حصانة الحقيبة الدبلوماسية Diplomatic Bag
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)ــ بداية المقصود بالحقيبة الدبلوماسية هي عبارة عن طرود يتم مداولاتها بين كلا من البعثة الدبلوماسية في البلد التي تعمل بها، ووزارة الخارجية في البلد التابعة لها هذه البعثة. وهي عبارة عن وسيلة لنقل البريد الدبلوماسي السري بين السفارة ووزارة الخارجية التابعة لها.
ومما يمكن الإشارة إليه هنا أن هذه الحقيبة توضع عليها علامة تفيد تبعيتها لدولة معينة، وتختم بالختم الدبلوماسي لهذه الدولة.
وربما من اسمها يتخيل القارئ شكلها وهو الشكل التقليدي المنتشر في الصورة الشهيرة لها، وهي الحقيبة الصغيرة التي تضم بعض الأوراق، ولكن هذا ليس فقط شكل الحقيبة الدبلوماسية وإنما يمكن أن تكون أكبر من ذلك بكثير تصل إلى حجم سيارة وهكذا.
وفيما يتعلق بهذه الحقيبة الدبلوماسية والحصانة فوفقًا لاتفاقية فيينا وتحديدًا في المادة رقم 27 فتتمتع الحقيبة الدبلوماسية بالحصانة الكاملة، فوفقًا لنص الفقرة الثالثة (لا يجوز فتح الحقيبة الدبلوماسية أو حجزها).
وفي الجزء الأخير من الفقرة الرابعة في المادة سالفة البيان نص هامّ للغاية، يقول بعدم جواز حمل في الحقيبة الدبلوماسية إلا الوثائق الدبلوماسية والمواد المعدة للاستعمال الرسمي.
ومن هنا يكون الأمر واضحًا والعلة منطقية لوجود هذا النوع من الحصانات، فهو أمر يتعلق بأسرار الدول.
ولذا مُنحت لها الحصانة المذكورة، ومنع فتحها أو الإطلاع عليها بأي وسيلة، وفقط إذا كان لدى الدولة مشكلة معها يمكن لها أن ترجعها إلي مصدرها وتمنع تمريرها، بالطبع إلا في بعض الحالات التي يمكن أن أطلق عليها حالات تلبس أو تأكد مائة بالمائة من احتوائها على شئ ممنوع، كما سيأتي في الواقعة التي سوف أسردها لحضراتكم الآن.
ومسألة الحصانة هذه أمر لا غضاضة به إذا ما كان وفقًا لهذا المنطق وهذه العلة يسير، ولكن تحدث المشكلة كالعادة دوما في مثل هذه الامور من إستخدام الشيء بعيدًا عن علته التي وُجد لأجلها، بل وعكس هذه العلة والمنطق الذي ما وجد إلا لأجلهما. و بالتعبير القانوني ما يسمى بإساءة استخدام الحق. ويحدث هذا في موضوع الحقيبة هذا بأن تستخدم هذه الحقيبة لحمل مالا يتعلق بأسرار الدولة ولا رسائلها الخاصة، وإنما يُحمل ما يتعلق بإرتكاب جرائم معينة وحمل أشياء ممنوعة ومجرم حملها مثل المخدرات والأسلحة … الخ . وهذا يمكن أن يحدث من الدولة نفسها بمعنى علم وارادة قيادتها السياسية العليا، ويمكن أن يتم من أفراد سياسيين أو دبلوماسين بعيدًا عن علم وإرادة الدولة نفسها.
ومن الوقائع وقضايا استغلال هذه الحصانة، الواقعة التي حدثت بين نيجيريا وبريطانيا، والمتعلقة بوزير البترول النيجيري، التي حدثت عام 1984،وتتلخص وقائع القضية في:
أن أحد الوزراء السابقين في حكومة نيجيريا فر من بلاده وأقام في بريطانيا، وكان يعارض الحكومة النيجرية من علي أراضي الحكومة البريطانية. فقامت حكومة دولته حينذاك(كانوا يسمون الانقلابيون الجدد) بخطفة من أحد الأماكن في بريطانيا وتخديره ووضعوه في صندوق كبير مكتوب عليه أنه حقيبة دبلوماسية. وكاد الأمر أن يمر ويصل الوزير إلى نيجريا ويُلقى حتفه وعيده المنتظر من حكومة بلده، ولكن لحسن حظه وسوء حظ الحكومة كان مفعول المخدر الذي تم تخديره به قد انتهى وقبل وصول الصندوق للطائرة وجد البريطانيون الصندوق يتحرك ويصدر صوتًا.
وأمام رد فعل البريطانيين بأن أرادو أن يفتحوا هذا الصندوق عندما رأوا ما حدث، رفض بشدة الأفراد النيجريون الذين كانوا يحملون الصندوق مطالبين بالحصانة!!!
وبالطبع رد عليهم الإنجليز بأن هذه ليس حقيبة دبلوماسية ومخالف للقانون وهموا بالفعل بفتح الصندوق، حتى يجدو أنفسهم وجهًا لوجه مع الوزير، ويكتشفوا ما أراد النيجريون إخفاءه ولكن ليس من أسرار دبلوماسية ولكن من جريمة تهريب هذا اللاجئ المقيم على أرض بريطانيا. وأعقب ذلك مباشرة حدوث مشاكل دبلوماسية كبيرة بين الدولتين كان أولى أثارها طرد السفير النيجيري من بريطانيا وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
Tags: الحصانةالحقيبة الدبلوماسية
المصدر: جريدة زمان التركية
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية ولكن صحيح الأركان والعبادة
أكد مفتي الجمهورية المصرية، الدكتور نظير عياد، أن الحج دون تصريح رسمي يُعَد مخالفةً شرعيةً، ولكن تكون العبادة صحيحة مع الإثم المترتب على المخالفة التي لا تتعلق بذات أركان العبادة وأعمالها.
وأضاف المفتي، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن الحج دون تصريح مثله كمَن يصوم ويؤذي الناس بلسانه، فكل هذا وأشباهه تكون العبادة صحيحة مع الإثم المترتب على المخالفة التي لا تتعلق بذات أركان العبادة وأعمالها.
وأوضح المفتي أن التصاريح التنظيمية ضرورية للحفاظ على سلامة الحجاج وتنظيم مناسك الحج، وأن ولي الأمر هو المسؤول عن هذا التنظيم الذي يجب طاعته شرعًا، إذ جاء في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الَأْمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59].
وأشار إلى أن الإنسان إذا أدى مناسك الحج وأعماله المطلوبة منه فقد سقطت عنه المطالبة الشرعية، فلو أوقع الحج على هذا النحو ولكنه من دون تصريح تكون العبادة صحيحة مع الإثم المترتب على المخالفة التي لا تتعلق بذات أركان العبادة وأعمالها.
وأضاف أنه بناء على ذلك لا يجوز شرعًا مخالفة ولي الأمر، خصوصًا فيما يحقق مصالح الناس كما هو الحال في تنظيم شؤون الحج، ولذلك لا يجوز شرعًا للإنسان أن يحج من دون تصريح، ومن فعل ذلك كان آثمًا شرعًا بمخالفته ولي الأمر، وأصبح التصريح الآن من شروط الاستطاعة المطلوب توافرها، فإذا لم يتحصل الإنسان عليه فهو غير مستطيع أصلاً، ومن ثم فهو غير مخاطَب بالحج.
ولفت المفتي إلى الأثر الذي يتركه الحاج غير النظامي على صورة الدولة أمام العالم، إذ إن استمرار المخالفة تؤدي إلى تشويه صورة هذا البلد ومواطنيه، ويكون تأثيره سلبيًّا على كل مواطنٍ ينتمي إلى هذه البلاد، وتكون له مظاهر خطيرة، أهمها فقدان المصداقية، فإذا عرف الناس عن بلد من البلاد أنهم يخالفون أوامر الله تعالى التي أمر بها عباده في طاعة ولي الأمر، فلن تكون لهم مصداقية بعد ذلك.
وقال إن ذلك يؤدي إلى منافاة الرقي والنظام العام الذي دعا إليه الإسلام، فمثل هذا إذا شاع عن بلد، فسيظهر أهله أمام الناس مخالفين للأنظمة والتعليمات، وهو ما تأباه العقول فضلاً عن توجيهات الشرع الشريف.
ولفت إلى الأضرار الواقعة على البلد المضيف، فمثل هذه الأمور تسبب الأضرار على الجهات المنظمة لشؤون الحج وهي المملكة العربية السعودية الشقيقة من جهة إدخال المشقة على المسؤولين والمنظمين وزيادة ضغط الأعداد وغير ذلك مما لا توجد التجهيزات الكافية له، وهو ما يُحدث ضررًا مُحققًا، وقد نهى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الضرر، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ سعد بن سِنان الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ».
والمحافظة على المظهر الحضاري للبلاد في هذا المؤتمر السنوي العالمي أمر مطلوبٌ شرعيٌ ينبغي على الأفراد مراعاته.
وأوضح أن اتباع الإجراءات التنظيمية للجهات المنظمة لعبادة لحج أمرٌ مطلوب شرعًا، ولا يجوز للإنسان أن يتجاوزه، بناءً على أن تصرفات هذه الجهات تراعي مصالح الناس جميعًا، وتجاهل ذلك يؤدي إلى مفاسد عدة، ومن أهمها إفساد العبادة على الغير.
وأضاف أنه مَن يتجاهل هذه التعليمات المنظمة بدعوى كون الحج عبادة مخطئ في قوله وفعله، بل إنه لا بد من مراعاة ذلك حتى يكتمل المسلم بأخلاقه مع أفعاله وعباداته، فتقع العبادة على أحسن وجه، وتحقق أيضًا الغاية منها.
وقال إن ترتيب الأمور من قِبل الجهات في الحج وغيره وتنظيمها يُعَدُّ نظامًا عامًّا، وخرق النظام العام في جميع الأحوال لا يجوز شرعًا، فإذا كان هذا الخرق له أثر سلبي فإن إثمه أشد وتوجيه اللوم لفاعله أكبر، لأن في ذلك تضييعَ حقوق الناس وتفويتَ المنفعة عليهم.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى ذلك فإن غير النظاميين يتسببون في الزحام الشديد وهو ما يؤثر على العدد المسموح به في إطار الأمكنة والخدمات المتاحة، بل إن هذا التأثير يؤدي إلى الضرر والإضرار، بل قد يؤدي إلى الهلاك والإهلاك، وقد قال تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقال عز وجل: ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].
فالمسلم الحق ينبغي أن يبتعد عن كل ما فيه تضييع حقوق العباد وتفويت المنفعة عليهم، وتعريضهم للهلاك.