30 يونيو.. صناعة السينما والدراما تستعيد بريقها بالارتقاء بالذوق العام
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حققت ثورة 30 يونيو طفرات غير مسبوقة في شتى المجالات، ومن بينها مجال الفن بشكل عام والسينما والدراما التليفزيونية بوجه خاص، ليخطو الفن خطوة كبيرة للانتقال بشكل تدريجي نحو الأفضل، ليستعيد رسالته من أجل الارتقاء بالذوق العام من خلال تناول عدد كبير من القضايا الهادفة والمهمة، إلى جانب إنتاج مجموعة من الأعمال الفنية الوطنية التي أبرزت حجم التضحيات التي قدمها رجال القوات المسلحة والشرطة من أجل الوطن.
وأكد الناقد الفني محمد قناوي، أن ثورة 30 يونيو أعادت تشكيل صورة المجتمع المصري بصفة عامة وصناعة السينما والدراما التليفزيونية بصفة خاصة، منوها إلى أن الدراما بشقيها "التليفزيوني والسينمائي" تعد من العناصر المهمة للحفاظ على الهوية المصرية، واستعادة الشخصية المصرية الأصيلة، والتي تعرضت لصدمة عنيفة عقب أحداث يناير مباشرة، حيث عانت الدراما من عثرات ودخلت في أزمات، لدرجة أنه تم اتهامها بأنها تعمل على طمس الهوية المصرية، بعد أن خرجت عن نطاقها الطبيعي بشكل كبير في محتوى النص، وما يحمله من نماذج اجتماعية غريبة عن مجتمعنا، مثل شخصيات "البلطجي والشرير والفاسد"، والتركيز على أوضاع الطبقة العشوائية، واستغل بعض صناع الدراما حالة الفوضى التي أعقبت ثورة 25 يناير في التركيز على تلك التوعية من المسلسلات والأفلام، ولكن ما أن جاءت ثورة 30 يونيو حتى أدركت منذ اللحظات الأولى أهمية الفنون بصفة عامة، والدراما بصفة خاصة كقوى ناعمة وأداة لتوصيل أفكارها وآرائها للجماهير، وإقناعهم بتوجهاتها الجديدة وإعادة تشكيل الوعي.
وأثنى الناقد الفني محمد قناوي، على الدور المهم الذي أخذته الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على عاتقها من أجل تطوير صناعة الدراما في مصر، حيث خاضت وما زالت تخوض معركة قوية في صناعة الوعي الاجتماعي والسياسي والارتقاء بالمواطن ثقافيا وفكريا، لذلك وضعت من البداية خطة لإعادة ضبط المشهد الدرامي، وبما يتناسب مع حرب الدولة ضد الإرهاب، وأيضا معركة البناء والتنمية، فبدأت بخطة ضبط حالة الارتفاع الجنوني في الميزانيات والأجور المبالغ فيها، ونجحت في ذلك ويمكن اعتبار عام 2018، هو البداية الحقيقية لحالة التغيير في المشهد الدرامي من خلال تقديم أعمال تخاطب الوعي وتتناول قضايا مهمة.
وأشار إلى أنه خلال الستة أعوام الأخيرة ظهر واضحا وجود خطة درامية متكاملة العناصر لتلعب الدراما الدور المهم والرئيسي في تشكيل الوعي، وذلك من خلال تقديم أعمال درامية تبرز بطولات الجيش والشرطة في مواجهة التطرف والإرهاب، وكشف الخطط والمؤامرات التي تحاك ضد الدولة، ومواجهة الغزو الفكري لعقول الشباب، فتم تقديم مسلسل "الاختيار" بأجزائه الثلاثة، حيث تطرق الجزء الأول منه لدور الجيش وتضحياته العديدة أمام مخططات الإرهاب وقوى الشر من خلال شخصية الشهيد أحمد منسي، وسلط الجزء الثاني من المسلسل، الضوء على أمور أخرى شائكة للغاية، والتفجيرات التي كان يدبرها الإرهابيون، في مختلف بقاع المحروسة، وكيف تصدت لهم أجهزة الدولة، ثم جاء الجزء الثالث من "الاختيار" ليكمل تلك الثلاثية، ويستمر حتى إيضاح كل شيء للمشاهدين بفيديوهات حقيقية عرضت للعلن للمرة الأولى، وهو ما كان بمثابة دليلا ماديا أمام الجميع على ما حدث من مؤامرات، حتى تطرقت الحلقات لثورة 30 يونيو.
