بعد حديث نصر الله.. رسالة من قبرص بشأن "استخدام أراضيها"
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
أكدت قبرص، الخميس، أنها لن تسمح لأي دولة باستخدام أراضيها لتنفيذ عمليات عسكرية، وأنها ليست متورطة في أي صراعات.
جاء ذلك بعد تهديد زعيم حزب الله حسن نصر الله باعتبار قبرص جزءا من الحرب، إذا استمرت في السماح لإسرائيل باستخدام مطاراتها وقواعدها للتدريبات العسكرية.
وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية كونستانتينوس ليتيمبيوتيس لإذاعة قبرص العامة، إن تصريحات نصر الله "غير سارة"، وإن نيقوصيا "ستتخذ الإجراء المناسب من خلال القنوات الدبلوماسية".
ونقلت صحيفة "قبرص ميل" الناطقة بالإنجليزية تصريحات المتحدث، الذي أضاف: "قبرص ليست متورطة ولن تتورط في أي حرب أو صراعات، وبالتالي فإن التصريحات التي أدلى بها زعيم حزب الله لا تتوافق مع الواقع".
كما كرر ما قاله الرئيس نيكوس خريستودوليديس الأربعاء، إذ قال إن قبرص "جزء من الحل وليست جزءا من المشكلة"، وأصر على أن الجزيرة "ركيزة للسلام والاستقرار في المنطقة"، مضيفا أيضا أن علاقاتها مع لبنان "ممتازة".
وأضاف المتحدث أن الحكومة لن تسمح لأي دولة بتنفيذ عمليات عسكرية على الجزيرة، لكنه أشار إلى "خصوصية" وجود القواعد البريطانية في قبرص، التي قال إنها "تتمتع بوضع مختلف".
من جانبه قال وزير العدل القبرصي ماريوس هارتسيوتيس إن الإجراءات التي تتخذها وزارته بشأن مسائل مثل الإرهاب "يتم تقييمها وتحديثها يوميا".
وقال: "من الواضح والمفهوم أن التصريحات التي أدلى بها نصر الله يتم تقييمها أيضا ويتم تحديث الإجراءات المتخذة يوميا، وفقا للمعلومات المتاحة لدينا".
من جانبه حذر الفريق المتقاعد يوانيس بالتزوتس من أن قبرص يجب أن "تشعر بالقلق دائما وتتخذ التدابير المناسبة"، نظرا لحقيقة أن حزب الله لديه "أنظمة عسكرية وتسليحية قوية"، مما يعني أنه من الناحية النظرية يمكنه ضرب قبرص.
وقال: "أعتبر هذا التهديد بمثابة تحذير، كل هذا بدأ من التطورات في غزة والقرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية، بأنه بعد الانتهاء من حماس، ستتجه إلى حزب الله".
وأشار إلى أن حزب الله وضع شمال إسرائيل تحت النيران منذ بداية العنف في غزة في أكتوبر الماضي، والذي أسفر عن سقوط قتلى من الجانبين وتشريد ما يقرب من 200 ألف شخص.
وقال: "دعونا نتحلى بالانضباط ونتخذ الاحتياطات، لكن بما أن نصر الله زعيم عقلاني فلن يأخذ الأمور إلى أقصى الحدود. ضرب قبرص يشبه ضرب القوى الغربية. إنه شيء يريد تجنبه".
وكان الرئيس القبرصي قد علق على التهديد الذي وجهه نصر الله لبلاده، قائلا إن قبرص "غير متورطة في أي صراعات عسكرية".
