جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-13@22:40:16 GMT

وجوه بلا فلاتر

تاريخ النشر: 13th, October 2025 GMT

وجوه بلا فلاتر

 

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

 

بعد أن رأى صورتها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي تقدَّم لخطبتها، وحتى يتأكد من هيئتها الطبيعية طلب رؤيتها الرؤية الشرعية قبل إجراء عقد الزواج الشرعي، فوافقت هي وأهلها وتم تحديد الموعد المناسب للرؤية، إلّا أنه عندما رآها، لاحظ أنها استعانت بصالون تجميل لتظهر بأفضل صورة أمامه.

الشاب كان حريصا جدا على معرفة شكلها وتفاصيلها الطبيعية، لذا طلب رؤيتها دون أي مستحضرات تجميل أو تعديل أو فلاتر، وهذا ما أربك الفتاة في البداية، ولكن بعد إصراره وافقت وعندما رآها على طبيعتها وحقيقتها، رآها مختلفة تماماً فقرر عدم إتمام الزواج منها.

اليوم ومع كل الأسف، نواكب جيلا نشأ في ظل سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات تعديل وتزييف المظهر الخارجي للإنسان، جيل أصبح همه الأكبر أن يكون جميلا حتى على حساب الآخرين، جيل بات يؤمن إيمانا راسخا بفلاتر التجميل المختلفة وما تقدمه له الثقافات الرقمية والعادات الغربية بحلوها ومرها، سواء كان ذلك عبر مستحضرات التجميل أو فلاتر الصور التي لها القدرة على تغيير واقع المشاهدات خلف الشاشات الرقمية، هي ظاهرة خطيرة تستدعي الوقوف عندها، لما لها من أضرار صحية ونفسية على شبابنا ونظرتهم لأنفسهم.

لقد أصبح الكثيرون من أبنائنا وبناتنا يخفون أشكالهم الحقيقية خلف الفلاتر ومستحضرات التجميل، ولكن عندما تراهم على حقيقتهم ترى واقعا مختلفا تماما.

يا ترى لماذا يركز الكثيرون على استخدام الفلاتر المختلفة لتغيير أشكالهم وطبيعتهم؟

الجواب على السؤال يجعلنا أمام عدة أسباب ساعدت بشكل كبير على انتشار ظاهرة الفلاتر، وجعلتها تتغلغل في مجتمعاتنا وأسرنا والتي منها:

أولًا: تربية الأسرة

يرى الباحثون من التربويين أنَّ تربية الأبوين الخاطئة أحيانا، تركز على إشعار الأبناء بأنهم مميزون ومرموقون ومتفوقون، من دون السعي الحقيقي لبناء قدراتهم أو التوجيه السليم لإدراكهم وبناء شخصياتهم، مما يصنع شخصيات ضعيفة تشعر بالنقص فتبحث عما يكمل نقصها ويحسن صورتها، فيلجأون إلى استخدام فلاتر الصور أو تقليد صيحات التجميل، متخذين منها مقياسا مهما في نظرهم لنجاحهم وقبولهم في المجتمع، فينجرفون خلف تلك السلوكيات الدخيلة على المجتمع.

ثانيًا: الإدمان الرقمي

إن الإكثار من متابعة برامج التواصل الاجتماعي المختلفة قد يؤدي إلى إصابة المستخدمين بمادة الدوبامين، وهي مادة كيميائية يفرزها الجسم تعطي إحساس المتعة والسعادة لدماغ الإنسان أثناء كثرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعل المستخدمين لمنصات التواصل يدمنون على متابعة ما يقدم لهم عبر الشاشات الإلكترونية، مما يؤدي بهم إلى البحث عن المغريات التي تزيد من جمالهم وأناقتهم، فيبحثون عن الفلاتر ومستحضرات التجميل لتغيير واقعهم.

ثالثًا: الضغوط الاجتماعية

وذلك من خلال تقليد المجتمعات الأخرى من حيث الشكل والصورة بهدف الحصول على أكبر كم من الجمال الظاهري، فترى البعض يزرعون في نفوس أبناء المجتمع مفاهيم معينة حول الجمال فيتأثرون بها ثم يبحثون عن من يحسن صورهم وأشكالهم، وهنا تأتي لحظة البحث عن تلك الفلاتر المحسنة والمجملة التي من خلالها يشعرون من حولهم بأنهم الأجمل والأحلى فترى على سبيل المثال بعض الفتيات لا يكتفين بالفلاتر بل يلجأن للعمليات التجميلية والجراحية لتجميل أنفسهن، وهو تقليد أعمى لجمال غير واقعي جاء من الخارج من خلال الشاشات الرقمية التي ليست لها صله بتقاليدنا وقيمنا العربية والاسلامية.

إن الإفراط في استخدام تلك الفلاتر يمكن أن يؤدي إلى كثير من الاضطرابات المشوهة للجسم، وذلك عندما يكون الفرد مبالغا في الاهتمام بعيوب قد تكون وهمية في جسده ومظهرة وهذا ما حذر عنه خبراء الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية خصوصا عندما تتغلغل ظاهرة ادمان استخدام الفلاتر في أوساط الشباب فتراهم يصابون بالأمراض النفسية مثل عدم تقبل أشكالهم وصورهم، وبالتالي انعزالهم عن المجتمع.

قد تكون الفلاتر المنتشرة هي موضة مستخدمة يستخدمها المهووسون بها لتجميل صورهم، إلا أنها أصبحت تثير الكثير من التساؤلات والإشكاليات الاجتماعية والأسرية حول مفهوم الجمال وصحة الإنسان النفسية والجسدية، وستبقى الظاهرة تلاحق أولئك الذين لا يرون أنفسهم إلا من خلال الشاشات والألواح الإلكترونية.

أخيرًا.. ومن أجل علاج ظاهرة الفلاتر التجميلية لدى البعض، على الإنسان أن يتذكر دائما أن الجمال الحقيقي ليس في الصورة الشخصية فحسب وإنما في ثقة الإنسان بنفسه وتقبله لذاته وحقيقته، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (خَيْرُ مَا أُعْطىَ الرَّجُلُ الْمُؤْمنُ خُلْقٌ حَسَنٌ وَشَرُّ مَا أُعْطيَ الرَّجُلُ قَلْبُ سُوءٍ في صُورَةٍ حَسَنَةٍ)، وبناءً على ذلك على الإنسان أن يكتب الصفات الإيجابية التي يتحلى بها ويؤمن بها إيمانا مطلقاً، وأن يركز على متابعة الحسابات الهادفة التي تظهر الجمال الحقيقي للإنسان وليس المزيف والمركب، وإلغاء منصات التواصل التي تدعو إلى الجمال عن طريق الفلاتر المعدلة للشكل البشري، وتقبل المظهر الخارجي كما هو، وتحدي الأفكار السلبية واستبدالها بكل ما يعزز الإيجابية لشخصية الفرد في مجتمعه وأسرته.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إهمال أدوات التجميل يهدد حياة ميسرة بعد حقن الدهون

كشفت الفنانة ميسرة عن تعرضها لأزمة صحية خطيرة عقب خضوعها لإجراء تجميلي تمثل في حقن الدهون بالوجه، موضحة أن الحقن لم تكن معقّمة بالشكل الكافي، ما أدى إلى تسرب بكتيريا سامة إلى جسدها وتعرضها لتسمم استدعى دخولها المستشفى.

جيهان الشماشرجي تهنئ صديقتها روبي بعيد ميلادها إلهام شاهين تهنئ إيناس الدغيدي بعقد قرانها بحضور أبطاله.. العرض الخاص لفيلم "أوسكار عودة الماموث" اليوم مسلسل "ورد وشوكولاتة" يكشف عن الإعلان الرسمي قبل طرحه الشهر الجاري انطلاق أولى حفلات جورج وسوف في الولايات المتحدة.. الليلة أزمة صحية تضرب والدة مصطفى كامل.. والسبب خطأ دوائي خطير غزة تُبنى من جديد.. وترامب يكشف خطة مجلس السلام ترامب: غزة ستبنى من جديد.. وسأزور مصر وإسرائيل قريبًا ترامب: يوم الإثنين بداية السلام وإعادة إعمار غزة حسن دنيا: الفن المصري فقد هويته بعد الثورة

وقالت ميسرة، خلال تصريحات تليفزيونية، إن الطبيب الذي اكتشف المشكلة نصحها بضرورة التدخل الجراحي الفوري لتنظيف مكان الحقن، لكنها رفضت ذلك في البداية، ولجأت إلى طبيب آخر أكثر شهرة والذي أكد لها أن حالتها لا تستدعي أي تدخل عاجل.

وأضافت الفنانة:"سمعت كلام الدكتور التاني، وده اللي خلاني أتأخر في العلاج، فحصل تسمم في جسمي واضطريت أقعد 10 أيام في المستشفى تحت الملاحظة والعلاج المكثف."

وأكدت ميسرة أنها تجاوزت الأزمة الصحية بنجاح، لكنها شددت على ضرورة توخي الحذر في اختيار الأطباء قبل الخضوع لأي إجراءات تجميلية، والتأكد من سلامة الأدوات ومعايير التعقيم، مشيرة إلى أن الإهمال في هذه التفاصيل قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة

مقالات مشابهة

  • غدا ..انطلاق المؤتمر العلمي السابع لجراحة التجميل والحروق بذمار
  • تجديد حبس متهمة بإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي 15 يومًا
  • 26 أكتوبر أولى جلسات محاكمة التيك توكر قمر الوكالة بتهمة بث فيديوهات خادشة
  • جوجل: تطبيق القانون الأسترالي بشأن استخدام المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي صعب للغاية
  • حكم ترك المرأة غسل شعرها بعد تصفيفه بصالون التجميل عند الاغتسال من الجنابة
  • حين تُزيّف الكاميرا الحقيقة.. هل أصبحت الفلاتر مرآة النساء الجديدة؟
  • دعوى قضائية تسعى لتحسين الشفافية بشأن أضرار وسائل التواصل على الأطفال
  • البحرين.. استدعاء امرأة بعد ألفاظ دينية غير مناسبة بمواقع التواصل
  • إهمال أدوات التجميل يهدد حياة ميسرة بعد حقن الدهون