إن الجرائم التي يمارسها الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل لأرض فلسطين اليوم هي نموذج مصغر لما فعله بالأمس ولكن البعض يتعامى عن الحقائق ويسوغ الإجرام ويدين الضحية ويحملها المسؤولية.
جرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية وحصار يمنع كل شيء وإجرام يستهدف الأطفال والشيوخ والنساء والمساجد والملاجئ والكنائس وغيرها من الأعيان التي لا يجوز المساس بها أو جعلها ضمن الأهداف الحربية، ورغم مرور أكثر من سبعة أشهر على هذه الجرائم التي استنكرها العالم الحر وباركها ودعمها الخونة والعملاء والصهاينة والحلف الصليبي الصهيوني الجديد أحبطت أمريكا وحلفاؤها كل قرار لمجلس الأمن لإدانة تلك الجرائم وعطلت عمل الأمم المتحدة ولو عرض الأمر على مجلس الأمن لتم استخدام (الفيتو) وقد كان ومنع صدوره، لكنه صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما أشبه الليلة بالبارحة، فمن خذل الفلسطينيين في بداية المعركة وسهل التنكيل بهم وتشريدهم ها هو اليوم يكرر الخذلان والمساندة للعدو الصهيوني بعيدا عن كواليس السرية ودهاليز المؤامرات ويجاهر بالأمر دون حياء أو خجل.


