النصيرات 274.. وثائقي يكشف تفاصيل جديدة لمجزرة ارتكبت بوضح النهار
تاريخ النشر: 3rd, July 2025 GMT
لكن خلف ستار الدقائق الأولى من ذلك النهار، كانت واحدة من أفظع المجازر ترتسم في الأفق، حين قرّر جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عملية "تحرير" خاصة، انتهت بمذبحة حقيقية راح ضحيتها 274 مدنيا، معظمهم من النساء والأطفال.
يعيد الفيلم الوثائقي الذي يمكن متابعته من هذا الرابط "النصيرات 274.. مجزرة الرهائن" إنتاج تسلسل الجريمة بلقطات حصرية وشهادات دامغة، تُوثّق بدقة ما جرى في ذلك الصباح، ويتنقل العمل بين تفاصيل المشهد الميداني وأصوات الناجين، في سرد يعكس حجم الفاجعة التي تعرّض لها مخيم النصيرات.
ويستند الفيلم في تحقيقه الاستقصائي إلى تحليل المصادر المفتوحة، وبيانات الأقمار الصناعية، وتسجيلات صوتية مصوّرة من قلب الحدث، ليكشف الحقيقة الكاملة لعملية اقتحام نُفذت بتمويه مدني وغطاء كثيف من النار، وتركت وراءها رائحة دم لا تغيب.
في وضح النهار، وفي أكثر شوارع المخيم ازدحاما، ترجّلت مجموعة من القوات الخاصة الإسرائيلية من شاحنة مدنية، كانت مموّهة بأغراض منزلية وأرقام فلسطينية، يرتدون ملابس شتوية في ذروة الحرّ، ويتحدثون العربية بطلاقة.
بدا المشهد للوهلة الأولى عاديا، أو متقنا إلى حدّ أنه خدع سكان الحي، لكن شيئا فشيئا تحوّل الهدوء إلى ذعر، إذ بدأ إطلاق النار العشوائي، وسقط أول الضحايا وسط السوق، قبل أن تتوالى الانفجارات ويبدأ الطيران الحربي في تنفيذ ضربات مركّزة.
شهادات مروعة
يحمل الفيلم شهادات مروّعة من ناجين كانوا هناك، توثق لحظات الاقتحام والإعدام الميداني، وصرخات الأطفال تحت الركام، ويصف أحد الشهود كيف شاهد القوات الإسرائيلية تعدم شابا أعزل أمام محلّه، وآخرين يُقتادون مكبّلي الأيدي قبل أن يُقتلوا بدم بارد.
وفي بيت الجمل، حيث تركزت العملية، تتداخل مشاهد الاقتحام مع روايات عن قتل أفراد الأسرة على مرأى من آبائهم وأمهاتهم، ويُظهر الفيلم أن العملية لم تكن محصورة بالاقتحام البري، بل كانت جزءا من عملية عسكرية موسعة تم الإعداد لها مسبقا.
إعلانوشهدت العملية تنسيقا لوجستيا دقيقا مع القوات الأميركية، بحسب ما تشير إليه صور الميناء العائم المُنشأ حديثا ونشر منظومة دفاع جوي أميركية في الموقع، إضافة إلى تسجيل زيادة غير اعتيادية في حركة الاستطلاع الجوي الأميركي في الأسبوع الذي سبق المجزرة.
وبينما ركز الإعلام الإسرائيلي على "نجاح" العملية في استعادة 4 أسرى، يُسلّط الفيلم الضوء على ما جرى خلف هذا السرد الرسمي: قصف عشوائي استمر لـ4 ساعات، استهدف خلاله جيش الاحتلال بيوت المدنيين وممرات الإخلاء والأسواق وخيام النازحين.
وتُظهر المقاطع التي وثقها السكان لحظات سقوط صواريخ "هيل فاير" فوق منازلهم، ومشاهد لسيارات مدنية تحترق وأجساد ملقاة في الطرقات، بعضها لأطفال لم يتبقَّ منهم سوى أجزائهم.
رد القسام
وفي شهادة مفصلية ضمن الفيلم، يرد متحدث من كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- على الرواية الإسرائيلية الرسمية بأن الاحتلال أنقذ أسراه من أيدي المقاومة.
