إلى ماذا ستفضي لعبة التحالفات للانتخابات التشريعية المقبلة بفرنسا؟
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
باريس- بعد يومين فقط من حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعية الوطنية، عقب فوز اليمين المتطرف بالانتخابات الأوروبية، جاء الرد سريعا من رئيس حزب الجمهوريين إيريك سيوتي الذي أعلن، الثلاثاء، عن رغبته في إبرام اتفاق مع اليمين المتطرف، بهدف "معارضة عجز الماكرونية وخطر المتمردين".
وفي الوقت الذي يسعى فيه اليمين المتطرف إلى حجز مكانه داخل البرلمان الفرنسي الجديد بأغلبية ساحقة خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، يحاول رئيس الجمهورية انتقاء كلماته بعناية لطرح نفسه مرة أخرى كـ"بديل" للتطرف واستغلال حالة الارتباك السياسي لإنقاذ ما تبقى لديه من القليل.
وخلال مؤتمر صحفي نظمه الأربعاء، أعاد ماكرون تدوير إستراتيجيته ليهاجم حزبي "التجمع الوطني" اليميني و"فرنسا الأبية" اليساري، ودعا الناخبين إلى عدم التصويت لصالح رئيس وزراء يميني متطرف.
لعبة التحالفاتبدأ العد التنازلي لجميع الأحزاب التي يجب أن تقدم إعلانات ترشيحاتها اليوم الأحد، للانتخابات التشريعية المبكرة المقررة بعد 3 أسابيع، يومي 30 يونيو/حزيران الجاري والسابع من يوليو/تموز المقبل.
ولضمان الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد، مدّ حزب الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبان يديه لتحالفات جديدة، استغلها زعيم الجمهوريين سيوتي، الذي يعتبر أن حزبه أضعف من أن يخوض المعركة الانتخابية بمفرده.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي جيرالد أوليفييه أن اللعبة السياسية الفرنسية هي لعبة تحالف، لأن الانتخابات التشريعية تجري على جولتين، في الجولة الأولى، يقدم جميع المرشحين أنفسهم، ثم يتم في الجولة الثانية الحفاظ على المرشحين الوحيدين في الصدارة، الذين حصلوا على أكثر من 15% من الأصوات.
وأضاف أوليفييه -في حديث للجزيرة نت- أنه "منذ ظهور بعض التطرفات، لا سيما اليمينية في فرنسا منذ فترة الثمانينيات، اعتُبر التجمع الوطني حزبا لا يمكن لأحد أن يتحالف معه، لأنه كان يغرد خارج السرب الجمهوري"، لكنه يعتقد أن هذه السمعة لم تعد لها ما يبررها اليوم، لأن الحزب تطور كثيرا، ويسعى من جديد إلى عقد تحالفات تسمح له بالمضي قدما نحو السلطة.
من جانبه، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية زياد ماجد أن اليمين التقليدي أو الجمهوري يتقارب مع اليمين المتطرف في خطابه وبرامجه المتعلقة بملفات الهجرة والأمن وبعض المصطلحات القومية منذ نهاية عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي.
ويشير ماجد -في حديثه للجزيرة نت- إلى وجود جزء من قاعدة هذا اليمين لا تجرّم شعارات اليمين المتطرف، التي كانت مرفوضة من قبل في فترة رئاسة الراحل جاك شيراك، وطيلة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، "مما يفسر تحالفات جرت في انتخابات بلدية أو تشريعية سابقة، وتسرب جزء من أصوات اليمين لصالح مارين لوبان في الدورة الانتخابية الرئاسية الثانية عام 2022".
ومنذ عام 1981، انتقلت فرنسا تدريجيا من اليمين واليسار إلى 3 انقسامات: اليمين والوسط واليسار، مما ساهم في إبراز حزبي "الجبهة الوطنية" و"فرنسا الأبية" المتطرفين على الساحة السياسية، الذين ركزا على انتقاد الأحزاب "الديغولية" والاشتراكية السابقة.
ويجد أستاذ العلوم السياسية ماجد أن ما فعله إيريك سيوتي -وهو المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفةـ يُعد بمثابة "إعلان رسمي عن رغبته بالتحالف والانصهار ضمن لوائح تقودها الجمعية الوطنية"، لكنه استبعد نجاحه بهذه الخطوة، لأن من بقي في حزبه اليوم هم أقرب إلى المحافظة على ألوان الجمهوريين، نائين بأنفسهم عن الاندماج مع معسكر ماكرون أو لوبان.