وقال قناوي: "كما ناقش مسلسل (هجمة مرتدة)، الجهد الكبير الذي يبذله رجال المخابرات المصرية في حماية الأمن القومي، وكيفية الوصول للمعلومات بدقة من أجل حماية الأمن القومي المصري، والكشف عن المؤامرات التي تحاك ضد الوطن ومسلسل (القاهرة كابول)، وهو من أهم المسلسلات التي تعرضت لأفكار القيادات في التنظيمات الجهادية، ومسلسل (العائدون)، وهو من أبرز الأعمال التي تطرقت لمواجهة الدولة المصرية لتحديات كبيرة، وخطيرة للغاية، بعدما حاولت قوى الإرهاب جعلها مسرحا للأحداث، من خلال سلسلة من الهجمات تعاونت فيها كافة قوى الشر ومن بينها تنظيم داعش الإرهابي".
وأشار إلى أن مسلسل "الكتيبة 101" أبرز جهود رجال الجيش المصري في تطهير سيناء من الإرهاب، كما تناول مسلسل "حرب" جهود رجال الشرطة في تصديهم للإرهاب، ومؤخرا مسلسل "الحشاشين" الذي كشف الجذور التاريخية للتطرف والإرهاب في العالم، بالإضافة إلى أعمال درامية أخرى ناقشت قضايا اجتماعية وحياتية حقيقية لتساهم بدورها في تشكيل الوعي وتعبر عن الواقع بشكل حقيقي.
ونوه قناوي إلى أنه عندما نجحت الدراما في استعادة قوتها محليا، فرضت نفسها على الشاشات العربية، وتصدرت الفضائيات العربية وكانت القنوات الفضائية العربية، تعرض ما بين ثلاثة وأربعة أعمال مصرية في ظاهرة لم تحدث منذ سنوات طويلة، لتؤكد على استعادة الدراما المصرية لقوتها وبريقها وريادتها عربيا.
وأوضح أنه في الوقت الذي نجح فيه صناع الدراما التليفزيونية في تعديل المسار، كان صناع السينما يسيرون على نفس "التراك" لإصلاح ما أصاب المنتج السينمائي من تراجع فكانت البداية بفيلم "جواب اعتقال" ثم "الخلية" ثم "الممر" وهو الفيلم الذي حقق نجاحا كبيرا، ومؤخرا فيلم "السرب" الذي تم عرضه مؤخرا، كما شهدت صناعة الفن تطورا ملحوظا على مستوى "التكنيك" والأداء جعل منها صناعة حقيقية.
وأضاف: "لا شك أن الأعمال الدرامية التي أنتجتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، في السنوات الماضية التي تنوعت ما بين دينية وثقافية وكوميدية وتاريخية، استهدفت في المقام الأول بناء الوعي لدى المواطنين بمختلف أعمارهم؛ لأنها تؤمن بأن الفن من أدوات القوى الناعمة للدولة المصرية التي توضح ملامحها وتسهم في الارتقاء بالذوق العام وتشكيل الوعي الوطني، الذي يهدف في النهاية لخدمة المجتمع المصري".
وتابع: "نحن في أشد الحاجة إلى الاستمرارية في تلك الأعمال سنويا، والتوسع أيضا في الأعمال التي تخاطب الملايين من المواطنين دوليا وإقليميا وليس محليا فقط، وأن تستعيد مصر الريادة في تقديم الأعمال المؤثرة كما كانت عليه في السابق سواء في الفن أو الغناء وغيرها من الأعمال".
من جانبها.. أكدت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، أن الحركة الفنية في مصر استفادت بشكل كبير وإيجابي من ثورة 30 يونيو، من خلال إنتاج أعمال درامية ساهمت في تذكير المواطنين بتلك الحقبة وما سبقها، وما أدى إلى اندلاع ثورة 30 يونيو، مشيرة إلى أن تلك الأعمال ساهمت في ترسيخ الحقيقة في قالب درامي لدى الأجيال التي عاصرت الحدث، كما ساهمت في رفع درجة الوعي لدى الأجيال الجديدة التي لم تعاصر الحدث.
وقالت ماجدة خير الله، إن ثورة 30 يونيو ساهمت في إعادة البريق إلى الفن المصري بمختلف أشكاله، حيث تعد بمثابة مادة خصبة للمبدعين الذين عاصروها، لإنتاج العديد من الأعمال الفنية التي تناولت تلك الحقبة المهمة من تاريخ مصر، مشيرة إلى أن المبدعين الذين عاصروا الثورة هم أقدر من يتناول تلك الأعمال، حيث كان هناك دور واضح للدولة في دعم إنتاج تلك الأعمال الفنية، وهذا الدور ينبغي أن يستمر، خاصة أن الفن يمتلك أدوات وزوايا مختلفة في تناول أي أحداث تاريخية، وأكبر دليل على ذلك، أنه على الصعيد العالمي، ما زال إنتاج أعمال سينمائية ضخمة تتناول حقبة الحربين العالميتين الأولى والثانية مستمرا.
ودعت ماجدة خير الله إلى ضرورة دعم دور الفن والإبداع فيما يتعلق بثورة 30 يونيو، من أجل تقديم مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية، على مستوى الدراما والسينما، لزيادة الوعي لدى الأجيال الجديدة بتلك الحقبة المهمة من تاريخ مصر، التي انعكست إيجابا على الحركة الفنية في مصر، كما انعكست إيجابا على شتى المجالات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو ثورة 30 يونيو 2013 ماجدة خير الله ناقدة فنية الأعمال الفنیة ثورة 30 یونیو تلک الأعمال تشکیل الوعی من الأعمال ساهمت فی من خلال إلى أن من أجل
إقرأ أيضاً:
باستخدام الدم وقشر البيض ويرفض الأدوات الحديثة.. هذا الفنان في مهمة لنسخ الفنون الصخرية القديمة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في أوائل سبعينيات القرن الماضي، وتحت الشمس الحارقة، تبع ستيفن تاونلي باسيت، الذي كان يبلغ من العمر 14 عامًا آنذاك، عمّه باتجاه مكان مظلّل وفرته إحدى الكهوف العديدة المنتشرة بين جبال "سيدربيرغ" في مقاطعة كيب الغربية جنوب إفريقا.
انبهر المراهق ممّا رآه، فتناثرت على واجهة الصخرة لوحة فنية مذهلة لأشكال نصف حيوانية ونصف بشرية، وجعله ذلك يتساءل: من صنع هذا العمل؟ ومتى صنعوه؟ ولماذا؟
ولكن أكثر ما أثار فضوله هو كيفية صُنِع العمل بالتحديد.
أصبح باسيت "مهووسًا" بالعثور على الإجابات منذ خروجه من ذلك الكهف، وأمضى الفنان المولود في كيب تاون عقودًا في زيارة آلاف مواقع الفن الصخري القديمة المنتشرة في البلاد، ليُنتج نسخًا بالغة الدقة لمحاولات البشر الأولى في عالم الرسم.
نسْخ الأعمال ليس أمرًا جديدًا، ولكن أعمال باسيت ليست نسخًا طبق الأصل.
لا يستخدم الفنان ألوانًا أو فرشًا تجارية لصنع أعماله، فهو لا يستخدم إلا المواد والأدوات التي كانت متاحة لشعب "سان" الأصلي (الذي اعتمد على الصيد وجمع الثمار) عند ابتكاره هذه التصاميم منذ 10 آلاف عام تقريبًا.
قال باسيت لـ CNN: "الأمر يتعلق بفهم ما كان في قلوب وعقول من رسموا اللوحات.. لا أريد صنع نُسَخ أو أعمال فنية غريبة فحسب. منذ البداية، أردت أن يكون عملي دقيقًا للغاية بحيث يمكن للباحثين والأكاديميين استخدامه كمرجع".
شعب "سان" هم السكان الأصليون في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا تزال العديد من المجموعات المعتمِدة على الصيد وجمع الثمار موجودة حتى يومنا هذا في ناميبيا، وبوتسوانا، وجنوب إفريقيا، ودول أخرى في المنطقة.
بقايا لوحاتهم ونقوشهم لا زالت ظاهرة في آلاف المواقع في جميع أنحاء القارة، ويصل عددها إلى 7 آلاف عمل في جبال "سيدربيرغ" وحدها، وفقًا لمنسق الفنون الصخرية المحلية، لوندي ندزيما.
اعتُقِد سابقًا أنّ أعمالهم الفنية، التي تُظهر الحيوانات والبشر، وهجينًا من الاثنين أحيانًا، تجسِّد مشاهد من الحياة اليومية، ولكن تغيّر الفكر الأكاديمي ليرى أنّ الفن الصخري في جنوب إفريقيا غالبًا ما يعكس صورًا وزخارف ذات أهمية روحية وثقافية، بحسب المتحف البريطاني.
يُعتقد أنّ بعض الصور تعكس رؤى شاهدها الـ"شامان" أثناء دخولهم حالات أشبه بالغيبوبة لأداء مهام جماعية مثل شفاء المرضى.
وأوضح ندزيما: "عندما كانوا يرسمون، لم يفعلوا ذلك بغرض التزيين فحسب، بل كانت هناك دائمًا قصة وراء ذلك".
بدأ سعي باسيت لإظهار كيفية صنع الفن الصخري بجدية عام 1998 عندما تخلى عن وظيفته في إحدى الشركات لممارسة شغفه.
بالنسبة للفنان، تبدأ العملية في أيٍّ من المواقع المزينة بالفن الصخري، من بوتسوانا إلى زيمبابوي، حيث يقضي أيامًا في تصوير، ورسم، وقياس اللوحات المرسومة على جدران الكهوف المختلفة، والنتوءات الصخرية، والصخور الكبيرة.
عندما يتعلق الأمر بإعادة إنشاء اللوحات، يرفض باسيت الأدوات الحديثة، فهو يفضّل المواد المتوفرة في الموقع فقط، ولكن التكنولوجيا الحديثة خيار مُتاح خلال عملية التحضير.
على سبيل المثال، عند فحص فن صخري لأسدٍ يقفز بين قطيع من الماشية عن قرب، يرتدي باسيت عدسات مكبّرة للأسنان، وهي عبارة عن جهاز تكبير يُستخدم في العمليات الجراحية، لتوثيق كل نقطة وضربة فرشاة.
ومن ثمّ يعود الفنان إلى الاستوديو الخاص به في بلدة كوماني في كيب الشرقية، حيث يستعين بمختلف الأصباغ، والمواد اللاصقة، والأدوات التي صممها لتوثيق الأعمال القديمة.
إعادة إنتاج المواد المستخدمة كانت عملية استغرقت عقودًا من المحاولة والتعلم من الأخطاء.
وخلالها، اكتشف باسيت أنّ البيض، والدم، وشحم نخاع الحيوانات تُعدّ مواد لاصقة جيّدة، بينما أثبتت فضلات الطيور الجارحة، وقشور بيض النعام المسخّنة بالنار فائدتها الكبيرة في صنع الصبغة البيضاء، التي تُعدّ من أصعب الألوان التي يمكن حصول عليها من بين الألوان الأربعة الأساسية التي تهيمن على الفن الصخري (الأحمر، والأصفر، والأسود، والأبيض).
الكتابة على الجدرانبعد تأليف ثلاثة كتب عن الفن الصخري، والعمل مع علماء من جنوب إفريقيا وفرنسا فيما يتعلّق بتركيبة الأصباغ، يأمل باسيت أن تُشكّل أعماله "أداة بحث" لأجيال من المؤرخين وعلماء الأنثروبولوجيا القادمين.