ويثور تساؤل هنا، ما هي الحقوق التي تترتب بناء على القرار، وكيف سيتم تأمين الحماية والدفاع عنها في مواجهة أعتى المجرمين على ظهر الكرة الأرضية، وأقذرهم وهم الصهاينة المدعومون من قبل القوى الإجرامية العالمية التي ارتكبت أبشع الجرائم في حق الأمم والشعوب في الماضي والحاضر ولن يكرر التاريخ أو يذكر مثيلا لهم ويصل الأمر إلى تسميتهم بتتار العصر، فأمريكا قامت بإبادة الهنود الحمر، وقتلت ما يزيد على مليوني إنسان في العراق وأفغانستان وبريطانيا لا تقل جرائمها عنها، وفرنسا مليون ونصف على أرض الجزائر وحدها، ولا يقل إجرام الداعمين الآخرين في إجرامهم، وطغيانهم خاصة إذا كان الضحية مسلما أو عربيا.
وفقا لقرار العضوية الكاملة فللشعب الفلسطيني الحقوق السياسية والأمنية الآتية: (حق تقرير المصير وحق السيادة وحق السلام) ومن الحقوق الاقتصادية والثقافية والبيئية: (الحق في العدالة والمساواة في العلاقات الاقتصادية الدولية- الحق في الحفاظ على الخصائص الثقافية والاجتماعية، الحق في بيئة سليمة وصحية).
من أهم الحقوق التي أكدت عليها الأمم المتحدة حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير مما يعني أن له حق المقاومة والجهاد ضد الكيان الصهيوني المحتل لأراضيه وهو الأمر الذي تعمل السياسات الصهيونية والمتحالفين معها على مواجهته بكل الوسائل فقد تم اتهام الحركات المقاومة بالإرهاب، وتم السماح للصهاينة باغتيال قيادتها والتضييق عليها في أماكن تواجدها خارج حدود الأرض المحتلة، فالصهاينة العرب استعانوا بالفتاوى فوصموا الحركات المجاهدة بأنها (الشر بعينه، وإنها صنيعة اليهود، وأنهم الخوارج الذين يجوز التنكيل بهم إلى غير ذلك، ومن ذلك اتهامها بأنها تحاول الإطاحة بالحكومات كما أعلن ذلك في الشقيقة مصر، وهم كذلك مخربون يجب استئصالهم كما تدعى حكومة الإمارات وتعمل بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية للقضاء عليهم أما السلطة الفلسطينية فهي تمارس أعمالها خدمة تحت توجيهات الكيان الصهيوني، سواء باغتيال الناشطين وسجنهم وتسليمهم له فكيف يمكن لها أن تطالب بحق تقرير المصير، لأن ذلك يعني المطالبة برحيل الاحتلال الصهيوني والكفاح المسلح وكل أعمال وأشكال المقاومة متاحة حتى زوال الاحتلال، وسواء كان ذلك لإجباره على العودة إلى أراضي 1947م بموجب قرار التقسيم أو المطالبة برحيله عن كل الأراضي الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومنها قرار مجلس الأمن رقم (61) لعام 1948م الذي يؤكد على ضرورة انسحاب القوات التي تجاوزت الوضع القائم لقرار التقسيم حتى 14 أكتوبر 1948م، وقرار الجمعية العامة رقم 3236 لعام 1974م الذي أكد على حق الشعب الفلسطيني (في تقرير مصيره وفقا لميثاق الأمم المتحدة.. وحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة، ومناشدة جميع الدول والمنظمات دعم الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه ومثله القرار رقم 3414 لعام 1975م الذي أكد على عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة ووجوب إعادة جميع الأراضي المحتلة، وإدانة احتلاله للأراضي العربية، والكف عن مساعدته بأي مساعدة عسكرية أو اقتصادية وغير ذلك من القرارات التي أوردها د. عبده باه في رسالة الماجستير عن القضية الفلسطينية لقد فرطت الأنظمة العربية في دعم القضية الفلسطينية بل تآمرت عليها وأعطت كل الدعم المادي والمعنوي للكيان الصهيوني، وما يجري اليوم من تواطؤ واسناد لهم خير دليل على عمق الصلات بين تلك الأنظمة واليهود، فلسطين اليوم هي قضية المسلمين والعرب والفلسطينيين بجميع توجهاتهم وطوائفهم.
الجيش الصهيوني احتل غزة واستوطن فيها وبنى الجدار القاتل وفرض الحصار على أهلها ولما انطلقت المقاومة لمواجهته أنكر الصهاينة والمتصهينون عليها ذلك الفصل بينما الحصار والقتل والتجويع والاحتلال أمر مباح، وارتكاب المجازر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية حق مشروع ودفاع عن النفس، فقد تحول الأمر من حق تقرير المصير وإزالة الاحتلال والاستيطان إلى وجوب إبادة الأشقاء على أرض فلسطين.
صمتت الأنظمة العربية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وتحركت الجامعات الغربية طلابا وأكاديميين، وتحركت اليمن نصرة لمظلومية الأشقاء في أرض فلسطين ومثل ذلك محور المقاومة، ولن يستطيع الصهاينة والمتحالفون معهم اسكات أحرار العالم الذين تحركوا بعد أن اتضحت أفعال المجرمين على أرض الواقع لمواجهة المطالبين بحق تقرير المصير من أبناء الشعب الفلسطيني وهو حق أصيل مكفول للشعوب لا يجوز التنازل عنه أو التفاوض عليه كما يفعل الخونة والعملاء، وهو ما يعني عدم مشروعية احتلال الكيان لفلسطين، وما ينيع ذلك من بناء المستوطنات، وممارسة الفصل العنصري، وبناء الجدران العازلة هنا وهناك وتهجير اللاجئين وتشريدهم من أراضيهم ومنازلهم ومصادرتها بالقوة والقوانين الاستعمارية، فالاعتماد على القوة والدعم والاسناد اللا محدود مهما كان لن يغير الحق، ويرجعه باطلا، وستكون دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ هي الثمن والمقابل الذي يعجل بالخلاص ويميز الله به بين المؤمنين والمنافقين والخونة والعملاء.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

إعلان الدولة الفلسطينية

 

سالم بن حمد الحجري

 

إن الزخم الدولي الذي تنامى خلال الأيام الأخيرة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعموم فلسطين الذي يدعو إلى أن الحل الدائم للازمة يكمن في حل الدولتين أو كما يشير إليه محبو السلام إعلان الدولة الفلسطينية تعيش جنبا إلى جنب الدولة الإسرائيلية، وهو (الحل) وإن كان بعيد المنال في ظل حكومة نتنياهو المتطرفة إلا أن هنالك العديد من التساؤلات التي تطرح وأهمها: على أي قاعدة سياسية سيتم الإعلان عن الدولة الفلسطينية في ظل الانقسام بين مكونات الشعب الفلسطيني السياسية؟ وإن اتفقت تلك المكونات فكيف سيكون شكل الدولة المتقطعة جغرافيا بين الضفة الغربية وقطاع غزة فضلا عن تنامي توسع المستوطنات في الضفة؟ هل ستحظى الدولة المعلنة بتأييد واعتراف ما يسمى بالمجتمع الدولي؟