ويتوقع ماجد أن الكتلة الناخبة المتبقية ستكون محدودة، مشيدا بخطوة ماكرون التي أضعفت الحزب الاشتراكي في ولايته الأولى بشكل خاص، ثم أضعفت اليمين أو اليمين الجمهوري في ولايته الثانية، وأضاف أن "حسابات ماكرون في هذا الشأن لم تكن خاطئة، حيث اعتبر أن تحويل اليسار إلى يسار راديكالي واليمين إلى يمين متطرف وجذب كتل وسطية نحوه سيجعله دائما الخيار الوحيد المناسب للحكم".
وبينما تتخذ الأزمة بين الجمهوريين منحى مختلفا، حيث قرر المكتب السياسي للحزب استبعاد سيوتي، الذي رفض هذا القرار ووصف اجتماع المديرين التنفيذيين بـ"غير القانوني"، يعيش زعيم حزب "الاستعادة" اليميني المتطرف إريك زمور صدمة من نوع آخر، إذ أعلنت ماريون ماريشال رئيسة قائمة حزبه، انفصالها واستعدادها الانضمام إلى لوبان.
وتعليقا على ذلك، يقول جيرالد أوليفييه إن "استبعاد إريك سيوتي يمثل استمرارا لهزيمة هذا الحزب الذي كان يتزعمه ساركوزي"، لذلك أخذ سيوتي في الاعتبار تطور ميزان القوى، وأدرك أن التقارب مع أحزاب أخرى غير الحزب الجمهوري اليميني -بما في ذلك حزب التجمع الوطني وحتى حزب زمور- هو الطريق الأنسب الذي سيمكن الجمهوريين من تولي مناصب حكومية والتأثير على السياسة.
أزمة حكموبعد مفاوضات طويلة، توصل قادة الأحزاب اليسارية، بما في ذلك حزب "فرنسا الأبية" وحزب الخضر والاشتراكيين المعتدلين والشيوعيين، إلى اتفاق نهائي لصياغة برنامج انتخابي، مهنئين أنفسهم على "إحباط الحسابات السياسية" لإيمانويل ماكرون.
وعند سؤاله عما سيؤول إليه المشهد السياسي الفرنسي بعد الانتخابات التشريعية، أكد زياد ماجد أن اليسار الراديكالي لن يحصل على الأغلبية، وقد يحافظ على مكاسبه الحالية بسبب الجبهة الشعبية، ليكون اليمين المتطرف الطرف الوحيد الذي سيشهد تقدما بفضل تحالفه مع بعض الجمهوريين، لكنه سيفتقر للأغلبية المطلقة أيضا.
ويصف الأستاذ في الجامعة الأميركية أن فرنسا ذاهبة إلى المزيد من التشظي السياسي، و"سيعكس البرلمان الجديد أزمة حكم، فحتى مع فوز نواب اليمين المتطرف بالكتلة الأكبر فيه، لن يتمكنوا من إنشاء أغلبية مطلقة، مما يعني أننا سنجد أغلبية نسبية وغير كافية لتشكيل الحكومة والقيام بالمهام التنفيذية".
وتابع بالقول إنه "بسبب الفوضى المتوقعة في الحكم، قد نكون أمام اندثار التقليد يمين وسط مقابل يسار وسط الراسخ، كما توجد اقتراحات مسبقة بتنظيم انتخابات تشريعية جديدة العام المقبل، بينما يذهب آخرون بالقول إن ماكرون سيكون مطالبا بتقديم استقالته في المستقبل".
ومن زاوية تحليلية أخرى، يرى المحلل السياسي جيرالد أوليفييه أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يسيطر على فرنسا، ويفرض عليها خياراته خاصة بسبب ضعف ميزانيتها، متوقعا إنشاء تشديدات كبيرة في ملف الهجرة وتطورا فيما يتعلق بعدد معين من المؤسسات الأوروبية التي يمكن الطعن فيها، ولا سيما المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأضاف "سيضطر ماكرون إلى التعايش مع التحالف اليميني في آخر المطاف، وسيكون أقل حرية في التصرف كما تعود أن يفعل بشأن الحرب الأوكرانية، رغم أن السياسة الخارجية لأي بلد تعد امتيازا للرئيس إلى حد ما".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الیمین المتطرف ماجد أن
إقرأ أيضاً:
تسرب مياه يضر مئات مجلدات الحضارة المصرية في متحف اللوفر بفرنسا
شهد متحف اللوفر في فرنسا حادثا غير مسبوق أثر على مكتبة البحث الخاصة بقسم الآثار المصرية حيث تضررت مئات المجلدات الهامة، ما أثار قلق الباحثين وعكست هشاشة البنية التحتية في أكبر متحف بالعالم.
أكد المتحف أن 350 مجلدا من أصل 15 ألفا محفوظة داخل مكتبة البحث التابعة لقسم الآثار المصرية قد تعرضت لأضرار نتيجة تسرب مياه من سقف الغرفة في حادث وقع في 26 نوفمبر 2025.
