بوابة الوفد:
2025-06-27@04:22:26 GMT

مواقف تاريخية للأقباط فى ثورة 30 يونيو

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

لحظات وفاء للوطن جمعت أطياف المجتمعتقنين الكنائس.. ثمار نجاح يحصدها الأقباطأول قانون موحد للأحوال الشخصية.. مرحلة جديدة يعيشها الأقباط

 

يحتفل المصريون اليوم الأحد، بمناسبة مرور 11 عاماً على ثورة 30 يونيو، ذكرى استعادة الوطن من يد الجماعة الإرهابية التى باتت تخطط وتدبر لإسقاط مصر، لكن وحدة وترابط هذا الشعب أفشلت مسعاهم بل استرجعوا زمام الأمور وتمكنوا من تصحيح المسار، وأسدل هذا التاريخ الستار على وجود قوة الشر من هذا البلد.

لعبت الكنيسة دوراً وطنياً كبيراً فى هذه الثورة المجيدة، ووقف قداسة البابا تواضروس إلى جانب الرئيس عبدالفتاح السيسى وشيخ الأزهر ومؤسسات الدولة وممثلى المجتمع، كالبنيان المرصوص للدفاع عن هذا الوطن وكان بطريرك الأقباط أحد أركان صورة يوم الثالث من يوليو عام 2013 ومشاركاً رئيسياً فى رسم خارطة طريق الوطن الجديد، وكان الأقباط فى صف الوطن ورغم المخاطر والتحديات وما تعرضوا له من هدم عشرات الكنائس والمنشآت المسيحية واعتداءات.

تمسك الكنيسة بوحدة الشعب

تحملت الكنيسة الكثير من نبرات التعصب التى نادت بها الجماعات الإرهابية، وظلت صامدة متمسكة بوطنها ودفع الأقباط ثمنا باهظا من حرق وتدمير العشرات من الكنائس فى مختلف محافظات الجمهورية خاصة بعد أحداث الرابع عشر من أغسطس 2013، وكان حينها قداسة البابا فى فترة خلوته بدير مارمينا بكينج مريوط بالإسكندرية، وظل يتلقى اتصالات هاتفية تخبره عن تدمير وحرق كنائس عديدة بكافة المحافظات فى فترات متواصلة، من أشهر تصريحات قداسته حول الاعتداء على الكاتدرائية فى أبريل 2013 أنه لم يحدث من قبل فى التاريخ وظل البابا ثابتاً يهدئ من روع الأقباط ويؤكد أن ما تشهده الكنائس من اعتداءات هى تضحية بسيطة من أجل مصر وأطلق مقولته الشهيرة «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن».

دور الكنيسة فى الثورة

كانت حكمة البابا تواضروس وجميع آباء الكنائس ورؤساء الطوائف المسيحية فى مصر هى المسيطرة فى هذه الفترة الدقيقة، التى كانت تشبه الحذر من إشعال نيران وضعت الجماعات الإرهابية فتيلها وأرادت أن تحقن الغضب بين أطياف الشعب ومع كل محاولة فاشلة لخططها كانت تزداد شراسة فى أعمالها غير الإنسانية تجاه المصريين عامة والأقباط خصوصاً.

لم يتوقف دور البابا عند إطلاق الشعارات البراقة فحسب بل سخّر أذرع الكنيسة فى الخارج «الأقباط بالمهجر» لتصبح سفارات شعبية تُظهر الحقيقة وتكشف زيف ادعاءات تلك الجماعات أمام الغرب حول الثورة وما يتعرض له الشعب المصرى، ومن داخل الوطن ظل يشدد من أهمية تماسك الأقباط بحب الوطن وعدم الوقوع فريسة الغضب بسبب ما تتعرض له الكنيسة من تنكيل وهدم وتربص ورفض أى تدخل من الخارج وظل قداسة البابا والآباء الأساقفة يتمسكون بعدم تدخل أى طرف خارجى فى شئون الوطن أو تقديم أى مطلب طائفى وكان هدفهم الوحيد هو تصحيح صورة مصر.

