أيد بيني غانتس، زعيم حزب "الوحدة الوطنية" الإسرائيلي (12 نائبا من أصل 120 بالكنيست)، التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ووقف إطلاق النار بقطاع غزة.

لكن باستقالة الوزير في مجلس الحرب من منصبه، مساء الأحد، باتت فرص هذا الاتفاق المحتمل محل جدل، في ظل حرب إسرائيلية متواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وخلال إعلان استقالته، اتهم غانتس، المرشح الأبرز لتشكيل الحكومة المقبلة، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باتباع سياسات تخدم مصالحه الخاصة، ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة "في أقرب وقت ممكن".

كما اتهمه بالفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب على غزة، ولا سيما القضاء على حماس وإعادة الأسرى من القطاع.

وأسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة عن أكثر من 121 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط مجاعة قاتلة ودمار هائل.

اليمين المتطرف

وباستقالة غانتس، تخلو الساحة أكثر لليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي، إذ تتهم المعارضة نتنياهو بالخضوع لممثلي اليمين المتطرف في حكومته.

ويعارض زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بشدة التوصل إلى أي اتفاق مع حماس، ويهدد بإسقاط الحكومة في حال قبوله.

وقال بن غفير، عبر منصة "إكس" مساء السبت "لن نتمكن من إعادة بقية الرهائن إلى وطنهم إلا من خلال الضغط العسكري الهائل والمستمر".

كما يعارض زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، التوصل إلى أي اتفاق، ويهدد هو الآخر بإسقاط حكومة الطوارئ.

هذا الموقف عبّر عنه سموتريتش أمام عائلات أسرى إسرائيليين في غزة، خلال اجتماع للجنة المالية في الكنيست اليوم الاثنين.

ونقلت القناة "12" الإسرائيلية عن سموتريتش قوله مستنكرا "أي صفقة؟ هل هناك صفقة تقبلها حماس؟ هل تعرفون واحدة؟ لن أؤيد الصفقة المعنية، السؤال هو: هل توجد صفقة أصلا؟".

وفي نهاية مايو/أيار الماضي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن مقترح "إسرائيلي" لاتفاق من 3 مراحل، يتضمن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وإعادة إعمار قطاع غزة.

وإلى جانب حزبي "القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية"، يعارض بعض نواب "الليكود" (يمين)، بقيادة نتنياهو، إبرام اتفاق مع حماس.

وباستثناء الحزبين الدينيين "يهدوت هتوراه" و"شاس"، اللذين أيدا صراحة التوصل إلى اتفاق، فإن باقي أحزاب الائتلاف الحكومي إما تعارض أو تتحفظ.

ويحظى الائتلاف الحاكم بتأييد 64 نائبا في الكنيست، مما يضمن له الأغلبية.

اختبار نتنياهو

وحتى اللحظة، لم يعلن نتنياهو موافقته على "المقترح الإسرائيلي" الذي أعلنه بايدن.

ويخشى نتنياهو، وفق مراقبين، من احتمال استقالة بن غفير وسموتريتش، ومن ثم تفكيك الحكومة، ولذا قد يخضع لضغوطهما ولا يقبل باتفاق، أو يجد طريقة لإقناعهما به مقابل امتيازات في مجالات أخرى.

وقالت المحللة السياسية بالقناة "12" دفنا ليئيل "لم ترد حماس بعد على المقترح الإسرائيلي بشأن صفقة الرهائن. ومن الصعب تقييم مدى تأثير رحيل غانتس على إمكانية نجاح الصفقة المعروضة على حماس حاليا".

وبينما يُصر نتنياهو على وقف مؤقت فقط للقتال، تتمسك حماس بإنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم، وإدخال مساعدات إنسانية كافية، وإعادة إعمار غزة ضمن أي اتفاق لتبادل الأسرى.

واستدركت ليئيل "لكن اختبار نتنياهو سيكون إذا ردت حماس بالإيجاب، فسيصبح هو في مواجهة معارضة سموتريتش وبن غفير".

شبكة أمان

وإذا احتدمت المواجهة، ربما يلجأ نتنياهو إلى المعارضة، فخلال الأسابيع الأخيرة أعلن زعيمها يائير لبيد استعداده منح نتنياهو شبكة أمان بالكنيست، في حال عرض مقترح اتفاق للتصويت.

ولحزبي سموتريتش وبن غفير 14 نائبا، بينما لدى حزب "هناك مستقبل"، برئاسة لبيد، 24 نائبا، مما يضمن لنتنياهو تمرير الاتفاق في الكنيست إذا أراد.

وبعد أن استعاد الجيش الإسرائيلي 4 أسرى أحياء من غزة السبت، تعالت أصوات إسرائيلية تطالب بالضغط العسكري لإعادة بقية الأسرى.

