موقع النيلين:
2025-05-19@20:51:59 GMT

لماذا تأخّر حسم الجنجويد في الجزيرة؟!

تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT

حتى لا يتكرر سيناريو (ود النورة) الدامي..
لماذا تأخّر حسم الجنجويد في الجزيرة؟!
الأربعاء المنصرم شهد أسوأ أيام الحرب في السودان، اجتاحت المليشيا المجرمة قرية (ود النورة) بولاية الجزيرة وقتلت ما لا يقل عن (200) شهيد، وأوقعت إصابات متفاوتة معظمها خطيرة بنحو 300 مواطن من الأبرياء العُزّل الذين حصدتهم آلة الغبن الجنجويدية اللعينة بلا رحمة.


تحوّلت البلدة إلى صيوان عزاء كبير، إذ لم يسلم بيت فيها من المأساة، وقد وصلت الدماء الى كل مكان في القرية الوادعة التي كان ياتيها عيشها رغدا في كل حين، لا أنسى تذكيركم أن من بين الضحايا في المجزرة التي أقامت العالم ولم تقعده (35) طفلاً قتلتهم وحشية الدعم السريع ووادت براءتهم بين الركام والدماء.
في قرية (ود النورة) المنكوبة الصابرة مازالت مواكب الشهداء تترى والمصابون يفقدون حياتهم في كل يوم ويلتحقون بالرفيق الأعلى.
من هذه القرية الصابرة المحتسبة لجور الجنجويد وبطشهم، تابع العالم كثيراً من القصص والروايات المأساوية التي لم يدر في خلد أحد أنها يمكن أن تحدث على أي إنسان في هذه الأرض مهما بلغ حجم الظلم ورخصت حرمة الدماء، تابعنا كم أسرة فقدت أكثر من شهيد، وسمعنا روايات تدمي القلب لأبشع أنواع الظلم والقسوة التي مارسها الجنجويد القتلة على أهلنا البسطاء، الذين لا يملكون سوى قُوت يومهم والإيمان المطلق بالله الوهاب والأرض التى لا تخون، ثلاثة وأربعة إخوة تصعد أرواحهم من البيت الواحد.. رأينا الأب الذي دفن ثلاثة من أبنائه في تربة واحدة، والعائلات التي كاد أن ينقطع نسلها بعد أن شيعت الإخوان وأبناء العم والأخوال والخالات في المجزرة، ويعلم عزيزي القارئ أن أهالي (ود النورة) اضطروا لتحويل ميدان الكرة الذي كان يضج بالنشاط والحياة إلى مقبرة حتى تتسع الأرض لدفن الضحايا بعد أن ضاقت بهم مقابر القرية.
انتبه العالم في لحظة صدمة إنسانية عنيفة إلى حجم الماساة التي حاقت بأهل (ود النورة)، وأصدر عبر منظماته المدنية ومؤسساته الدولية، وقواه الحيّة، العديد من بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، ووصل الأمر حتى مجلس الأمن، دون أن تنتج هذه الجعجعة طحيناً بالطبع.
صبيحة الحادثة وصل الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، رئيس المجلس السيادي إلى القرية، وقدم واجب العزاء، وتعهّـد برد قاسّ على هذه المجزرة التي نفّذها الجنجويد بـ(دم بارد).
ما يُؤسف له أن صوت الاحتجاج على هذه الحادثة قد خفت بالداخل، وأن حالة تطبيع مع الموت والمآسي بدأت تنتاب حراكنا وتفاعلنا مع الأحداث، فنسينا الكارثة وانصرفنا الى الجدل واللهث وراء تطورات أخرى أقل فداحةً ووقعاً بالتأكيد من هول المجزرة، يحدث ذلك بينما ينفعل العالم الآن بمأساتنا إنابةً عن السودانيين الذين باتوا شعباَ بلا ذاكرة..
للأسف لم نفعل حتى الآن ما يكفي لتعزيز مواقفنا الرافضة للمجزرة والمنددة بالجنجويد وأذيالهم وعملائهم بالداخل والخارج، ولو وقعت هذه المجزرة في أي مكان لطارت (عمم) ورؤوس، وحظرت أحزاب وتم تقديم الخونة للمحاكمة ولا انصرفت كاميرا إعلامنا الرسمي تحديداً، لتوثيق ما حدث من الميدان وبكل اللغات حتى يعلم المجتمع الدولي حجم الجرائم التي يندي لها الجبين خجلاً ويتأكد من موت ضمير العالم الذى مازال يحمي المليشيا المجرمة رغم فظائعها في الخرطوم ودارفور والجزيرة والنيل الأبيض وكل مكان دخله جنودها الأنجاس المجرمين.
السؤال الأبرز الذي يموج به الشارع الآن يستفسر عن سر تأخر الجيش في الرد على ما حدث بـ(ود النورة) رغم توعد القائد العام الفريق أول عبد الفتاح برد قاس تأخر لليوم السادس، الأمر الذي أغرى بتمدد المليشيا في مناطق أخرى مثل ود الجترة وغيرها وممارسة نهب الممتلكات والتنكيل بالمواطنين، لقد أمنوا العقاب يا سعادة الجنرال وإساءوا الأدب، وما زالوا يتمادون، وإن لم يحصلوا على جرعة التأديب اللازمة عسكرياً، فإننا على موعد بمشاهدة سيناريو (ود النورة) الدامي في مناطق أخرى في الجزيرة ذاتها وبدارفور والخرطوم، والنيل الأبيض وأجزاء أخرى من السودان .
لماذا تأخر الرد وحسم المليشيا في الجزيرة انتصاراً لحزن أهل (ود النورة) وجميع أهل السودان؟!!، هو سؤال شارع تفتك به الحيرة والجيش على ذات وتيرة الاستعداد والانفعال العادي الذي سبق مجزرة (ود النورة).
هذا الاستفسار نطرحه ونلح في استجلاء أسبابه لأنه (سؤال الوقت) الذي ستشفي الإجابة عليه صدور قوم مؤمنين بقدرة الجيش على الفعل، لا نطرحه من باب التشكيك في القوات المسلحة ومقدرتها على الحسم مثلما يردد بعض العملاء والخونة، والمتواطئين مع جرائم الدعم السريع.
ندفع بهذا السؤال لأنّ الإجابة عليه مطلب الشارع السوداني العريض الذي ينتظر قهر وتأديب الجنجويد في الجزيرة مثلما يترقب زوالهم وكنسهم من أي مكان في السودان وإنهاء كابوسهم الذي يجثم على صدور المواطنين، نطرح السؤال ثقةً في الجيش لا تخويناً ولا طعناً في قدراته ولا قياداته، فالإبطاء في حسم الجنجويد سيجعلنا أمام كابوس قادم وسيناريو مشابه لما حدث في (ود النورة) بمناطق أخرى، احسموا المليشيا وأدِّبوا عناصرها المجرمين قبل أن يأخذنا الندم على التفريط في قرى ومدن اخرى مرشحة لذات المصير.!

