أرامكو السعودية تتحرك.. خطة محمد بن سلمان ونهاية لعبة النفط
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
سلط تقرير لمجلة إيكونوميست البريطانية الضوء على استراتيجية السعودية لاستخدام شركة أرامكو من أجل تنفيذ خطة ولي العهد، محمد بن سلمان، لتقليل اعتماد المملكة بعيدا عن النفط.
وأشار تقرير المجلة الذي حمل عنوان: "كيف تخطط أرامكو السعودية للفوز بنهاية لعبة النفط؟" إلى المحاور الرئيسية لخطة محمد بن سلمان لإنهاء اعتماد بلاده على النفط، وتنويع اقتصادها، وإزالة الكربون من إنتاج الطاقة.
وتعد أرامكو المصدر الرئيسي لتمويل هذه الرؤية.
وفي الثاني من يونيو، أطلقت المملكة بعضا من أسهم الشركة للبيع في طرح اعتبره البعض مقياسا لجاذبية الرياض للمستثمرين الأجانب.
وتلقت الشركة بالفعل طلبات تزيد على الأسهم المعروضة للبيع خلال ساعات من بدء تلقي الطلبات، الأحد، وذلك في صفقة تاريخية يمكن أن تجمع ما يصل إلى 13.1 مليار دولار.
وتعرض السعودية على المستثمرين نحو 1.545 مليار سهم أو 0.64 في المئة من أسهم أرامكو بسعر يتراوح بين 26.7 و29 ريالا للسهم.
وقال محللون ومصادر إن البيع سيعزز أيضا جهود الحكومة للتخلص مما وصفه ولي العهد السعودي ذات يوم "بإدمان النفط".
ويأتي ذلك بعد طرح عام أولي قياسي بقيمة 30 مليار دولار عام 2019.
وتقول إيكونوميست إن بعض الأموال سوف تتدفق مرة أخرى إلى صندوق الاستثمارات العامة.
وتشير المجلة إلى أن الشركة تسعى إلى تحويل نفسها بما يتماشى مع الاستراتيجية الملكية.
ويقول أحمد الخويطر، رئيس قسم التكنولوجيا والابتكار في أرامكو: "هدفنا جعل مصدر الطاقة لدينا ميسور التكلفة ومستداما قدر الإمكان".
وينطوي تحقيق هذا الهدف على استراتيجية ثلاثية المحاور: عنصرها الأول مضاعفة كمية النفط، ولكن مع استخراجه بطرق أنظف من أي وقت مضى.
ويؤكد الخويطر أن الشركة عازمة على إبقاء انبعاثاتها تحت السيطرة. وهي تستخدم نماذج متطورة وتقنية حفر ذكية لتقليل كمية الكربون المنبعثة في عملياتها. وتعهدت بعدم إطلاق غازات دفيئة صافية بحلول عام 2050.
وكانت أرامكو ضمن الموقعين على اتفاق في مؤتمر المناخ الذي عقد في الإمارات في ديسمبر الماضي ويهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 أو قبله، والوصول إلى انبعاثات قريبة من الصفر فيما يتعلق بغاز الميثان بحلول عام 2030.
وتتخذ أرامكو إجراءات صارمة فيما يتعلق غاز الميثان، وقد تعهدت بخفض انبعاثات غاز الميثان إلى ما يقرب من الصفر بحلول عام 2030.
وتتضمن الركيزة الثانية لاستراتيجية أرامكو توسيع محفظتها من الهيدروكربونات لتقليل اعتمادها على النفط، الذي هيمن تاريخيا على إنتاجها وصادراتها.
وأحد مجالات التنويع هو الغاز الطبيعي. وتريد أرامكو إنتاج 165 مليار متر مكعب من الغاز سنويا بحلول عام 2030، ارتفاعا من 110 مليارات في عام 2022. ويمكن أن يحل بعض ذلك محل النفط في توليد الكهرباء محليا.
