يمانيون| بقلم-  د.نجيب علي مناع|

 

فيما تكتظ الأراضي المقدسة بمسلمي العالم الذين يتوافدون لأداء فريضة الحج، تتوحد كلمتهم وتتوجه قبلتهم نحو الكعبة المشرفة، ويكملون مناسكهم في سعي حثيث لإتمام أحد أركان الإسلام الخمسة. تخيّم على القلوب مشاعر الفرح والسرور بلقاء الأحبة والعودة إلى المنازل حاملين أجر هذه الفريضة العظيمة.

إلا أن تلك الأجواء الروحانية العالية تخفي في طياتها نقاشات ملحة وقضايا حادة، فبينما يتضرع المسلمون إلى الله في مناسكهم وترتفع أصواتهم بالدعاء، يعيش إخوتهم في غزة تحت وطأة القصف والدمار. هذا العدوان الوحشي لا يفرق بين كبير وصغير، ولا يحترم المرأة ولا الطفل.

في مشهد يستدعي التفكر والتعقل، تبقى غزة صامتة في وجه العالم العربي والإسلامي والدولي الذي يغض الطرف عن مأساتها، فتبقى محاصرة بين دروع الصمت وتحت سيوف النسيان.

إن مسلمي العالم، الذين توحدهم كلمتهم وقبلتهم، مسؤولون أمام الله وأمام أنفسهم عن نصرة إخوتهم المسلمين أينما وجدوا، خاصةً عندما يعانون من الظلم والعدوان. فكيف يمكن لأرواحنا أن تتناغم مع مناسك الحج وأفعالنا تتواطأ مع الصمت حيال معاناة الأخوة في غزة؟

تفرض علينا مسؤوليتنا كمسلمين أن نقدم الدعم والمساندة لإخواننا في غزة بكل ما أوتينا من قوة، وأن نعلن الجهاد في كل المنابر والساحات لتحرير أرضهم من دنس الاحتلال الصهيوني ومن يعاونه.

نحن مسلمون موحدون، وقلوبنا تتوحد في الإيمان والدين، ولا يجوز لنا أن نفصل بين أركان الإسلام وبين نصرة المظلوم. إن أرواحنا لا يمكن أن ترضى بالصمت في وجه معاناة إخوتنا في غزة. فلنكن كمسلمين موحدين، أن نتضامن مع أهلنا في غزة ونعمل جاهدين لتحرير أرضهم من الظلم والعدوان. ولنؤكد على وحدة الأمة وكلمة الإسلام، فإن نصرة المسلم واجب على كل مسلم.

وفي ضوء هذه المعاني السامية، يجب علينا أن نكون يداً واحدة في مواجهة الظلم والعدوان، وأن نوحد صفوفنا وكلمتنا دفاعاً عن حقوق إخواننا في غزة. إننا مطالبون بأن نرفع أصواتنا في كل مكان وزمان لنصرة المظلوم، وأن نجعل من وحدتنا سلاحاً في وجه الظلم والطغيان.

فلنكن كمسلمين على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، ولنقف صفاً واحداً متضامنين مع أهلنا في غزة، حاملين رسالة الإسلام التي تأمر بالعدل وتنادي برفع الظلم. ولنؤكد أن نصرتهم واجب ديني وإنساني لا يمكن التهاون فيه.

حفظ الله أهلنا في غزة وأعانهم على ما يواجهونه من صعاب، وألهمنا جميعاً القوة والعزيمة لنكون سنداً وعوناً لهم في محنتهم.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

«قتل الجماعة للواحد»