مظاهر المواطنة

وفى نفس الطريق كان يسير الدكتور القس أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية، الذى يؤكد بصورة مستمرة على دور ثورة 30 يونيو فى تغيير الأوضاع وتبديل الأحوال بل يؤكد أن هذه الثورة لو لم تحدث كان الظلام سيسود ويكون المشهد ضبابيا، ولعبت الكنيسة الإنجيلية دوراً كبيراً فى تأصيل مفهوم أهمية التمسك بالهوية وترابط المجتمع والسلم الأهلى، وخلال مداخلة هاتفية عام 2013 مع الإعلامية لميس الحديدى، أكد رئيس الإنجيلية على الدور العالمى الذى شارك فيه مع عدد من مؤسسات المجتمع المدنى من أجل إظهار حقيقة الأوضاع فى مصر وأن جميع أبناء المجتمع مسلم ومسيحى يقف يداً بيد أمام الأعمال الإرهابية التى لا تزيدهم إلا حباً لمصر.

من يتطلع فى صفحات التاريخ ويتابع ما مر به الأقباط يجد أن ثورة 30 يونيو بمثابة نقطة فارقة ينظر لها أنها محطة تصحيح المسار وتغيير الأوضاع، ومن أبرز هذه المظاهر ما حدث فى قانون الأحوال الشخصية المسيحية وقوانين تقنين الكنائس، واهتمام دولة 30 يونيو ببناء الكنائس وترميمها وهو أحد الموضوعات التى عملت على ترسيخ مفهوم المواطنة فى مصر.

تقنين الكنائس.. مرحلة جديدة يعيشها الأقباط

ويحرص رئيس الطائفة الإنجيلية فى أى ظهور إعلامى، على الحديث عما تشهده أوضاع المسيحيين فى مصر من تطور وعن الاقتراب من تقنين 500 كنيسة منذ صدور القانون وتقنين 500 أخرى بعد 5 سنوات لتصبح الكنائس كلها مقننة رسمياً بموجب قانون دور العبادة رقم 80 لسنة 2016، والذى جعل الكنيسة تحصل على 2500 تصريح ما بين بناء وتوفيق أوضاع وترميم، ومع السنوات يزداد بناء عدد من الكنائس الجديدة فى العاصمة الإدارية الجديدة والعديد من المحافظات، وبالإضافة إلى ما يشعر به الأقباط من دعم ضمنى الذى بدأت تعيشه مصر منذ حلول هذه الثورة، وتأكيد الرئيس السيسى على ضرورة وجود كنائس بجانب الجوامع فى المدن الجديدة وهو ما حدث فى إنشاء كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية، لتصبح أكبر كاتدرائية بالشرق الأوسط على مساحة 15 فداناً، أى ما يعادل 63 ألف متر مربع، وتم افتتاحها خلال احتفالية عيد الميلاد المجيد عام 2018 حيث أقيم فيها أول قداس فيها برئاسة البابا تواضروس وحضور الرئيس السيسى.

أصبح وجود رئيس الجمهورية فى احتفالية عيد الميلاد من مظاهر الاحتفال والمعايدة للأقباط، وتلتفت إلى هذا اليوم أنظار أبناء المجتمع المصرى لمشاهدة هذه الصورة التى تحمل الكثير من الرسائل وتعد دليل نجاح الثورة فى توحيد صفوف جميع أطياف الشعب المصرى فى الأحزان والأفراح، وهو مشهد يرسخ مفهوم المواطنة التى ينعم بها هذا الشعب.

وفى يناير الماضى، عقد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمبانى التابعة لها، بمشاركة وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وزير التنمية المحلية، ووزير شئون المجالس النيابية، ومدير إدارة التراخيص بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة وعدد من مسئولى الجهات المعنية، ونتج عن هذا الاجتماع الموافقة على تقنين أوضاع 187 كنيسة ومبنى تابعاً، أى وصل عدد الكنائس والمبانى التى تمت الموافقة على تقنين أوضاعها منذ بدء عمل اللجنة وإلى الآن 3160 كنيسة ومبنى يتبعها.

أول قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين

يأتى إصدار أول قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين فى مصر، دليلا على الجهود الحقيقية التى تبذلها مصر فى سبيل دعم حقوق المواطنة، وبمثابة الحصاد العادل المستحق للأقباط على ما فقدوا على يد الجماعات الطاغية، وفوزهم بالرهان عندما اختاروا الوطن واتحدوا مع شركاء الوطن من أجل التصدى لنبرات العداء التى كانت تعلو آنذاك بهدف تشتيت الصفوف، ومع الشهور الأولى من العام الجارى، أصبح قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين، باعتباره هو الأول من نوعه فى البلاد منذ ما يقرب من 70 سنة.

وبعد الإعلان عن إصدار هذا القانون ومع لحظات الترقب الأخيرة قبل ظهوره إلى النور، كشف المستشار يوسف طلعت فى تصريحات خاصة سابقة لـ«الوفد»، أنه لم يكن هناك قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين بل كانت كل طائفة تعمل بناءً على اللوائح الخاصة بها، وبموجب هذا القرار تجتمع كافة المذاهب والكنائس تحت لواء قانونى واحد فى كثير من القضايا.

يعالج هذا القانون الكثير من القضايا والأمور التى شغلت الأوساط المسيحية فى الآونة الأخيرة كقضايا الميراث أن يتخلل تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة فى قضايا الميراث، أو أمر تغيير الملة من أجل الطلاق، وقضايا الطلاق مثل النفقات وقضايا المرأة والطفل، وبالرغم أن خصوصية «قضايا الطلاق» ستكون متعلقة بكل كنيسة على حدة وفق كل مذهب ومعتقداته وحسب ما تنص عليه العقيدة المتبعة لكل طائفة وتتبع كل طائفة أمر الطلاق وفق شروط الكنيسة، إلا أنه فى حال تم الطلاق يضمن هذا القانون حقوق النفقات والتعاملات المادية.

كان هذا القانون محط اهتمام وانتظار الأقباط لحل الكثير من القضايا التى تعج بها المحاكم فى مختلف المحافظات تتعلق بالمواريث والطلاق، وتعد هذه الخطوة محطة جديدة من محطات الدولة المصرية التى تحاول جاهدة للمحافظة على استقرار الأسرة المسيحية فى مصر وتحقيق عنصر الترابط.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو الرئيس عبدالفتاح السيسي شيخ الأزهر البابا تواضروس الطائفة الإنجيلية العاصمة الإدارية الجديدة مجلس الوزراء ثورة 30 یونیو هذا القانون الکثیر من من أجل فى مصر

إقرأ أيضاً:

في ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (2 من 2)

كانت الطامة الكبرى في خطط جماعة الإخوان خلال حكم محمد مرسي لمصر هي السعي لـ «تمكين» كوادرها وأعضائها الذين تكالبوا على السلطة وقاموا بغزو كل مؤسسات الدولة وأجهزتها وجامعاتها.

وتغيرت لغة الخطاب داخل هذه المؤسسات وفى أجهزة الإعلام، وأطلقت اللحى، وبدأ اضطهاد الأقباط والشيعة، ووصل الأمر لحد تكفير الشيعة المصريين وسحلهم وقتل أربعة منهم والتمثيل بجثثهم، الأمر الذى أثار غضب كل المصريين.

هكذا عادت الجماعة تستخدم العنف ضد من عدتهم خصوم الاسلام وأعداء الشريعة، ولم يلتفت مرسى للكتابات التى حذرتهم من اجترار تاريخهم الدموى.

وعندما شكلت وزارة هشام قنديل زاد الاضطراب فى البلاد ولم تنجح الحكومة فى مواجهة المشكلات اليومية، لأنها لم تضع خططا موضوعية، ومارست نشاطها بصبغة إخوانية، ولم تكن تطلعاتها وطنية.