محمد عبد القادر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی الجزیرة ود النورة

إقرأ أيضاً:

بعد وثائقي الجزيرة.. كوثر بن هنية تحوّل مأساة هند رجب إلى فيلم عالمي

المخرجة التونسية كوثر بن هنية بصدد إنجاز فيلم روائي جديد يجسد قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب، التي قُتلت في غزة وهي في الخامسة من عمرها، في حادثة هزّت الرأي العام وأثارت استنكارا واسعا على المستوى الدولي.

يُصوَّر الفيلم في تونس ويُشرف على إنتاجه نديم شيخ روحه، المنتج المعروف بفيلم "بنات ألفة" (Four Daughters)، إلى جانب أوديسا راي، منتجة الفيلم الحائز أوسكار "نافالني" (Navalny)، وجيمس ويلسون، منتج "منطقة الاهتمام" (The Zone of Interest). ويحظى المشروع بدعم من شركة "فيلم 4" البريطانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2محكمة الطفل تقرر إيداع نجل محمد رمضان إحدى دور الرعاية على خلفية واقعة اعتداءlist 2 of 2افتتاح كان السينمائي.. دي نيرو يهاجم ترامب والمصورة فاطمة حسونة حاضرة بعد استشهادهاend of list

ويرصد الفيلم تفاصيل استشهاد الطفلة الفلسطينية، حيث ظلت محاصرة داخل السيارة التي كانت تقلها وعائلتها لساعات، وهي تحاول التواصل مع الهلال الأحمر الفلسطيني طلبا للمساعدة، قبل أن يعثر عليها بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي.

كيف أصبحت هند رجب رمزا لمأساة الحرب في غزة؟

تحولت الطفلة الفلسطينية هند رجب إلى رمز إنساني مؤلم لتبعات الحرب في غزة، بعدما قُتلت خلال محاولة عائلتها الفرار من المدينة، في واحدة من أكثر الحوادث التي جسدت قسوة الصراع المتواصل منذ عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

في 29 يناير/كانون الثاني 2024، تعرضت سيارة هند لإطلاق نار أثناء الفرار، مما أسفر عن مقتل عمّها وعمّتها و3 من أبناء عمومتها، في حين بقيت هند عالقة داخل السيارة لساعات، تحاول النجاة وتتواصل مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عبر الهاتف، بينما كان المسعفون يسابقون الزمن للوصول إليها.

إعلان

لكن في 10 فبراير/شباط، وبعد انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة، عُثر على جثة هند إلى جانب أفراد عائلتها والمسعفين الذين قُتلوا أثناء محاولتهم إنقاذها.

