حول مراجعة مهرجانات المسرح الخليجي «1-2»
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
في ظل تمثل الحراك المسرحي في مجتمعات الخليج لتطور المهرجانات المسرحية العتيدة في البلدان العربية (القاهرة للمسرح التجريبي، وقرطاج، ودمشق) وآليات الاشتغال المتجددة سواء بشأن مقولات نظريات النقد المسرحي، أو قضايا الحداثة وما بعد الحداثة، أو الوعي الإخراجي بالجماليات وأداءات العرض Performance والصيغ الجديدة التي جاءت بها التكنولوجيا؛ كالمسرح الرقمي، والسوشيال ميديا والميتافيرس، لا شك في أن استقراء مشهد مهرجانات المسرح في الخليج، يطرح أسئلة تفرضها الأفكار الجديدة والخطابات المعرفية لمجمل ما قدمته المهرجانات وما أحدثته من تطورات أو تأثيرات؛ سواء في مجتمعاتها، أو في عناصر التركيب الجمالي للمسرح.
فمنذ انطلاق الدورة الأولى لمهرجان الفرق المسرحية الأهلية باللجنة الدائمة لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 1988م في دولة الكويت، وحملت الدورة شعار (الجمهور والمسرح: نحو مسرح أفضل)، والدورة الثالثة عشرة التي أقيمت في الشارقة 2014م، فإن أمام الدورة القادمة والمزمع عقدها في الرياض (2024م) بالمملكة العربية السعودية، الكثير من الأسئلة والطموحات التي تبحث في غياب المهرجان لمدة عشر سنوات، في ظل المتغيرات العاصفة بالعالم كله.
الناظر إلى التطور الحاصل اليوم يراه يتمثّل في اتساع خارطة المهرجانات الخليجية الكبرى: (كمهرجان أيام الشارقة للمسرح الخليجي، ومهرجان الشارقة للفرق الأهلية الخليجية، ومهرجان الهيئة العربية للمسرح)، وفي المهرجانات المختصة (كمهرجان المونودراما في الفجيرة، ومهرجان المسرح الخليجي للأشخاص ذوي الإعاقة، ومهرجان الفنون ويتضمن ثلاث مسابقات: في المسرح، والخط، والفن التشكيلي)، وتشمل الخارطة كذلك، المهرجانات المحليّة التي يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة لكل دولة خليجية على انفراد. والمعروف لدى الجميع أن هذه المهرجانات تتسابق وتنتظم مساراتها في مرتكزات متفق عليها؛ كشعار خاص لدورة المهرجان أو الندوة الفكرية ذات المحاور المتجددة، والجلسات التعقيبية، والجوائز التي تتسع تارة، أو تتضاءل كل حسب توجهات إدارة المهرجان ورؤيتها وموازنتها، وهي كما أقرّتها اللجنة الدائمة: جائزة العرض المسرحي، والإخراج، وتمثيل دور أول وثان رجال، ودور أول وثان نساء، والسينوغرافيا، والنص المسرحي. كما تمنح شهادات التقدير تحت مسميات تقرها لجنة التحكيم، ويضاف إلى ذلك تكريم عدد من الشخصيات الريادية البارزة التي لها فعل تأسيسي، أو دعم معروف، أو شخصيات لها إنتاج نقدي بارز أسهم في تطوّر حركة المسرح بمجتمعات الخليج، كما يشار إلى النشرة اليومية المواكبة لتغطية أحداث المهرجان وفعالياته المختلفة، وكذلك اجتهادات إدارات مهرجان كل دولة إلى نقل مهرجانها من دائرة العروض والندوات إلى فضاء الورش التدريبية المختصة بالتكوين المسرحي، أو عمل مَعرض يُقدم فيه أهم الكتب الخاصة بإصدارات اللجنة الدائمة، وأهم الدوريات المتعلقة بالمسرح (الكويت مثلا)، أو عمل معرض لبيع إصدارات الكتب (الشارقة مثلا)، أو ابتكار معرض خاص للتعريف من خلال الفوتوغرافيا يشرح تاريخ عناصر الإنتاج المسرحي، أو معرض بيبلوغرافي بأهم المخرجين المسرحيين ذوي الابتكارات المتجددة في فضاءات السينوغرافيا والإخراج المسرحي.
