إسطنبول- تستمر الاحتجاجات الشعبية في تركيا بوتيرة متصاعدة، مستهدفة الضغط على الشركات التركية والأجنبية العاملة في البلاد لقطع علاقاتها التجارية مع إسرائيل.

وفي مقدمة هذه الشركات، تأتي "سوكار" الأذرية للنفط والغاز الطبيعي، والتي يطالبها المواطنون الأتراك بوقف بيعها البترول إلى إسرائيل، مؤكدين أن وقود الطائرات الذي تبيعه يغذي جيش الاحتلال.

وقد شهدت مدينة إسطنبول عدة وقفات احتجاجية أمام مقر هذه الشركة، كان آخرها يوم الجمعة الماضي، حيث اقتحم المتظاهرون المبنى، ورفعوا الأعلام الفلسطينية، وهتفوا بشعارات داعمة لقطاع غزة.

أتراك يحاصرون شركة "سوكار" الأذربيجانية لتزويدها الاحتلال بالوقود#حرب_غزة pic.twitter.com/ldu68jquFh

— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 1, 2024

غضب

وعبّر المتظاهرون عن غضبهم بتلطيخ واجهة المبنى بطلاء أحمر، في إشارة رمزية إلى أن نفط سوكار يساهم في العدوان الإسرائيلي على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي تعاني من هجوم بري واسع النطاق وسط تكدس النازحين فيها.

واعتقلت السلطات التركية 13 شخصا خلال الاعتصام "على خلفية أحداث شغب واقتحام مبنى سوكار دون تصريح مسبق" إلا أنها أفرجت عنهم في وقت لاحق.

في المقابل، نفت الشركة الأذرية ما وصفته بـ"الادعاءات التي تزعم بيعها النفط الخام لإسرائيل" معتبرة أنها تهدف إلى تضليل الرأي العام. وأشارت -في بيان لها- إلى أن أنشطتها تلتزم بالاتفاقيات الدولية، وأنها لا تملك السيطرة على الوجهة النهائية للنفط المُباع عبر شركات التجارة.

ووفق سوكار، فقد تعرضت مقارها "لعدة هجمات استفزازية تهدد سلامة الموظفين" مؤكدة التزامها بمواصلة العمل من أجل المصالح المشتركة لشعبي تركيا وأذربيجان، ومشاريعها الاجتماعية والتعليمية، فضلا عن دعمها الشعب التركي خلال الأزمات.

وردّ حراك "ألف شاب لأجل فلسطين" المنظم للاعتصامات أمام مقر الشركة على البيان قائلا إن "التجارة التي نسعى إلى تعطيلها هي تجارتكم الدموية مع الصهيونية. سنواصل كل يوم فضح إمبرياليتكم واحتلالكم والمتعاونين معكم".

وقال محمد كارا أحد الناشطين بالحراك -للجزيرة نت- إن البيان الصادر عن سوكار غير مقنع، وإنهم كانوا ينتظرون بيانا يوضح خطواتها تجاه إنهاء تزويد إسرائيل بالوقود بالكامل كرد فعل على المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة.

ونفى الناشط أن يكون الحراك ممولا من جهات معينة في تركيا أو خارجها، مؤكدا أنه شعبي طلابي يضم شبابا أتراكا وعربا وأجانب متضامنين مع القضية الفلسطينية.

حراك "ألف شاب لأجل فلسطين" يطالب الشركات التركية والأجنبية بقطع علاقاتها مع إسرائيل (مواقع التواصل) خطوات حازمة

ويستمر حراك "ألف شاب لأجل فلسطين" في مطالبه بضرورة قطع الشركات التركية والأجنبية علاقاتها التجارية مع إسرائيل -حسب كارا- امتثالا لقرار الحكومة التركية التي أوقفت جميع صادراتها إلى إسرائيل مطلع مايو/أيار الماضي.

وانتقد المعتصمون تصريح وزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدار، بشأن الاتفاق مع أذربيجان على زيادة إمدادات الغاز الطبيعي إلى تركيا والدول الأوروبية، وتمديد اتفاقية الغاز بين البلدين حتى عام 2030. وبرأيهم، فإن هذا التوجه يتعارض مع ضرورة الضغط على الحكومة الأذرية لوقف صادرات النفط إلى إسرائيل، مؤكدين أهمية اتخاذ خطوات أكثر حزما في هذا السياق.

وتعرض الحراك الشبابي لانتقادات واسعة، حيث وصفه البعض بأنه "كيان يسعى إلى زرع الفتنة بين تركيا وأذربيجان".