لكن عائلات الأسرى ذكّرت الحكومة بأنها خلال 8 أشهر من الحرب استعادت 7 أسرى فقط من غزة بالوسائل العسكرية، مقابل 100 عبر اتفاق لوقف إطلاق النار دام أسبوعا حتى مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ودعت العائلات حكومة نتنياهو -عبر بيان ومسيرة احتجاجية السبت- إلى قبول مقترح الصفقة الذي أعلنه بايدن.

وتقدر تل أبيب وجود 120 أسيرا إسرائيليا بغزة، في حين أعلنت حماس مقتل أكثر من 70 منهم في غارات شنتها إسرائيل التي تحتجز بسجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و500 فلسطيني.

الضغط الأميركي

وحسب المحلل العسكري بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل، فقد "تتاح لإسرائيل فرص أخرى للقيام بعمليات إنقاذ جريئة تنطوي على مخاطر كبيرة".

واستدرك "لكن مع استعادة 7 أسرى فقط عبر 3 عمليات منفصلة وفشل عمليات أخرى، لا توجد أسباب تجعلنا نعتقد أنه من الممكن تحريرهم جميعا بقوة السلاح".

ورجح أن "يؤدي خروج حزب الوحدة الوطنية من الحكومة إلى تقليل فرص أن يكون نتنياهو مستعدا للمخاطرة بأزمة سياسية أخرى داخل ائتلافه الحاكم لدفع الصفقة قدما".

وأضاف هارئيل أنه "إذا كان لا يزال هناك أي فرصة، فإنها تعتمد على الضغط الشديد الذي تمارسه الإدارة الأميركية على الجانبين (إسرائيل وحماس)".

ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تؤيد التوصل إلى اتفاق، وقال إن "وجهة نظر كبار ضباط الجيش، مثل كبار المسؤولين في وكالات الدفاع الأخرى، تظل كما كانت دائما".

ووجهة النظر هذه، وفق هارئيل، هي أنه "يجب على إسرائيل أن تحاول التفاوض على صفقة لإطلاق سراح جميع الرهائن، حتى بمقابل ثمن باهظ، وحتى لو كانت حماس قادرة على تقديم الاتفاق على أنه إنجاز".

وأعلنت حماس وبقية الفصائل، في مايو/أيار الماضي، موافقتها على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لكن إسرائيل رفضته، بزعم أنه لا يلبي شروطها.

وتتهم الفصائل الفلسطينية إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة بعدم الرغبة حقا في إنهاء الحرب، والسعي عبر المفاوضات إلى كسب الوقت، على أمل أن تحقق تل أبيب مكاسب.

وتواصل إسرائيل حربها على غزة رغم قرار مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.

كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إطلاق النار التوصل إلى على غزة

إقرأ أيضاً:

اتفاق غزة.. موعد تبادل الأسرى لا يزال غير محسوم.. وحماس تؤكد: نزع السلاح غير وارد

رغم مرور أكثر من 24 ساعة على بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا يزال موعد تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس غير محدد بشكل رسمي، وسط تقديرات إسرائيلية بأن العملية قد تبدأ صباح الاثنين، بينما تبقى احتمالات المفاجأة واردة.

وتشير تقديرات أمنية إسرائيلية إلى أن حماس قد تعمد إلى تسريع تنفيذ الصفقة، ربما يوم الأحد، لتفادي تزامنها مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسرائيل، أو لإنهائها قبل وصوله.

أكثر من نصف مليون فلسطيني يعودون إلى مدينة غزة بعد سريان الهدنة

حماس: نزع السلاح "غير وارد"

في تصريحات بارزة، أكد مسؤول في حركة حماس، أن نزع سلاح الحركة وهو أحد البنود المحورية في الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب "أمر غير مطروح للنقاش أو التفاوض". وقال لوكالة "فرانس برس" إن تسليم السلاح "غير وارد على الإطلاق".

الاستعدادات اللوجستية والجدل حول قوائم الأسرى

وفقا للاتفاق المبرم، من المتوقع أن يتم تسليم الأسرى الأحياء دفعة واحدة إلى الصليب الأحمر، في خطوة تختلف عن الصفقات السابقة التي نفذت على مراحل. أما الجثث فستسلم لاحقًا، بعد جمعها في نقطة محددة.

وترجح مصادر إسرائيلية أن حماس تحتاج لبعض الوقت لإنهاء الاستعدادات اللوجستية لنقل الأسرى من أماكن احتجازهم إلى موقع التسليم.

وفي الجانب الفلسطيني، بدأت تظهر احتجاجات داخل حماس، مع اعتراض بعض مسؤوليها على أن من بين 250 أسيرا سيفرج عنهم، فقط 195 محكومون بأحكام مؤبدة، معتبرين أن الصفقة لم تلب التوقعات.