وأوضح أن المجلدات المتضررة تقتصر على الدراسات الحديثة والدوريات العلمية المتخصصة في علم المصريات، مؤكدا أن الكتب القديمة والمخطوطات التراثية لم تتأثر.
رصد التسرب وتحديد السببأوضح البيان الرسمي الصادر عن المتحف أن التسرب نجم عن قناة تالفة في الشبكة الهيدروليكية الخاصة بتجهيزات التدفئة والتهوية داخل المكتبة أثناء عمل أحد المتعاملين الخارجيين مع المتحف، وأن القناة كانت معزولة منذ عدة أشهر بسبب قدمها، وقد كانت فرق المتحف على علم بحالتها المتهالكة على أن يتم استبدال الشبكة بالكامل ضمن مشروع "اللوفر – النهضة الجديدة" المقرر بدءه في سبتمبر 2026.
دخلت فرق المتحف فور رصد التسرب وقامت بتجفيف المجلدات وتركيب أجهزة لإزالة الرطوبة لمنع أي تدهور إضافي، مؤكدة أن المجلدات المتضررة ستخضع للترميم أو الاستبدال لتصبح متاحة للباحثين خلال الأسابيع المقبلة، وأن الحادث لم يسفر عن خسائر لا يمكن تعويضها.
حماية المجموعات الأثرية واستثناء القطع التراثيةأشار المتحف إلى أن الحادث وقع في جناح مستقل عن قاعات عرض المجموعات الأثرية المصرية، وأن القطع الفنية المعروضة لم تتأثر، وهو ما يضمن سلامة الأعمال التراثية التي تشمل أكثر من 6 آلاف قطعة أثرية مصرية ضمن مجموعة تضم أكثر من 380 ألف قطعة أثرية و35 ألف عمل فني معروض.
مجلدات وصف مصرتتضمن مكتبة البحث مجموعة "وصف مصر" المكونة من 20 مجلدا وثقت خلال الحملة الفرنسية على مصر، وتشمل ملاحظات وأبحاث علماء فرنسيين، وتعد مرجعا أساسيا للباحثين في التاريخ والجغرافيا المصرية.
وبيان المتحف خفف من حدة الحادث مقارنة بما نشرته الصحافة الفرنسية التي ذكرت تضرر نحو 400 مجلد دون تحديد طبيعتها، وأوضح أن المجلدات لم تتضرر رغم وقوع التسرب في الغرفة نفسها.
سلسلة الحوادث والخلل الأمنيويأتي الحادث ضمن سلسلة وقائع شهدها المتحف مؤخرا، أبرزها إغلاق قاعة للفنون بسبب هشاشة الدعامات الخشبية وواقعة سرقة مجوهرات التاج الفرنسي في 19 أكتوبر 2025 من قاعة أبولو على يد أربعة لصوص ملثمين استولوا على ثماني قطع ثمينة في أقل من عشر دقائق، ما كشف عن خلل أمني كبير داخل المتحف.
تدهور ظروف العمل وإضراب العمالصوت موظفو المتحف على إضراب يبدأ في 15 ديسمبر 2025 احتجاجا على تدهور ظروف العمل ونقص العمال، فيما أشار حريري إلى أن العاملين يشتكون من الإدارة لعدم وضع استراتيجية واضحة لصيانة وترميم المتحف، ما يعكس حالة غضب واسعة وسط الموظفين.
متحف اللوفر الأكبر عالميااستقبل متحف اللوفر نحو 8.7 مليون زائر عام 2024 يشكل الأجانب منهم حوالي 69 في المئة، وهو أكبر متحف من حيث عدد القطع الفنية المعروضة، افتتح رسميا كمتحف وطني في 10 أغسطس 1793 بعد تحويل مقر ملكي إلى فضاء مفتوح للفن والعلم، وعرض وقتها 537 لوحة و184 قطعة فنية معظمها من المجموعات الملكية والممتلكات المصادرة من الكنيسة.
كارثة على الطريق الصحراوي في الأردن تودي بحياة شخصين وإصابات مصرع شخص بحادث قطار مأساوي في مكناس بالمغرب حادث مروري يصيب مشاهير سناب شات "أبو مرداع" و"أبو حصة" في السعودية مصرع أحد العاملين بمنظومة مشروع النظافة ومحافظ بني سويف يؤدي الجنازة كارثة في بريطانيا جريمة حرق منزل تودي بحياة عائلة صدمة طنجة تتصاعد بعد حادث الغرق داخل فيلا سكنية بالمغرب بلاغ مدوي يفجر أسرار خطيرة في أكبر أزمة تهز نادي الزمالك رشق الحجارة على حافلة نادي باريس سان جرمان يفجر أزمة في اسبانيا انقلاب مركبة على طريق كوت بإيران يودي بحياة شخص وإصابة العشرات ضبط محرض انتخابي بالهرم.. النيابة تتدخل لمواجهة خروقات التصويت