وعلى الرغم من نفي إسرائيل المسؤولية في البداية، فقد كشفت تحقيقات أجرتها عدة جهات مستقلة بما فيها صحف دولية ومنظمة بحثية أن دبابات إسرائيلية كانت في المنطقة ومن المرجح أنها أطلقت النار على السيارة، كما استهدفت سيارة الإسعاف التي جاءت لإنقاذ الطفلة.

وقد أثارت مأساة هند غضبا دوليا واسعا، حيث قامت مجموعة من الطلاب في جامعة كولومبيا بإعادة تسمية مبان جامعية باسمها، في إشارة إلى الألم الذي تعكسه قصتها على الكثيرين حول العالم.

الجزيرة توثق اللحظات الأخيرة من حياة هند رجب

وثّقت قناة الجزيرة القطرية القصة المؤلمة لمقتل الطفلة الفلسطينية هند رجب في فيلم وثائقي بعنوان "الليل لن ينتهي" (The Night Won’t End)، ضمن سلسلة التحقيقات "Fault Lines". يتناول الفيلم جرائم الحرب في غزة من خلال روايات 4 عائلات فلسطينية، من بينها عائلة هند، التي فقدت طفلتها البالغة من العمر 6 سنوات في يناير/كانون الثاني 2024 خلال العدوان الإسرائيلي.

يركز الوثائقي على اللحظات الأخيرة من حياة هند، التي بقيت محاصرة داخل سيارة عائلتها بين جثث أقاربها، ويوثق مكالمتها الهاتفية المؤثرة مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث كانت تستغيث ببراءة. كما يكشف الفيلم عن الصعوبات التي واجهها طاقم الإسعاف أثناء محاولتهم الوصول إليها، إذ تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، مما أدى إلى استشهادهم وترك الجثث في الموقع من دون أن تُنتشل لأيام.

كما يتضمن الفيلم شهادات حية من والدتها وموظفين في الهلال الأحمر، إضافة إلى تحليلات الحقوقيين الذين أكدوا انهيار القانون الدولي في ظل الأحداث المأساوية التي وقعت في غزة. وقد أصبح هذا العمل الوثائقي مرجعا هاما لفهم التداعيات الإنسانية للصراع في المنطقة.

إعلان كوثر بن هنية.. صوت إنساني يتجدد في السينما العالمية

في عملها الروائي الجديد، تسلّط المخرجة التونسية كوثر بن هنية الضوء على مأساة الطفلة الفلسطينية هند رجب، التي قُتلت في غزة، مقدّمة قصتها في إطار سينمائي عالمي. هذا المشروع يمثل محطة جديدة في مسيرة بن هنية، التي تُعد من أبرز الأصوات السينمائية في العالم العربي، والمعروفة بإثارتها للقضايا الإنسانية العميقة.

لمع نجم بن هنية عربيا ودوليا من خلال فيلم "على كف عفريت" (Beauty and the Dogs) الذي مثّل تونس في جوائز الأوسكار لعام 2018، واستند إلى قصة حقيقية لفتاة تواجه منظومة قمعية بعد تعرضها للاغتصاب.

ثم واصلت تألقها بفيلم "الرجل الذي باع ظهره" (The Man Who Sold His Skin) عام 2020، الذي حظي بترشيح رسمي لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي، محققا نجاحا غير مسبوق للسينما التونسية والعربية.

أما في فيلمها الوثائقي "بنات ألفة" (Four Daughters)، فقد تناولت الواقع التونسي من خلال قصة أم فقدت ابنتيها لصالح التطرف، بأسلوب فني يمزج بين الروائي والوثائقي، مما أهله للوصول إلى القائمة القصيرة للأوسكار لعام 2024.

من خلال أعمالها، تؤكد بن هنية أن السينما ليست مجرد انعكاس للواقع، بل أداة قوية للمقاومة والتغيير، وصوتا يحمل معاناة المنسيين إلى المنصات العالمية.

مقالات مشابهة

  • لماذا ألغت شيماء سيف متابعة زوجها.. ومن هو النذل الذي تقصده في رسالتها؟
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • آل مغني ينتقد توجه الهلال لاستعارة لاعبين من أندية أخرى
  • بعد وثائقي الجزيرة.. كوثر بن هنية تحوّل مأساة هند رجب إلى فيلم عالمي
  • «معلوف»: ترامب يريد الظهور بمظهر الرجل القوي الذي يدير شؤون العالم
  • رئيس الوزراء: السكرى أحد أفضل 25 منجما على مستوى العالم
  • رئيس الوزراء الإسباني يدعو من بغداد إلى “مضاعفة الضغط على إسرائيل لوقف المجزرة في غزة”
  • من أعماق الأناضول إلى صروح العالم.. الحجر الذي أذهل ترامب!
  • عدنا منذ أيام لديارنا.. بعد أن خرج الجنجويد مذلولين مهانين منها
  • لا فرق بينهم وبين الجنجويد.. وربما هم أسوأ