ويوضح كيف تحتفظ القسام بالأسرى رغم الضغط الجسدي والنفسي الذي يتعرضون له، وتضطر أحيانا لنقلهم حفاظا على سلامتهم، ويؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي دأب على استغلال تلك اللحظات من النقل لقتل أسراه، باستخدام الطيران أو الاستخبارات.
ويؤكد المتحدث أن العملية انتهت بقتل 3 أسرى إسرائيليين آخرين، بينهم مواطن أميركي، ويعزز ذلك ببيان صدر عن القسام أعلنت فيه أن الاحتلال قتل ضابط الشاباك تومير نمرودي، ورون شيرمان ونيك بيزر، إلى جانب 10 أسرى آخرين، في عمليات استهداف مباشرة رغم علمه بمكان وجودهم.
تكشف لحظة الانسحاب من موقع العملية، كما يوثقها الفيلم، عن اتساع المجزرة إلى مدى أبعد مما تسمح به قواعد الاشتباك، إذ استهدفت طائرات الاحتلال الممرات الضيقة في المخيم، وأطلقت النيران على المارة وكل من حاول المساعدة.
أحد الشهود يقول إنه شاهد طفلا يرتجف في ركن من الخيمة وآخر يحتمي في حضن والدته وثالثا تُرك لينزف حتى الموت دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منه، فيما أبيدت عائلات كاملة خلال دقائق، وبيوت سويت بالأرض بلا سابق إنذار.
إعدامات ميدانية
تتعدد المشاهد، وتتكرر المفارقة، جنود يُطلقون النار على طفل عمره 4 أشهر بعدما رُكّز عليه الليزر، وأحد الآباء يُضرب أمام عائلته، ثم يُهدَّد بإعدام أطفاله إن لم يعترف على سلاح لا يملكه، وآخر يعود إلى منزله ليجد ابنته الحامل وزوجته ووالدته وأخاه وأطفالهم تحت الركام، وقد فقدوا كل معالم أجسادهم.
وحين تنتهي المجزرة بعد 4 ساعات، يُسجَّل في مستشفى شهداء الأقصى على الفور وصول أكثر من 300 مصاب، بينهم أكثر من 140 بين طفل وامرأة، وجثث ممزقة، بعضها من البحر حيث فرّ كثيرون إلى الشاطئ.
يقول طبيب في المستشفى إن نوعية الإصابات تؤكد الاستخدام المفرط للذخيرة والانفجارات واسعة النطاق، ويصف ما شاهده بأنه "أقرب إلى مشهد كارثة جماعية".
ولا ينتهي الفيلم بسرد الكارثة فقط، بل يتتبع آثار المجزرة في ذاكرة من تبقى، وفي مشهد أخير، يقف أحد الآباء أمام الركام، ويقول بصوت متحشرج: "بديت أعزي الناس.. زوجتي، أولادي، بنتي وأولادها.. ما ضليش حدا"، ثم يضيف: "يا ريتني دخلت عند الأولاد، كانوا بيفطروا فلافل، مش أكثر.. الله يرحمهم".
إعلان"النصيرات 274" شهادة توثيقية دامغة، ليست فقط على جريمة حرب مكتملة الأركان، بل على سقوط المنظومة الأخلاقية في رواية تحرّكها الحسابات السياسية، وتغطي على الحقيقة بدخان القصف.
3/7/2025-|آخر تحديث: 20:46 (توقيت مكة)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
أكثر من نصف مليون فرصة جديدة.. تحولات تاريخية في سوق العمل السعودي
في أفق الوطن، حيث تتلاقى الطموحات مع الإرادة، بزغ فجر جديد لسوق العمل السعودي، حاملاً معه أحلام أكثر من نصف مليون مواطن ومواطنة انضموا إلى سوق العمل خلال ثلاث سنوات فقط، من 2021 إلى نهاية 2024. ارتفع عدد السعوديين العاملين ليصل إلى أكثر من أربعة ملايين عامل، تحديدًا 4,054,483، بعد أن كان 3,450,057 في بداية العام 2021. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي نبض حياة جديد يروي قصة وطن يتقدم بخطى ثابتة نحو التمكين والتنمية.
