انتهت اجتماعات جدة، التي خصصت لمناقشة حرب أوكرانيا، بإبداء الرغبة في عقد اجتماع آخر بعد حدوث توافق في الآراء بشأن إيجاد صيغة مقبولة للسلام، ومن المتوقع خلال الفترة المقبلة مناقشة تداعيات الحرب على العالم اقتصاديا وأمنيا، وفق ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين ودبلوماسيين.

وشارك في الاجتماعات، التي لم تحضرها روسيا، نحو 40 دولة من بينها الولايات المتحدة والصين، وحضر أعضاء كتلة "بريكس" التي تضم البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، وهي بلدان تبنت مواقف أكثر حيادية بشأن الحرب، إذ امتنعت عن الوقوف بجانب أوكرانيا، ولكن دون دعم الغزو الروسي.

وبعد مناقشة اتفاق للسلام ينهي الصراع، قال دبلوماسيون إن هناك قبولا واسعا لتبني فكرة أن المبادئ الأساسية للقانون الدولي، مثل احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، يجب أن تكون في صميم محادثات السلام المستقبلية بين أوكرانيا وروسيا، وفق صحيفة وول ستريت جورنال.

وبدا خلال المناقشات أن معظم الدول المشاركة، ومن بينها الصين، مستعدة للاجتماع مرة أخرى خلال الأسابيع المقبلة، مع استبعاد روسيا، وفقا لأشخاص مشاركين، أو تم إطلاعهم على هذا الأمر، بحسب الصحيفة.

وتستند السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، إلى علاقاتها مع الجانبين الأوكراني والروسي، للسعي إلى لعب دور وسيط في الحرب التي مضى عليها الآن ما يقرب من عام ونصف.

وتحاول المملكة لعب دور أكبر دبلوماسيا بشأن أوكرانيا، بعد أن اتهمتها الولايات المتحدة، العام الماضي، بالوقوف إلى جانب روسيا لإبقاء أسعار النفط مرتفعة.

وقال مسؤول أميركي للصحيفة بعد مناقشات جدة التي اختتمت مساء السبت: "الكثير من الفضل يعود للمضيفين السعوديين في المشاركة الدبلوماسية" الأخيرة.

وجاءت المحادثات في أعقاب محادثات أخرى أجريت في يونيو في كوبنهاغن، لم يصدر في ختامها بيان رسمي.

وأوضحت وول ستريت جورنال أن الاختلاف الأكبر بين اجتماعات كوبنهاغن وجدة هو الحضور، فقد بلغ عدد المشاركين في الأخيرة أكثر من الضعفين.

وشمل ذلك الدول الأوروبية واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وتركيا وجنوب أفريقيا، إذ سعت كييف لحشد دعم يتخطى نطاق الداعمين الغربيين الأساسيين، بما يشمل دولا جنوبية لاتزال مترددة في توضيح موقفها حيال الصراع الذي أضر بالاقتصاد العالمي، حسب الصحيفة.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، قبيل عقد اجتماعات جدة، أن الممكلة تتطلع إلى أن تسهم في "تعزيز الحوار والتعاون من خلال تبادل الآراء والتنسيق والتباحث على المستوى الدولي حول السبل الكفيلة لحل الأزمة الأوكرانية بالطرق الدبلوماسية والسياسية، وبما يعزز السلم والأمن الدوليين، ويجنب العالم المزيد من التداعيات الإنسانية والأمنية والاقتصادية للأزمة".

وحضرت المحادثات الصين من خلال مبعوثها إلى أوكرانيا، لي هوي،

وقال دبلوماسيون غربيون إن المملكة اختيرت لاستضافة المناقشات بشأن أوكرانيا جزئيا على أمل إقناع الصين بالمشاركة، إذ تحافظ الرياض وبكين على علاقات وثيقة.

وقالت وول ستريت جورنال إن الصين، التي دعيت إلى كوبنهاغن لكنها لم تشارك فيها، أرسلت وفدا إلى جدة، وقال دبلوماسيون غربيون إن بكين لعبت دورا بناء بشكل عام في المحادثات الأخيرة.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين إن الصين باعتبارها الحليف الأهم لروسيا، تلعب دورا حاسما في تعزيز قوة الدفع وراء المحادثات، وكان متوقعا أن تغذي النقاشات بالتطرق إلى مسائل الخطوط الحمراء ومخاوف موسكو.

والأحد، اعتبرت روسيا إن المحادثات التي تستضيفها السعودية ما هي إلا محاولة من الغرب مآلها الفشل، لإقناع الدول الواقعة في نصف الكرة الجنوبي بدعم كييف.

ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف وصفه المحادثات بأنها "تعكس محاولة الغرب مواصلة جهوده الفاشلة التي لا طائل من ورائها لحشد المجتمع الدولي، وبصورة أدق دول جنوب العالم، حتى وإن لم يكن جميعها، لدعم ما تسمى بصيغة  (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلنسكي، وهي صيغة مآلها الفشل ولا يمكن قبولها من البداية".

وخلال المحادثات، قدمت الصين خطة من 12 نقطة لوقف إطلاق النار ومحادثات سلام لإنهاء الحرب. وحذر الدبلوماسيون الأوروبيون من أن وقف إطلاق النار غير المشروط يمكن أن يؤدي ببساطة إلى تجميد الصراع، ويسمح لروسيا بتعزيز سيطرتها على الأراضي الأوكرانية.

وقال شخص مطلع على المناقشات: "لقد تلقوا ردودا مباشرة، وتم تبادل وجهات النظر بشكل جيد".

وأبلغ مسؤول أميركي كبير الصحيفة أن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، ووكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، التقيا على هامش الاجتماعات برئيس الوفد الصيني، لي هوي. وقال المسؤول: "كان من الجيد جدا وجود الصينيين هنا".

واعتبر دبلوماسيون أن بعض الخلافات التي ظهرت في كوبنهاغن تقلصت فيما يبدو في جدة، فخلال المحادثات السابقة، دفعت أوكرانيا الدول النامية الكبرى لقبول خطة زيلنسكي للسلام، التي تتمثل في جوهرها في انسحاب القوات الروسية بالكامل، وهو ما رفضته عدة دول.

أما في جدة، فقد بدت أوكرانيا والدول النامية الرئيسية أكثر حرصا على السعي للتوصل إلى توافق في الآراء.

وقال مسؤول أوروبي كبير إن أوكرانيا لم تضغط مرة أخرى من أجل قبول خطتها للسلام، وإن الدول الأخرى لم تصر على أن تتخلى كييف عنها.

ولم تكن هناك أي مناقشات حامية بشأن مطالبة أوكرانيا بانسحاب القوات الروسية. وقال دبلوماسيان إن أوكرانيا لم تضغط بشأن هذه النقطة.

ورغم ذلك، قالت وول ستريت جورنال إن العديد من الحكومات الغربية متشككة بشدة في رغبة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في إجراء محادثات سلام هذا العام. 

ولم تُصدر روسيا أي إشارات على التراجع عن مطالبها المتشددة، مثل الاعتراف بضمها للأراضي الأوكرانية، وأرسلت موسكو إشارات متضاربة بشأن المحادثات، إذ ألمح الكرملين إلى أنه سيراقبها عن كثب، لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية وصفت المناقشات بأنها "خدعة".

وأثناء اجتماعات جدة، شنت روسيا هجمات صاروخية جديدة على أوكرانيا.

وقال سلاح الجو في كييف، الأحد، إن روسيا شنت عدة موجات من القصف على أوكرانيا خلال الليل باستخدام 70 سلاحا للهجوم الجوي بما في ذلك صواريخ كروز وصواريخ فرط صوتية وطائرات مسيرة إيرانية الصنع.

أوكرانيا: روسيا تشن موجات من القصف بـ"صواريخ وطائرات مسيرة" قال سلاح الجو في كييف، الأحد، إن روسيا شنت عدة موجات من القصف على أوكرانيا خلال الليل باستخدام 70 سلاحا للهجوم الجوي بما في ذلك صواريخ كروز وصواريخ فرط صوتية وطائرات مسيرة إيرانية الصنع.

وبينما لم يتم تحديد موعد لعقد اجتماع ثالث بعد اجتماع جدة، كان هناك اتفاق على إطلاق عملية ذات مسارين للمضي قدما في السلام. وستواصل أوكرانيا المناقشات مع السفراء الأجانب في كييف بشأن شروط السلام.

وتخطط السعودية لاقتراح إنشاء مجموعات عمل تتبنى قضايا محددة، مثل تأثير الحرب على العالم، ويمكن أن يشمل ذلك مناقشة السلامة النووية والتداعيات البيئية والأمن الغذائي والأخير مصدر قلق زاد بعد انهيار اتفاق الحبوب.

وقال دبلوماسي من إحدى دول الدول غير الغربية إن هناك إجماعا على أن هذه الحرب ليست أوروبية فحسب، وأن تأثيرها على الغذاء والطاقة والاستقرار الاقتصادي يمتد على مستوى العالم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: وول ستریت جورنال

إقرأ أيضاً:

واشنطن تطالب موسكو بإظهار حسن النية في المحادثات مع أوكرانيا

دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، نظيره الروسي سيرجي لافروف، خلال مكالمة هاتفية، إلى إجراء محادثات سلام "بحُسن نيّة" مع أوكرانيا.

ألمانيا ترد على موسكو: دعم أوكرانيا دفاع عن القانون الدولي وليس تأجيجًا للحربدبلوماسي روسي سابق يكشف تفاصيل المناطق العازلة مع أوكرانياروسيا تعرض شروطها للسلام مع أوكرانيا الإثنين المقبل بتركياألمانيا تدعم أوكرانيا عسكريا بـ 5 مليارات يورو

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، إنَّ روبيو جدّد دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى حوار بنّاء وبحسن نيّة مع أوكرانيا، باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الحرب، بحسب وكالة "فرانس برس".

وأبدت أوكرانيا، أمس الأربعاء، استعدادها لإجراء جولة جديدة من المفاوضات المباشرة مع روسيا، ولكنّها طالبت بأن تقدّم موسكو شروطها للسلام مسبقًا؛ لضمان أنَّ يسفر اللقاء عن نتائج.

من جهته، قال وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف، عقب العرض الروسي بعقد لقاء في إسطنبول في الثاني من يونيو: "نحن لا نعارض عقد اجتماعات أخرى مع الروس، وننتظر مذكرتهم"، مضيفًا: "أمام الجانب الروسي 4 أيام على الأقل لتزويدنا بوثيقته لمراجعتها".  

كما أكد، في منشور على منصة "إكس"، أنَّ "كييف أرسلت إلى موسكو وثيقتها بشأن شروط وقف إطلاق النار".

وأمس الأربعاء، أعلنت روسيا أنها أعدت مسودة "مذكرة" سلام تتضمن شروطها لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مع استعدادها لتقديمها إلى كييف في جولة مفاوضات مباشرة ثانية، تقترح إجراءها بإسطنبول في 2 يونيو المقبل.

وفي سياق متصل، أوضح "لافروف"، أنَّ وفد بلاده مستعد لتقديم هذه المذكرة إلى الأوكرانيين والإدلاء بالتوضيحات الضرورية خلال جولة ثانية من المفاوضات المباشرة بإسطنبول، في الثاني من يونيو.

يشار إلى أنَّ الإدارة الأمريكية أطلقت قبل أشهر وساطة من أجل وقف الحرب بين كييف وموسكو، وزار المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف روسيا نحو 4 مرات التقى خلالها بوتين، إلا أن موسكو رفضت حتى الآن اقتراحًا أمريكيًا أوكرانيًا أوروبيًا بوقف النار لمدة 30 يومًا، معتبرة أنه يتطلب مزيدًا من البحث.  

طباعة شارك وزير الخارجية الأمريكي ماركو لافروف أوكرانيا

مقالات مشابهة

  • روسيا تعلن القضاء على 9420 عسكريا أوكرانيا خلال أسبوع
  • أخبار العالم| شرط مشاركة أوكرانيا في مفاوضات روسيا.. رد إسرائيل على مقترح ويتكوف لا يلبي مطالب حماس.. وترامب ينتقد قرار محكمة التجارة بشأن الرسوم الجمركية
  • روسيا تطالب بـ«آليات ملزمة» من أجل السلام في أوكرانيا
  • روسيا تشارك بوفدها السابق في محادثات إسطنبول المرتقبة
  • روسيا تنتظر رد أوكرانيا بشأن حضور محادثات جديدة في إسطنبول
  • الخارجية الروسية: موقف أوكرانيا من استمرار المحادثات معنا ليس واضحا
  • موسكو تؤكد استعدادها لعقد جولة ثانية من المحادثات المباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول
  • الكرملين ينتظر رد أوكرانيا بشأن محادثات إسطنبول المقبلة
  • روسيا مستعدة لبحث نقاط الاتفاق الشامل بشأن وقف إطلاق النار مع أوكرانيا
  • واشنطن تطالب موسكو بإظهار حسن النية في المحادثات مع أوكرانيا