كشف الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت، في مقال له بصحيفة معاريف، أن الوزير السابق في حكومة الحرب الإسرائيلية غادي آيزنكوت والذي انسحب مع زميله من حزب معسكر الدولة  بيني غانتس  من مجلس الحرب، كان قد قدم مجموعة مطالب لرئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو ، أهمها البدء بمهاجمة مدينة رفح جنوبي قطاع غزة ، ولكن الأخير لم يفعل ذلك رغبة منه في إطالة أمد الحرب.

وأشار الكاتب إلى الوثيقة السرية التي سربها الصحفي في القناة الـ12 الإسرائيلية يرون أبراهام في فبراير/شباط الماضي، والتي تضمنت تصور آيزنكوت لمسار الحرب بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسلط الضوء على ما قال إنها بنود لم يتم كشفها من قبل من هذه الوثيقة والتي تدل على عمق الخلاف بينه ونتنياهو.

وأثار كشف الوثيقة آنذاك ضجة في إسرائيل لكونها صادرة من رئيس أركان سابق لجيش الاحتلال، بالإضافة لشعبيته والتعاطف معه إثر مقتل ابنه في السابع من ديسمبر/كانون الأول عندما فجر مقاومون فلسطينيون نفقا مفخخا في قوة إسرائيلية بضواحي جباليا شمالي قطاع غزة.

رفح والمعسكرات الوسطى

وقال الكاتب إن مضمون الوثيقة الأساسي، وهي واحدة من 8 وثائق قدمها آيزنكوت، كان أن "حكومة نتنياهو ومجلس الحرب لا يتخذان القرارات الإستراتيجية اللازمة لأجل إدارة الحرب والوصول إلى إنجازات"، مشيرا إلى أن آيزنكوت لم يتحدث عن نصر مطلق، إدراكا منه لاستحالة ذلك في المدى القصير.

وقال الكاتب إن آيزنكوت يدرك الزمن اللازم لتحقيق إنجاز يذكر، ويعرف منذ اللحظة الأولى أن نتنياهو اختلق هدفا وهميا هو "النصر المطلق" واختلق بعده هدفا آخر "أكثر غباء يسمى رفح" وفق تعبيره.

وأشار إلى أن الأجزاء التي لم تنشر من الوثيقة، أكدت أن آيزنكوت وغانتس يعتقدان أنه "يجب تشديد الضغط العسكري والسعي إلى الاشتباك في رفح وفي المعسكرات الوسطى أيضا. هذه الوثيقة كتبت في 15 فبراير/شباط. ورغم هذا الطلب واصل نتنياهو جرَّ الأرجل لأسبابه الخاصة، ربما لأنه أراد تمديد الحرب إلى ما لا نهاية".

مهما يكن من أمر يقرر آيزنكوت في الوثيقة أن "القرارات الواجب اتخاذها لا تتخذ، لذلك يظل الجيش الإسرائيلي يراوح مكانه، وتضيع الإنجازات هباء وتخسر الدولة ذخائر إستراتيجية وفرصا تاريخية".

وكشف الكاتب الإسرائيلي أن الوثيقة تكشف أن آيزنكوت طالب بـ5 مواقف حاسمة منذ بداية الحرب، وهي حسب التوقيتات التالية في العام 2023:

7/10 إعلان الحرب.

11/10 القرار للجهد الأساس في الجنوب، والثانوي في الشمال.

28/10 الخروج إلى المناورة (الحرب البرية).

24/11 الدخول إلى منحى إعادة المخطوفين (صفقة تبادل شاملة).

1/12 القرار بمواصلة المناورة.

وأكد بن كسبيت أن وثيقة آيزنكوت التي قدمت لمجلس الحرب منذ أكثر من 4 أشهر، تضمنت عددا من الخطوات التي يفترض أن تستدرك على الخطة السابقة، وهي:

استنفاد خطوة خان يونس وتكثيف المعركة في رفح ومناورة في معسكرات الوسط.

بدء منحى لإعادة "المخطوفين" حتى رمضان (صفقة شاملة).

التوصل لحل إنساني أولي بدون حركة حماس ، تشارك فيه أطراف دولية وعربية والاستعانة في ذلك بعناصر مدنية في غزة من خارج حماس.