حفظ المجتمعات وصيانة الأمن بها ونشر السلام فى روبعها من أهم المقاصد المرعية فى الإسلام، ومما يدلل على ذلك ما قال به جمهور العلماء بقتل الجماعة بالفرد بمعنى لو اجتمع جماعة على قتل شخص فإنهم يقتلون به جميعًا تعظيمًا لمقاصد الشريعة الحافظة للنفوس، فالرسول لم يقتل جماعة بواحد لعدم حدوث وقعة فى عهده، وكذلك أبو بكر لم يقتل جماعة بواحد فلم يُعرف عنه أنه قضى فى قضية كهذه، وفى عهد الفاروق عمر – رضى الله عنه – حدث أن قتل جماعة واحدًا، ثبت ذلك روايات كثيرة، بعض هذه الروايات تذكر أنه قتل سبعة بواحد لما اجتمعوا على قتله، وبعضها تذكر أنه قتل امرأة وخليلها لما اجتمعا على قتل غلام، وبعض هذه الروايات تذكر أنه قتل ستة بواحد قتلوه، وبعضها تذكر أنه قتل أربعة قتلوا صبيًا. لذلك ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والظاهرية إلى وجوب القصاص فى حالة تعدد الجناة كوجوبه فى حالة انفراد جانٍ واحد بارتكاب الجريمة، لأن الله تعالى أوجب القصاص لاستبقاء الحياة حينما قال سبحانه: «وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» «البقرة: 179» فمتى علم الإنسان أنه إذا قتل غيره قتل به لم يقدم على القتل تفرد القاتل أو تعدد، ولأن القول بقتل الجماعة بالواحد يتناسب وشرعية العقاب من القصاص كما أن المفسدة المترتبة فى حال القول بعدم قتل الجماعة بالواحد خطيرة على أمن المجتمع لأنه يؤدى إلى التسارع إلى القتل به، فيؤدى إلى إسقاط حكمة الردع والزجر فلو علم الأعداء أنهم بالاجتماع يسقط القصاص عنهم لقتلوا عدوهم فى جماعتهم، فخوفًا من صيرورة النفس الإنسانية للإهدار مآلاً، حكموا بقتل الجماعة بالواحد وتأسيسًا على هذا النظر المقاصدى الثاقب، قرر الإمام الغزالى أن الأيدى تقطع باليد الواحدة أيضًا فقال: «الأيدى تقطع باليد الواحدة كما تقتل النفوس بالنفس، حسمًا لذريعة التوصل إلى الإهدار بالتعاون اليسير الهين على أخذان الفساد وأقران السوء». 
وفى زماننا ومع تفشى الجرائم وتنوعها وتطور أساليبها ومع انتشار عصابات إجرامية منظمة نجد فى هذا التشريع رادعًا للمجرمين، فالإسلام لم يهدف أبدًا إلى جلد الظهور ولا إلى قطع الأيادى ولا إلى رجم الزناه، بل يهدف لنشر الأمن والسكينة وسلم المجتمع ونموه، ولو نظرنا للشروط الموجبة لتطبيق العقوبات والمعروفة بالحدود لوجدنها عسيرة جدًا لكن وجودها فى حد ذاته كان زاجرًا قويًا على عدم تسورها لذلك وجدنا حدودًا تطبيقها على مدار أكثر من ألف وأربعمائة سنة لم يتخطَ عدد أصابع اليدين، فلو نظرنا إلى هذا وجمعناه مع قتل الجماعة بالواحد، بالإضافة لقتل المسلم بغير المسلم وحفظ هذا الشرع لعهود الأمان والذمة لأدركنا سوء فهم البعض لشريعة الإسلام وغياب النظر المقاصدى فى تقديم الإسلام للعالمين وخلط بين أصول الأيمان وفروع الشريعة ما يستوجب أن نجعل من شعارنا «هذا هو الإسلام» نبراسًا يضىء لنا بعض جمال هذا الشرع الحكيم المنزل من عند رب العالمين.

من علماء الأزهر والأوقاف

مقالات مشابهة

  • الحية يتحدث عن مهام القوة الدولية ويدعو الوسطاء لمنع انهيار اتفاق غزة
  • وزير الأوقاف: جئنا في خدمة أهلنا بعد تغيير حياتهم كليًا بمشروع بشاير الخير
  • “لجان المقاومة” : الكارثة الإنسانية في غزة فصل جديد من فصول حرب الإبادة الصهيونية
  • موعد بدء أولى رحلات الحج السياحى لعام 2026.. «اقتصادي وخمس نجوم»
  • وزير المالية: مستعدون للحوار الممتد مع شركائنا من مجتمع الأعمال.. والتحرك السريع لتحفيز الإنتاج والتصدير
  • إلى أي حد يمكن الاستمرار في تناول مضادات الاكتئاب؟
  • موعد أولى رحلات الحج 2026.. اقتصادي وخمس نجوم
  • «قتل الجماعة للواحد»
  • بسمة بوسيل تؤدي مناسك العمرة في أحدث ظهور بعد أزمة تامر حسني الصحية
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان