جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-03@02:38:33 GMT

وداعًا الشيخ أحمد الحارثي

تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT

وداعًا الشيخ أحمد الحارثي

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

رحل عن دنيانا الشيخ الجليل أحمد بن مسعود الحارثي، أحد أبرز الدعاة إلى الله في وطننا الحبيب، بعد مسيرة حافلة بالعطاء في مسيرة خدمة الدعوة إلى الله بالخلق الحسن والهدي النبوي الشريف.

ويروي المحيطون بالشيخ أحمد الحارثي، أنه لم يكن يشكو في آخر أيامه من أي معضلة صحية، لكنها مشيئة الله، لتنتهي مسيرة هذا الرجل البار بأمته والمخلص لدين الله.

هنيئًا لشيخنا الراحل الشيخ أحمد بن مسعود الحارثي، الرجل الطيب المحبوب من الجميع حسن الخاتمة والذكرى العطرة التي خلفها وتركها في هذه الدنيا الفانية، والأعمال الجليلة التي تركها وأورثها هنا، ستزف له أجورها وهو في قبره إلى يوم القيامة.

وقد علمنا أنَّه بعد حلقة التعليم التي تنعقد يوميًا بعد صلاة الفجر في مسجد الوهاب؛ حيث اعتاد الشيخ الصلاة فيه، مكث- رحمه الله- في مجلسه بالمسجد حتى صلى سُنة الإشراق، وبعدها ذهب لبيته وخرج منه ضُحى لزيارة صاحب له من مشايخ الدعاة القدماء وكأنه يودعه. وعاد عقب ذلك إلى بيته فلم يلبث فيه طويلًا ولم يمكث كثيرًا، إلّا برهة من زمان ووقت، وما هي إلّا دقائق وفاضت روحه إلى بارئها نهارًا، لينتشر الخبر الصادم المحزن بين النَّاس وبين أهله وأحبابه وكل من يعرفه في مشارق الأرض ومغاربها.

لقد توفي الشيخ أحمد بن مسعود الحارثي- رحمة الله عليه- الذي نحبه كثيرًا حيًا وميتًا يوم الثلاثاء وهو في الثمانين من عمره، على الصلاح والاستقامة، داعيًا إلى الله تعالى على مدار خمسة عقود، وودعه وشيعه مئات الناس من مختلف محافظات السلطنة، نظرًا لسيرته الحسنة وسمعته الطيبة ومكانته الاجتماعية المؤثرة.

لقد عرفتُ الشيخ أحمد بن مسعود الحارثي عن قرب فأحببته كما أحبه غيري، ولازمته في بيئات الدين والإيمان، وأذكر للشيخ محاسن وحسنات وتواضعه وهدوئه وإنسانيته وعلمه وفهمه وورعه وثقافته وتدينه وبذله وعطاءه وخدمته لدين الله تعالى وخوفه منه تعالى.

الشيخ أحمد كان خدوما لديننا الإسلامي داعيا الى الله تعالى مبلغاً عن رسوله الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكريمًا مع الجميع، حنونا لطيفاً مع الكل، غيورا على انتهاك محارم الله.

وكان صبورا وذا سعة بال، يحمل هم أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وعباد الله البعيدين عنه، وعندما كنت أدعو له في حضوره وهو يسمعني، بقولي أطال الله في عمرك، كان رحمه الله تعالى يقول لي "لا تدعو لي بطول العمر بل بالبركة في العمر". وحينما أسأله عن سر رغبته في الدعاء له بالبركة في العمر وليس بزيادته، كان يرد عليَّ قائلًا: "قد يطول الله تعالى في عمري حتى أهرم، وأكون  بعدها عالة على أولادي وأهلي وغيري، وأنت تعلم عندما يصل أي إنسان إلى سن كبير ويعجز عن خدمة نفسه، فإنه من المحتمل أن يمل منه الناس، وكما تراني الآن وأنا في هذه السن المتقدمة، أخدم نفسي وأقوم بواجباتي".

تغمد الله الشيخ الجليل أحمد بن مسعود الحارثي برحمته، وأسكنه فسيح جناته، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، ونُعزِّي أنفسنا وأولاده وأسرته وأهله والعالم الإسلامي كافة بوفاته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ثبات نبي الله إبراهيم عليه السلام في مواجهة الطاغوت : قراءة في المحاضرة الثالثة للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ضمن سلسلة دروس القصص القرآني

يمانيون / خاص

في محاضرة إيمانية عميقة المضمون، تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، مستخلصاً منها دروساً خالدة في الثبات على الحق، والبراءة من الباطل، ومواجهة الطغيان بالحُجَّة والموقف المبدئي، ضمن ثلاثة محاور رئيسية تمثل جوهر الرسالة الإبراهيمية في مواجهة الباطل والاستكبار.

المحور الأول: الحُجَّة القاطعة في وجه الطاغوت

استعرض السيد القائد يحفظه الله جانباً من الحوار الذي دار بين نبي الله إبراهيم عليه السلام والطاغية الذي يجادل في الله، حيث استخدم إبراهيم عليه السلام الحُجَّة العقلية والمنطقية التي تُبطل مزاعمه في قوله تعالى : {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب} فبهت الذي كفر، وسقطت كل محاولاته التي كانت تقوم على المكابرة لا على الحُجَّة.