تقدم منحى تسوية في لبنان، بإبعاد حزب الله عن الحدود، وتعزيز دور قوات اليونيفيل، وانتشار الجيش اللبناني، وفرض حظر سلاح على لبنان ومنع تدهور الأوضاع في الجبهة الشمالية قبل التوصل لتسوية.

اتخاذ خطوات فورية للتهدئة بالضفة الغربية و القدس انطلاقا من الرغبة في منع حماس من تحقيق أهدافها هناك.

نتنياهو يناور ويفشل

وقال الكاتب إنه بعد 4 أشهر من هذه الوثيقة، لم يتخذ مجلس الحرب معظم ما ورد فيها، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح وفي معسكرات الوسط تأخرت كثيرا، وتمت المبالغة في جدواها.

ورأى الكاتب أن نتنياهو لم يبد استعدادا لاتخاذ قرار بشأن المقترح الأميركي، الذي يرى الكاتب أنه خطوة إستراتيجية من شأنها المساهمة في تحسين الوضع الأمني في إسرائيل خلال السنوات المقبلة.

كما رأى أن نتنياهو غير مستعد للحديث عن "اليوم التالي" للحرب، كما أنه لا يعترف بأهمية السلطة الفلسطينية، ولا يسعى لاتخاذ خطوات لتخفيف الضغط عنها.

وتوقع الكاتب أن يحاول نتنياهو أن يعرض وزارة الحرب على غدعون ساعر، مشيرا إلى أنه كان قد انسحب من حكومة الطوارئ وأسس حزبا مستقلا عن حزب المعسكر الذي كان ينتمي إليه.

كما توقع أن يرفض ساعر عرض نتنياهو، مشيرا إلى أنه "لن يعود إلى حكومة تركها لتوه دون ضمانات حقيقية"، وأعرب عن اعتقاده بأن نتنياهو في وضعه الحالي لم يعد قادرا على توفير إغراءات لساعر تقنعه بالعودة للحكومة.

وختم بن كسبيت مقاله بالقول إن نتنياهو سيستيقظ بعد أن ينقشع غبار انسحاب غانتس وآيزنكوت، ليجد نفسه محاطا بالمتطرفين الذين جمعهم حوله في حكومته، والذين لا يرون حلا غير خيار الحرب المدمرة، ويجرون إسرائيل لأن تكون دولة منبوذة.

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: مشیرا إلى أن أن نتنیاهو

إقرأ أيضاً:

نتنياهو وكاتس.. شروط على المقاس

كرر رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو تمسكه بشروطه لوقف الحرب في غزة التي قال إنه بلّغها للوفد الإسرائيلي المفاوض المتوجه إلى الدوحة، والتي تتمثل في إعادة الأسرى وتفكيك حماس ونزع سلاحها ورفض إدارة قطاع غزة بعد الحرب من قبل أي فصيل فلسطيني من حماس أو من السلطة الفلسطينية، وهذا يعني أن نتنياهو يريد شروطا على المقاس، تحقق له على طاولة المفاوضات ما عجز عن تحقيقه في ساحة العمليات.
إن شروطا كهذه تعني شيئا واحدا وهو أن نتنياهو لا يريد أن ينهي الحرب في غزة بصفقة توافقية بل بصفقة أحادية تضمن استمراره في السلطة واستمرار ائتلافه الحكومي وزوال الخطر الوجودي المتمثل في حماس وأخواتها.
وصرح وزير دفاع الكيان “يسرائيل كاتس” بأن “الحرب الإسرائيلية الحالية في غزة اقتربت من نهايتها”، وذلك بعد أسبوع من انتهاء الحرب القصيرة التي شنّتها إسرائيل على إيران. وأكد كاتس مجددا على أهداف إسرائيل من الحرب، بما في ذلك إطلاق سراح جميع المحتجزين وهزيمة حماس.
هناك تناغمٌ بين نتنياهو وبين وزير دفاعه كاتس حول طريقة إنهاء الحرب في غزة بما يحقق في نظرهما نصرا لإسرائيل وهزيمة لحماس. لكن الغريب أن من يفاوضون حماس هم من يطالبونها بوضع سلاحها ورفع يدها عن القطاع، فكيف يستقيم ذلك؟ هل يعقل أن تفاوض خصمك على نفي قيادته وتوقيع شهادة وفاته بنفسه؟ لا يمكن أن تقبل بهذه الشروط إلا جهة لا يمثل لها الوطن شيئا ولا تمثل لها قوافل الشهداء إلا رقما أصمَّ في معادلة الصراع.
إن الصفقة التي يريدها نتنياهو وكاتس لا يمكن أن تشكل قاعدة لتقريب وجهات النظر من أجل التوصل إلى حل، كما لا يمكن قبولها بأي شكل من الأشكال لا من حماس ولا من أي مفاوض آخر، لأنها ليست أقل من موقف الاستسلام والتسليم للخصم بكل الشروط.
إن شروط نتنياهو وكاتس غير العادلة وغير المقبولة تجعل عملية التفاوض صعبة وتتولد عنها في أحسن الأحوال صفقة هشَّة غير قابلة للصمود حتى للمدة التي اقترحها دونالد ترامب. يبحث نتنياهو عن صفقة على المقاس تحقق له ما أراد وتخرجه من المأزق السياسي والعسكري الذي يعانيه، خاصة بعد التحول النوعي في أساليب المواجهة التي تنتهجها المقاومة والتي كبّدت الجيش الصهيوني خسائر فادحة وغير مسبوقة بل مذلة للكبرياء العسكري الذي طالما تغنى به نتنياهو.