وانطلاقا، من انطلاقة الدورة الأولى للمهرجان، وانتظارنا لدورة جديدة، نشاهد ما يَعصف بالمنطقة العربية من متغيرات سياسية حادة، وتأثر مجتمعاتها بتداعيات عولمة الاقتصاد والإعلام الموجه، وتصاعد التطور السريع في قطاع التكنولوجيا والاتصالات، أتساءل عن المشروع التنويري للمسرح في مجتمعات الخليج: أين هو؟ ما ملامحه اليوم؟
يكمن وراء هذا التساؤل الكثير من القضايا المعاصرة المتشابكة مع الثقافة وتنمية المجتمعات وأدوار المثقفين، والأدباء والمفكرين والنقاد والفنانين حول سؤال الحداثة والمدنية؟ شهدت السنوات الماضية منذ أول دورة للمهرجان إلى الدورة الثالثة عشرة في مؤسسات الثقافة الخليجية، العديد من ملفات التكتل والالتفاف، والتقسيم والتجزئة، والرفاهية والتقشف، والنزول والصعود. وحصر الناقد الراحل إبراهيم غلوم الجدل الثقافي المعرفي في مجتمعات الخليج (المسافة وإنتاج الوعي النقدي: أحمد المنّاعي والوعي بالحركة الأدبية الجديدة في البحرين- 2010م) في استقطابات ثلاثة هي: التكنولوجيا، والتحوّل الديمقراطي، واستقطابات النظرية الثقافية والثقافات الجديدة.
لقد نشأت فكرة المهرجان الخليجي المسرحي للفرق الأهلية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية كما يعرف المؤرخون لتاريخ النشأة بهدف التجمع والاحتكاك. ويشار هنا إلى جهود بعض المسرحيين الحالمين والمثقفين والمسؤولين الجادين في الثمانينيات (مسرح أوال، فرقة السد القطري، جمال فخرو، جمال شريدة، حمد الرميحي) واضطلع المؤسسون في بلورة رؤية تخدم التجمع، وتثري الاحتكاك وتحقق الأهداف التالية: «تطوير الفنون المسرحية بين دول مجلس التعاون، وتعميق روح التعاون والتعارف واحتكاك مستويات الخبرة الفنية بين المسرحيين في دول المجلس، وإبراز التراث العربي وخاصة في دول المنطقة والاستفادة منه في إيجاد مسرح عربي متميز، وتعميق الاتصال بظواهر المجتمع وقضايا الإنسان المعاصر ذات الحيوية المستمرة».
الناظر في الأهداف السابقة سيرى سعي المهرجان منذ عام 1982م إلى اهتمامه بتكوين نظرة متكاملة للبنيتين (العتاقة) بكل ما تحيل إليه من ماض وأصالة، و(الهجانة)، بكل ما تستوعبه المعاصرة، إلى جانب إيجاد وسائل التواصل بين المسرحين الخليجي والعربي، وهذا ما يذكرنا بفكرة مشروع المسرح العربي القومي.
وفي السياق نفسه أكد المؤسسون لفكرة المهرجان الخليجي المسرحي للفرق الأهلية في مجلس التعاون، على نقاط ست تمثلّت في: «رفع مستوى الإنتاج المسرحي، ودعم التجارب المسرحية الرائدة أو الطليعية، وتهيئة المناخ الفني الخاص لإبداع الفنان المسرحي، وتنظيم الندوات الفكرية التي تناقش مختلف القضايا في المسرح، وتنشيط النقد المسرحي الجاد، وتشجيع التجارب المسرحية الأولى أو قليلة الخبرة وخاصة التأليف والإخراج والتمثيل».
إذا عدنا أيضا إلى هدف تهيئة المناخ الفني الخاص لإبداع الفنان المسرحي، فإنّ دورات المهرجانات ركزت في شعارات دوراتها على هذا الهدف، وجاء ذلك على النحو التالي: الدورة الثانية في قطر 1990م، وكان شعار الدورة: (تكوين الممثل في دول مجلس التعاون)، والدورة الثالثة في الإمارات 1993م، وحملت شعار (المسرح الخليجي في ضوء المتغيرات الراهنة)، والدورة الرابعة في البحرين 1995م ركزت على (السينوغرافيا والمسرح)، والدورة الخامسة في الكويت 1997متناولة موضوع (الإنتاج المسرحي العربي وآلياته)، أما الدورة السادسة، فكانت في عُمان 1999م، وحملت شعار (النص والتقنية إلى أين؟)، والدورة السابعة في قطر 2001م وشعارها (المخرج الدراماتورج)، والدورة الثامنة في الإمارات 2003م وشعارها (المرأة في المسرح الخليجي)، أما الدورة التاسعة في البحرين 2006م، فاهتمت بعنصر (المكان في العرض المسرحي: إشكالياته وإمكانياته)، والدورة العاشرة في الكويت 2009م، وشعارها (المسرح في دول مجلس التعاون: التحديات- المعوقات- الحلول)، والدورة الحادية عشرة في قطر 2011م ركزت على (إشكالية الهوية والتراث، إشكالية التجريب، وإشكالية التأصيل)، والدورة الثانية عشرة في صلالة- عمان 2012م ناقش شعارها (تجربة النص، والمؤلف المُخرج، وشهادات وتجارب في التمثيل والإخراج والسينوغرافيا) أما شعار الدورة الثالثة عشرة 2013م التي أقيمت في الشارقة فعالجت ملف (السينوغرافيا).
