«القيم» البرلمانية: تحفيز المُبلغ عن الاختلاسات بمنحه نسبة من المبالغ المستردة بحكم قضائي بات
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
ناقشت لجنة تعزيز القيم في اجتماعها، اليوم الأحد، موضوع الرشوة وأسباب انتشارها في أجهزة الدولة، والواسطة وما نتج عنها من الإخلال بمبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وضياع الحقوق، بحضور مسؤولي هيئة مكافحة الفساد.
وأوضح رئيس اللجنة النائب محمد هايف في تصريح صحافي أن الاجتماع الثاني مع هيئة مكافحة الفساد تطرق إلى موضوع تطوير قانون مكافحة الفساد وإدخال تعديلات لسد الثغرات و تطوير أداء الهيئة.
وأكد هايف أن اللجنة تولي اهتماما كبيرا لقضية تطوير عمل الهيئات والأجهزة الرقابية للقضاء على الفساد، مبينا أن إعطاءها الصلاحيات اللازمة وتوفير جميع متطلبات عملها تعزز أداء دورها بشكل صحيح في محاربة الفساد. اقتراح نيابي بإسقاط فوائد القروض.. جدولة أصل الدين وسماح لعامين منذ 53 دقيقة نواب يقترحون زيادة 400 دينار لجميع موظفي الدولة منذ ساعتين
وذكر إن النقاش شمل طرح تعديل مقترح على قانون الهيئة بمنح المبلغ عن الفساد الإداري والمالي نسبة من المبالغ المستردة للدولة بحكم قضائي بات، موضحا أن القانون يرصد مكافأة للمبلغ إلا أن اللجنة ارتأت أهمية زيادة الحافز بما له الأثر في الإبلاغ عن التجاوزات الكبيرة.
وأكد هايف حاجة هيئة مكافحة الفساد إلى تعديل قانونها لإضفاء حيوية وفعالية وواقعية تواكب التطور الذي يحدث في هيئات مكافحة الفساد في العالم، لاسيما ما يتعلق بالاتفاقيات بين هيئات مكافحة الفساد في العالم وتبادل المعلومات.
وطالب هايف الحكومة بالموافقة على التعديلات المقترحة على قانون مكافحة الفساد من أجل رفع مستوى أداء الهيئة وتعزيز قدراتها على مكافحة عناصر الفساد وملاحقة المفسدين.
ونوه هايف إلى استمرار لجنة القيم في استضافة الجهات المعنية بالموضوعات المدرجة على جدول أعمال اللجنة.
المصدر: الراي
كلمات دلالية: مکافحة الفساد
إقرأ أيضاً:
المصالح لا تبنى على القيم
تذهب الفكرة فـي هذه المناقشة أكثر إلى المصلحة الجاذبة للمنفعة التي لا بد أن تتحقق، وليست إلى دفع الضرر، أو إلى تبادل المنفعة مع الآخر، سواءً بسواء. كما أن الفكرة تتجه أيضًا إلى تلك المصالح التي ليس من الضروري أن تسلك الطرق السليمة المؤدية إلى تحققها أو عدمه، كما أنه ليس من اللازم أن تكون مُعلنة أمام الجميع، بحيث لا تثير شكوكًا، ولا تصطدم بحدٍّ، ومن هنا يأتي تغييب أثر القيم فـي تبادلاتها بين الأطراف.
والمسألة هنا ليست مرتبطة بالبعد السياسي المحض، فهذا أمر مفروغ منه منذ زمن بعيد؛ إذ غالبًا ما تُفرغ المصالح السياسية من القيم، ويكون الكاسب فـيها رابحًا بامتياز، والخاسر فـيها خاسرًا بامتياز، حيث لا منطقة رمادية بين طرفـي المعادلة. ولذلك، فإن المتمرسين فـي هذا المجال ــ أي البعد السياسي ــ يدركون أبعاده الخفـية وتجاذباته، ولهذا تخصّص الأنظمة السياسية مفاوضين محنّكين على دراية بدهاليز السياسة وخفاياها عند إرسال وفود التفاوض.