 

قبل كل شيء؛ يجب الاعتراف بأن طرح مثل هكذا دعوة سياسية وطرح دولي كان قبل طوفان الأقصى شيئا من الأماني، بل إن موقف القضية الفلسطينية برمته كان على المحك وفق مسارات سياسية رُسمت تحت طاولات التفاوض السري وظهرت بمسميات مثل صفقة القرن وخطط إدماج المجتمع الفلسطيني وتنميته ضمن الدولة الإسرائيلية وإنهاء ما يسمى بحق تقرير المصير وحق العودة، وهي أهداف سياسية قادتها حكومات الاحتلال في السنوات الأخيرة بدعم من الولايات المتحدة وتواطؤ مريب وغريب من عدة دول في المنطقة هدفه تصفية القضية الفلسطينية وحركات المقاومة، وهذا مشروع "يهودية الدولة" الذي يصرح به دائما قادة الكيان المحتل، ورغم كل المآسي الإنسانية التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني ليس فقط بعد السابع من أكتوبر بل على مدى ٧٥ عاما من القتل والتشريد والتهجير والاحتلال والقمع، وما ارتكبه أيضا من حصار ظالم لمدة ١٧ عام لرفضه حق الشعب الفلسطيني في اختيار حكومته، ورغم ما يعانيه الآن قطاع غزة والضفة الغربية بل وحتى عرب ما يسمى بالخط الأخضر، إلا أن ذلك أوجد حالة نادرة من التضامن الدولي والدعوة الجادة إلى قيام الدولة الفلسطينية على حدود عام ١٩٦٧.

المتابع للقضية الفلسطينية يلمس نضال هذا الشعب العربي الأصيل من أجل حقوقه المشروعة، ليس فقط في العقود الأخيرة، بل منذ صدور وعد بلفور المشؤوم عام ١٩١٧ والذي وعد فيه من لا يملك (بريطانيا) بمنح أرض فلسطين لمن لا يملك (اليهود) وتلا ذلك عقودا من النضال والكفاح حقق فيها الشعب الفلسطيني حضورا دوليا عبر الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب ومدافعا عن حقوقه في العودة وتقرير المصير وحقه في الحياة كباقي شعوب الأرض، ورغم ما آلت إليه سياسة الكفاح من مسارات تفاوضية نتج عنها اتفاق أوسلو، إلا أن إسرائيل عمدت إلى تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة وتدمير مظاهر المجتمع وطمس هويته الفلسطينية وإنكار حقوقه الإنسانية والسياسية، وعمدت إلى تنفيذ سياسة الفصل العنصري الاستعماري (أبرتهايد)، كما إن سياسة الحكومة اليمينية المتطرفة ساهمت بشكل كبير في التغيير العرقي لمكون المدن مثل القدس التي شهدت ولا تزال عمليات هدم منازل المواطنين المقدسيين ونزع الملكيات والتضييق على المصلين في المسجد الأقصى والتهديد بهدمه بحجج شتى تحقيقا للهدف القومي الديني كمدينة يهودية بالكامل، ولذلك فإن ما يحدث لقطاع غزة الآن من تدمير وإبادة جماعية على مسمع ومرأى من العالم والمجتمع الدولي الذي صمت بخزي وكثير من التواطؤ والخسة، وما يرتكبه العدو من انتهاكات وحشية وتجويع يندى له جبين الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية التي تمارسها آلة القتل الصهيونية ومن ورائها الحكومة الفاشية، كل ذلك يعكس خوف هذا الكيان من إعلان دولة فلسطينية مزدهرة على حدوده تظهر هشاشته وتهدد وجوده.

 

تاريخيا، كانت دعوات إعلان الدولة الفلسطينية جزءا من مسلسل التآمر الدولي على القضية، وملهاة يستدعيها ما يسمى بالمجتمع الدولي كلما تأزمت الأوضاع في الشرق الأوسط، وعلى مدى أربعة عقود؛ تردد مصطلح " حل الدولتين" و "إعلان دولة فلسطين" كثيرا في أروقة السياسة وطاولات التفاوض ومتعهدي الوساطة كالولايات المتحدة التي ترفع هذه الشعارات كلما وجدت ربيبتها إسرائيل في مأزق، ففي العام ١٩٩٢ انطلقت مفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بعد الانتفاضة الأولى أفضت إلى اتفاق أوسلو الذي لم يجني منه الفلسطينيون إلا مزيدا من تكريس الاحتلال وتسارع الاستيطان، وفي العام ٢٠٠٢ تداعى العالم لإنقاذ إسرائيل مجددا من وحل تفجر الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة نتيجة للانتفاضة الشعبية، حيث طرحت العناوين البراقة السابقة وترددت أصداء إعلان دولة فلسطين شرط نزع سلاح المقاومة وتحسين ظروف الحياة للفلسطينيين، أدى ذلك إلى نشوء ما يسمى بالتنسيق الأمني وتزايد بؤر الاستيطان، ليعود الوضع إلى قتامته بعد حوالي عقد من الزمان، وتنذر الأحداث الدولية بتفجر الأوضاع مجددا، كما إن الاعتبارات السياسية للانتخابات الأمريكية فرضت على إدارة أوباما آنذاك اللعب على ملف القضية الفلسطينية ليذهب بعيدا عن أقرانه بطرح إعلان فلسطين كدولة غير عضو رسمي لها صفة مراقب وذلك بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في ٢٩ نوفمبر ٢٠١٢، ويستمر استدعاء مطلب حل الدولتين وإعلان دولة فلسطين مع العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية ضمن المواقف الدولية التي تتصاعد من هنا وهناك في الوقت الذي يجب فيه تظافر الجهود لوقف الحرب أولا وإعادة الحياة للشعب الفلسطيني.

 

ورغم الشرط الظالم الذي تشترطه الأمم المتحدة لقبول الأعضاء الجدد كدول مستقلة، وهو الحصول على ٩ أصوات إيجابية من أصل ١٥ عضوا في مجلس الأمن، على أن لا تصوت ضد الطلب عضوا دائما، وحيث إن أمريكا الداعم الأول للاحتلال الإسرائيلي فمن المؤكد أن مصير الطلب الرفض، حيث إن الثابت المهيمن على السياسة الأمريكية هو أمن إسرائيل، ومع ذلك يمكن اللجوء لمحكمة العدل الدولية لإثبات أحقية الشعب الفلسطيني بإقامة دولته على الحدود المتفق عليها، ولكن ذلك يتطلب وقبل أي اعتبارات أخرى، وحدة الصف الفلسطيني ورغبته في النضال من أجل حقوقه المشروعة والتي كفلتها له القوانين الدولية والتاريخ الذي شهد بكفاح وصبر وجهاد الشعب العربي الفلسطيني الذي آن له أن ينتقل من مسمى "شعب" إلى شعب بأرض ووطن يحمل اسمه ورايته.

مقالات مشابهة

  • مناوي يطالب “الأمم المتحدة” باتخاذ هذا الإجراء…
  • هل يمكن لفلسطين أن تنال العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؟
  • إعلان الدولة الفلسطينية
  • إعلان نيويورك: إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين وأهمية الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة
  • “إعلان نيويورك”: إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين ومنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة
  • البقلي: مصر تدعم كل جهد دولي يسهم في تثبيت حقوق الشعب الفلسطيني
  • الخارجية الفلسطينية: هناك حراك دولي لإنهاء العدوان على الشعب الفلسطيني
  • الشعب الجمهوري: كلمة الرئيس السيسي عبرت عن خارطة طريق واضحة لدعم الشعب الفلسطيني
  • ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
  • الحكومة السودانية تفاجئ الأمم المتحدة