أكد مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأرض الفلسطينية المحتلة، "أندريا دي دومينيكو"، أن الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها سكان غزة تؤدي إلى تآكل النسيج الاجتماعي بشكل تدريجي، حيث ساد حكم القوي على الضعيف.

 

وقال "دي دومينيكو"- بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة - إن بعض الأشياء التي رآها وسمعها خلال زيارته الأخيرة لغزة - والتي استمرت ثلاثة أسابيع - ستظل محفورة في ذاكرته، مضيفا أن المساحة المتاحة لأهالي غزة للتنقل أصبحت محدودة ومزدحمة أكثر فأكثر.

 

وأضاف "من المستحيل اليوم الانتقال إلى خان يونس (جنوب القطاع) أو دير البلح (وسط) ؛ دون المرور حرفيا عبر موجة من الناس في كل مكان، الحركة التي كانت تستغرق عادة من 10 إلى 15 دقيقة، تستغرق الآن ساعة لأن الناس في كل مكان، موضحا أن الروابط الأسرية أساسية في غزة، ومع ذلك، فإن الظروف المعيشية القاسية التي يواجهونها تدمر النسيج الاجتماعي تدريجيا.

 

وأصبح حكم الأقوى هو القاعدة الوحيدة السائدة، لأن الناس لا يملكون سوى القليل جدا للبقاء على قيد الحياة. وقال إن أحد أكبر التحديات التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني هو التأكد من وصول المساعدات إلى الأشخاص الأكثر ضعفا في القطاع.

 

وأوضح أن الغارات الجوية الإسرائيلية التي أصابت خيام للنازحين في رفح (جنوبا) يوم 26 مايو والنيران الناتجة عنها أدت إلى مقتل العديد من المدنيين، لافتا إلى أن النزوح مستمر باتجاه المنطقة الوسطى من قطاع غزة، حيث فر من رفح بالفعل ما يقرب من مليون شخص، من بينهم 20 ألف امرأة حامل. 

 

وتابع " إن هؤلاء الناس استغرقوا أشهر حتى يعتادوا على حياتهم الجديدة في رفح، وليجدوا المكان المناسب للبحث عن الخدمات والغذاء والماء، موضحا أنهم حاولوا العثور على نوع من الحياة الكريمة، رغم كل التحديات والظروف القاسية، والآن بعد أن تم تهجيرهم مرة أخرى، وعليهم أن يتعلموا من جديد كيفية التعامل مع أبسط الضروريات اليومية".

 

وأشار مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة ، إلى أن البيئة العملياتية في غزة لا تزال صعبة للغاية، قائلا "في بعض الأحيان أتساءل عما إذا كانت العمليات الإنسانية في غزة قد أصيبت بالشلل عن قصد، نحن نحاول إنقاذ الأرواح كل يوم، ولكن الحقيقة بأن أيادينا مقيدة على ظهورنا منذ البداية".

 

وقال دومينيكو إن احتمال استمرار الحرب حتى نهاية العام هو "احتمال مرعب"، مشددا على أنه لا يوجد مكان آخر في العالم" تظل فيه الأمم المتحدة حاضرة في ظل ظروف مشابهة للظروف الحالية التي تشهدها غزة، مضيفا أن المنظمة وشركاءها يواصلون هذا العمل في القطاع "فقط لأنه ليس هناك مكان ليفر إليه سكان غزة".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أوتشا الأرض الفلسطينية المحتلة الظروف المعيشية الصعبة سكان غزة تآكل النسيج الاجتماعي بشكل تدريجي الضعيف فی غزة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يهاجم الأمم المتحدة.. وأوتشا والأونروا تكشفان عراقيل الاحتلال في غزة

هاجم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منظمة الأمم المتحدة، واتهمها بـ"اختلاق الأكاذيب"، زاعماً في الوقت ذاته أن حكومته "تسمح بإدخال الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة"، في وقت تتصاعد فيه تحذيرات منظمات الإغاثة من مجاعة كارثية تهدد أكثر من مئة ألف طفل فلسطيني وسط حرب إبادة مستمرة منذ أكثر من 9 أشهر.

وجاءت تصريحات نتنياهو الأحد خلال زيارة لقاعدة "رامون" الجوية، برفقة وزير الحرب يسرائيل كاتس، وشدد على استمرار العدوان العسكري قائلاً: "سنقضي على حماس، ولتحقيق هذا الهدف، وكذلك من أجل تحرير المختطفين، نواصل القتال وندير مفاوضات".

وادّعى نتنياهو أن إدخال المساعدات مستمر عبر "ممرات آمنة": كما زعم أنها "كانت قائمة طوال الوقت"، مضيفاً: "الأمم المتحدة تختلق الذرائع وتكذب عندما تقول إن إسرائيل تمنع دخول المساعدات، وهذا غير صحيح". واختتم قائلاً: "سنواصل القتال حتى تحقيق النصر الكامل".