سيمفونية التمكين النسائي
وفي قلب هذه اللوحة الوطنية تتلألأ نجوم نسائية حاملة رايات الإنجاز، حيث وصلت نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل إلى 36% بنهاية عام 2024، مرتفعة بشكل لافت من 22.5% في 2021، مع انخفاض معدل البطالة بين النساء من 22.5% إلى 11.9%. خلال تلك الفترة، تجاوز عدد السعوديات المنضمات لسوق العمل 390 ألف امرأة، أكثر من 65% من الداخلين الجدد. هذا التمكين ليس مجرد رقم، بل هو رسالة واضحة بأن المرأة السعودية باتت قوة فاعلة في مسيرة التنمية الاقتصادية.
العدالة في أروقة العمل والتعاقد
لم يكن التقدم ممكنًا دون بيئة عمل تنبض بالعدل والشفافية. فقد تم توثيق أكثر من 9 ملايين عقد عمل رقميًا، مع تجاوز نسبة التوثيق 80%، ما أسهم في خفض النزاعات العمالية بنسبة 30% منذ تطبيق التوثيق الإلكتروني. هذه الشفافية والامتثال، إلى جانب تحديث نظام العمل، أثمرت بيئة مستقرة تُحفظ فيها الحقوق، ويُستثمر فيها الطموح، ليصبح سوق العمل السعودي نموذجًا يحتذى به في تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل.
وظائف ذات جودة ورواتب تعانق الطموح
وتجلّت جودة التوظيف في ارتفاع الرواتب، حيث ارتفعت نسبة السعوديين الذين يتقاضون رواتب تفوق 10,000 ريال شهريًا إلى 30%، ما يعادل نحو 856,400 مواطن ومواطنة، مقارنة بنسبة 12% في عام 2016. كما ارتفعت نسبة من يتقاضون رواتب بين 5,000 و9,999 ريالًا إلى 40%، بينما انخفضت نسبة من تقل رواتبهم عن 5,000 ريال إلى 31%. هذا التحول يعبّر عن ارتفاع في مستوى المعيشة وتحسن نوعية الوظائف، ليكون العمل جسرًا نحو حياة كريمة ومستقرة.
التمكين عبر بوابة التدريب والمهارات
لم تكتفِ الوزارة بتوفير فرص العمل فقط، بل عززت جاهزية الكوادر الوطنية عبر أكثر من 1.3 مليون فرصة تدريبية في المهارات المستقبلية خلال الحملة الوطنية “وعد”. هذه المبادرات التحضيرية رصّدت أدوات الشباب والشابات لبناء مهارات تواكب متطلبات سوق العمل المتغير، مما يضمن جاهزيتهم الحقيقية للتحديات المهنية ويزيد من فرص نجاحهم في مختلف القطاعات الحيوية.
الروح الإنسانية في دعم الفئات الأشد حاجة
في إطار رؤية شاملة، لم ينسَ الوطن مستفيدي الضمان الاجتماعي القادرين على العمل، حيث تم تمكين أكثر من 45 ألف مستفيد في عام 2024 من خلال مسارات التوظيف المباشر، ودعم تأسيس المشاريع متناهية الصغر، والتأهيل المهني، لتتحول هذه الأرقام إلى قصص نجاح تُضاف إلى سجل التنمية الوطنية، وتُجسد التضامن الاجتماعي وروح التكافل.
رؤية متجددة لمستقبل واعد
هذه الأرقام والإنجازات ليست مجرد محطات على طريق التنمية، بل هي جسورٌ تمتد بنا نحو غدٍ أكثر إشراقًا، حيث يكون الإنسان السعودي في قلب المشهد الاقتصادي والاجتماعي. في ظل رؤية 2030، تتكامل السياسات والإصلاحات لتبني سوق عمل ديناميكي، منصف، ومتقدم، يعكس هويته الوطنية ويمكّن كل مواطن ومواطنة من تحقيق طموحاتهم بأملٍ وثقةٍ لا تنضب.
جريدة الرياض
إنضم لقناة النيلين على واتساب