ولأن مسألة «المصالح» ترتبط بالجزء والكل كمفهوم، فـيبدو أن السلوكيات التي يتبادلها الناس فـيما بينهم تتبنى الفكرة ذاتها ــ إلى حد بعيد ــ وهي تحييد القيم جانبًا عندما يتعلّق الأمر بتعاملٍ بين طرفـين، سواءً أكانا أفرادًا أم مجموعات. ويعود ذلك إلى أن القيم بطبيعتها ضابطة وحاكمة، وليس من اليسير تجاوز أحكامها وضوابطها فـي أي علاقة تفاعلية، حتى على مستوى القول؛ فكيف إذا كان الأمر متعلقًا بالفعل الذي يُتوخى منه مقابل مادّي، صغيرًا كان أو كبيرًا؟
وهنا تكمن الصعوبة فـي تجاوز القيم ضمن المصالح الراشدة، الهادفة إلى تحقيق منفعة متبادلة بين طرفـي العلاقة، سواء كانوا أفرادًا أو جماعات. أما إذا تنحّت المصلحة العامة جانبًا وتصدّرتها المصلحة الخاصة، فهذا هو ما يشير إليه عنوان المقال: «المصالح لا تُبنى على القيم».
ومشكلة القيم ــ إن جاز أن تُعدّ مشكلة ــ أنها لا تتيح لمن يؤمن بها مجالًا واسعًا للمناورة مع الآخر؛ فالصدق، على سبيل المثال، إما أن تكون صادقًا على امتداد الخطين الأفقي والرأسي، أو لا تكون. أما الجمع بين الصدق والكذب فـي آنٍ واحد، فلن يكون متاحًا ــ وفق مفهوم ازدواجية المعايير ــ إلا لمن يعاني من اضطراب نفسي؛ أما الإنسان السوي مكتمل النضج فلن يقع فـي مثل هذا المأزق إطلاقًا.
وكذلك الأمر مع قيمة الأمانة، لا يمكن للمرء أن يجمع بين الأمانة فـي موقف، والخيانة فـي آخر. وينسحب هذا الحكم على الكرم، وعلى التضحية، وعلى سائر القيم العليا. ولذلك، فكثيرًا ما يفشل متبنو القيم فـي الاستحواذ على الحصة الكبرى من المصالح المادية على وجه الخصوص، دون أن يدفعوا ثمنًا مقابلًا للحصول على إحدى تلك المصالح المتعارف عليها ضمن مجموعات النفوذ، وقد يكون هذا الثمن باهظًا، يدفعونه على مضض.
وهل توجد مجموعات متخصصة للمصالح فقط؟ أقول: نعم، فبين مجموعات الأفراد فئاتٌ تُجيد اقتناص المصالح دون أن تُعرض نفسها لخسارة تُذكر، فهي كاسبة على طول خط التفاعل مع الآخر. ولذلك، فإن هذا النمط من العلاقات لا يؤمن بشيء من التوازي، أو توازن الكفف للموازين؛ فهي إما رابحة، أو لا تكون. ولأن منطق الربح هو السائد فـي منظومة علاقاتهم، فإنهم لا يترددون فـي انتهاج كل السبل المؤدية إلى المنفعة، بغضّ النظر عن مدى صلاحية تلك الطرق أو عدالة إتاحتها للجميع، أو كونها حكرًا على فئات دون أخرى.
يبقى الإنسان مخلوقًا ضعيفًا، تحيط به تجاذبات كثيرة، وتضغط عليه الحاجة التي يسعى إلى تحقيقها. ولهذا، كثيرًا ما يقع فـي مأزق القيم الضابطة، فإما أن يضحّي بها ليحقق كثيرًا مما يرجوه، أو أن ينتصر لها ويفقد الكثير.