الأمم المتحدة ترد
في المقابل، كشفت وثيقة صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن جملة من العقبات المنهجية التي تعيق عمل منظمات الإغاثة في غزة، مؤكدة أن وصول المساعدات بات محفوفًا بالمخاطر حتى خلال "فترات التوقف التكتيكي" التي أعلن عنها الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا.

ووفق الوثيقة، يعاني القطاع من انهيار شبه كامل في النظام الأمني نتيجة تفكك جهاز الشرطة المدنية، وهو ما أدى إلى تفاقم الفوضى عند المعابر، كما أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كثيرًا ما يرفض أو يؤخر تحركات القوافل رغم تنسيقها المسبق، ما يتسبب في "هدر الموارد وتعطيل جهود الاستجابة الإنسانية".

وأشار المكتب الأممي إلى أن 68% من الطرق داخل غزة باتت غير صالحة للسير، كما أن غالبية الطرق المتبقية تمر عبر مناطق مزدحمة أو تسيطر عليها جماعات مسلحة، مما يزيد من خطر النهب وغياب الأمان.

وأكدت "أوتشا" أن خيار الممرات البديلة محدود للغاية، وأن أي قرار باعتبار أحد الطرق غير آمن، يواجه بنقص في البدائل المقبولة من السلطات الإسرائيلية، داعية إلى السماح بإدخال كميات أكبر من السلع الأساسية عبر القطاع الخاص، بالنظر إلى عجز المساعدات الإنسانية وحدها عن تلبية احتياجات أكثر من مليوني إنسان.

الإنزال الجوي لا يُنهي المجاعة
وفي السياق ذاته، انتقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أسلوب الإنزال الجوي الإسرائيلي للمساعدات، معتبرة أنه لا يمثل حلًا للأزمة المتفاقمة في القطاع. 

وقالت جولييت توما، مديرة الإعلام في الوكالة، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن "هذا الأسلوب لا يمكن أن ينهي المجاعة التي تعصف بآلاف العائلات، لا سيما الأطفال".

ويأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على حكومة الاحتلال، بعد تفشي المجاعة في معظم مناطق القطاع، وسط إغلاق كامل للمعابر منذ مطلع آذار/مارس الماضي، ورفض الاحتلال الاستجابة لأوامر محكمة العدل الدولية المطالبة بوقف الحرب.


نتنياهو يواصل التنصل من الاتفاقات
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد تراجعت في آذار/مارس الماضي عن اتفاق تم التوصل إليه بشأن وقف إطلاق نار وتبادل أسرى مع حركة "حماس"، رغم بدء تنفيذه في كانون الثاني/يناير الماضي، لتستأنف بعد ذلك حملة إبادة شاملة شملت القتل والتجويع والتدمير والتهجير، بحسب تقارير أممية ومنظمات حقوقية.

وحذرت وكالات الأمم المتحدة من خطر موت جماعي في غزة، مشيرة إلى أن القطاع يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، حيث يغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر ويمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 133 شهيدًا، بينهم 87 طفلاً، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. 

وتشير تقارير ميدانية إلى أن العدد مرشح للارتفاع في ظل انهيار القطاع الصحي واستمرار الحصار الخانق.

ومنذ بداية الحرب، ارتكب الاحتلال بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة سلسلة من المجازر والانتهاكات التي خلّفت أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد على تسعة آلاف مفقود ومئات الآلاف من النازحين، وسط دمار شامل في البنية التحتية وغياب شبه كامل للخدمات.

وتتزايد الدعوات الدولية لفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي، وفتح تحقيقات في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق المدنيين. كما يطالب ناشطون ومنظمات حقوقية الأمم المتحدة والدول الكبرى بالتحرك الفوري لوقف المجازر وإنهاء الحصار الذي وصفته "أوتشا" بأنه "مجزرة بطيئة ضد الإنسانية".


مقالات مشابهة

  • نتنياهو يهاجم الأمم المتحدة.. وأوتشا والأونروا تكشفان عراقيل الاحتلال في غزة
  • خريطة توضح المواقع الثلاث التي تشملها الهدنة التكتيكية في غزة
  • غوتيريش: ينبغي عدم استخدام الجوع "كسلاح حرب"
  • غزة.. وزارة الصحة تعلن تسجيل 14 حالة وفاة بسبب الجوع في آخر 24 ساعة
  • أيمن رجب: الإسماعيلي يحتاج سيدة تجيد التدبير في الظروف الصعبة
  • الأمم المتحدة تسعى للوصول إلى الجوعى في غزة بسرعة
  • الأمم المتحدة تحذر من تفاقم أزمة «الجوع المميتة» في غزة
  • مسؤول أممي: لا مكان آمناً في أوكرانيا
  • متى تعلن الأمم المتحدة رسميا المجاعة في غزة؟
  • تمهيدا لقمةٍ متوقعة في سبتمبر المقبل ..الأمم المتحدة تعقد اجتماعا لـ لإحياء حل الدولتين