وأكد السيد القائد أن الانتقال من مستوى الحُجَّة إلى مستوى إفحام الخصم بالبرهان القاطع، هو من سمات الأنبياء في مواجهة الاستكبار، لأن الطاغية لا يتراجع بسبب الجهل، بل بسبب التكبر. وهذه سنة من سنن الله: أن أهل الباطل حين تُزهق حُجَجهم، لا يعترفون بالحق، بل يستمرون في العناد.

المحور الثاني: عناد الكافرين رغم وضوح الحُجَج
أشار السيد القائد إلى أن الكافرين كلما ازدادت البراهين وضوحاً، ازدادوا عناداً واستكباراً، كما في قوله تعالى: {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون} ، رغم هذا الاعتراف الداخلي، عادوا إلى باطلهم، وتشبثوا بما لا منطق فيه ولا عقل، تماماً كما فعل قوم إبراهيم حين ألقوه في النار، رغم علمهم بأنه نبي من عند الله.
بل إن أعظم معجزة شهدوها، وهي تحول النار إلى برد وسلام على إبراهيم عليه السلام، لم تُثنهم عن غيّهم، ولم تدفعهم إلى الإيمان، والسبب في ذلك – كما بين السيد القائد – هو التعلُّق بالروابط الخاطئة مع الطغاة والمضلين، والركون إليهم، ما يجعل القلب معانداً مهما وضحت له الحقيقة.

المحور الثالث: إبراهيم عليه السلام نموذجٌ متكامل للثبات والدعوة والبراءة والهجرة
استخلص السيد القائد من قصة إبراهيم عليه السلام نموذجاً إيمانياً متكاملاً، حيث مثَّل النبي إبراهيم عليه السلام: الثبات على المبدأ رغم الإيذاء والتكذيب والدعوة إلى التوحيد بالحُجَّة والمنطق، دون عنف أو مجاملة والبراءة من الباطل بوضوح لا يقبل التنازل :{إنني براءٌ مما تعبدون} ، والهجرة في سبيل الله عندما تعذر استمرار الدعوة وسط بيئة طاغوتية: {وقال إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين}
وقد أكد السيد القائد أن الهجرة هنا ليست انسحاباً، بل انطلاقة نحو أفق أوسع للرسالة، ونقطة تحول في المسار الرسالي، فتحت لإبراهيم آفاق النصر، والتبليغ، والتأسيس لأمة مسلمة خالصة لله.

رسائل إيمانية هامة من المحاضرة 
– العبادة الخالصة لله هي الخير كله في الدنيا والآخرة، وكل عبودية لغير الله هي ظلم للنفس، وإساءة إلى أعظم حقيقة  التوحيد.
– الحُجَج القرآنية دامغة، لكن أصحاب القلوب المغلقة لا ينتفعون بها لأنهم يؤثرون الطاغوت على الله.
– الصراع بين الحق والباطل صراع قديم متجدد، تحسمه المواقف لا الأرقام، ويكسبه من يثبت على المبدأ لا من يساوم عليه.
– الهجرة في سبيل الله فعل شجاع يصنعه المؤمن حين تضيق سبل الحق في موطنه، فينطلق حيث يمكنه أن يعبد الله بحرية، ويدعو إلى دينه.
– الخاسر الحقيقي هم أولئك الذين تركوا إبراهيم، واصطفوا مع الطاغوت، أما هو فقد حمل النور، وفتح الله له الأرض، وأقام الحجة.

ختاماً 
إن قراءة قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام كما وردت في محاضرة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، تعطينا تصوراً متكاملاً عن الثبات على الحق، والرفض الحاسم للباطل، وأن المؤمن لا يساوم على عقيدته، بل يقف بها، ويفتديها، ويهاجر بها، حتى يحقق وعد الله بالنصر والتمكين.
قصة إبراهيم ليست حكاية ماضية، بل نهج حيٌ، يجب أن يُحتذى به في زمن الطغيان، والاستكبار العالمي، والتضليل الإعلامي. وفي زمن كهذا، نحتاج إلى أن نكون “إبراهيميي الموقف”، ثابتين، متجردين لله، مستقلين عن الطغاة، عاملين لدين الله بقلب سليم وعقل بصير.

مقالات مشابهة

  • هل كثرة الأحلام من الشيطان؟.. انتبه لـ7 حقائق وتحصن بـ4 آيات
  • خالد الجندي: اللي عليه دين وناوي يطلع يحج مينفعش يروح إلا في حالتين
  • آداب وفضل صيام يوم عرفة.. ماذا كان يقول الرسول؟
  • ملتقى المرأة بالأزهر يوضح كيفية استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة
  • كيف أعرف أن الله قد عفا عني وسامحني؟.. الإفتاء تجيب
  • ثبات نبي الله إبراهيم عليه السلام في مواجهة الطاغوت : قراءة في المحاضرة الثالثة للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ضمن سلسلة دروس القصص القرآني
  • من أنوار الصلاة والسلام على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
  • الأشهر الحرم.. تعرف على خصائصها وفضلها وما يجب تجنبه فيها
  • أورتاغوس قريباً في لبنان... وهذا ما ستُركّز عليه
  • “سفارة المملكة في تركيا” تعزي أسرة الطفل المفقود وتبلغهم بالعثور عليه