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: دول مجلس التعاون الدورة الثالثة المسرح الخلیجی فی دول
إقرأ أيضاً:
أمير منطقة الرياض يرعى حفل الذكرى الـ 44 لتأسيس مجلس التعاون الخليجي
المناطق_واس
رعى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، مساء اليوم، حفل الذكرى الـ 44 لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي أقامته الأمانة العامة للمجلس بمقرها بمدينة الرياض.
وكان في استقبال سموه لدى وصوله مقر الحفل معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، وعدد من منسوبي الأمانة.
وألقى معالي وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب بدولة الكويت ممثل دولة الرئاسة الأستاذ عبدالرحمن بداح المطيري، كلمة بهذه المناسبة قدم فيها التهاني والتبريكات إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية -حفظهم الله- بمناسبة مرور (44) عامًا على إنشاء مجلس التعاون الخليجي.
وقال معالي الأستاذ المطيري: “نستحضر من خلال هذه المناسبة ما تحمله مسيرة المجلس من تاريخ ثري وتعاون إستراتيجي وتطور متواصل، هذه المسيرة الزاخرة بالرؤى الطموحة والإنجازات الإستراتيجية التي رسخت مكانة المجلس كمنظومة إقليمية رائدة تسعى إلى المستقبل بروح الوحدة والتكامل، وتستند إلى إرث من التلاحم والتعاون المشترك”.
وأضاف معاليه أن تأسيس مجلس التعاون يعد تتويجًا لرؤية إستراتيجية تبناها قادة دولنا، قوامها وحدة الهدف والمصير المشترك والإيمان بأهمية التكامل لمواجهة التحديات وتعزيز المكتسبات التنموية.
عقب ذلك شاهد سموه والحضور فيديو وثائقي يستعرض مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
بعدها ألقى معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، كلمةً رفع فيها التهنئة إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية -حفظهم الله- بمناسبة مرور (44) عامًا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مثمنًا رعاية وتشريف سمو أمير منطقة الرياض لهذه الاحتفالية.
وقال: “إن احتفالنا اليوم بمرور 44 عامًا على انطلاق مسيرة مجلس التعاون المباركة، نستحضر من خلالها وبكل فخر ووفاء الرؤية الثاقبة للقادة المؤسسين -رحمهم الله- الذين وضعوا الأساس المتين لهذا الكيان الشامخ، مستندين به على عمق الروابط الأخوية، ووحدة المصير، والتاريخ المشترك بين شعوبهم، وواصل القادة الحاليون -حفظهم الله ورعاهم- هذه المسيرة بعزم لا يلين، واضعين نصب أعينهم، تعزيز أواصر الأخوة التي تربط بين شعوبهم، وترسيخ دعائم العمل الخليجي المشترك، بما يعود بالخير والنماء على دولهم وشعوبهم”.
وأكد البديوي أنه رغم كل التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية، ظلت مسيرة مجلس التعاون مثالاً يُحتذى في وحدة الصف، والتكامل الفاعل، والتعاون البنّاء، حتى غدت نموذجًا رائدًا على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى جميع الأصعدة ومختلف المجالات.
وأضاف: لقد شهدت المسيرة المباركة لمجلس التعاون، بفضل الله، محطات مضيئة وإنجازات نوعية أسهمت في ترسيخ التكامل الخليجي في شتى المجالات، حتى غدت دول المجلس نموذجًا يُحتذى في العمل الجماعي، وشريكًا يُعتمد عليه إقليميًا ودوليًا، وأصبحت محط أنظار العالم بفضل رؤيتها الإستراتيجية وسياساتها المتزنة التي ترتكز على إعلاء قيم الأمن والسلم، وتعزيز مسارات التنمية المستدامة والازدهار.
واستعرض معاليه مسيرة المجلس المباركة خلال السنوات الماضية التي شهدت إنجازات عديدة أسهمت في تعزيز التكامل الخليجي المشترك في مختلف المجالات.
وشاهد سمو أمير منطقة الرياض والحضور الأوبريت الخليجي، ثم قام سموه بجولة داخل المعرض المصاحب للحفل.
وفي ختام الحفل شارك سموه في العرضة السعودية.
حضر الحفل صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، وعدد من أصحاب السمو والمعالي، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى المملكة.