وحسبما نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن "قبرص ميل"، فإن خريستودوليدس قال:
قبرص غير متورطة في أي صراعات عسكرية، وتعتبر نفسها جزءا من الحل وليس المشكلة. دور نيقوصيا يتمثل كجهة "مساعدة إنسانية". ممرنا الإنساني (الخاص بغزة) شهادة على التزامنا بالسلام والاستقرار. لدينا قنوات دبلوماسية مفتوحة مع الحكومتين اللبنانية والإيرانية، وسنعالج الأمر (تصريحات نصر الله) من خلال هذه القنوات. تصريحات نصر الله "مثيرة للقلق".المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات حسن نصر الله حزب الله القواعد البريطانية حماس إسرائيل قبرص بغزة نصر الله قبرص حزب الله إسرائيل حسن نصر الله حزب الله القواعد البريطانية حماس إسرائيل قبرص بغزة نصر الله أخبار لبنان حزب الله نصر الله
إقرأ أيضاً:
حكم تقديم السعي بين الصفا والمروة على الطواف في الحج والعمرة
اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"هل الترتيب بين السعي والطواف بالبيت أمر لا بد منه في أداء مناسك الحج والعمرة؟ وما العمل لو سعى الناسك قبل أن يطوف وعاد إلى بلده؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: ان الترتيب بين الطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة عند أداء المناسك من حج أو عمرة أمرٌ واجبٌ عند جمهور الفقهاء، لكن إذا سعى الناسكُ قبل أن يطوف، وعاد إلى بلده مع عدمِ إمكان عَودِه إلى محل نُسُكِه، أجزأه سعيه، وصحَّ نُسُكُه؛ تقليدًا لمَن أجاز ذلك.
مذهب جمهور الفقهاء في مدى اشتراط الترتيب بين الطواف والسعي في الحج والعمرة
حكم تقديم السعي بين الصفا والمروة على الطواف ؟الطواف ببيت الله الحرام، والسعي بين الصفا والمروة شعيرتان من شعائر الحج؛ حيث قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وقد اشترط جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة في معتمد مذهبهم الترتيب بين الطواف والسعي، فجعلوا من شروط صحة السعي أن يتقدمه طواف صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك، ولأن السعيَّ تابعٌ للطواف ومتمِّم له، وقد تقرَّر في قواعد الفقه: "التَّابِعُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى المَتْبُوعِ"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 119، ط. دار الكتب العلمية).
لكن يُمكن أن يتقدَّم السعي على طواف الإفاضة إذا كان الناسك مفردًا أو قارنًا وكان قد سعى بعد طواف القدوم، فإذا فعل ذلك صحَّ اتفاقًا.
وطواف القدوم هو طواف تحيةٍ للبيت الحرام، وهو سُنَّةٌ عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، ويفعله القادم إلى مكة مِن غير أهلها إذا كان مفرِدًا أو قارنًا، فلا يُتصور ذلك في حقِّ المتمتع؛ لأن طوافه الذي يستهل به مناسكه هو طواف العمرة التي يتحلل بعدها ثم يُحرِم بالحج.
وقد ورد عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: «أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَافَ فِي الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ أوَّلَ مَا يَقْدُمَ، سَعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَطَافَ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وعن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم قال: «لِتَأخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِيُّ الحنفي في "المبسوط" (4/ 51، ط. دار المعرفة): [ولا يجوز السعي قبل الطواف؛ لأنه إنما عرف قربة بفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما سعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد الطواف، وهكذا توارثه الناس من لدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا، وهو في المعنى مُتَمِّمٌ للطواف، فلا يكون معتدًّا به قبله كالسجود في الصلاة، أو شرط الاعتداد به تقدم الطواف، فإذا انعدم هذا الشرط: لا يعتد به، كالسجود لما كان شرط الاعتداد به تقدم الركوع فإذا سبق الركوع لا يُعتدّ به] اهـ.
وقال علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 134، ط. دار الكتب العلمية): [وأما شرائط جوازه؛ فمنها: أن يكون بَعْدَ الطواف أو بعد أكثره؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هكذا فعل؛ وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»، ولأن السعي تَبَعٌ للطواف، وتبع الشيء كاسمه، وهو أن يتبعه فيما تقدمه لا فيما يتبعه فلا يكون تبعًا له إلَّا أنه يجوز بعد وجود أكثر الطواف قبل تمامه؛ لأن للأكثر حكم الكلِّ] اهـ.
وقال سراج الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "النهر الفائق" (2/ 79، ط. دار الكتب العلمية): [(وَطُف بينهما) أي: الصفا والمروة (سبعة أشواط) هذا أعني السعي بعد طواف القدوم إنما هو رخصة؛ لاشتغاله يوم النحر بطواف الفرض، والذبح، ورمي الجمار، وإلَّا فالأفضل تأخيره إلى ما بعد طواف الفرض؛ لأنه واجب فجعله تابعًا أولى كذا في "الفتح" وغيرها] اهـ.
