرار جانبية".
وفي إشارة إلى الجهة المسؤولة عن القتلى المدنيين، قال إنه "لم يتضح بعد كيف وصلت النيران إلى المكان الذي يتواجد فيه المدنيون، لكن لم تقع إصابات بسبب الصاروخين اللذين أطلقا باتجاه المبنى".
وتأتي الحادثة الجديدة في خضم مشكلات قانونية تواجهها إسرائيل على المحافل الدولية.
وطالبت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف عملياتها في رفح، في إطار قضية رفعتها جنوب أفريقيا، العام الماضي، على إسرائيل أمام الهيئة تتّهمها فيها بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع الإبادة الجماعية، الأمر الذي تنفيه إسرائيل.
وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنه يسعى للحصول على مذكرات توقيف لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم تشمل "التجويع" و"القتل العمد" و"الإبادة و/أو القتل".
وتقدمت "مراسلون بلا حدود"، الاثنين، بشكوى جديدة أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن "جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في حق فلسطينيين"، وفق بيان للمنظمة غير الحكومية.
ودعت المنظمة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى "التحقيق في جرائم ارتكبت في حق ما لا يقل عن 9 مراسلين فلسطينيي،ن بين 15 من ديسمبر 2023 و20 مايو 2024".
وبدأت الحرب في غزة اثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس داخل الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر أدى إلى مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس، يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وفي ذلك اليوم، احتجز 252 شخصا رهائن ونقلوا إلى غزة. وبعد هدنة في نوفمبر سمحت بالإفراج عن نحو 100 منهم، لايزال هناك 121 رهينة في القطاع، لقي 37 منهم حتفهم، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وردا على ذلك، أطلقت إسرائيل هجوما شاملا في القطاع الفلسطيني، خلف ما لا يقل عن 35984 قتيلا، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: معلومات استخباراتیة الجیش الإسرائیلی القانون الدولی هدفا عسکریا جرائم حرب من خلال إلى أن فی غزة فی رفح
إقرأ أيضاً:
من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
غزة- أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم السبت اغتيال رائد سعد القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، باستهداف سيارة مدنية على الطريق الساحلي جنوب غرب مدينة غزة.
وزعم الاحتلال أن اغتيال سعد جاء ردا على خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، بتفجير عبوة ناسفة في وقت سابق بقوة من الجيش الإسرائيلي داخل غزة، لكن القناة الـ 12 العبرية قالت إنه "تم استغلال الظروف المواتية لاغتياله دون أي علاقة بأي انتهاك للتهدئة".
وأطلق الجيش الإسرائيلي على عملية اغتيال سعد اسم "وجبة سريعة"، حيث سنحت له الفرصة لاغتيال الرجل الثاني حاليا في الجناح العسكري لحركة حماس، بعد القيادي عز الدين الحداد الذي يقود كتائب القسام.
وباغتيال رائد سعد تكون إسرائيل قد نجحت في الوصول إليه بعد أكثر من 35 عاما من المطاردة، تعرض خلالها للكثير من محاولات الاغتيال.
مسيرة قيادية
ولد رائد حسين سعد في الخامس عشر من أغسطس/آب عام 1972 في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتحق مبكرا بصفوف حركة حماس، وبدأ الاحتلال يطارده في بداية الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987.وعتقلته قوات الاحتلال أكثر من مرة.
حصل على درجة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الإسلامية أثناء وجوده في السجن عام 1993، حيث كان نشطا حينها في الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، وحصل سعد على شهادة الماجستير في الشريعة من الجامعة نفسها عام 2008.
وبحسب المعلومات الخاصة التي حصلت عليها الجزيرة نت، التحق سعد بالعمل العسكري مبكرا، وعمل مع قدامى المطاردين من كتائب القسام أمثال سعد العرابيد، ويعتبر من أواخر جيل المطاردين في مرحلة انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.
وتولى سعد منصب لواء غزة الشمالي في كتائب القسام عام 2007، وكان ممن أشرفوا على تأسيس وتأهيل القوة البحرية للكتائب في غزة.
إعلانوفي عام 2015 ترأس ركن العمليات، وكان عضوا ضمن مجلس عسكري مصغر مكون من قيادة كتائب القسام في قطاع غزة، إلى جانب القياديين محمد الضيف ومروان عيسى، وذلك في الفترة الواقعة بين عامي 2012 و 2021.