إن نتنياهو -كما أكد محللون– شخصية مرضية، يميزها المزاج المتقلب، وهذا لا يعين على التوصل إلى اتفاق وحتى في حالة حدوث ذلك فإنه لن يصمد كثيرا لأن نتنياهو سيعود بعد نهاية الهدنة وربما قبلها إلى العدوان على غزة بافتعال “خطر إرهابي” هنا وهناك كما يفعل في لبنان التي لا تزال تتعرض، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في أواخر نوفمبر 2024 إلى غارات صهيونية، تحت مسمى تفكيك بعض جيوب حزب الله التي لا تزال تشكل تهديدا لأمن إسرائيل كما ورد ذلك في البيانات التبريرية التي ينشرها جيش الاحتلال عقب كل غارة على الضاحية الجنوبية أو الحدود المتاخمة.

وفق أي إطار مرجعي تفاوضي يمكن أن تجرى مفاوضات إطلاق النار في غزة وهناك فجوة كبيرة بين المطالب الإسرائيلية ومطالب حماس، فإسرائيل –على لسان نتنياهو- تريد من هذه المفاوضات أن تفضي إلى إرغام حماس على التنازل عن سلاحها وعن حكم القطاع في اليوم الموالي لبداية سريان الصفقة، ولا يكتفي نتنياهو بتفكيك حماس ونزع سلاحها ومنعها من حكم القطاع، بل يشدد على ضرورة أن تمنع السلطة الفلسطينية أيضا من هذه الإدارة، وهذا يعني إدخال القطاع في المجهول وجعله تحت السيطرة المطلقة لإسرائيل أو لجهة موالية مستقبلا.

على النقيض مما يريده نتنياهو، تتَّسم المطالب التي تقدمت بها حماس بعقلانية أكثر؛ فهي تقبل بمبدأ تبادل الأسرى وبمبدأ إطلاق النار، ولكن الفرق بينها وبين إسرائيل أن حماس تحرص أيضا على الانسحاب الكلي وغير المشروط للجيش الإسرائيلي من غزة، فوقف إطلاق النار –حسب ما أبانت عليه الحركة في رسالتها إلى الوسطاء- يجب أن يقترن بالانسحاب وإلا سيكون من غير جدوى لأنه من المحتمل أن تعمد إسرائيل تحت أي ذريعة من الذرائع إلى التحرك شمالا وجنوبا وربما استخدام سلاحها الجوي والبري لقصف ما يخيل إليها أنها أهداف معادية، وهنا يكون احتمال العودة إلى الحرب أمرا وارادا في أي لحظة.