لكن إسرائيل أكدت أن قائمة الأسرى تم الاتفاق عليها مسبقًا مع الوسطاء وصادقت عليها الحكومة، وبالتالي لا يمكن تعديلها.

خلافات حول الأسماء وإمكانية التأجيل

نقل موقع "بي بي سي" عن مسؤول فلسطيني أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف طلب منه طرح مسألة الإفراج عن سبعة أسرى بارزين، من بينهم أحمد سعدات ومروان البرغوثي، غير أن إسرائيل رفضت ذلك بشكل قاطع.

أكثر من نصف مليون فلسطيني يعودون إلى مدينة غزة بعد سريان الهدنةBBC : حماس تستدعي 7 آلاف مقاتل وتعين 5 محافظين عسكريين في غزةقائد القيادة المركزية الأمريكية: لا خطط لنشر قوات أمريكية فى غزة

ورغم بقاء بعض الخلافات حول الأسماء، ترى مصادر فلسطينية أن حماس "لا تملك خيارًا" سوى الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

وفي المقابل، ظهرت دعوات داخل الحركة تطالب بـ"تفجير الاتفاق"، لكن هذا السيناريو لا يعد مرجحًا في الوقت الراهن.

اتصالات من داخل السجون واستعدادات إسرائيلية

قالت عائلات فلسطينية إن أبناءها الأسرى تواصلوا معهم من داخل السجون الإسرائيلية، وأبلغوهم بأن أسماءهم وردت ضمن قائمة المفرج عنهم.

وتشير التقديرات إلى أن التغيير الوحيد المحتمل هو رفض بعض الأسرى المبعدين إطلاق سراحهم، كما حدث في صفقات سابقة، وفي هذه الحالة سيتم استبدالهم بأسماء بديلة تمت الموافقة عليها مسبقًا.

فريق دولي للبحث عن جثامين الأسرى

في إسرائيل، بدأت التحضيرات لاستقبال 20 أسيرًا على قيد الحياة، يتوقع أن تكون حالات بعضهم الصحية معقدة بعد عامين من الأسر، حيث سيتم نقلهم مباشرة إلى المستشفيات بمرافقة فرق طبية ميدانية.

كما ستباشر فرَق دولية تضم ممثلين عن الولايات المتحدة، مصر، تركيا، قطر وإسرائيل مهمة البحث عن جثث الأسرى القتلى، باستخدام معلومات استخباراتية دقيقة.

عودة النازحين ومطالب إنسانية

في غزة، أعلن الدفاع المدني أن أكثر من 500 ألف نازح فلسطيني عادوا إلى شمال القطاع منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إن العودة جرت خلال اليومين الماضيين.

من جانبها، طالبت منظمات إنسانية إسرائيل بفتح معابر إضافية لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وجود أمريكي وتنسيق إقليمي

وصل نحو 200 جندي أمريكي إلى إسرائيل ضمن الاستعدادات لتنفيذ الاتفاق، وسيتولون مهام الدعم والتنسيق من مركز سيتم إنشاؤه داخل إسرائيل، يتعامل مع القضايا المرتبطة بقطاع غزة حتى تشكيل حكومة دائمة هناك.

وفي سياق التحركات الدبلوماسية، من المتوقع أن يزور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصر يوم الاثنين، بعد زيارته لإسرائيل، حيث سيشارك في حفل رمزي لتوقيع الاتفاق في مصر، بحضور عدد من الزعماء الأوروبيين، في حين لم توجه الدعوة لأي مسؤول إسرائيلي لحضور هذا الحدث.

طباعة شارك وقف إطلاق النار في قطاع غزة قطاع غزة اتفاق تبادل الأسرى إسرائيل وحركة حماس إسرائيل دونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: الحرب في غزة انتهت.. ودفعة ثانية من الأسرى في طريقها إلى إسرائيل
  • حماس: إسرائيل تتلاعب بقوائم الأسرى وتماطل في تنفيذ اتفاق
  • خبيران عسكريان إسرائيليان: نتنياهو خطط لحرب بلا نهاية وترامب عرقل ذلك
  • مكتب نتنياهو : إسرائيل جاهزة لاستقبال الأسرى فورا
  • شرم الشيخ تستعد لقمة السلام وسط تساؤلات عن مصير اتفاق غزة
  • اتفاق غزة.. موعد تبادل الأسرى لا يزال غير محسوم.. وحماس تؤكد: نزع السلاح غير وارد
  • اتفاق حماس وإسرائيل: اليوم التالي
  • مدير مكتب الجزيرة بفلسطين: قرار حكومة نتنياهو مفخخ وبه بنود سرية
  • بن غفير يهدد بالانسحاب من الحكومة إذا لم تُفكك حماس.. ماذا قال لويتكوف وكوشنر؟
  • نتنياهو: نفذت وعدي بإعادة الأسرى الإسرائيليين