وفي السياق، قال إيراي غوتشلار المحلل السياسي والأكاديمي بجامعة ألطن باش إن المعتصمين يمكنهم توجيه احتجاجاتهم نحو شركات أخرى تدعم الاحتلال الإسرائيلي، مثل شركة "رويال داتش شل" البريطانية التي تربطها علاقات تجارية مع إسرائيل. وباعتقاده، فإن إصرار المعتصمين على استهداف الشركة الأذرية تحديدا يُعد "مؤامرة".

وأعلنت المجموعة التركية القابضة للطاقة "زورلو" -أواخر مايو/أيار الماضي- سحب استثماراتها من 3 شركات إسرائيلية في أعقاب حملات شعبية كبيرة واحتجاجات مستمرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، احتجاجا على استمرار علاقاتها التجارية مع الاحتلال.

وعلّقت زورلو أن القرار يأتي في إطار سياستها للتركيز على مشاريع التحول الأخضر، وسعيها إلى أن تكون رائدة في التحول نحو الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والكهرباء.

تحول كبير

واتخذت الحكومة التركية قرارات عديدة فيما يتعلق بالتعاون التجاري مع إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة، كان أهمها إعلان وزارة التجارة مطلع مايو/أيار الماضي تعليق جميع معاملاتها التجارية مع إسرائيل، في ضوء ما وصفته الوزارة بـ"تفاقم المأساة الإنسانية" في الأراضي الفلسطينية.

في هذه الأثناء، تواصل حملات المقاطعة بتركيا تصاعدها، مستهدفة الشركات والمتاجر التي تتعامل مع منتجات الشركات الداعمة للاحتلال. وامتدت الدعوات لتشمل مقاطعة السلاسل التجارية الكبرى مثل "آيوز بير" و"شوك" اعتراضا على تقديمها عروضا وتخفيضات مستمرة على المنتجات المشمولة بالمقاطعة.

وأفاد رئيس جمعية المطاعم والسياحة التركية رمضان بينغول بأن استهلاك المشروبات الغازية في قطاع الطعام والشراب شهد تحولا كبيرا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث اتخذ العديد من أصحاب المطاعم قرارا بوقف بيعها ردا على الهجمات العنيفة على غزة.

وأشار إلى أن المبيعات الشهرية لهذه المشروبات انخفضت بنسبة 20% بشكل عام، بينما شهدت المطاعم الداعمة لإسرائيل تراجعا بأكثر من 50%.

من جانبه، أكد رئيس اتحاد جمعيات المستهلكين محمد بولنت دنيز أن حملة المقاطعة "الذخيرة ليست منا" مستمرة بقوة وتحظى بدعم واسع في تركيا ودول الشرق الأوسط وأفريقيا.

وأوضح أن التعليقات التي تصف المقاطعة بالفشل تُروجها العلامات التجارية عبر حملات منظمة على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن الواقع يُظهر التزام الناس القوي بالمقاطعة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التجاریة مع مع إسرائیل إلى أن

إقرأ أيضاً:

استطلاع صادم: ثلث الأتراك لا يثقون بأي حزب لحل أزمات البلاد

كشف استطلاع للرأي أجرته شركة "ASAL" للأبحاث والاستشارات في حزيران/ يونيو الماضي٬ أن نسبة كبيرة من المواطنين الأتراك لا يثقون بأي حزب سياسي قادر على حل أزمات البلاد، في وقت احتفظ فيه حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بالمركز الأول كأكثر الأحزاب ثقة، يليه "حزب الشعب الجمهوري".

ووفقا لنتائج الاستطلاع، الذي شمل عينة مكونة من 2012 شخصا موزعين على 26 ولاية تركية، فقد أجاب 32.5 بالمئة من المشاركين بـ"لا أحد"، في إشارة صريحة إلى فقدان الثقة المتزايد في الطبقة السياسية بمختلف أطيافها، وهي النسبة الأعلى في كافة الخيارات.

العدالة والتنمية أولًا
فيما حل حزب "العدالة والتنمية" (AKP) في المرتبة الأولى من حيث الثقة بقدرته على معالجة مشاكل تركيا بنسبة 21.8%، متقدمًا على "حزب الشعب الجمهوري" (CHP) الذي نال 17.0% من آراء المشاركين.
وجاءت بقية النتائج على النحو التالي:

حزب الشعوب الديمقراطي (DEM): 3.7 بالمئة

حزب الحركة القومية (MHP): 3.2 بالمئة

حزب الخير (İYİ Parti): 1.9 بالمئة

حزب النصر (Zafer Partisi): 1.7 بالمئة

حزب الرفاه الجديد (YRP): 1.2 بالمئة

أخرى: 3.4 بالمئة

لا أعرف/لا إجابة: 13.6 بالمئة

وتُبرز هذه الأرقام حالة من الانقسام والتشظي السياسي، تعكس بدورها حجم التحديات التي تواجه الأحزاب في استعادة ثقة الشارع التركي، خاصة في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وتوترات داخلية وإقليمية متصاعدة.