وفى الثانى عشر من أغسطس 2012، أصدر مرسى قراره بإقالة المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع، والفريق سامى عنان رئيس الأركان وبعض أعضاء المجلس العسكرى، كما صدرت قراراته بحركة تنقلات واسعة بين قادة الأفرع المختلفة للقوات المسلحة.

وتجرأ مرسي، بتوجيه من مكتب الارشاد، وأصدر إعلانا دستوريا جديدا ألغى به الإعلان الدستورى المكمل الذى كان قد أصدره المجلس العسكرى يوم 18 يونيو 2012، وكان الهدف من هذا الإعلان الدستورى أن يمنح نفسه صلاحيات مطلقة.

والمثير للدهشة أن الجماعة وأنصارها احتفلوا بالإطاحة بالمشير طنطاوى والفريق عنان، وقدموا تفسيرا دينيا لهذا الانقلاب «فهو نصر مبين يعادل فتح مكة، أو غزوة فى سبيل الله تعادل غزوة بدر»، وأصبح مرسى العياط عند البعض، بطلا مقامه من مقام صلاح الدين الأيوبى قاهر الصليبيين، وكأن المشير طنطاوى كان صليبيا جاء مع الحملة الصليبية ليغزو مصر، ونجح فى تقلد منصب وزير الدفاع!

المشير طنطاوي

وتمادى مرسى ومن خلفه مكتب الإرشاد فى تجاهل القوى السياسية الدينية، التى صدمها الإعلان الذى سبقته تظاهرات كوادر وأعضاء الجماعة أمام دار القضاء العالى.

كان هذا الإعلان نقطة تحول فاصلة فى علاقة مرسى والجماعة بالقوى السياسية، حيث جاء لتحصين أى إعلانات دستورية وأي قوانين وقرارات صدرت منذ تولى مرسى رئاسة الجمهورية أو ستصدر بعد ذلك وحتى انتخاب مجلس شعب جديد، فلا يجوز الطعن عليها بأي طريقة وأمام أي جهة، كما نص على إعادة التحقيقات والمحاكمات فى جرائم القتل والشروع فى قتل وإصابة المتظاهرين، وجرائم الإرهاب التى ارتكبت ضد الثوار، كما نص على تعيين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية، وكذلك نص على أنه لا يجوز لأي جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.

وهكذا جاء هذا الإعلان الدستورى ليعزز ويوسع صلاحيات وسلطات رئيس الجمهورية، ويحصن قراراته من القضاء.

وقد رفضت الأحزاب والقوى السياسية المدنية هذا الإعلان وهاجمته وخرجت مظاهرات واحتجاجات عنيفة ضده، وأطلقوا عليه «الإعلان الفرعونى».

ورأى البعض أن هذا الإعلان كان بمثابة الشرارة الأولى التى نبهت القوى المعارضة للجماعة، للخطر الذى ينتظر مصر، وأنه لابد من عزل مرسى والتخلص من حكم المرشد.

وعلى الطرف الآخر اندفعت المظاهرات الإخوانية تؤيد الإعلان وعمت الفوضى شوارع القاهرة، وسرعان ما توجهت العناصر المعارضة للجماعة ناحية قصر الاتحادية يوم 25 نوفمبر، واستمرت الاحتجاجات.

وفى الرابع من ديسمبر 2012، ولم يكن قد مضى على تولى مرسى الرئاسة أكثر من ستة أشهر، اعتصمت أعداد كبيرة أمام قصر الاتحادية، وعلى الفور أعلنت الجماعة «النفير العام» واندفعت ميليشيات الإخوان لتدافع عما أطلقت عليه «شرعية الرئيس»، وأسفر عدوان هؤلاء عن إصابة العشرات، وامتدت مطاردة الإخوان إلى ميدان روكسى وشارع الخليفة المأمون وامتداد شارع الميرغنى وشارع القبة وجسر السويس، والشوارع الجانبية فى مصر الجديدة.

مظاهرات الإخوان في محيط قصر الاتحادية

ونجحت ميليشيات الإخوان في القبض على عدد ليس بالقليل من المتظاهرين وتم سحلهم وتعذيبهم وتقييدهم على أبواب قصر الاتحادية واتهموهم بالعمالة، وحاولوا انتزاع اعترافات منهم على من يحرضهم من أعداء الجماعة، وقدموا عددا كبيرا منهم للنيابة التى أفرجت عنهم بعد ثبوت براءتهم، ليس فقط، وأنهم كانوا مجنيا عليهم وليسوا جناة، الأمر الذى أدى إلى وقوع أزمة بين المحامى العام المستشار مصطفى خاطر رئيس نيابات شرق القاهرة، والنائب العام، الذى عارض إطلاق سراح المتهمين «الأبرياء»، ولما اشتد الخلاف بين الاثنين قرر النائب العام إلغاء ندب المستشار مصطفى خاطر، وثارت ثائرة أعضاء النيابة وانضم إليهم نادى القضاة، ورفضوا أن ينفذ قرار إلغاء ندب مصطفى خاطر، بل وطالبوا بإقالة النائب العام.

وعندما حاول مرسى امتصاص غضب الثائرين والمعارضين، ودعا إلى «الحوار الوطنى»، كان الحوار مهزلة فاشلة، ولم تنفذ أي من توصياته، عندئذ قرر مرسى إصدار إعلان دستورى جديد ألغى فيه إعلان يوم 22 نوفمبر 2012، وسمح بإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد، إلا أن المظاهرات عادت من جديد ضد هذا الإعلان.

هكذا كانت مصر تتجه بسرعة نحو فوضى قد تؤدى إلى كارثة لا يحمد عقباها، وانطلقت حناجر الأئمة والدعاة وعدد من المثقفين تدعو مرسى والجماعة إلى ضرورة إزالة أسباب الاحتقان وعدم الاستمرار فى «تمكين» عناصر الإخوان فى مفاصل الدولة ومؤسساتها.

ورفض مرسى مقترحات «جبهة الإنقاذ» ولم يوافق على حل وزارة هشام قنديل واكتفى بتعديل وزارى محدود وشكلى.

جبهة الإنقاذ

ولما ازداد الاحتقان وازدادت الاضطرابات والفوضى، قام عدد من الشباب غير المنتمين لأحزاب بتأسيس الحركة التى عرفت بحركة «تمرد» واستلهموا فكرة التوكيلات التى نفذت إبان ثورة 1919، حيث أعدوا استمارات موقعة من المصريين يطالبون بها بسحب الثقة من رئيس الجمهورية مرسى العياط ويطالبون أيضا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقد استحسن الشعب المصرى فكرة «سحب الثقة، وإجراء الانتخابات المبكرة»، لذلك شهدت القاهرة والمدن الكبرى والصغرى والقرى والعزب والنجوع إقبالا هائلا على توقيع الاستمارات.

وتحولت الميادين قبل 30 يونيو إلى ما يشبه ساحات الحرب بين أنصار جماعة الإخوان والمعارضين لها من كل التيارات السياسية، وشارك الذين لا ينتمون أيديولوجيا لأى حزب أو تيار خوفا على مستقبل البلاد، بعدما أدركوا حقيقة الجماعة، والفوضى والخراب الذى تسببت فيه.

وكانت سيناء قد تحولت إلى معسكرات للإرهابيين الذين قتلوا الضباط والجنود، وكان كل يوم يمر يثبت فشل مرسى والجماعة فى إدارة شئون البلاد، وانتشر قطاع الطرق واللصوص فى الشوارع وسرقت السيارات، ولم يعد السير فى طرق القاهرة أو الطرق السريعة آمنا، وحبس كبار السن أنفسهم فى بيوتهم التى لم تعد آمنة هى الأخرى، وبدز اقتصاد البلاد ينهار.

وأطلقت الجماعة أعوانها يحتلون ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة، وأطلقوا حملة مضادة لحملة «تمرد» أسموها حملة «تجرد» لم تحظ بتأييد أحد غير أعضاء الجماعة.

فض اعتصام رابعة المسلح

وهكذا دخلت مصر فى نفق مظلم ومرت الأيام ثقيلة، وكل يوم يحمل مزيدا من التدهور، عندئذ تدخل الجيش وطلب القوى السياسية المتصارعة بتحقيق مصالحة وطنية، ومنح الكل مهلة أسبوع على الأكثر.

رفض مرسى وأعلنت كوادر الجماعة أنها قادرة على مواجهة أعدائها وسحقهم، وصورت الجماعة الصراع على أنه صراع بين «أنصار البلد» و«أنصار الشيطان»، وأن أنصار الله عليهم مجابهة الكفار، وطمأنت أنصارها: إذا ما قتلنا «فقتلاهم فى النار، وقتلانا فى الجنة».

تزايد عدد الكتابات العلنية والمنشورات التى هاجمت مرسى وجماعته، واتهمتهم أنهم جماعة انتهازية صعدت إلى حكم مصر فى غفلة من الزمن.

فى واحد من المنشورات التى وزعت على المتظاهرين تم حصر أخطاء وخطايا مرسى والجماعة، تحت عنوان "كوارث مرسى وإخوانه" جاء فيه أن مرسى تسبب فى كوارث أهمها:

• الإعلان الدستورى الذى حصن قرارات الرئيس، وهو إجراء غير دستورى وجريمة تستدعى محاكمته.

• تقسيم الشعب المصرى بين الإخوان وأنصارهم «المسلمين» وبقية المصريين «الكفار».

• هجوم الإخوان على المتظاهرين السلميين أمام الاتحادية وقتل 11 شخصا وجرح العشرات بعد تعذيبهم وسحلهم.

• محاصرة المحكمة الدستورية العليا ومدينة الإنتاج الإعلامى.

• أحداث بورسعيد، ومقتل أكثر من 75 شخصا.

• الاستقالات الجماعية للمستشارين.

• الاضطراب والفوضى وكثرة الجرائم وسرقة السيارات وخطف الأطفال والشباب.

• كارثة قطار أسيوط ومقتل 50 شخصا وكارثة قطار الجنود ومقتل 17 جنديا.

• تعكير الأمن العام واحتلال ميدان رابعة العدوية والنهضة.

• انتشار الكذب والخداع وعدم الشفافية.

• الهجوم على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

• الصدام مع الأزهر الشريف.

• الهجوم على الإعلام وتحميله مسئولية الكوارث التى حلت بمصر.

• أزمة الوقود والسولار وانقطاع الكهرباء.

• خطف الجنود وعدم محاكمة الخاطفين.

• مشروع الصكوك الإسلامية.

• تلفيق التهم للمعارضة للجماعة.

• إعلان براءة جميع المتهمين فى موقعة الجمل.

• الإفراج عن المسجونين من أعضاء الجماعة.

• التصريحات البذيئة لوزير الإعلان الإخوانى.

• التخطيط لأخونة التليفزيون المصرى والمؤسسات والجامعات.

• استقالة المستشار القانونى لمرسى وإعلانه صراحة هيمنة مكتب الإرشاد على الرئيس.

• كارثة التعامل إعلاميا مع مشكلة سد النهضة.

• معادة الجماعة للقضاة ومحاولة تزكيته لخدمة أغراض الجماعة.

• إساءة مرسى بخطاباته المسفة فى المحافل الدولية.

وبدأت دعوات الاحتشاد الوطنى، وطرحت كثير من الأفكار حول «ترتيبات ما بعد التخلص من مرسى وجماعته» من ذلك المنشور الذي نشرته «حركة الدفاع عن الجمهورية» بتاريخ 24 يونيو 2013 الذى جاء فيه: «إن الحركة تنظر إلى المرحلة الانتقالية الجدية بمنظور أوسع وأشمل من مجرد تغيير رئيس برئيس آخر، وأن هذه النظرة تحمى الوطن العزيز من شرور الانتقام والتشرذم والصراع السياسى».

وافترضت الحركة أن تكون المرحلة الانتقالية سنة واحدة فقط يتم فيها توفير المناخ الأفضل والأكثر ديمقراطية للأحزاب والقوى والتنظيمات السياسية، لتطرح أفكارها حول القضايا ذات الأولوية من ذلك قيام الجيش بحماية أركان الدولة، وإدارة الشئون الداخلية بعد تعطيل الدستور الإخوانى، ومن ذلك أيضا تفعيل القرارات أرقام 56، 95 لسنة 1968، و445 لسنة 1970، بشأن دور «المجلس الأعلى للأمن القومى»، وحل مجلس الشورى الإخوانى على أن يتولى التشريع مؤقتا الجمعية التأسيسية للدستور البديل.

هكذا، وبعد سنة واحدة من صعود الإخوان للحكم، اكتشف الشعب المصرى أنهم ليسوا دعاة أو رجال دين، وإنما هم رجال سياسة انتهازيون إرهابيون، لهم أطماعهم وأفكارهم التى لم يتقبلها الشعب وكان أخطرها تقسيم المصريين إلى مسلمين وكفار.

مظاهرات ضد حكم الإخوان

خرج المصريون وحاصروا وزارة الثقافة، ورفضوا اتّباع جماعة جاءت لتنفذ المشروع الأمريكى، مشروع الشرق الأوسط الجديد، لبلدهم، كما رفضوا فكرة تقسيم المقسم وتجزئة المجرمين.

كان مشهد الملايين التى قدرت بقرابة الأربعين مليون مشهدا مذهلا وصادما للجماعة وحلفائها فى الخارج، وكان لابد من قرار حاسم، وتحت ضغط الشعب الثائر جاء القرار يوم 3 مايو 2013 بإنهاء رئاسة الرئيس الإخوانى محمد مرسى، وتعيين المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد وتعليق العمل بالدستور وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

ملايين المصريين يطالبون برحيل مرسي عن الحكم

هكذا نجح الشعب المصرى مؤيدا بجيشه الوطنى فى إفشال المشروع الأمريكى، وهزيمة الجماعة التى دفعت للسيطرة على الحكم، ووضع حد للفوضى التى أوشكت أن تودى بتماسك الشعب المصرى وتهز أركان الدولة، وتدخلها فى نفق مظلم.

بيان 3 يوليو

وبدأت الجمهورية الجديدة ترسم شخصية جديدة لمصر، وكان على الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يخوض أولا معركة شرسة على الإرهابيين وأعداء مصر فى الداخل والخارج، وهى المعركة التى بدأت من عام 2014 وحتى الآن.

اقرأ أيضاًفي ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (1 من 2)

«صحيفة الرأي الأردنية»: أمن الدولة يستدعي المسئول الأول في جماعة الإخوان

«حدث في زمن الإخوان.. الطريق إلى ثورة 30 يونيو».. كتاب لمصطفى بكري يكشف خطايا الجماعة خلال حكم مصر

مقالات مشابهة

  • أحمد الجمال: ثورة يونيو لحظة تاريخية وضعت قدم المصريين على طريق الإصلاح الحقيقي
  • “إيد في إيد”.. إهداء من حزب الجبهة الوطنية بذكرى ثورة 30 يونيو
  • ليلة في حب مصر.. الأوبرا تحتفي بذكرى ثورة 30 يونيو بفقرات وطنية مميزة
  • نائب رئيس حزب المؤتمر: 30 يونيو ثورة شعبية أنقذت الدولة وأعادت لمصر هويتها الوطنية
  • الصناعات الغذائية: 30 يونيو ثورة أنقذت الوطن من قبضة الجماعة الإرهابية
  • نائب: 30 يونيو إرادة شعبية صنعت التاريخ وأعادت للوطن هويته
  • حماة الوطن: ثورة 30 يونيو أعادت الهوية الوطنية وأنقذت الدولة من الانهيار
  • إعلام القليوبية يحتفل بثورة الثلاثين من يونيو
  • في ذكرى 30 يونيو.. كيف سطّر «الإخوان» نهايتهم في حكم مصر (2 من 2)
  • الكنيسة تحيي تذكار القديس لاتصون البهنساوي وعودة رفات القديس مار مرقس