وتسعى الشركة أيضا إلى زيادة إنتاج البتروكيماويات التي يمكن أن يحصل على 100 مليار دولار أخرى من الاستثمارات السعودية هذا العقد. وتخطط الشركة لتوجيه مليون برميل من نفطها لتصنيع تلك المنتجات.
ويشير التقرير إلى الركيزة الثالثة لخطة أرامكو الرئيسية، وهي إزالة الكربون.
وحولت أرامكو نفسها إلى واحدة من أكبر المستثمرين البيئيين في عالم الطاقة. ويتم تخصيص عُشر إنفاقها الرأسمالي، أي ما يعادل 4 إلى 5 مليارات دولار سنويا، وسدس ميزانية البحث والتطوير، أو 540 مليون دولار أخرى، للاستثمارات غير الهيدروكربونية.
والعام الماضي، كان خمس براءات الاختراع التي حصلت عليها أرامكو في الولايات المتحدة، والتي يبلغ عددها حوالي 1000 براءة اختراع، تتعلق بإزالة الكربون والتقنيات الرقمية.
وتأمل الشركة في المساهمة بشكل أكبر في إنتاج الطاقة المتجددة.
وتشير تقديرات شركة "ريستاد إنيرجي" للأبحاث إلى أن الشركة ستعمل على تطوير قدرة توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتبلغ 12 غيغاواط بحلول عام 2030، بعد أن كانت لا شيء تقريبا قبل بضع سنوات.
وبفضل شمس الصحراء الحارقة، وفي بعض الأماكن، الرياح الليلية العاتية، يمكن إطلاق مشاريع الطاقة المتجددة السعودية بأقل التكاليف.
وتستهدف المملكة الوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء بما يقارب 50 في المئة للغاز الطبيعي و50 في المئة للطاقة المتجددة بحلول عام 2030، الأمر الذي سيسهم في استبدال ما يصل إلى مليون برميل مكافئ من الوقود السائل المستخدم حاليا، وفق ما جاء في تقرير سابق لوكالة الأنباء السعودية (واس).
وشهدت المملكة منذ عام 2022، ربط مشاريع طاقة متجددة بسعة 2100 ميغاواط بشبكة الكهرباء الوطنية، لتصل السعة الإجمالية لمصادر الطاقة المتجددة المستخدمة إلى 2800 ميغاواط، أي ما يكفي لتزويد أكثر من 520 ألف منزل بالطاقة الكهربائية، وفق الوكالة.
ويمكن استخدام بعض هذه الطاقة النظيفة لإنتاج الهيدروجين النظيف، الذي يمكن أن يحل محل الهيدروكربونات كمخزن للطاقة وفي بعض العمليات الصناعية مثل صناعة الصلب.
وتريد أرامكو أن تصبح الشركة الرائدة عالميا في مجال الهيدروجين "الأزرق"، المشتق من الغاز الطبيعي ولكن بطريقة تمنع الكربون الناتج عنه من الوصول إلى الغلاف الجوي.
ويقول كريستيان مالك، من بنك جيه بي مورغان تشيس، إن العديد من خطط إزالة الكربون في أرامكو مصممة بالفعل لإبقاء العالم يستخدم منتجاتها.
لكنه يضيف أن الأمر يتضمن أيضا جعل تلك المنتجات "صديقة للبيئة قدر الإمكان".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: ملیار دولار یمکن أن
إقرأ أيضاً:
لعبة المرايا في رواية متاهة الأوهام للمغربي محمد سعيد احجيوج
في عصر تزدحم فيه المكتبات العربية بروايات تتبع أنماطا مألوفة وتسعى وراء الجوائز والمبيعات، يقدم الروائي المغربي محمد سعيد احجيوج عملا يتحدى كل التوقعات، رواية "متاهة الأوهام" للكاتب المغربي محمد سعيد احجيوج (دار نوفل / 2023) ليست مجرد رواية تقرأ، بل تجربة معرفية تستدعي القارئ ليصبح شريكا في عملية الخلق السردي.