Türkiye'nin sorunlarını hangi siyasi parti çözebilir?

▪️ Hiçbiri: %32,5
▪️ AK Parti: %21,8
▪️ CHP: %17,0
▪️ DEM Parti: %3,7
▪️ MHP: %3,2
▪️ İYİ Parti: %1,9
▪️ Zafer Partisi: %1,7
▪️ Yeniden Refah Partisi: %1,2
▪️ Diğer: % 3,4
▪️ Fikrim Yok/Cevap Yok: %13,6

???? Haziran 2025 | ????… pic.twitter.com/zt581b0iO7 — Asal Araştırma (@AsalArastirma) July 3, 2025
180 حزبًا سياسيًا
بالتوازي مع نتائج الاستطلاع، أصدرت رئاسة النيابة العامة لدى محكمة التمييز في تركيا بيانات محدثة كشفت أن عدد الأحزاب السياسية النشطة في البلاد بلغ 180 حزبا، في مشهد سياسي يشهد تنوعا واسعا من حيث الأيديولوجيات والمرجعيات.

وبحسب البيانات، يتصدر حزب "العدالة والتنمية" المشهد من حيث عدد الأعضاء، بقاعدة جماهيرية تبلغ 10 ملايين و878 ألفًا و733 عضوا، بفارق شاسع عن أقرب منافسيه، "حزب الشعب الجمهوري"، الذي يبلغ عدد أعضائه 1 مليون و903 آلاف و432 عضوا.

أما بقية الأحزاب فجاء ترتيبها كالتالي:

حزب الحركة القومية (MHP): 497,428 عضوا.

حزب الخير (İYİ): 392,803 عضوا.

حزب الشعوب الديمقراطي (DEM): 15,912 عضوا.


قراءة في الأرقام
تؤكد نتائج استطلاع ASAL أن فقدان الثقة الشعبية بالأحزاب السياسية يتجاوز حتى الأداء الحزبي الفردي، ليتحول إلى أزمة تمثيل سياسي حقيقية. 

ومع أن "العدالة والتنمية" لا يزال يحتفظ بقاعدة صلبة نسبيًا، فإن أكثر من ثلث المستطلعة آراؤهم لا يرون في أي حزب جهة قادرة على حل مشكلات البلاد، ما يعكس قلقا متزايدا من غياب البدائل الجادة في المشهد السياسي التركي.

كما تكشف الفجوة بين القاعدة الشعبية من جهة، ومستوى الثقة من جهة أخرى، عن إشكالية تتعلق بتآكل المصداقية لا سيما بين الأحزاب المعارضة التي فشلت على ما يبدو في تقديم برامج مقنعة أو قيادة تحالفات فعالة بعد الانتخابات المحلية والعامة الماضية.

وفي ضوء هذه المعطيات، تبدو الحاجة ملحة أمام الأحزاب السياسية التركية لإعادة بناء سردياتها السياسية والتفاعل بجدية مع هموم المواطنين، في مرحلة تشهد تصاعدًا في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخليًا وخارجيًا.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد شركات التقنية في المملكة.. “نينجا” تنضم لقائمة الشركات المليارية
  • الأولى منذ وقف إطلاق النار مع إيران.. ما الأهداف الحوثية التي ضربتها إسرائيل؟
  • الغرفة التجارية بالقليوبية تدعو منتسبيها ورجال الأعمال وأصحاب الشركات لحضور مؤتمر «البورصة للتنمية»
  • الغرفة التجارية بالقليوبية تدعو منتسبيها ورجال الأعمال وأصحاب الشركات لحضور مؤتمر البورصة للتنمية
  • طاقم السفينة التجارية التي تعرضت لهجوم مسلح قبالة سواحل الحديدة يبدأ مغادرتها
  • شركات طيران دولية تمدد إلغاء رحلاتها من و إلى “إسرائيل” حتى نهاية أغسطس
  • غلوبس: شركات طيران أجنبية تهجر إسرائيل والوجهات البعيدة تختفي
  • استطلاع صادم: ثلث الأتراك لا يثقون بأي حزب لحل أزمات البلاد
  • 80 ألف شركة مهددة بالإغلاق.. كيف أثقلت المواجهة مع إيران كاهل الشركات الصغيرة في إسرائيل؟
  • تقرير أممي يوثق مساهمة شركات كبرى في حرب إسرائيل