كيف تناول الإعلام الإسرائيلي عملية اغتيال رائد سعد في غزة؟.. التفاصيل مع مراسلة #الجزيرة فاطمة خمايسي#الأخبار pic.twitter.com/gLL2nMKLsc
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 13, 2025
تقول إسرائيل إن سعد كان مسؤولًا عن الخطط العملياتية للحرب، حيث أشرف على خطوتين استراتيجيتين شكّلتا أساس الاستعداد التنفيذي لعملية طوفان الأقصى: الأولى إنشاء كتائب النخبة، والثانية إعداد خطة "سور أريحا"، الهادفة إلى حسم المعركة ضد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.
وزعم الاحتلال -خلال الحرب الأخيرة على غزة- اعتقاله أثناء اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار 2024، ونشر صورته حينها ضمن مجموعة ممن تم اعتقالهم، قبل أن يعترف بأنها وردت بالخطأ مما يشير إلى ضعف المعلومات الاستخبارية المتوفرة عنه لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وتعرض سعد أيضا خلال الحرب لعدة محاولات اغتيال، كان أبرزها في شهر مايو/ أيار عام 2024، بقصف منطقة سكنية بمخيم الشاطئ، وعرض الجيش الإسرائيلي مكافأة مالية قيمتها 800 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للوصول إليه بعد فشل اغتياله.
ونقلت إذاعة الجيش أن إسرائيل بحثت عن رائد سعد لفترة طويلة جدا، وسعت إلى اغتياله مرتان في الأسبوعين الماضيين، لكن الفرصة لم تكتمل، وبمجرد أن تم التعرف عليه مساء السبت وهو يستقل مركبة برفقة حراسه الشخصيين، نفذت الغارة على الفور.
واقع أمني جديدوأمام اغتيال إسرائيل الشخصية العسكرية الأبرز في المقاومة الفلسطينية منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعتقد الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة أن "الاحتلال لا يتعامل مع التهدئة في قطاع غزة بوصفها حالة توقف عن الحرب، بل كمرحلة عملياتية مختلفة تُدار فيها المعركة بأدوات أقل ضجيجا وأكثر دقة".
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الاغتيالات والاستهدافات الانتقائية التي نُفذت مؤخرا تكشف بوضوح أن الحرب لم تنتهِ، بل أُعيد تدويرها ضمن نمط جديد يقوم على الضرب المتقطع، وإدارة الصراع بدل حسمه.
ولفت إلى أن الاحتلال يحرص على اختلاق مبررات ميدانية لتسويق عدوانه باعتباره ردا دفاعيا، "غير أن هذا الخطاب لا يخرج عن كونه محاولة مكشوفة لإعادة تعريف مفهوم الخرق نفسه، بحيث يصبح أي حادث أمني أو اشتباك محدود أو اختلاق أحداث غير موجودة -في عمق سيطرته داخل الخط الأصفر- ذريعة كافية لتنفيذ عملية اغتيال".
ويرى أبو زبيدة أن الاحتلال يسعى لفرض معادلة جديدة قوامها "أن التهدئة لا تعني الأمان"، وأنه يحتفظ بحق الضرب متى شاء، ويسعى من خلال هذا السلوك إلى فرض قواعد اشتباك أحادية الجانب، تمنحه حرية العمل الجوي والاستخباراتي داخل القطاع دون التزامات سياسية أو قانونية.
وأشار إلى أن الضربات المحدودة لا تهدف فقط إلى إيقاع خسائر مباشرة، بل إلى الحفاظ على زمام المبادرة، ومنع المقاومة من الانتقال من مرحلة الصمود إلى مرحلة التعافي وإعادة التنظيم، وإبقاء البنية التنظيمية للمقاومة في حالة استنزاف دائم.
إعلانوفي البعد الأمني لفت أبو زبيدة إلى أن كثافة العمل الاستخباراتي تشير إلى أن الاحتلال يستغل فترة الهدوء لتحديث بنك أهدافه استعدادًا لجولات قادمة، وهو ما يفسر عدم تسريح وحدات سلاح الجو والطيران المسيّر، واستمرار عمل شعبة الاستخبارات العسكرية بكامل طاقتها.
ويعتقد الباحث في الشأن الأمني أن "السيناريو الأخطر يكمن في تطبيع هذا النمط من الاستباحة، بحيث تتحول الضربات الخاطفة إلى حالة دائمة، تُنفّذ على مدار الوقت، وإن كانت أقل كثافة من الحرب الشاملة، وهذا يعني عمليًا تكريس واقع أمني جديد في قطاع غزة، تُنتهك فيه التهدئة بشكل مستمر، ويُفتح الباب أمام نزيف دم متواصل بلا سقف زمني أو ضمانات حقيقية".