لا أمل – في ظل الموقف المتأرجح لنتنياهو وكاتس- من التوصل إلى صفقة بين إسرائيل وبين حماس إلا إذا استطاعت الدبلوماسية القطرية على وجه الخصوص إقناع الوفد الصهيوني المفاوض بمبدأ التنازل عن بعض المطالب التي لا يمكن أن يتحقق معها وقف لإطلاق النار لمدة تطول أو تقصر وهو ما لا نتوقع حصوله وقبوله من نتنياهو الذي يريد أن يكون الخصم والحكم وأن يملي على حماس ما يجب أن تفعله إذا هي أرادت الحفاظ على ما تبقى من رجالها وقبول هؤلاء بالعرض الصهيوني بالخروج الطوعي من غزة والعيش في المنفى.

إن أكثر ما يقلق حماس في تصريحات نتنياهو –كما جاء في مقال لأشرف العجرمي في جريدة “الأيام” بتاريخ 10 جويلية 2024 بعنوان: “مأزق المفاوضات: هل يريد نتنياهو صفقة؟”- هو: “الحديث المتكرر عن رفضه إيقاف الحرب قبل أن تحقق جميع أهدافها التي أعلنها مرارا وتكرارا وهي: القضاء على حركة حماس، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة، ومنع التهديد الذي يمكن أن يشكله قطاع غزة على إسرائيل في المستقبل، على الرغم من أن هناك شبه إجماع في إسرائيل على استحالة تحقيق هذه الأهداف من خلال الحرب، وأن الحل سياسي ومرتبط بترتيب الوضع في غزة بعد الحرب”.

لا يريد نتنياهو وكاتس صفقة مع حماس وفق إطار تفاوضي بل يريدان صفقة على المقاس، وهذا لن يتحقق لا على المدى القصير ولا على المدى الطويل، لأن القبول بهذه الصفقة يعني تقديم قطاع غزة على طبق من ذهب لإسرائيل، تتحكم بموجبه في المداخل والمخارج والمعابر ويعيش فيه الغزيون -إن سُمح لهم بالعيش- كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة ومن غزة ستمتد عين نتنياهو إلى ما وراءها.

لقد صرح نتنياهو بأنه يسعى لمفاوضات تحت النار وهو ما يعطي الانطباع  لكل محلل ومتابع للشأن الإسرائيلي بأن نتنياهو يريد طي ملف غزة ووقف الحرب بأي ثمن، والثمن كما هو معلوم مقايضة وقف الحرب من جانب إسرائيل بتخلي حماس عن سلاحها وعن حكم القطاع. لا تمانع حماس في القبول بالشرط المتعلق بمن يحكم القطاع بعد الحرب ولكنها تصرّ على أن يحصل ذلك بمشاورات وتفاهمات فلسطينية لا بإملاءات إسرائيلية أو أمريكية، وهذا المسعى الحمساوي يتعارض مع الأنا الصهيوني جملة وتفصيلا.

لا أريد لمفاوضات الدوحة بين الكيان وحماس أن تتعثّر، ولكن ليس هناك ما يجعلنا نتفاءل في ظل الأنا المفرط الذي يميز شخصية نتنياهو الذي لا يوقّع صفقة لإنهاء حرب إلا دخل في حرب أخرى، والعارفون بشخصية نتنياهو يعلمون بأنه لا يفكر إلا بمنطق القوة ولا يبرم صفقة إلا إذا كانت تصبّ في مصلحته قبل مصلحة الكيان الصهيوني متمثلا في ذلك قول القائل: “أنا وبعدي الطوفان”.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • نتنياهو وكاتس.. شروط على المقاس
  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا يكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا ويكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • بالفيديو.. الكشف عن تفاصيل جديدة في جريمة السوداني الذي قتل طليقته الطبيبة وأفراد أسرتها بالسعودية.. قتل زوجته السابقة دفاعاً عن نفسه ووالدتها توفيت نتيجة “كومة سكري” والطفلة ماتت بسبب ضربة طائشة
  • نتنياهو يرفض الكشف عما اتفق عليه مع ترامب بشأن غزة والمنطقة
  • الكاتب عمر طاهر يودع سامح عبد العزيز برسالة مؤثرة
  • اليوم حرب وغدا خوف.. ما الذي يعنيه أن تقصف تل أبيب؟
  • والي ولاية الخرطوم يُعزي أسرة الشهيد حامد نبيل حامد الذي راح ضحية غدر بدافع السرقة
  • نتنياهو بين الصفقة والمناورة على طاولة ترامب
  • إعلام عبري: ترامب ضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة