في إطار سعي علماء الفيزياء الشمسية إلى فهم ديناميكيات ما يحدث داخل الشمس من تفاعلات، الذي يؤثر بالضرورة على حياتنا على الأرض، راقب الشمس لمدة 6 سنوات باحثون من أكثر من 30 مؤسسة في جميع أنحاء أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا.

وقد أسفرت هذه المراقبة عن أول اكتشاف على الإطلاق لإشعاع "غاما" الشمسي في نطاق "تيرا إلكترون فولت"، وهي مفاجأة حيرت العلماء؛ ذلك أن هذا الكشف عن الضوء الأعلى طاقة على الإطلاق المنبعث من الشمس تم رصده في فترة هدوء النشاط الشمسي، وليس في أوجه، وهو ما مثَّل لغزا جديدا لعلماء الفيزياء الشمسية.

وقد نشر الباحثون نتائجهم في ورقة بحثية جديدة في دورية "فيزيكال ريفيو ليترز" في الثالث من أغسطس/آب الجاري.

قوة الأشعة عكس المتوقع

وحسب البيان الصحفي الصادر عن مرصد "تشيرينكوف" لأشعة "غاما"، فإن العلماء لم يتوقعوا "أن تتوهج الشمس بهذا السطوع في هذه الطاقات، بناء على ما نعرفه عن كيفية تفاعل الجسيمات المشحونة من الفضاء الخارجي معها".

إذ كان من المتوقع أن يتم رصد هذا الإشعاع العالي الطاقة في فترة أوج النشاط الشمسي، الذي يمر عادة بدورة مدتها 11 عاما، يصل فيها النشاط الشمسي إلى قمته، ثم يعود للهدوء النسبي، لكن ما أذهل العلماء هو أن يحدث العكس، حيث تم رصد تلك الأشعة العالية الطاقة في فترة هدوء ذلك النشاط.

وتُظهر الإشارة المرصودة -اعتمادا على الدورة الشمسية الغامضة لمدة 11 عاما- أن الشمس تكون أكثر سطوعا خلال الحد الأدنى لها، عندما يكون النشاط المغناطيسي للشمس منخفضا، وأنها تكون أضعف خلال الحد الأقصى للنشاط المغناطيسي للشمس عندما يكون مجالها المغناطيسي في أشد حالاته عنفا. ويشير هذا إلى وجود صلة بين تأثير الأشعة الكونية على سطح الشمس وأشعة "غاما" المرصودة.

ولكن كيف تتفاعل هذه الأشعة الكونية لإنتاج مثل هذا التدفق اللامع لأشعة "غاما"؟ هذا هو اللغز، ومن شأن حله أن يؤدي إلى تغيير جوهري لما نعرفه عن الشمس، وعن النجوم الشبيهة بها.

ومن وجهة نظر القياس البحت، هذه ملاحظة تغير القواعد المستقرة، لأنه حتى الآن لا يمكننا النظر إلى الشمس إلا عند طاقات منخفضة باستخدام أجهزة الكشف على الأقمار الصناعية في المدار. ومرصد "تشيرينكوف" هو أول تلسكوب للكشف عن أشعة "غاما" العالية الشدة، ومن ثم كان رائدا لفصل جديد في الفيزياء الفلكية العالية الطاقة للشمس.

عندما شك العلماء أن هناك خطأ

وحسب تقرير نشره موقع "ساينس ألرت"، فقد اكتشف الباحثون من خلال البيانات التي تم جمعها باستخدام مرصد "تشيرينكوف" بين عامي 2014 و2021 وجود انبعاثات تتراوح بين 0.5 و2.6 "تيرا إلكترون فولت" (التيرا إلكترون فولت الواحد يساوي تريليون إلكترون فولت) قادمة من اتجاه الشمس. وقد تم التأكد من أن هذا الانبعاث قادم من الشمس ذاتها.

هذا الرقم من شدة أشعة "غاما" الذي تم رصده قادما من الشمس، ليس أعلى الأضواء طاقة التي تمت مشاهدتها في الفضاء بشكل مطلق، إذ سبق رصد 450 "تيرا إلكترون فولت" من أشعة "غاما" قادمة من اتجاه سديم السرطان قبل عدة سنوات.

يقول مهر أون نيسا، عالم فيزياء الجسيمات الفلكية في جامعة ولاية ميشيغان، "بعد النظر إلى بيانات 6 سنوات، ظهر هذا الفائض من أشعة غاما"، الذي عندما رآه العلماء للمرة الأولى ظنوا أن في الأمر خطأ، ومن ثم تساءلوا كيف يصدر إشعاع بتلك القوة من الشمس في فترة هدوئها النسبي.

من المعلوم أنه، في بعض الأحيان، تصبح الشمس عالية النشاط، حيث تندمج فيها التوهجات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية، لكن الشمس لا تبعث الضوء فقط، بل إنها تصاب به أيضا، حيث تتدفق الأشعة الكونية من المجرة الأوسع باستمرار عبر الفضاء ومن ثم تصيب الشمس.

مزيد من النمذجة

هنا على الأرض، تتفاعل هذه الأشعة الكونية مع الغلاف الجوي لإنتاج توهج أشعة "غاما". ويُعتقد أن هناك عملية مماثلة تحدث على الشمس، حيث تتصادم الأشعة الكونية المجرية مع نوى الغلاف الجوي الشمسي، في نطاق "غيغا إلكترون فولت" (1 مليار إلكترون فولت).

ويعتقد الفريق أن انبعاث "تيرا إلكترون فولت من الشمس" -الذي تم رصده مؤخرا- ربما يكون نتيجة لهذا التفاعل. وقد ألقى الفريق نظرة على بيانات "غيغا إلكترون فولت" التي جمعها مرصد "تشيرينكوف" وتلسكوب "فيرمي لات لأشعة غاما" الفضائي التابع لناسا، ووجدوا أن انبعاثات "غيغا إلكترون فولت" الكونية كانت أكثر إشراقًا وأكثر غزارة مما كان متوقعًا خلال فترات هدوء الشمس.

وجاء في البيان الصحفي "تسلط ملاحظاتنا الضوء على الحاجة إلى إطار عمل منقح يمكنه تفسير الزيادة غير الطبيعية لأشعة غاما من الشمس أيضًا في نطاق تيرا إلكترون فولت".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من الشمس فی فترة

إقرأ أيضاً:

جامعة خليفة تجري تجارب بحثية على متن رحلة وكالة الفضاء الأوروبية شبه المدارية

أعلنت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا تشكيل فريق بحثي مشترك ضم أعضاءً من مركز البحوث والابتكار في الغرافين والمواد ثنائية الأبعاد ومركز جامعة خليفة للابتكار وتكنولوجيا الفضاء، بالتعاون مع جامعة بروكسل الحرة بهدف القيام بالتجارب على متن الرحلة شبه المدارية رقم 86 والتي ستجريها وكالة الفضاء الأوروبية خلال شهر مايو الجاري.

 

وتعتبر مشاركة الفريق في هذه الرحلة أول تعاونٍ بحثي في بيئة منعدمة الجاذبية بين المؤسسات الأوروبية ودول مجلس التعاون الخليجي.  

 

ويقوم الفريق البحثي، الذي يضم أعضاء من الهيئة الأكاديمية وطالبًا من جامعة خليفة، حاليًا باختبار المواد المعزّزة بالغرافين في التطبيقات الفضائية تحت ظروفٍ فعلية لانعدام الجاذبية خلال الرحلة شبه المدارية، وهي رحلات جوية قصيرة تنعدم فيها الجاذبية من خلال اتباع مسارٍ بزوايا معينة.

 

ويقود الدكتور يارجان عبدالصمد، الأستاذ المساعد في قسم هندسة الطيران والفضاء، الفريق البحثي من جامعة خليفة والذي قام بدايةً بالإعداد للتجربة في مركز البحوث والهندسة في تكنولوجيات الفضاء في جامعة بروكسل الحرة قبل السفر إلى بوردو في فرنسا للانطلاق في الرحلة شبه المدارية.

 

وزار الدكتور يارجان والبروفيسور شون سوي مركز البحوث والهندسة في تكنولوجيات الفضاء في جامعة بروكسل الحرة، برفقة باحثين، تحت إشراف الدكتور كارلو لوريو، لاستكمال إجراءات الرحلة ومتطلبات التجربة.

 

وشمل التعاون تدريبًا عمليا لإعداد التجربة وتنفيذها تمهيدا للرحلة شبه المدارية، كما ساهم مركز البحوث والهندسة في تكنولوجيات الفضاء في جامعة بروكسل الحرة، بتقديم الدعم لأعضاء الفريق البحثي وتوفير جميع المعدات والخدمات اللازمة للتعاون العلمي والإعداد للتجارب.

 

أخبار ذات صلة جامعة خليفة تستضيف كأس «آسيا والمحيط الهادي للروبوتات 2025» في أبوظبي «منتدى المرشدين» في أبوظبي يناقش تعزيز دور التوجيه المهني والجامعي

وقال حميد الشمري، نائب رئيس مجلس أمناء جامعة خليفة إننا نعتز بهذا الإنجاز حيث يؤكد هذا المشروع التجريبي حرصنا على النهوض بمجال هندسة الطيران والفضاء ويسلّط الضوء على التطوّرات المتعلّقة بالغرافين في مركز البحوث والابتكار في الغرافين والمواد ثنائية الأبعاد.

 

وأشار إلى أن هذه الخطوة توسع آفاق أعضاء الهيئة الأكاديمية والطلبة من خلال إتاحة فرصة متميزة لاختبار المواد المعززة بالغرافين في التطبيقات الفضائية، كما تعكس الحرص على تعزيز التعاون مع وكالات الفضاء الدولية والمؤسسات الأكاديمية العالمية، كما تدل على إمكانات هذه المواد في مجال استكشاف الفضاء.

 

من جانبه عبر الدكتور كارلو يوريو، المدير المشارك في مركز البحوث والهندسة في تكنولوجيات الفضاء في جامعة بروكسل الحرة عن اعتزازه بهذا التعاون مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، مشيرا إلى أن هذه الرحلة تحفز الشباب المشاركين على النجاح وتحقيق أهدافٍ علمية كبيرة.

 

وتتولى وكالة الفضاء الأوروبية مهام التجارب التي ستُجرى خلال الرحلة والدعم الذي ستحصل عليه من الأرض كجزء من رحلاتها الجوية شبه المدارية المنتظمة.

 

ويتوقع أن تفضي التجارب ونتائج هذا المشروع إلى منشورات بحثية من شأنها أن تسهم في إثراء المجتمع العلمي.

 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • علماء يبتكرون عدسات لاصقة.. تمنح صاحبها “رؤية فائقة”
  • موسم الحج 2025.. تنسيق عالي المستوى بين الغرفة والشركات ووزارة السياحة
  • جامعة خليفة تجري تجارب بحثية على متن رحلة وكالة الفضاء الأوروبية شبه المدارية
  • وزير الطاقة السيد محمد البشير خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي السيد ألب أرسلان بيرقدار بدمشق: نعمل على استكمال اجراءات ربط خط 400 كيلو فولت الذي سيصل تركيا بسوريا
  • تأهيل 15 كادراً في جمرك صرفيت في مجال الفحص بأجهزة الأشعة المحمولة
  • الكـونية العـنـصريـة
  • ارفعوا العلم عاليًا
  • العراق من أكبر المستوردين.. البرازيل ترصد نوعاً جديداً لإنفلونزا الطيور عالي الضراوة
  • وزير التعليم العالي يبحث مع مؤسسة بحثية ألمانية التعاون ‏المشترك في مجالات حيوية
  • شراكة بحثية بين «محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» و«البولتيكنيك» الفرنسية