وقال العلَّامة الخَرَشِيُّ المالكي في "شرحه لمختصر خليل" (2/ 318، ط. دار الفكر): [(ص) وصحته بتقدم طواف ونوى فرضيته وإلَّا فدم (ش) أي: وشرط صحة السعي في الحج والعمرة أن يتقدمه طواف، أيًّا كان واجبًا؛ كطواف القدوم للمفرد والقارن، أو ركنًا؛ كطواف الإفاضة والعمرة، أو تطوعًا؛ كطواف الوداع، وطواف المحرم من الحرم والمردف فيه، فلو سعى من غير طواف: لم يجزه ذلك السعي بلا خلاف. ابن عرفة] اهـ.
وقال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (2/ 250، ط. دار الفكر): [(وصحته) أي: السعي في الحج والعمرة مشروطة (بتقدم طواف) عليه، فإن سعى بلا تقدم طواف فهو باطل] اهـ.
وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (4/ 303، ط. دار المنهاج): [السعي لا يصح إلا بعد طواف؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لما قدم مكة طاف للقدوم، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم سعى بين الصفا والمروة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 78، ط. دار الفكر): [لو سعى قبل الطواف لم يصح سعيه عندنا، وبه قال جمهور العلماء، وقدمنا عن الماوردي أنه نقل الإجماع فيه، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد] اهـ.
وقال تقي الدين الحصني الشافعي في "كفاية الأخيار" (ص: 215، ط. دار الخير): [ويشترط وقوعه بعد طواف صحيح، سواء كان طواف الإفاضة أو طواف القدوم، فلو سعى بعد طواف القدوم: أجزأه، ولا يستحب له أن يسعى بعد طواف الإفاضة؛ بل قال الشيخ أبو محمد: يكره] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 352، ط. مكتبة القاهرة): [ومتى سعى المفرِد والقارِن بعد طواف القدوم لم يلزمهما بعد ذلك سعي، وإن لم يسعيا معه سعَيَا مع طواف الزيارة] اهـ.
وقال شمس الدين ابن قدامة الحنبلي في "الشرح الكبير" (3/ 469، ط. دار الكتاب العربي): [ولا يكون السعي إلَّا بعد طواف] اهـ.
وقال العلَّامة الرُّحَيْبَاني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (2/ 408-409، ط. المكتب الإسلامي): [(تنبيهٌ: شروط سعي تسع):.. (وكونه)، أي: السعي، (بعد طواف صحيح) مستكمل لشروط الصحة (ولو) كان الطواف (مسنونًا)؛ كطواف القدوم.. لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتمر ثلاث عُمَرٍ، سوى عمرته التي مع حجته، فكان يسعى بعد الطواف] اهـ.
وأما حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَاجًّا، وَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَهُ، فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعَيْتُ قَبْلَ أَن أَطُوفَ أَو أَخَّرْتُ شَيْئًا أَو قَدَّمْتُ شَيْئًا، وَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ: «لا حَرَجَ، لَا حَرَجَ» أخرجه أبو داود والبيهقي والدارقطني في "السنن"؛ فقد وقع الاختلاف بين العلماء في ثبوت لفظ "سعيت قبل أن أطوف"، وعلى فرض ثبوته؛ فقد فسَّره العلماء بوقوع السعي عقيب طواف القدوم وقبل طواف الإفاضة.
فقد قال الإمام البيهقي عقب ذِكْره (5/ 237، ط. دار الكتب العلمية): [هذا اللفظ "سعيت قبل أن أطوف": غريب، تفرَّدَ به جرير عن الشيباني، فإن كان محفوظًا: فكأنه سأله عن رجلٍ سعى عقيب طواف القدوم قبل طواف الإفاضة، فقال: "لا حرج"، والله أعلم] اهـ.