تفاصيل الرواية
تنقسم الرواية إلى ثلاثة كتب متداخلة، يظهر فيها الكاتب بوصفه شخصية روائية تعيش في عوالم متوازية، في الكتاب الأول، نتابع ثلاث تجليات مختلفة لـ "محمد"، الكاتب العاطل الذي يرعى طفلته بينما تعمل زوجته، والذي يتلقى مكالمات هاتفية غامضة من امرأة تعرف أسراره، ومكالمة أخرى تقوده إلى لقاء مع العميد "ش." من مديرية مراقبة التراب الوطني، الذي يعرض عليه صفقة: التخلي عن مشروعه الروائي حول اختفاء المهدي بن بركة مقابل كتابة رواية تمجد عمليات المخابرات.
ما يميز هذا العمل هو رفضه الجذري للحدود الفاصلة بين الواقع والخيال. إذ يصبح الكاتب شخصية في روايته، وتصبح الرواية واقعا يعيشه، في حلقة مفرغة من الإبداع والوجود المتبادل.
الكتاب الثاني يقدم مواجهة مع ناشر يرفض النشر ويطالب بكتابة تقليدية، بينما الكتاب الثالث يضعنا أمام بطل يستيقظ في غرفة بيضاء مطالب بالعثور على كاتب مفقود يحمل اسم احجيوج نفسه.
التقنية السردية المعقدة التي يوظفها احجيوج تجعل من القراءة عملية تأويل مستمرة، فالضمائر تتبدل والشخصيات تتداخل، وكل مستوى سردي يخلق المستوى الآخر في دوامة لا متناهية. هذا ما يسميه النقاد "الميتا سرد"؛ سرد عن السرد نفسه، حيث تصبح عملية الكتابة موضوع الكتابة.
لكن وراء هذا التعقيد الظاهر تكمن رسالة عميقة حول حرية الإبداع في مواجهة السلطة، سواء كانت سلطة سياسية تمثلها أجهزة المخابرات، أو سلطة ثقافية تجارية يجسدها الناشر، أو حتى سلطة الواقع نفسه، الرواية تطرح سؤالا جوهريا: إلى أي مدى يمكن للكاتب أن يحافظ على استقلاليته الإبداعية في عالم يحاول باستمرار توجيه قلمه؟
إذ أن ما يطرحه أحجيوج، أو يجربه في بناء الرواية العربية، هو أن يدخل إليها عناصر ليست من طبيعة السرد، أو أي من أساليب القص المألوفة، في ما يسمى بميتا الرواية، أي تلك العناصر التي تقترب أن تكون قواعد للرواية الحديثة، على حد تعبير الناقد اللبناني أنطوان بو زيد.
بطبيعة الحال، مثل هذا العمل التجريبي لن يناسب كل قارئ. فهو يتطلب صبرا وتركيزا ورغبة حقيقية في خوض مغامرة فكرية، كما أن الإلمام بأعمال احجيوج السابقة، خاصة "ليل طنجة" و"أحجية إدمون عمران المالح"، يثري التجربة ويضيف طبقات إضافية من المعنى.
“متاهة الأوهام”
تؤكد "متاهة الأوهام" أن الرواية العربية قادرة على مجاراة أعقد التجارب الروائية العالمية، وأن لدينا أصواتا إبداعية تجرؤ على كسر القوالب والبحث عن أشكال جديدة للتعبير، إنها رواية تستحق القراءة، ليس فقط لجمالياتها السردية، بل لأنها تفتح نقاشا ضروريا حول دور الأدب ووظيفة الكاتب في عالمنا المعاصر.
في النهاية، حين نصل إلى الكلمات الأخيرة "رفعت الأقلام وجفت الصحف"، ندرك أننا لم نقرأ مجرد رواية، بل خضنا تجربة تأملية في طبيعة الكتابة والوجود. وربما هذا هو أعظم إنجازات احجيوج: أن يجعلنا نعيد التفكير في علاقتنا بالنص والواقع والخيال.