وقال محيي السُّنَّة البغوي في "شرح السنة" (7/ 214، ط. المكتب الإسلامي) عقب ذكر هذا الحديث: [وهذا عند العامة أن يكون قد سعى عقيب طواف القدوم قبل الوقوف بعرفة، ويكون محسوبًا له، ولا يجب عليه أن يعيده بعد طواف الإفاضة، فأما مَن لم يكن سعى عقيب طواف القدوم: فسعيه بعد الوقوف بعرفة لا يحسب قبل طواف الإفاضة] اهـ.
وقال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (4/ 387، ط. دار الوفاء): [وفى بعض طرق هذا الحديث من غير كتاب مسلم: "سعيت قبل أن أطوف"، وهذا لا أعلم أحدًا قال به واعتد بالسعي قبل الطواف إلَّا ما ذكر عن عطاء] اهـ.
وقال الإمام الشوكاني في "السيل الجرار" (ص: 326، ط. دار ابن حزم): [وفي الباب أحاديث، وليس في شيء منها ذكر تقديم السعي على الطواف، إلَّا أن يكون مثل ذلك داخلًا في مثل هذا العموم، وأما ما وقع في حديث أسامه عند أبي داود بلفظ: "سعيت قبل أن أطوف"؛ فقد قال الحفاظ: "إنه ليس بمحفوظ"] اهـ.
مذهب الإمامين عطاء والأوزاعي في هذه المسألة
بينما ذهب عطاء والأوزاعي إلى جواز تقدم السعي على الطواف.
قال جمال الدين المَلَطي في "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار" (1/ 184، ط. عالم الكتب): [أكثر الفقهاء على أن مَن سعى قبل الطواف لا يجزئه، وهو كمَن لم يسع، ولا نعلم لأهل الحجاز والعراق مخالفًا غير الأوزاعي، فإنه قال: يجزئه ولا يعيده بعد الطواف، وروى عن عطاء مثله] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 78): [وحكى ابن المنذر عن عطاء وبعض أهل الحديث أنه يصح، وحكاه أصحابنا عن عطاء وداود] اهـ.
وقال الإمام الطحاوي في "مختصر اختلاف العلماء" (2/ 183، ط. دار البشائر) فيمَن سعى قبل الطواف: [وقال الأوزاعي وإحدى الروايتين عن سفيان أنه يجزئه ولا يعيد] اهـ.
الحكم لو سعى الناسك قبل أن يطوف وعاد إلى بلده
بناء على ما تقدَّم: فإنَّ الترتيب بين الطواف ببيت الله الحرام والسعي بين الصفا والمروة أمرٌ واجبٌ عند أهل المذاهب الفقهية الأربعة؛ إذ من شروط صحة السعي أن يتقدم عليه طواف صحيح؛ لأنه الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولأن السعي تابع للطواف في المناسك ومُتَمِّمٌ له، والتابع لا يتقدم على متبوعه.
وبخصوص ما إذا سَعَى الناسكُ قبل أن يطوف، وعاد إلى بلده مع عدم إمكان عَودِه إلى محل نُسُكِه، أجزأه سعيه، وصحَّ نُسُكُه؛ تقليدًا لمَن أجاز وفقًا لما تقرر شرعًا أنَّ "العَامِّيَ لَوِ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اجْتِهَادُ مُجْتَهِدَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَلِّدُ مَن شَاءَ مِنهُمَا"؛ كما قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (1/ 218، ط. المكتب الإسلامي)، و"مَتَى وَافَقَ عَمَلُ العَامِّيِّ مَذْهَبًا مِن مَذَاهِبِ المُجْتَهِدِينَ.. كَفَاهُ ذَلِكَ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا"؛ كما قال العلَّامة محمد بخيت المطيعي -مفتي الديار المصرية الأسبق- في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة).
الخلاصة
بناء على ذلك: فإنَّ الترتيب بين الطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة أمرٌ واجبٌ عند جمهور الفقهاء، لكن إذا سعى الناسكُ قبل أن يطوف، وعاد إلى بلده مع عدمِ إمكان عَودِه إلى محل نُسُكِه، أجزأه سعيه، وصحَّ نُسُكُه؛ تقليدًا لمَن أجاز، كما سبق بيانه.